جامعة الإسكندرية تعلن أسماء الكليات الفائزة بجوائز مهرجان الفنون المسرحية في دورته ال13 (صور)    وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية لمشروع تكتيكي بالذخيرة الحية لإحدى وحدات الجيش الثاني الميداني    أول ارتفاع في سعر الدولار اليوم الخميس 23-5-2024 مقابل الجنيه بالبنوك (تحديث الآن)    بعد إيقاف تصريح العمرة رسميًا.. ما عقوبة أداء الحج 2024 بدون تصريح؟    تعاون بين الجايكا اليابانية وجهاز المشروعات لتطوير المشروعات الصناعية بمصر    توريد 283 ألف طن قمح لمراكز التجميع بالمنيا    434 سفينة.. 26% ارتفاعًا في حركة السفن خلال شهر بميناء الإسكندرية    جيش الاحتلال يتهم حماس بارتكاب تجاوزات بحق المجندات الإسرائيليات    بعد النرويج وإيرلندا وإسبانيا.. توقعات باعتراف دولتين أوروبيتين بدولة فلسطين    غدا.. «العدل الدولية» تصدر حكمها في إجراءات متعلقة بالهجوم الإسرائيلي على رفح الفلسطينية    مدرب البايرن الأسبق.. برشلونة يجد بديل تشافي ويستعد للمفاوضات    وزير الرياضة ينعي شقيق هاني أبو ريدة    مناقصة كاف لتقنية الفيديو تكشف موعد السوبر القاري.. ومصير الكونفدرالية والدوري الإفريقي    «الداخلية»: ضبط 187 قطعة سلاح و339 قضية مخدرات وتنفيذ 82534 حكمًا خلال 24 ساعة    معدية أبوغالب.. انتشال 16 جثة والبحث عن فتاة مفقودة    الأمن الاقتصادي يُضبط 15104 قضايا لسرقة الكهرباء ومخالفة شروط التعاقد خلال 24 ساعة    لماذا قضت الجنح بتغريم شيرين عبدالوهاب في سب المنتج محمد الشاعر؟    «سواق ضربها وجري».. مي سليم تتعرض لحادث سيارة (صورة)    غادة عبدالرازق تعود للسينما بفيلم تاني تاني.. هل أقدم الجمهور على مشاهدته؟    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    الداخلية تُحرّر 170 مخالفة للمحال المخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء    استطلاع: 70% من الإسرائيليين يؤيدون انتخابات برلمانية مبكرة    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    تعليم القاهرة: تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال للعام الدراسى 2024 /2025    الكل مضروب.. حوادث الامتحانات فى المحافظات لا تفرق بين طالب ومدرس    السيطرة على حريق نشب بمخزن أخشاب بالفيوم    إصابة مسنة وشابين في انفجار إسطوانة بوتوجاز داخل منزل بمنطقة إمبابة    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    نعش الرئيس الإيرانى يصل مدينة مشهد مسقط رأسه تمهيدا لدفنه    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    "مظهر غير لائق".. يدخل أحمد الفيشاوي تريند "إكس"    مسلسل دواعي السفر يتصدر قائمة الأعلى مشاهدة على منصة WATCH IT    تريزيجيه: أنشيلوتي خطط للتعاقد معي.. وهذا موقفي من اللعب ل الزمالك    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    وفد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض يجري زيارة ميدانية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    مصدر يكشف حقيقة تغيير مكان تسليم بطل دورى الأبطال بعد فوضى الكونفيدرالية    ارتفاع البورصة 0.56% في مستهل تداولات جلسة ختام الأسبوع    فيلم السرب يتصدر إيرادات شباك التذاكر للأسبوع الثالث على التوالي    موسم الحج.. إجراءات عاجلة من السعودية بشأن تأشيرات الزيارة بداية من اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    نوادي المسرح معمل التأسيس، في العدد الجديد من «مسرحنا»    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    "علق نفسه في سقف الأوضة".. نزيل بفندق شعبي ينهي حياته في الأقصر    أزمة بين الحكومة الإيطالية ومجموعة ستيلانتس بسبب علم إيطاليا    رئيس جامعة المنيا يفتتح مهرجان "حصاد تربية نوعية" في نسخته الأولى    صدمة في الزمالك بسبب مكافأة الكونفدرالية    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    انتظام أعمال الامتحانات بكلية أصول الدين بطنطا والشريعة والقانون بتفهنا الأشراف    استشهاد 8 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على وسط غزة    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    أتالانتا يضع حدا لسلسلة ليفركوزن التاريخية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضعف الثقة فى الذات يُفقِِِد أمريكا بريقها
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 01 - 2010

إذا كان الأسبوع يعتبر زمنًا طويلا فى السياسة، فقد بدأ العقد يشبه دهرًا فى الجغرافيا السياسية. وعندما نقارن أمريكا التى بدأت القرن الواحد والعشرين بأمريكا اليوم سنشاهد بلدًا غير واضح على نحو ما رؤيته لنفسه ولعلاقاته بالعالم.
وباختصار، فقد تسلل صدأ الأفول إلى الروح الأمريكية. ويقول ديفيد روثكوف المسئول السابق بإدارة كلينتون وأحد دارسى السياسة الخارجية الأمريكية: «يمكنك القول إن العقد الأول من القرن الواحد والعشرين كان العقد الأخير من القرن الأمريكى. نحن ندخل الآن القرن متعدد الأقطاب».
لا تدعم الإحصاءات بسهولة هذا التغيير فى الرؤية. فالولايات المتحدة، التى تشارك بنحو 22٪ من الدخل العالمى، لا يكاد وزنها فى الاقتصاد العالمى يتغير منذ 1975 عندما سجلت أدنى مستوى لها منذ الحرب العالمية الثانية. كما لم ينعكس ذلك على تراجع القوة العسكرية الأمريكية بل العكس تمامًا؛ فمازالت موازنة البنتاجون أكبر من القوى السبع التالية للولايات المتحدة مجتمعة.
وفى الواقع، وبكل المقاييس المعروفة لتقييم النفوذ، ينبغى أن تكون أمريكا فى عهد أوباما مهيمنة بالنحو الذى أورثها به بيل كلينتون لجورج دبليو بوش. ويقول ريتشارد كلارك، أحد كبار مستشارى كلينتون السابقين لشئون مكافحة الإرهاب: «الولايات المتحدة هى القوة الوحيدة فى العالم التى تمتلك القدرة على شن مغامرة عسكرية فى أى مكان فى العالم فى أى وقت تريده.. ومن المحتمل أن يظل ذلك هو الحال طوال 25 عاما أخرى».
فما السبب إذن فى هذا التغير فى التصور خلال العقد الماضى؟ أفضل طريقة لإيجاز هذا السبب، هو مقارنة ذروة العولمة خلال التسعينيات فى عهد كلينتون حين كان النقاد الجمهوريون يحبون أن يسمونها «إجازة من التاريخ» مع أمريكا التى ورثها أوباما من بوش مثقلة بالديون.
قضى الفريق الاقتصادى الذى يقوده روبرت روبين ولورانس سومرز فى إدارة كلينتون سنوات العقد وهو يضيف ثقلا إلى محاولات صندوق النقد الدولى للتدخل فى كثير من الأحيان من أجل إعادة هيكلة الاقتصادات المعرضة للهبوط من المكسيك 1994 إلى ضحايا أزمة «إنفلونزا الخنازير». إذ كانت هذه البلدان انحرفت عن التعاليم المتزمة التى تتفق عليها واشنطن، وصارت مطالبة بالتكفير عن ذنوبها. وحتى اليابان التى لا تحتاج لصندوق النقد الدولى، لكنها مازالت تعانى من انهيار فقاعة أسعار أصولها، تعرضت لأسلوب المحاضرات المتعجرف الذى تعامل معها به زائروها من المسئولين الأمريكيين.
ويقول سيمون جونسون، أحد كبار الاقتصاديين سابقًا فى صندوق النقد الدولى: «أتذكر أنه فى أثناء مباحثات كوريا الجنوبية كان صندوق النقد الدولى فى حجرة والكوريين الجنوبيين فى حجرة أخرى، غير أن لارى سومرز كان هو الرجل الذى يملى الشروط كلها من الحجرة الثالثة». ويضيف: «كان ذلك ذروة العجرفة الاقتصادية الأمريكية».
اليوم تزيل الولايات المتحدة آثار أكبر انهيار مالى فى التاريخ وهو انهيار نشأ فى الولايات المتحدة ونجم عن تصرفات المسئولين فى القطاعين الحكومى والخاص الأمريكيين. وربما كانت أفضل وسيلة للتعبير عن مدى التغيير هى التذكير برد فعل الطلاب الصينيين فى بكين هذا العام عندما طمأنهم تيم جيثنر وزير الخارجية الأمريكية إلى أن الأصول الصينية المقومة بالدولار فى أيد أمينة. وقد أثارت تطميناته تلك نوبة من الضحك والسخرية.
غير أن الاختلاف الأكبر يتمثل فى تراجع الهيمنة الاقتصادية الأمريكية. ففى التسعينيات كانت الولايات المتحدة نموذجا لما يمكن التطلع إليه. وكان جوردون براون، رئيس الوزراء البريطانى، والمشجع القديم للنموذج الأمريكى للرأسمالية، هو من أعلن انتهاء إجماع واشنطن فى قمة مجموعة العشرين التى عقدت بلندن فى أبريل الماضى.
يقتصر هذا العيب على النموذج الاقتصادى الأمريكى. فخلال التسعينيات كان من المطلوب قراءة كتاب «نهاية التاريخ» لفوكوياما. فقد أوضح كيف قضى انهيار الاتحاد السوفييتى على آخر منافس أيديولوجى لنظام الرأسمالية الديمقراطية الذى تعد الولايات المتحدة أفضل تمثيل له. وهذه الأيام، يتحدث الناس عن «صعود الباقين» بوعى كامل بأن العديد من القوى الصاعدة فى العالم، وأبرزها الصين، ليست أقرب للديمقراطية مما كانت عليه خلال سنوات حكم كلينتون.
وقد أسدى انتخاب أوباما فى نوفمبر 2008 صنيعا كبيرًا لإحياء سمعة أمريكا التى شابها تشوه كبير. ووفقا لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث، فإن انتصار أوباما محا فى الواقع جميع الرؤى السلبية للولايات المتحدة إبان سنوات بوش.
غير أن نشوة «هوس أوباما» لم تستطع أن تزيل آثار إدارة تركت الولايات المتحدة بعجز مالى حاد، وجيش توسع على نحو بالغ، وتعرض جزئيًا للمهانة فى حربى العراق وأفغانستان.
ويقول مستشار من خارج الإدارة لسياسة «أفباك»، وهى التسمية المعروفة بها الأزمات المتصلة بأفغانستان وباكستان: «إنها تذكرنى بتلك النكتة القديمة، عندما تسأل شخص عن الاتجاهات، فيرد: ما كان لك أن تبدأ من هنا». ويضيف: «كانت الظروف التى ساعدت على انتخاب أوباما هى نفسها الظروف التى جعلت من هذه التركة إرثًا صعبًا».
وحتى إذا نجح أوباما فى كسر جمود واشنطن التقليدى، وفرض على الاقتصاد الأمريكى نظاما ماليا على نمط صندوق النقد الدولى، فسوف يستغرق الأمر سنوات عديدة حتى يصل إلى مستوى الاستقرار. وفى الوقت نفسه، يتوقع معظم الاقتصاديين انخفاض معدلات النمو الأمريكى وارتفاع معدلات البطالة عن مستويات ما قبل بداية الأزمة.
علاوة على ذلك فإن الولايات المتحدة سوف تظل عرضة للشكوك بشأن جدارتها الائتمانية السيادية، لا سيما بالنظر إلى الحجم الكبير للسندات الأمريكية المملوكة فى الخارج، حيث تستحوذ الصين وحدها على 13٪ من سندات الخزانة الأمريكية.
وخلال العقد المقبل، قد يزيد عدد السندات الحكومية الأمريكية بأكثر من الضعف ليصل إلى 85٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وهو أعلى معدل له منذ الحرب العالمية الثانية. وذلك دون أن يشمل السندات بين قطاعات الحكومة: فى الضمان الاجتماعى، والرعاية الصحية، وبرنامج الحكومة الصحى لرعاية كبار السن، التى سوف تدفع بالمديونية الأمريكية إلى ما يزيد على 100٪ من الناتج المحلى الإجمالى خلال فترة ولاية أوباما الثانية. وبصراحة، لا يمكن أن تنجو مظاهر الهيمنة طويلا من مثل هذه المديونية الثقيلة.
ثم تأتى المحاذير، ففى أواخر الثمانينيات، تنبأ بول كيندى فى كتابه «صعود وسقوط القوى الكبرى» أن بلدانًا كاليابان سوف تتفوق على أمريكا التى تعانى من التوسع الإمبريالى. فمن الذى يقول إن القلق الحالى بشأن أفول أمريكا المتوقع ليس أمرا مضحكًا بأثر رجعى مثلما كان الهاجس اليابانى الذى تملك الولايات المتحدة فى أواخر الثمانينيات؟
من الممكن أن تنهار الصين، وأن تتفكك الهند، ويمكن أن يواصل الاتحاد الأوروبى التحول إلى نسخة عملاقة من سويسرا. لكن التصور الأقرب إلى الواقعية هو أن الولايات المتحدة، بما لها من قدرة على التحرك عبر دوائر التدمير الخلاق، يمكنها أن تطلق الثورة التكنولوجية المقبلة.
ونظرًا إلى حالة التصلب فى شرايين النظام السياسى الأمريكى، فإن الاستثمارات الذكية تشهد تراجعًا. وهو أمر غير معهود فى بلد قام على التفاؤل، ولذلك يعتقد معظم الأمريكيين أن بلدهم لا يسير فى الطريق الصحيح. بل إن عددا كبيرا من بينهم يعتقد أن أبناءه سيكونون فى حال أسوأ من حاله. وإلى أن يسترد الأمريكيون تفاؤلهم، سوف يواصل المراقبون ملاحظة الجمود العالق بأرواحهم.
FINANCIAL TIMES


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.