«ويل للمعاصرين من المعاصرين»؛ تصدرت هذه العبارة أمسية دار العين للنشر السبت الماضى لمناقشة كتاب «أيام صلاح جاهين» للكاتب الصحفى الشاب محمد توفيق، بالتزامن مع الذكرى ال79 لميلاد الشاعر المولود فى 25 ديسمبر 1930، والتى شارك بها الأديبان شعبان يوسف ويوسف القعيد بحضور نجل الشاعر «بهاء جاهين» والناقدة عبلة الروينى. لفت القعيد إلى تعدد الكتب والدراسات التى انهالت على جاهين وتناولت سيرته حياة وشعرا وفنا بعد وفاته، بينما لم يظهر أى من أشكال الاهتمام تلك فى حياة الشاعر، مشيرا إلى أن ذلك كان من الممكن أن يمد فى عمر الرجل الذى لازمه الاكتئاب طوال حياته. كما لفت القعيد إلى عكوف جاهين طوال الوقت على تصدير البهجة للناس، بحديثه الدائم فى أشعاره وأعماله الفنية عن الربيع، بينما لم ينل هو من تلك البهجة الكثير مشبها إياه بالمهرج الشعبى الذى «يضحك الناس ويشيل البكا لنفسه». لكن الأمسية التى شهدت حضورا شبابيا مكثفا، عكست اختلافا فى رؤى وتقدير جاهين بين كل من جيلى الشباب والرواد، فبينما انصب اهتمام المناقشين يوسف والقعيد على المناطق المسكوت عنها والمجهولة فى حياة جاهين الزخمة والثرية كحقيقة ما أشيع عن انتحاره، وتفاصيل انفصاله عن زوجته الأولى السيدة سوسن زكى، وعمله فى مجلة صباح الخير، بالإضافة إلى عدد من الأعمال الأدبية المجهولة التى كشف الشاعر شعبان يوسف فى الأمسية عن العديد منها. المؤلف محمد توفيق قال إنه وأبناء جيله غير معنيين بهذه التفاصيل لذا تجاهلها فى كتابه، موضحا أنه كان يخاطب الشباب وحدهم ولم يكن مشغولا بأن يقرأه القعيد أو أحد من جيله، وخص المؤلف بالذكر قضية انتحار جاهين التى أثارها قبل أيام الناقد سمير فريد، وعاتبه عليها الشاعر بهاء جاهين، مؤكدا أن والده لم ينتحر، حيث أكد توفيق أنه لن يلتفت إلى هذه الواقعة حتى وإن أعاد كتابة مؤلفه 500 مرة، لأنه لم يعثر إلى الآن على وثيقة واحدة تؤكد انتحار جاهين من عدمه. من ناحية أخرى كشف الشاعر شعبان يوسف عن ارتباط جاهين بالتنظيم الشيوعى «حدتو» أو الحركة الديمقراطية للتحرر الوطنى، وهو عكس ما أشيع من عدم انتماء جاهين إلى أى تنظيم سياسى، كما كشف عن مجموعة من الأعمال الأدبية، التى كتبها جاهين فى بداية حياته، ولم يقرأها جمهوره كقصيدة «مطلع يوم جديد» أول قصائد الشاعر الفصحى 1951، وقصة قصيرة بعنوان «دهب» نشرها فى مجلة بنت النيل، بالإضافة إلى قصيدة نثرية رائدة منشورة عام 1953، الأمر الذى يجعله مؤسس هذا اللون الشعرى قبل الشاعر السورى محمد الماغوط. لكن يوسف انتقد التقسيم الذى اتبعته مؤسسة الأهرام فى إعادة نشر دواوين جاهين، واتهم المؤسسة بتشويه مشروع الشاعر، عندما قامت بتقسيم أشعاره إلى أغانٍ وأزجال وأشعار بالعامية، وهو ما اعتبره مفسدا للحالة الشعرية، التى كان يضمنها جاهين لكل من دواوينه التى جمعها وصنفها بنفسه، قبل أن تقوم الأهرام بتقطيع قصائده فى طبعتها الجديدة. خفف الشعر من حدة المناقشات النقدية التى شهدتها الأمسية، حيث قرأ الشاعر بهاء جاهين عددا من قصائد ورباعيات والده، بينما قرأ شعبان يوسف قصائد ورباعيات جاهينية نادرة، واختتمت الأمسية بغناء جماعى لمقطع من أوبريت «الليلة الكبيرة» أشهر أعمال جاهين وأوسعها انتشارا.