تواجه مجموعة من النساء احتمال اعتقالهن ويتعرضن للشتم من يهود متدينين يوصموهن بالنازيات عندما يتوجهن مرة في الشهر للصلاة عند الحائط الغربي الذي يعرف باسم حائط المبكى في القدسالمحتلة. وفي هذه المدينة المقدسة حيث تتمحور الخلافات عادة على النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، تؤكد هؤلاء النساء إنهن يتعرضن للتمييز لمجرد إنهن نساء. ولكن المناوئين لهن، ومن بينهم حاخام الحائط يقولون إن النساء ممنوعات من ارتداء الطاقية اليهودية وشالات الصلاة أو حتى حمل كتاب التوراة, حيث يرى رجال الدين اليهود المتشددين أن الأمور كلها حكر على الرجال. وليس هذا فحسب، بل إن هؤلاء النساء تجرأن على الإنشاد معرضين الرجال المصلين في الجانب الآخر من الحائط للغواية، كما يقول بعض الحاخامات. وفي أحد أيام يوم الجمعة- قبل فترة غير بعيدة - تجمعت نحو مائتين من النساء الأعضاء في مجموعة "نساء الحائط" للصلاة في المكان رغم المطر الغزير والشتائم التي انهالت عليهن من خلف الحاجز الذي يقسم الحيز المخصص للرجال من الحيز الصغير المخصص للنساء. وصرخ رجال يرتدون معاطف سوداء ويعتمرون قبعات كبيرة مستديرة من الفرو الأسود تميز اليهود المتدينين بهن: "نازيات" و"اذهبن إلى الكنيسة". ويتكرر المشهد في كل أول يوم من الشهر اليهودي وفق التقويم القمري. ففي هذا اليوم تصلي "نساء الحائط" عند الحائط الذي يعتبره اليهود ما تبقى من معهد الهيكل الثاني الذي هدمه الرومان في سنة 70 ميلادية. وفي نوفمبر، احتجزت الشرطة نوفرات فرانكل، وهي يهودية محافظة، لفترة وجيرة لأنها كانت ترتدي التاليت، وهو شال الصلاة، وتحمل كتاب التوراة. ويمكن أن تصل عقوبة هذه الجنحة لو ثبتت، إلى السجن ستة أشهر وغرامة من حوالي ثلاثة آلاف دولار. ويعتبر حاخام الحائط الغربي شمويل رابينوفيتش سلوك النساء "استفزازا لا يحتمل". ولكن انات هوفمان مسئولة المجموعة تصر على أن الكتب اليهودية الدينية لا تؤيد مثل هذا التمييز بحق النساء. وقالت خلال احتفال الأنوار: "اليهودية بمنأى عن كل هذا. هذا تعصب، وتدنيس للمكان". وتجمعت النساء ومؤيديهن حينها في ساحة "الكوتيل" وهو الاسم العبري للحائط، خلف منطقة الصلاة. وفي 2003، قررت المحكمة العليا الإسرائيلية أنه ليس مسموحا لنساء الحائط بالصلاة بصوت مسموع لأن ذلك يمثل تهديدا للقانون والنظام. وتروي هوفمان أن قائد شرطة الحائط ابلغها قبل فترة قصيرة أن النساء معرضات للاعتقال لأنهن يلتحفن بشالات الصلاة البيض والسود المخصصة للرجال. وأضافت "اقترح علي أن نضع شالات عليها ورود". ووضعت هوفمان على رأسها تاجا من ورق كتب عليه "الكوتيل للجميع" وابتسمت وهي تنضم إلى المجموعة التي كانت تنشد أناشيد دينية. روعت أصوات النساء على ما يبدو مسنا متدينا فهرع بعيدا عن المكان. وتمكن اليهود المتدينون الذين يسمون أنفسهم "هريدي" ومعناها "الذين يخشون الله"، من السيطرة على الكوتيل ليفرضوا ممارسة شعائرهم بغض النظر عن التقاليد التي تتبعها الفرق اليهودية الأخرى، كما تقول هوفمان. وتضيف هوفمان: "بات الحائط الغربي اليوم ملهى المتدينين"، مشيرة إلى الجزء المخصص للصلاة حيث كان معظم المصلين يرتدون ملابس سوداء تميز المتدينين وتصدح من مكبر أناشيد دينية بأصوات رجالية. ويؤكد رابينوفيتش أنه يعمل ما بوسعه لإتاحة المجال لكل من يزورون الحائط, ولكنه يضيف أن "الصلوات التي تؤديها هذه المجموعة ليست من التقاليد اليهودية". ويضيف: "أتساءل أي نوع من الصلاة هي تلك التي تؤذي مشاعر باقي المصلين". ويشبه الحاخام المعتدل بيريتس رودمان احتجاز نوفرات فرنكل بالاضطهاد الديني في الاتحاد السوفيتي السابق. وكتب رودمان في مقالة على موقع صحيفة يديعوت احرونوت الإلكتروني: "اسر لي زميل متدين يوم اعتقالها بقوله: هذا ما كانت عليه الحال قبل أربعين سنة في موسكو عندما كان ارتداء التاليت وحمل التوراة في العلن يتسبب باعتقالك". وأضاف رودمان الرئيس السابق للمجمع الحاخامي في إسرائيل: "لكن ذاك كان في الاتحاد السوفيتي، الدولة التوتاليتارية القمعية، ونحن اليوم في إسرائيل في القرن الحادي والعشرين".