تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    كسر محبس مياه فى منطقة كعابيش بفيصل وانقطاع الخدمة عن بعض المناطق    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 24 مايو 2024    وفاة إيراني بعد سماعه نبأ تحطم مروحية رئيسي، والسر حب آل هاشم    بايدن: لن نرسل قوات أمريكية إلى هايتى    وزير خارجية السعودية يبحث هاتفيًا مع رئيس وزراء فلسطين الأوضاع فى الضفة وغزة    السفير رياض منصور: الموقف المصري مشرف وشجاع.. ويقف مع فلسطين ظالمة ومظلومة    بوتين يصل إلى بيلاروس في زيارة رسمية تستغرق يومين    الزمالك ضد فيوتشر.. أول قرار لجوزيه جوميز بعد المباراة    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    محمد عبد المنصف: الأهلي «عمل الصح» قبل مباراة الترجي    سيد معوض يكشف عن روشتة فوز الأهلي على الترجي    طقس بورسعيد.. ارتفاع في نسبة الرطوبة ودرجة الحرارة 23.. فيديو وصور    «حبيبة» و«جنات» ناجيتان من حادث معدية أبو غالب: «2 سواقين زقوا الميكروباص في الميه»    تشييع جثمان شقيق مدحت صالح من مسجد الحصرى بعد صلاة الجمعة    الطفل سليم يوسف لمنى الشاذلي: دموعى فى مسلسل بدون سابق إنذار طبيعية    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    الهندية كانى كسروتى تدعم غزة فى مهرجان كان ب شق بطيخة على هيئة حقيبة    تفاصيل العثور على مومياء داخل شوارع أسوان    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    يوم الجمعة، تعرف على أهمية وفضل الجمعة في حياة المسلمين    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    الصحة العالمية تحذر من حيل شركات التبغ لاستهداف الشباب.. ما القصة؟    10 شهداء بينهم أطفال ونساء جراء قصف الاحتلال شقة سكنية في قطاع غزة    سقوط سيارة ملاكي في ترعة بطريق "زفتى - المحلة" (صور)    المعمل الجنائي يفحص آثار حريق داخل محطة تجارب بكلية الزراعة جامعة القاهرة    هشام ماجد: "هدف شيكابالا ببطولة أفريقيا اللي الأهلي بياخدها"    مقتل مدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية: "مش عايزها تاخد دروس"    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    سعر الدولار مقابل الجنيه بعد قرار البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة    بعد تثبيت الفائدة.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 24 مايو 2024    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    خالد جلال: مدرب الترجي يعتمد على التحفظ    استقالة عمرو أنور من تدريب طنطا    «الوضع الاقتصادي للصحفيين».. خالد البلشي يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي يكشف تعليمات طلعت يوسف للاعبي فيوتشر قبل مواجهة الزمالك    "فوز الهلال وتعادل النصر".. نتائج مباريات أمس بالدوري السعودي للمحترفين    أسعار الدواجن البيضاء في المزرعة والأسواق اليوم الجمعة 24-5-2024    يمن الحماقي: أتمنى ألا أرى تعويما آخرا للجنيه المصري    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    حظك اليوم برج الحوت الجمعة 24-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. فرصة للتألق    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    خبطة في مقتل.. تفاصيل ضبط ترسانة من الأسلحة والمخدرات بمطروح    حزب الله اللبناني يعلن استهدف جنود إسرائيليين عند مثلث السروات مقابل بلدة يارون بالصواريخ    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    طريقة الاستعلام عن معاشات شهر يونيو.. أماكن الصرف وحقيقة الزيادة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    لجنة سكرتارية الهجرة باتحاد نقابات عمال مصر تناقش ملفات مهمة    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة وتأثيرها على الذوق العام
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 11 - 2021

يجب أن نتوقف أمام ظاهرة تدنى السلوكيات. فالأزمة مع شاكوش وحمو بيكا، وغناؤهم لأغان ذات كلمات لا نفهم معناها، ذات لحن ردىء وصاخب ومزعج، وأصوات غير موهوبة، يستمع لها الصغار ويرددونها، ليس علاجها، أقصد الأزمة، بالمنع وفرض الوصاية.. ونتعرض فى نهاية سطور هذا المقال لما نراه من حلول.
●●●
جاءت أزمة فيلم «ريش» فى الجونة وخرج بعض الفنانين من العرض بسبب ما وصفوه بأن «الفيلم يسىء للدولة»، وأن الوطنية تفرض عليهم ألا يروا هذا الفيلم؛ على الرغم من أن الفيلم أخذ جائزة فى مهرجان «كان» فى فرنسا وكذلك جائزة فى «قرطاج»، وأخيرا فاز بالجائزة فى مهرجان الجونة. هذا الفيلم لا يسىء إلى مصر بأى حال من الأحوال ولكنه يعرض صورة لأحد الأسر الفقيرة، والفقر ليس فى مصر فقط ولكن فى جميع أنحاء العالم. وهنا نتساءل ما السبب وراء هذه الضجة وهذا الهجوم غير المسبوق على الفيلم؟!
هذه الضجة إما ناتجة عن عدم فهم للفيلم، أو المزايدة بالوطنية، أو تدنى ذوق الناس فى مجال السينما... ففى نفس الوقت الذى انتقد فيه فيلم «ريش» لم نسمع صوتا واحدا ينتقد هبوط مستوى الأفلام السينمائية الذى يؤثر بالسلب على الشباب، ويطرح أفكارا ضد القيم والأخلاق، أفلام يشيع فيها استخدام العنف والاتجاه إلى الانتقام وتحدى القوانين مثلما الحال فى مشهد لأحمد السقا على سبيل المثال وهو يقول «أنا الحكومة»، ناهيك عن أفلام محمد رمضان التى تدعو إلى العنف وتظهر المجرم على أنه بطلا وتنشر ثقافة لن تنفع الشعب المصرى خاصة فى هذا الوقت. لقد كنت أحلم بأن يكون محمد رمضان ممثلا موضوعيا مثل أحمد زكى، ولكن بعض تصرفاته قد لا تجعله نموذجا للشباب فى وقت تحاول فيه الدولة أن تكون دولة حديثة بثقافتها وأفلامها ورموزها.
وأخيرا ثارت الأقاويل حول فيلم عن كتاب ل«جان بول سارتر». من الغريب أن سميحة أيوب لعبت بطولة مسرحية «المومس الفاضلة» فى ستينيات القرن الماضى واستقبلها الجمهور حينها استقبالا رائعا، واستمرت على مسرح الدولة لمدة ثلاثة أشهر. كان الجمهور وقتها يتمتع بدرجة كبيرة من الوعى والرقى والأخلاق ولم يعترض أحد على اسم المسرحية. إلا أننا اليوم فوجئنا بأن أعضاء فى مجلس النواب دخلوا على الخط من دون أن يعرفوا أو يقرأوا شيئا عن سارتر! فمن قام بالهجوم لم يقرأ لسارتر ولا يعرفه أصلا، وهذا يوضح مدى البؤس الثقافى والجهل.. نتمنى أن تتدخل وزارة الثقافة لمنع هذا الهراء.. فكل هذه الأسباب هى التى أدت بنا إلى هذا التردى الأخلاقى.
●●●
هناك الكثير من الحلول الجدية القائمة على الدراسات الموضوعية والمقدمة من علماء الاجتماع لرفع المستوى الثقافى والذوق العام فى مصر، وكثيرا ما طالبت فى مقالاتى وتعجبت من غياب دور علماء الاجتماع عن هذه القضايا المستحكمة.
أين الصفوة من مواجهة هذا الهراء؟ أين دورهم فى الإبداع والتجديد فى مجالات التصوير والباليه والموسيقى والأدب؟! وأين وزارة الثقافة من الحملات الثقافية التى بدأت بالفعل الآن فى أنحاء الجمهورية وخاصة فى الصعيد، ونطلب المزيد، لأن الصعيد أكثر الأماكن التى تنتشر فيها العنف، وما يعطى أملا أن الجيل الشاب فى الصعيد يتطلع إلى ثقافة جديدة. ومن تجربتى الخاصة أن الشباب الصغير فى الصعيد ملم بمعرفة الثقافة الحضارية، ويتمتع بنسبة قراءة عالية فى مختلف المجالات.. يجب أن نحتضن هؤلاء الشباب قبل أن ينغمسوا فى ثقافة مغيرة تدعو إلى العنف.
من أكثر الأماكن المناسبة لإحداث تغييرات فى الثقافة هى المؤسسة التعليمية؛ فبدلا من الإزعاج والهمجية التى تحدثها مكبرات الصوت فى الصباح وتزعج كل أهالى الحى، يجب التركيز على المواد التربوية التى تحض على رفع مستوى الذوق العام والاهتمام بالفنون المختلفة.
من ضمن الحلول المقترحة ما أطلقته «ماجى الحكيم»، خبيرة الإتيكيت، من مبادرة «كلك ذوق» لرفع الذوق العام وإحياء بعض السلوكيات المفتقدة كالشهامة والاعتذار والاستئذان والنظافة واحترام النظام وتعليم الناس كيفية التعامل مع بعضهم البعض، وكذلك مواجهة السلبية التى رأيناها عندما تخلت الجماهير عن الرجل الذى قام بقتله أحد أبناء الإسماعيلية ولم يدافع عنه أحد! وكذلك السلبية الشديدة فى حالة التحرش الجنسى بالفتيات.
●●●
نحن نعترف أن ليس هناك مجتمع بلا سلبيات، لكن تجار السينما يمجدون ظاهرة العنف من أجل تحقيق الربح التجارى السريع. وأصبح البلطجية والتافهون نجوما للمجتمع فى حين، كما ذكرنا، أن السينما فن جمالى يعمل على الارتقاء بالنفوس وتنوير العقول، أما تمجيد العنف فيؤدى إلى جرائم متعددة.
طلبنا مرارا من المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عمل بحث حول هذه القضية الهامة ليرصد حالة الإجرام فى المجتمع واستخلاص النتائج؛ فمعدلات جرائم العنف كانت فى مستويات عادية ولكنها ارتفعت فى الآونة الأخيرة بشكل كبير وزادت وحشيتها، فى وقت زاد فيه التفاوت الطبقى الذى أدى إلى هبوط الطبقة الوسطى التى كانت أساس التوازن فى المجتمع المصرى إلى الطبقة الدنيا حيث الثقافة المتدنية.
كل هذه العوامل تتطلب منا نظرة واسعة لدرء هذا الخطر الذى أصبح سمة من سمات المجتمع فى مصر، والذى يرجع إلى عدة عوامل من أهمها ضيق الحال وارتفاع نسبة الفقر وتسييد فكرة الانتقام دون وعى لما قد ينتج عنه و«ضيق الخلق» بسبب الاحتياج والتصرف بلا عقلانية نتيجة الظروف الاقتصادية الطاحنة.
الارتقاء بالمستوى الثقافى فى المجالات المختلفة أصبح قضية حياتية تمس كل الطبقات فى المجتمع المصرى ولا تقتصر على طبقة واحدة فقط. ولذلك نحن فى انتظار المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية لنرى كيف سيتطرق إلى هذا الأمر لمحاولة درء الخطر عن المجتمع المصرى.. فهل يستجيب؟! وندعو جميع أفراد الشعب بالمشاركة فى هذا الأمر؛ من سياسيين ومثقفين وأصحاب رأى لمعالجة هذه المشكلة، لأن المشاركة أصبحت جزءا مهما جدا فى حل مشاكل الشعب المصرى وإتاحة الفرصة له حتى يشعر أنه شريك فى هذا الوطن، وشريك فى بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.