«التضامن» تؤكد على أهمية الكشف الطبي المميكن لجميع أنواع الإعاقة    صك الأضحية 2024| هل يجوز التبرع بالأضحية كاملة؟ أسامة الأزهري يُجيب    السياحة: بدء الفعاليات التمهيدية لافتتاح حملة "مانحي أمل" في مصر    اطمأن على مستوى الأسئلة.. «نائب بنها» يتفقد الامتحانات بكلية العلوم    رئيس الوزراء يتفقد مصانع شركة روبكس العالمية لتصنيع البلاستيك والاكريليك    استقبال 11 ألفا و337 طلبا لاستخراج شهادة بيانات للتصالح بالشرقية    قبل انطلاق القمة الكورية الأفريقية 2024.. ملامح من التعاون بين كوريا وأفريقيا    الاتحادي الديمقراطي: مناقشة الحوار الوطني للأمن القومي مهم للغاية في ظل حرب غزة (فيديو)    عاجل| حزب الله: استهدفنا التجهيزات التجسسية المستحدثة بموقع مسكاف عام الإسرائيلي    ماييلي يقود هجوم بيراميدز أمام الجونة    خلال 24 ساعة.. ضبط تشكيلين عصابيين و243 كيلو مخدرات و146 سلاحا ناريا وتنفيذ 74 ألف حكم    الحبس 3 سنوات وغرامة لمدير أعمال الموسيقار حلمي بكر    تعرف على موعد عيد الأضحى 2024 والإجازات الرسمية للعيد في مصر    إصابة 9 مواطنين في حادث انقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي    تأجيل إعادة محاكمة متهم بالتظاهر في أحداث بولاق الدكرور    جامعة حلوان تُكرم الإبداع في مسابقة الفنون التشكيلية والأسرية ال48    توقيع ملحق برتوكول تعاون بين المستشفيات التعليمية وقطاع التدريب والبحوث بالصحة    وزير الصحة يلقي الضوء على خطورة ارتفاع معدلات أمراض القلب والأوعية الدموية والكُلى بأفريقيا    اتحاد الكرة قرر تأجيل مباراتي الأهلي والزمالك في كأس مصر    سلطنة عُمان: الأفعال الإسرائيلية الشنيعة في غزة تستوجب تدخلًا دوليًّا رادعًا    خارطة طريق.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي ونظيره الفلسطيني    انطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي ل«الأوقاف».. «حق الجار والإحسان إليه»    خلال مشاركته في اجتماع مجلس الشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي .. شكرى يبحث مع مسؤول أوروبى تفعيل الشراكة الاستراتيجية ومستجدات الحرب بغزة    وزير الإعلام البحرينى: العلاقات بين مصر والبحرين تتميز بخصوصية فريدة    العمل: انطلاق فعاليات أسبوع السلامة والصحة المهنية لمنشآت الجيزة    ننشر التعليمات السعودية لتنقل الحجاج بين المساكن والمسجد الحرام    مجلس أمناء الحوار الوطني يجتمع السبت المقبل لمناقشة ملفات الأمن القومي    عائشة بن أحمد عن قصف مخيمات رفح الفلسطينية: «نحن آسفون»    بالصور: ياسر سليمان يطرب جمهوره بأغاني محمد رشدي على مسرح الجمهورية    موعد رحيل جوارديولا عن مانشستر سيتي    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    سعر جرام الذهب الآن فى مصر يسجل 3100 جنيه    وزيرة التعاون الدولي تُشارك في الاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الأفريقي بكينيا    «الداخلية»: تنظيم حملة للتبرع بالدم بقطاع الأمن المركزي    قافلة طبية جديدة لدعم المرضى غير القادرين بقرى ديرمواس    فيلم «The Fall Guy» يحقق 132 مليون إيردات منذ طرحه    وزير الإسكان يتابع مشروعات تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية بالقاهرة    القنوات الناقلة لمباراة الاتحاد والنصر في دوري روشن السعودي مع تردداتها    شريف العريان: لن أخوض انتخابات رئاسة اتحاد الخماسي الدورة المقبلة    تشكيل ضمك المتوقع أمام الرائد في الدوري السعودي| تواجد «حامد»    خلال دقائق.. انطلاق مؤتمر بنك الطعام المصري بمزرعة وفرة بالبحيرة    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال وضع طبقة الأساس لرصف طريق بشلا في الرياض    أكثر من ألفي شخص دفنوا أحياء جراء الانهيار الأرضي في بابوا غينيا الجديدة    "أناشد المسؤولين".. ساويرس: سأتكفل بعلاج المصابين الفلسطينيين    الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية يوضح حكم تصوير الجنازات    السيطرة على حريق داخل هايبر ماركت في قنا    قرارات جمهورية جديدة.. تخصيص 41 فدانا لإقامة مشروعات عمرانية بدمياط الأبرز    وزير الإسكان يعلن تفاصيل مشروعات تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية    وزير الكهرباء ل"اليوم السابع": كل مليم سيتم تحصيله يساهم فى إنهاء تخفيف الأحمال    وزير الصحة يدعو دول إقليم شرق المتوسط إلى دراسة أكثر تعمقا بشأن مفاوضات معاهدة الأوبئة    موعد وقفة عرفات 2024 وأهمية صيام يوم عرفة    سقوط فتاة من أعلى عمارة سكنية في الغربية    إسرائيل تأمر إسبانيا بوقف الخدمات القنصلية المقدّمة لفلسطينيي الضفة الغربية اعتبارا من 1 يونيو    سيد معوض ينصح الأهلي برفع جودة المحترفين قبل كأس العالم 2025    هل حج الزوج من مال زوجته جائز؟.. دار الإفتاء تجيب (فيديو)    لطفي لبيب عن عودته للتمثيل: مين بيجيب ممثل نصه طاير مبيتحركش    كولر: لم أستطع الفوز على صنداونز.. لا أحب لقب "جدي".. والجماهير تطالبني بال13    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: عدم التصنيف القانوني للوافدين يمثل عبئا على الاقتصاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تداعيات كوبنهاجن: كيف يمكن تغيير انماط استهلاك الطاقة والكربون؟
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 01 - 2010

انتهت مفاوضات كوبنهاجن باتفاق غير ملزم، اعتبره البعض خطوة أولى تستكمل فى اجتماعى بون والمكسيك خلال 2010. ويدعو الاتفاق جميع الدول للعمل على عدم تجاوز الاحترار المناخى بأكثر من درجتين مئويتين، مع وعد بمعاونة الدول النامية للمساهمة فى هذا النشاط باستثمار 30 مليار دولار من الآن وحتى 2012 وهو العام الذى ينتهى فيه أجل بروتوكول كيوتو، ثم 100 مليار دولار سنويا حتى 2020. ورغم معارضة الصين ودول أخرى، يدعو اتفاق كوبنهاجن لتحقيق الشفافية الدولية من خلال مراقبة وتسجيل ما تقوم به كل دولة فى هذا المجال.
فكيف يمكن عمليا تحجيم وقياس مبتعثات الاحتباس الحرارى وأهمها غاز ثانى أكسيد الكربون؟
ينطوى تحقيق تلك الأهداف ان تتغير أنماط استهلاك الطاقة تغيرا جوهريا، اذ يعتمد الجانب الأكبر من تلك المبتعثات على كثافة الطاقة وكثافة الكربون فى الطاقة المستهلكة، والتى تعتمد بدورها على حجم النشاط الاقتصادى معبرا عنه بالناتج المحلى الإجمالى GDP. وتقاس كثافة الطاقة Energy intensity بحجم ما يستهلك من الطاقة لإنتاج وحدة من الناتج المحلى الإجمالى. أما كثافة الكربون فتقاس بحجم ما يبتعث من الكربون بالنسبة لكل وحدة من وحدات الطاقة المستخدمة. ومن مؤدى الارتباط بين المعيارين ان تحجيم المبتعثات على المستوى العالمى لا يتحقق إلا بخفض كثافة الطاقة أى تحسين كفاءتها، أو بخفض كثافة الكربون أى إحلال وقود ذى محتوى كربونى منخفض محل وقود ذى محتوى كربونى مرتفع، أو بالوسيلتين معا. وفيما يلى نتناول بعض التفصيلات:
كثافة الطاقة: وهى مقياس لما يلزم استهلاكه من الطاقة (معبرا عنه بوحدات قياس الطاقة كبرميل أو طن نفط أو وحدات حرارية بريطانية Btu) لإنتاج وحدة من الناتج المحلى الإجمالى GDP (معبرا عنه بوحدات نقدية ثابتة القيمة عبر سنوات المقارنة). وتتأثر كثافة الطاقة بمستوى كفاءة الأجهزة الرأسمالية، مثل محطات توليد الكهرباء، والأجهزة المعمرة فى الاستهلاك المنزلى والتجارى، ووسائل النقل والمواصلات وغيرها. وتتأثر كفاءة تلك الأجهزة والمعدات بالأسعار النسبية للطاقة وغيرها من المدخلات التى تساهم فى اقتصاد الدولة مثل رأس المال والعمل. إذ كلما كانت كلفة الطاقة أعلى من غيرها فى كلفة المنتج ازداد الحافز للاستثمار فى رفع كفاءة الطاقة وترشيد اسنخدامها. وبعكس ذلك يكون الحال إذا انخفضت أسعار الطاقة أو تضاءل نصيبها فى كلفة المنتج واستمر ذلك لفترة طويلة.
كذلك تتأثر كثافة الطاقة بعامل لا يرتبط مباشرة بسعرها أو بنصيبها فى كلفة المنتج، وهو ما يعرف بمعدل التغير الذاتى لاستهلاك الطاقة Autonomous rate of energy use. ومن ذلك ما يحدث عبر الزمن من تحسينات تقنية ترفع كفاءة الأجهزة والمعدات المستخدمة للطاقة، سواء ارتفعت أسعار الطاقة أو انخفضت، وكذلك ما يحدث نتيجة لتغير أذواق وتفضيلات المستهلكين، وغير ذلك من الأسباب.
وقد انخفضت كثافة الطاقة بصورة مطردة فى معظم الدول الصناعية نتيجة لتصحيح أسعار النفط فى ظل انتصار أكتوبر 1973. ومن ذلك قيام دول عديدة بوضع وتنفيذ سياسات لترشيد الطاقة ورفع كفاءتها، مع احلال أجهزة ومعدات ذات كفاءة أعلى محل ما هو أقل كفاءة. ففى خلال الفترة 1970 2002 انخفضت مبتعثات ثانى اكسيد الكربون من 853 طنا متريا لكل مليون دولار GDP (بدولار ثابت القيمة عند عام 2000) إلى 517 طنا متريا. كذلك انخفضت كثافة الطاقة فى الولايات المتحدة بمعدل 2.2% سنويا خلال الفترة 1970 1986، نتيجة لتطبيق برامج ترشيد الطاقة وتحول الاقتصاد الأمريكى إلى الأنشطة الأقل كثافة فى استخدامها كالخدمات وتقنيات المعلومات IT. أما خلال الفترة 1986 2003، وهى الفترة التى شهدت تآكل أسعار النفط، وبعد أن أنجزت برامج الترشيد أهم أهدافها، فقد تضاءل معدل انخفاض كثافة الطاقة فى الولايات المتحدة لنحو 1% سنويا فى المتوسط.
وتتوقع بعض الدراسات ان يستمر انخفاض كثافة الطاقة عبر المستقبل المنظور بمعدلات تتفاوت تبعا لسيناريو النمو الاقتصادى، حيث يتسارع انخفاض كثافة الطاقة كلما ارتفع معدل النمو الاقتصادى، والعكس صحيح. ففى سيناريو النمو المرتفع للدخل يتوقع ان تنخفض كثافة الطاقة بمعدل 2.1% سنويا فى المتوسط، بينما ينخفض المعدل إلى 1.5% سنويا فى سيناريو انخفاض النمو الاقتصادى، ويبلغ 1.9% فى حالة سيناريو متوسط لنمو الدخل. ويعزى هذا التحسن فى كثافة الطاقة إلى توقع استمرار التحسن فى تقنيات الطاقة وترشيد استهلاكها بالإضافة إلى تغير البنية الاقتصادية، خاصة فى الدول النامية التى يتوقع أن يعتمد نموها على تقنيات أعلى كفاءة وأقل كثافة فى استخدام الطاقة، مستفيدة بما تحقق فى الدول المتقدمة.
وهنا ينبغى التنبيه إلى ان انخفاض كثافة الطاقة لا يعنى انخفاض حجمها المطلق، اذ يزداد الحجم مع النمو الاقتصادى، وان انخفضت الكثافة نتيجة لتحسن الكفاءة.
كثافة الكربون: وهى مقياس لكمية الكربون الذى يتخلف عن استهلاك وحدة من الطاقة، ومن ثم تختلف تلك الكثافة باختلاف المحتوى الكربونى لكل مصدر من مصادر الطاقة المستخدمة. فالطاقة النووية ومعظم مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، مثل طاقة الشمس والرياح والطاقة الكهرومائية Hydroelectricity، لا يتخلف عنها شئ من الكربون. اما مصادر الطاقة الحفرية فيختلف محتواها الكربونى، اذ يرتفع فى حالة الفحم، ويقل فى النفط وفى الغاز الطبيعى. فاحتراق ما يعادل طنا من النفط (Ton of oil equivalent Toe) تحت ظروف معيارية متماثلة يتخلف عنه فى حالة الفحم نحو 1.05 طن كربون (طن النفط يعادل حراريا نحو 1.5 طن فحم)، بينما يتخلف عن النفط 0.82 طن كربون ويتخلف عن الغاز الطبيعى 0.63 طن كربون (طن كربون = 3.67 طن ثانى أكسيد الكربون).
ومن هنا يعتبر خليط الطاقة المستخدم فى أية دولة ذى دلالة فى مكافحة التغير المناخى، اذ تتوقف قدرة الدولة فى خفض المبتعثات الملوثة على قدرتها فى احلال مصدر للطاقة ذى محتوى كربونى منخفض محل مصدر ذى محتوى كربونى مرتفع. ومن ذلك قيام فرنسا بإحلال الطاقة النووية والغاز الطبيعى بدرجة كثيفة محل الفحم فى توليد الكهرباء، وقيام أوروبا الغربية بتقليص اعتمادها على الفحم، ومن أمثلة ذلك إغلاق مناجم الفحم البنى Lignite فى المانيا والفحم الصلب Hard فى بريطانيا.
عير ان الكثير من الدول النامية والصاعدة وفى مقدمتها الصين والهند ما زال يعتمد على الفحم بكثافة فى توليد الكهرباء وبكفاءة تقل بنحو 50% عن نظائرها فى الدول المتقدمة. ومن هنا انطلقت الدعوة لقيام الدول الصناعية المتقدمة بتقديم المساعدات التقنية والمالية لتشجيع الدول النامية على المساهمة فى مكافحة التغير المناخى، مع ملاحظة ان تكلفة خفض كثافة الكربون تقدر بنحو 50 دولارا لطن CO2 فى الدول الصناعية المتقدمة وبنحو 30 دولارا فى الدول النامية.
وبالإضافة إلى المخفضات الطبيعية لكثافة الكربون كالتوسع فى التشجير والتخضير، تحاول الدول الصناعية الغربية تطوير تقنيات اقتناص وتخزين ثانى اكسيد الكربون CO2 sequestration، وهى تقنيات ما زالت تكلفتها مرتفعة اذ تقتصر على مشروعات صغيرة لاستخلاص غاز مرتفع النقاء لأغراض صناعية. أما ما تستهدفه مكافحة التغير المناخى فهو اقتناص الغاز وتخزينه وعدم اطلاقه ثانية.
ومما يجدر ذكره ان امارة ابوظبى تبنت أنشطة مكثفة لخفض مبتعثات الاحتباس الحرارى، كما عرضت استضافة الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (International Renewable Energy Agency IRENA) وخصصت لها موقعا فى مدينة مصدرMasdar التى تبعد 30 كيلومترا عن العاصمة. وتعتبر مصدر أول مدينة خالية من الكربون والملوثات تتكلف 22 مليار دولار ويكتمل بناؤها عام 2015. كذلك أنشئ باسم المدينة شركة ظبيانية تعاقدت مع شركات عالمية لتنفيذ مشروعات لخفض تلك المبتعثات داخل وخارج أبوظبى، بما فى ذلك مشروعات لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومشروعات لاستغلال ما يهدر من الغاز الطبيعى بإحراقه..الخ. ومع ذلك يبقى التحذير من ارتفاع استهلاك الفرد من الطاقة فى أبوظبى وباقى الدول الخليجية التى تتمتع فيها أسعار الطاقة بدعم حكومى كبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.