السنة الجديدة تحمل مصيرا مجهولا لعمرو، «فلا شىء يدعو للتفاؤل»، كما يقول الصيدلى الشاب. الصيدلية الإيجار حلم العمر الذى نجح فى تحقيقه قبل سنوات، تقل مساحتها عن 40 مترا، وبهذا فهى مهددة بالإغلاق تبعا لقرار الاشتراطات الصحية الذى أصدرته وزارة الصحة مؤخرا. إنترنت وكمبيوتر وتكييف، أن تكون الصيدلية فى مبنى غير قابل للاشتعال، هى بعض الشروط التى نص عليها القرار، ويصفها عمرو بالشروط الترفيهية، فى ظل ظروف صعبة يعيشها الصيادلة، والمرضى الفقراء. يشير عمرو لمجموعة دفاتر متراصة: دى كشوف ناس بيشتروا الدواء بالتقسيط». ثلاثة سيناريوهات وضعها الصيادلة لمقاومة القرار، تبدأ من داخل النقابة بعقد جموع الصيادلة جمعية عمومية طارئة، «نضمن فى هذه الحالة ولاء المجلس لقضيتنا، ووجود جهة شرعية تتكلم من خلالها»، كما يقول د. جمال عبدالفتاح المنسق العام بين المشاركين بالجمعية الطارئة ويضيف: لم نشعر أن مجلس النقابة يتخذ خطوات جدية وفاعلة، وتلجأ للمماطلة، فبعض الأعضاء لهم مصالح قوية تجعلهم فى صف القرار. الاتهام السابق ينفيه د. أحمد رامى عضو مجلس النقابة: يوجد قلة من مجلس النقابة توافق على القرار، ولكن المعظم سجل اعتراضه، ونجح المجلس فى تأجيل تنفيذ القرار لنهاية الشهر الحالى، والمطالبة مبدئيا بإلغاء البند الخاص بزيادة المساحة. الجمعية الطارئة كان من المقرر أن تنعقد فى 29 يناير الحالى، قبل يومين من انتهاء المهلة المحددة، «حتى تبدأ الحرب الحقيقية مع الوزارة» كما يقول جمال، ولكن عدم دفع بعض الأعضاء اشتراكات النقابة وضع عائقا قانونيا «ولهذا قررنا التأجيل، وسط تسريبات عن عقد مجلس النقابة لجمعيته العمومية فى 12 فبرايرالمقبل». يلوح د. جمال بأن سلاح الجمعية الطارئة سيكون هو الحل، إذا لم يكن الموعد صحيحا. السيناريو الثانى لخطة الدفاع يبدأ بعد قرار الجمعية العمومية، فالإقناع ومحاولة التفاوض مع الوزير خطة النقابة المبدئية، «ولكن أوراق الضغط كثيرة» كما يوضح رامى مقاطعة شركات الأدوية، الاعتصام السلمى داخل النقابة، الإضراب جزئيا ثم التصعيد لإضراب كلى، إنها بعض أدوات الضغط التى أثرت إيجابيا خلال أزمة الضرائب السابقة، ولا يستبعد جمال أو رامى أن يلجأ إليها الصيادلة للضغط على الوزارة. دعوى قضائية من النقابة ضد الوزارة، قد يكون السيناريو الثالث على المدى البعيد، ولكن «فيه ثغرات قانونية كثيرة تزيد من احتمال إلغاء القرار»، يذكر رامى ثلاثة منها. الثغرة الأولى أن القرار بمجمله تكريس لاحتكار مهنة الصيدلة لصالح «كبار الصيادلة»، أما تطوير المهنة الذى تبرزه الوزارة كسبب أساسى للاشتراطات، «فيكون بتطوير التعليم، مش اللى معاه فلوس هو بس اللى يكون صيدلى». الثغرة الثانية تتعلق بكتابة اسم الصيدلية وصاحبها فقط على الواجهة، فى مخالفة صريحة للبند الوارد بقانون 172 لعام 59، والذى يشترط إضافة الصيدلى مدير الصيدلية، وصاحبها واسمها على الواجهة،» تعديل القانون يتم عن طريق مجلس الشعب، وليس بقرار وزارى». أما البند الثالث «غير المنطقى»، وهو تطبيق الاشتراطات الجديدة بعد التصديق على القرار الوزارى بيومين. يتفق معظم الصيادلة على أن بنود القرار تبدو متعسفة ولا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، يضرب رامى مثلا بشرط عدم ترخيص الصيدلية إلا بمبنى مطابق للمواصفات المصرية، «دا عكس واقع العشوائيات بمصر، ومعناه إن ثلث الصيدليات تقفل»، ويتساءل عن مصير الناس فى تلك الأماكن. أما بند المساحة البطل الأول للقرار، فيسأل جمال عن إمكانية تطبيق الشرط فى القرى والنجوع «إحنا مش رايحين نشترى حتة قماش كذا متر على مزاجنا، واحد من الصيادلة قال لى احنا قريتنا بيتين ونخلة، أجيب أربعين متر منين، وليه؟» وجود تكييف للحفاظ على درجة الحرارة المناسبة والتى حددها القرار عند 30 درجة، يعترض عليه جمال «كل القوانين تضع متوسطات، مش درجة محددة»، ففتحات التهوية حل بديل أما الكمبيوتر والإنترنت، فحجم وضغط العمل بالصيدلية هما الفيصل فى ذلك. يجلس عمرو مع الأصدقاء لدراسة القرار بعمق أكبر لمعرفة المزيد من الثغرات، التى تفيد فى تطوير خطة المواجهة مع بداية العام الجديد، فمقاومة قرار الوزير معركة جديدة قرر عمرو أن يخوضها مع زملائه وبقوة لا تقل عن أزمة الضرائب السابقة، «فهذا القرار أخطر، إنه نهاية المهنة».