عندما استعان المخرج إسماعيل عبدالحافظ بالنجم السورى جمال سليمان فى بطولة مسلسله «حدائق الشيطان» ليلعب شخصية رجل صعيدى قامت الدنيا ولم تقعد، وأطلق عدد من الفنانين المصريين عاصفة رفض للاستعانة بنجوم العرب، على اعتبار أن هذه الخطوة إشارة واضحه للإطاحة بهم، خصوصا أنه كان أمرا طبيعيا فى سنوات ماضية أن يتم الاستعانة بالعنصر العربى كضيوف شرف للعب أدوار شامية أو خليجية، وغالبا ما تكون هذه الأدوار ثانوية وليست محورية وأساسية بخلاف ما حدث مع جمال سليمان، الذى توالت بعده حملات الرفض وتصاعدت الأزمة بين الفنانين فى مصر وسوريا بعد أن أعلن عدد من الفنانين السوريين وعلى رأسهم عباس النورى أن وجود العنصر السورى فى الدراما المصرية هو إنقاذ لها من الفشل. واشتعلت الأمور حينما تدخلت نقابة الممثلين برئاسة د. أشرف زكى وأصدرت قرارات صارمة تحد من الاستعانة بالنجوم العرب لكن سرعان ما تراجعت النقابة بعدما تعثر المنتجون المصريون فى تسويق مسلسلاتهم فى المنطقة العربية بعد أن رفضت أكثر من قناة عربية شراء المسلسلات المصرية كرد فعل تجاه قرارات نقابة الممثلين فى مصر. ومنذ هذه الواقعة أصبح وجود النجوم العرب أمرا واقعا فى معظم الأعمال المصرية ودعم هذا الأمر النجاح الذى حققه الفنان جمال سليمان وتمكنه بشكل كبير من لعب شخصية الرجل الصعيدى مندور أبو الدهب فى «حدائق الشيطان» الذى شجع المنتجين المصريين لفتح الباب أمام نجوم سوريا ففى العام التالى كان للفنان السورى تيم الحسن نصيب من هذا النجاح بعد أن برع فى أداء شخصية «الملك فاروق» وبعده حققت الفنانة السورية سولاف فواخرجى نجاحا كبيرا أيضا بعد أن لعبت دور أسمهان ولم يقتصر الأمر على الاستعانه بفنانين من سوريا فحسب بل تعدى الأمر للاستعانة بفنانين من الأردن ولبنان والإمارات ومن تونس وغيرهم من الجنسيات العربية المختلفة، ولم يكتف المنتجون فى مصر بفتح الباب للمثلين العرب فدخل فى الدائرة مخرجون ومصممو ديكور ومصممى ملابس وماكيير ومهندسى إضاءه وكثير من العناصر الفنية الأخرى ولم يكن غريبا أن تتغير معالم خريطة الدراما المصرية فى السنوات الأخيرة وأن تعكس حالة اندماج بين الهويات العربية المختلفة فلا يوجد مسلسل مصرى واحد يخلو من العنصر العربى خصوصا بعد أن دخلت شركات مصرية فى شراكة إنتاجية مع شركات عربية مثل مسلسل «ليالى»، الذى لعبت بطولته زينة وشاركها بعض النجوم اللبنانيين مثل عمار شلق وماجى أبوغصن ورولا شامية، وتم إنتاجه بشراكة مصرية لبنانية، ومسلسل «هدوء نسبى» وهو إنتاج مصرى سورى، واشترك فى بطولته نيللى كريم والنجم السورى عابد فهد وإخراج التونسى شوقى الماجرى، ومسلسل «صدق وعده» الذى قام ببطولته مجموعة كبيرة من نجوم مصر وسوريا منهم خالد النبوى وأيمن زيدان وإخراج الأردنى مصطفى عزيزية ومسلسل «قلبى دليلى» وهو إنتاج مصرى أردنى لعبت بطولته الفنانة النصف أردنية والنصف سورية صفاء سلطان بمشاركة كل من عزت أبو عوف وأحمد فلوكس. وبخلاف الإنتاج المشترك، لم يعد الفنانون العرب مجرد ضيوف بل أصبحوا أمرا واقعا فى الدراما المصرية، حتى إن بعضهم شارك فى أكثر من مسلسل فى العام نفسه كما حدث مع اللبنانية كارمن لبس التى اشتركت فى بطولة مسلسل «البوابة الثانية» أمام نبيلة عبيد وفى مسلسل «أبو ضحكه جنان» أمام أشرف عبدالباقى والتونسية درة التى اشتركت فى بطوله مسلسل «خاص جدا» أمام يسرا وفى مسلسل الست كوم «فؤش» والأردنى إياد نصار الذى اشترك فى بطولة مسلسل «الوديعة والذئاب» أمام مصطفى فهمى وفى مسلسل «خاص جدا» واللبنانى فادى إبراهيم الذى اشترك فى بطولة مسلسل «البوابة الثانية» وفى مسلسل «الأدهم» أمام أحمد عز، وذلك بخلاف أسماء أخرى شاركت بمساحات أكبر فى مسلسلات مصرية كاللبنانية دوللى شاهين فى «أدهم الشرقاوى» وسيرين أبو النور فى «الأدهم» ومسلسل «كلام نسوان» الذى يشترك فى بطولته كل من فريال التونسية واللبنانيتين نادين الراسى ومايا دياب والسورى باسم ياخور فى مسلسل «حرب الجواسيس». أما فى الإخراج فشهدت الأعوام الأخيرة بزوغ نجم المخرجين السوريين حاتم على ورضوان شاهين ومحمد زهير رجب ورشا شربتجى واللبنانى أسد فولد كار والأردنى مصطفى عزيزية والتونسى شوقى الماجرى. وتبع ذلك أن اختلف النقاد المصريين والعرب فى تفسير هذه الظاهرة، فبينما وصف النقاد المصريون هذه الظاهرة بالإيجابية وأنها تصب فى صالح العمل الدرامى وتعكس قيمة مصر الفنية فى المنطقة العربية التى تفتح ذراعيها لكل الموهوبين دون النظر لهوياتهم، رأى بعض النقاد السوريين أن هذه الظاهرة سيئة، كما جاء على أكثر من موقع إلكترونى سورى وعربى، وأن لها آثارها البعيدة التى قد تنعكس سلبا على تطور الدراما السورية وتميزها، وأوضحوا أن هذه الظاهرة فى مجملها «موضة» تجتاح الدراما المصرية، وجاءت فى مصلحة المشاهدين الذين أنقذتهم الدراما المصرية، التى يجسدها أبطال سوريون، من ملل المصريين وهذا الاختلاف المقصود به إمتاع المشاهد، وقد يكون دفعة للنجوم المصريين للتغيير من نكهة الدراما المصرية التى اعتاد عليها المشاهدون. فيما رأى نقاد مصريون الأمر طبيعيا لأن القاهرة تمثل هوليوود العرب، وأن الفن لا يعترف بجنسية الفنان ولكن بقدرته على الإضافة للعمل الفنى، وأن الفن المصرى اعتمد طوال السنين على نجوم عرب تألقوا فى سماء القاهرة.