محب وماجد، وربما أيضا عادل، هم بالتأكيد أوفر حظا من كثيرين يعانون، وتعانى معهم أسرهم، من بطالة خانقة يستسلم لها البعض فى يأس ويحاول البعض الآخر التغلب عليها بالعمل سائق تاكسى أو سائق توك توك أو فى أى عمل يجلب أجر يومى. «يعنى الواحد لازم يدور على الستر... أنا هاعمل إيه بالشهادة... هاروح بيها للبقال وأقول له إدينى حلاوة وزيتون،» يقول حافظ سائق أحد سيارات التاكسى فى القاهرة. «الحمد الله إننا لقينا شغلانة غيرنا مش لاقى... وأدينى قدرت اتجوز فى اوضة وصالة بحمام ومطبخ». حافظ تخرج فى كلية آداب قسم فلسفة... «وبالتأكيد مالقيتش شغلانة... كنت يعنى هاقعد فى البيت وأقول لأبويا لسه هات». «أنا باخد فى اللفة اربعة... تلاتة على الكنبة وواحد جنبى... باخد من الواحد ربع جنيه... باطلع فى اليوم بعد ما ادفع أجرة التوك توك بزى 30 جنيه آخر اليوم... لو كنت كملت الثانوى التجارى كنت هاخد اكتر من كده إيه يعنى... ادينى باشتغل وباعمل قرش وخلاص... وبعدين اروح اكل حاجة واتفرج على فيلم لعادل إمام وخلاصن، «هكذا قال محمد البالغ من العمر 20 عاما. محمد الذى تحدث وهو فى موقف التوك توك بكفر سنباط بالغربية قال انه يأمل ان يمتلك يوما أسطولا من عربات التوك توك. «وماله التوك توك... بيترخص زى العربية... اسمه دراجة نقل نارية». التوك توك أصبح بالتأكيد ظاهرة فى محافظات وقرى الوجه البحرى ومصر الوسطى... وأجزاء من الصعيد. يستخدم أساسا لنقل الأفراد بين القرى بعد أن تقلهم الاتوبيسات بين المحافظات. فى البدرشين على مشارف صعيد مصر يقف سعيد البالغ من العمر، 15 عاما، على طرف معدية بدائية تربط بين ضفتى النيل عند قرية مزعونة. سعيد يقضى 8 ساعات يوميا، بعد أو قبل وأحيانا بدل، ساعات المدرسة التى ينتظم فيها لنقل اهالى مزعونة من ناحية إلى آخر. «الواحد بيدفع عشرة صاغ فى الناحية الواحدة... والناس بتروح وتييجى طول اليوم علشان تروح المدرسة ولا تشترى حاجة ولا ترجع بيتها». سعيد يحصل 15 جنيها أسبوعيا من صاحب المعدية، أحيانا تزيد لتصل إلى 20 جنيها حسب ساعات العمل. جنيهات سعيد تذهب لمعاونة أسرته والتكفل بجزء من مصاريفه المدرسية وتلك الخاصة بأخواته البنات الثلاث. «أبويا بيشتغل... على الله... بيجيب قرش... بس برضه لازم أساعد»، يقول سعيد دون أن تبدو على وجهه أى تعبير بالازعاج، بل انه يضيف وهو يبتسم «عادى.... الحمد لله... لأ مافيش حاجة مضايقانى... الحاجة الوحيدة اللى بتضايقنى لما الناس ما ترضاش تدفع الأجرة ولا لما واحد يركب مع عياله ويبقى عايز يدفع أجرة نفر واحد».