يبدو أن عام 2010 سيشهد انطلاق موجة جديدة من السينما بدأت إرهاصاتها تلوح فى الأفق قبل أن يلفظ العام الماضى أنفاسه الأخيرة، وتسعى الموجة الجديدة لكسر حاجز الصمت أمام «القضايا الجنسية»، التى ظلت من المحرمات على الشاشة الفضية.. ويتوقع البعض أن تتوارى بقية الموضوعات فى خلفية المشهد السينمائى خلال الفترة المقبلة لا سيما بعد ظهور أكثر من فيلم يتناول قضايا جنسية على نحو مباشر.. صناع الأفلام يدافعون عن جرأة أفكارهم رغم اعترافهم بأنها قد تحمل صدمة للمجتمع.. فيما يخشى البعض من غزو المشاهد الساخنة للشاشة الفضية من جديد، وبين الفريقين وجدت الرقابة على المصنفات الفنية نفسها فى موقف لا تحسد عليه. جاء فيلم «بالألوان الطبيعية» وإعلانه الترويجى ليثير الجدل ويطرح العديد من التساؤلات حول مساحة الحرية المتاحة أمام معالجة القضايا الحساسة التى لا تخلو من جانب جنسى، حتى إن الدكتور سيد خطاب رئيس الرقابة على المصنفات الفنية وصف الإعلان بأنه «أسوأ» ما شاهده فى حياته، وبالتزامن مع تلك النقاشات الساخنة، التى صنعها الفيلم، كان هناك نقاش آخر أكثر سخونة ويتعلق بأفلام «أحاسيس»، و«كلمنى شكرا» بالإضافة إلى أفلام أخرى اصطدمت بالرقابة على نحو مباشر مثل «جامعة الدول العربية»، و«تحت النقاب»، الذى تعرض للرفض لإساءته للمنقبات بدعوى أنهن يتخذن منه ستارا لممارسة الأعمال المنافية للآداب. وهناك أيضا فيلم «مركز التجارة العالمى» ليسرى نصر الله، والذى يدور حول العالم السفلى لشبكات الدعارة، وكيف يعيش سكان هذا العالم الذى تحكمه قوانين خاصة به، وفيلم «اشحنلى وأعرضلك»، الذى سيتطرق إلى الوجه الآخر للتكنولوجيا، وكيف أن الإنترنت يمكن أن يكون سببا فى تسهيل ممارسة الدعارة. ويتمسك صناع الأفلام بحقهم فى اختراق تلك القضايا، وقال أشرف حسن مؤلف فيلم «أحاسيس»، الذى يتناول قضية الحرمان الجنسى للزوجات، إن السيناريو لا يتناول المشكلات الجنسية بشكل مباشر، لكنه فيلم نفسى رومانسى يتحدث عن البطلة، التى يتركها حبيبها لمرضها، لكنه لم يصرح لها بالحقيقة. غير أنه اعترف بأن الفيلم يحمل بعض اللقطات الجنسية، لكنها لا تشكل الهدف الرئيسى من الفيلم، مشيرا إلى أن المخرج هانى جرجس فوزى هو من روج للموضوع على أنه جنسى لكسب المزيد من جمهور الشباب. ووصف الهجوم الحاد على الفيلم قبل عرضه بأنه حالة عامة على كل الأفلام وأن المنتجين يستسهلون ذلك لصنع الدعاية لأفلامهم. اختزال الفيلم أما منى رجب مؤلفة فيلم «جامعة الدول العربية» المأخوذ عن قصة «لا أملك إلا نفسى» فتقول عن فيلمها إنه يتحدث عن الفقر والفتيات اللاتى يزوجهن أولياء أمورهن فى سن صغيرة من أجل المال وهى تعد تجارة بشر. وعن تصريح المخرج على رجب بأنه فى الفيلم يتناول مشكلة الدعارة من منظور اجتماعى، أوضحت أن «صناعة السينما لها مواصفات تجارية تختلف عن الكتابة الأدبية، ولذلك فدائما ما توجد وجهة نظر مشتركة بين صناع الفيلم، والسينما تعد عملا جماعيا وليس فرديا». وفى السياق ذاته، أوضح المخرج على رجب أنه تحمس لإخراج فيلم «جامعة الدول العربية» الآن لأنه من وجهة نظره أصبحت «الدعارة» أحد السبل لتحقيق الطموحات المادية السريعة والسهلة، فبسبب تضاؤل قيمتى العمل والتعليم بدأ التغير يطرأ على تصرفات الناس حتى على المستوى الأخلاقى. وأضاف أن الفيلم يطرح الأسباب التى تؤدى للانحراف وليست الدعارة فى حد ذاتها من خلال عدة سيدات من طبقات مختلفة، وهذه الأسباب تعود إلى التطلعات الطبقية والرغبة فى الاستسهال وعدم إعلاء قيمة التعليم والقهر والتطرف الفكرى والسلوكى. غير أن إجازة الرقابة لا تكون دائما سهلة أمام صناع تلك الأفلام المثيرة، فهناك فيلم «تحت النقاب» الذى اصطدم بالرقابة لاتهامه بالإساءة للمنتقبات بشكل عام وإظهارهن وكأنهن يتخذنه مجرد ستار للانحراف، ويقول على عبدالغنى، مؤلف الفيلم، إن على أبوشادى رئيس الرقابة الأسبق كان قد اعترض على الفيلم تماما، غير أن سيد خطاب الرئيس الجديد، أبلغنى أن الفيلم جيد، لكنه يحتاج لتعديل نقطتين تتمثل أولهما فى التعميم، فكل المنتقبات لسن مستترات وراءه، وثانيهما تتمثل فى تغييب دور الأمن فى السيناريو. لا أقبل المشاهد الخارجة الفنانة راندا البحيرى، التى تشارك فى بطولة فيلم «أحاسيس» المثير للجدل، تدافع عن الفيلم، وتقول إنها تجسد دور زوجة ليس لديها أى خبرة بأمور الزواج، وهو ما يسبب عدة مشاكل بينها وبين زوجها، موضحة أن ما شجعها على تجسيد دور يتناول المشكلات الجنسية هو أن هذه المشكلات شىء طبيعى وإذا كان الدور ليس به ما يخدش الحياء فلا مانع من تقديمه. وأحب التأكيد بأن هذه النوعية من الأفلام قليلة، ولذلك تشهد إقبالا من الجمهور، ومن الممكن أن نناقش قضية فى فيلم بدون أى مشاهد خارجة وهذه المشاهد لا أقبلها، مضيفة: فى هذا الدور أعبر عن بعض بنات جيلى، ودورى ليس فيه أى شىء أخجل منه، وكل الذى يُقال على فيلم أحاسيس غير صحيح، ولا يصح أن نحكم على فيلم قبل مشاهدته، ومتأكدة أن هذا الانطباع سيتغير بعد عرضه. أقدم كل الشخصيات يسرا اللوزى، التى تجسد دور فتاة تدخل فى علاقة غير شرعية مع صديقها وتشعر بعدها بالندم فتختار النقاب، التى تجسد دور بالألوان الطبيعية كحل من خلال فيلم «بالألوان الطبيعية»، لا تجد أى مشكلة فى أداء هذا الدور ولا أى دور سابق له لأنها اختارت أن تكون ممثلة وهذا يوجب عليها تقديم كل الأنماط حتى لو كانت مختلفة عن شخصيتها. وأضافت: «لا يصح أن أجسد أى دور وأنا أحتقر الشخصية أو أعايرها بل لابد أن أكون مقتنعة بكل ما تفعله تبعا لظروفها وطريقة تفكيرها».