واحد من أهم رواد حركة الشعر الحر العربى ومن رموز الحداثة العربية والذى نجح فى إحداث مساهمة بارزة فى التأليف المسرحى، خاصة فى مسرحيته «مأساة الحلاج».. تمر علينا هذا العام الذكرى الأربعون لرحيل الشاعر صلاح عبدالصبور. وقد احتفت وزارة الثقافة، بهذه الذكرى بإطلاق عقد مؤتمر «صلاح عبدالصبور فارس الكلمة»، فى المجلس الأعلى للثقافة وذلك ضمن إطار احتفاء قطاعات الوزارة بمرور 40 عامًا على رحيله. جاء المؤتمر كبداية لعدد كبير من الفعاليات الثقافية والفنية التى تنظمها قطاعات وزارة الثقافة المتعددة على مدار العام تخليدًا لاسم المبدع والمفكر الراحل الكبير صلاح عبدالصبور فى ذكراه. وولد الشاعر الكبير فى 3 مايو 1931 بمدينة الزقازيق، التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية عام1947، وتتلمذ على يد الشيخ أمين الخولى، الذى ضمه إلى جماعة (الأمناء) التى كوّنها، ثم إلى (الجمعية الأدبية) التى ورثت مهام الجماعة الأولى، وكان لهاتين الجماعتين تأثير كبير على حركة الإبداع الأدبى والنقدى فى مصر، كما منحته الجلسة على مقهى الطلبة فى الزقازيق أصدقاء الشباب الذين صاروا فيما بعد نجومًا فى عوالم الأدب والفن، مثل مرسى جميل عزيز وعبدالحليم حافظ، الذى طلب منه أغنية يتقدم بها للإذاعة ويقوم بتلحينها كمال الطويل، فكانت قصيدة «لقاء». وفى عام 1951 تخرج صلاح عبدالصبور، وعين بعد تخرجه مدرسا فى المعاهد الثانوية ولكنه حيث كان يرغب فى ممارسة هواياته الأدبية، حيث ودع صلاح عبدالصبور الشعر التقليدى ليبدأ السير فى طريق جديد تماما تحمل فيه القصيدة بصمته الخاصة، فأصبح فارسا فى مضمار الشعر الحديث. ♦ رائد الشعر الحر «الناس فى بلاد» هو أول مجموعات عبدالصبور الشعرية، كما كان أول ديوان للشعر الحديث أو الشعر الحر، يهز الحياة الأدبية المصرية فى ذلك الوقت، واستلفتت أنظار القراء والنقاد فيه فرادة الصور واستخدام المفردات اليومية الشائعة، وثنائية السخرية والمأساة، وامتزاج الحس السياسى والفلسفى بموقف اجتماعى انتقادى واضح. تحمل قصائد عبدالصبور بصمته الخاصة، وحمل شعره سمات الحزن والسأم والألم وقراءة الذكرى واستلهام الموروث الصوفى، واستخدام بعض الشخصيات التاريخية فى إنتاج القصيدة. ويعد عبدالصبور أحد أبرز رواد حركة الشعر الحر العربى، واستفاضت شهرته بعد نشره قصيدته «شنق زهران» وخاصة بعد صدور ديوانه الأول «الناس فى بلادى»، وكان لعبدالصبور إسهامات فى التنظير للشعر خاصة فى عمله النثرى «حياتى فى الشعر» وكانت أهم السمات فى أثره الأدبى استلهامه للتراث العربى وتأثره البارز بالأدب الإنجليزى. ♦ فارس المسرح الشعرى يعد عبدالصبور حالة شعرية خاصة جدا، حيث ساهم فى إحداث نقلة فى التأليف المسرحى خاصة فى مسرحيته «مأساة الحلاج». وظف صلاح عبدالصبور النمط الشعرى الجديد فى المسرح فأعاد الروح وبقوة فى المسرح الشعرى الذى خبا وهجه فى العالم العربى منذ وفاة أحمد شوقى عام 1932 وتميز مشروعه المسرحى بنبرة سياسية ناقدة لكنها لم تسقط فى الانحيازات والانتماءات الحزبية. المسرحيات الشعرية لصلاح عبدالصبور كانت بمثابة الملهم لجيل بكامله فى ستينيات وسبعينيات القرن الماضى، وكانت مجالا للعديد من الدراسات النقدية التى تناولت المسرح الشعرى وما يحتويه من مشكلات فلسفية واجتماعية. كتب فارس المسرح الشعرى صلاح عبدالصبور خمس مسرحيات شعرية وهى «مأساة الحلاج» 1964، «مسافر ليل» 1968، «الأميرة تنتظر» 1969، «ليلى والمجنون» 1971 «بعد أن يموت الملك» 1975، الصادرة عن دار الشروق. ترك عبدالصبور آثارا شعرية ومسرحية أثرت فى أجيال متعددة من الشعراء فى مصر والبلدان العربية، خاصة ما يسمى بجيل السبعينيات، وجيل الثمانينيات فى مصر، وقد حازت أعماله الشعرية والمسرحية قدرا كبيرا من اهتمام الباحثين والدارسين، ولم تخل أى دراسة نقدية تتناول الشعر الحر من الإشارة إلى أشعاره ودواوينه. حصل على جائزة الدولة التشجيعية عن مسرحيته الشعرية «مأساة الحلاج» عام 1966، وجائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 1982، رحل عن عالمنا فى 14 أغسطس من العام 1981، إثر تعرضه إلى نوبة قلبية حادة أودت بحياته.