تواصل «الشروق»، نشر حلقات سلسلة أصوات من نور، وفي هذه الحلقة نستعرض ملامح من حياة القارئ والمبتهل الشيخ طه الفشني صاحب الحنجرة الذهبية والملقب ب"كروان" الإنشاد الديني. مسيرة الشيخ طه الفشني كانت متعددة. فما بين التواشيح والابتهالات وقراءة القرآن تنقل صوته، وصارت له بصمة واضحة في الإنشاد وتلاوة القرآن. هو الشيخ طه حسن مرسي الفشني، المولود سنة 1900 بمدينة الفشن بمحافظة بني سويف، حفظ القرآن ثم تعلم القراءات. ثم بدأ رحلته إلى القاهرة مثل باقي القراء والمبتهلين السائرين على نفس خطاه. وما أن وصل إلى القاهرة التحق ببطانة الشيخ علي محمود، ونظرا لعذوبة صوته وحسن إلقائه ذاع صيته، ومن هنا التحق بالإذاعة في عام 1937، وبعدها عُين قارئا لمسجد السيدة سكينة سنة 1940 وحتى وفاته. لم يكن الشيخ طه الفشني أحد أعلام التلاوة البارزين فحسب، بل كان أيضا أحد علامات الإنشاد الديني مع كل من سيد النقشبندي ونصر الدين طوبار ومحمد الكحلاوي وغيرهم. أجاد الفشني تلاوة القرآن بالقراءات العشر، وبقدر إجادته للقرآن أجاد أيضا في الإنشاد والمديح بطرق ومقامات مختلفة، فأطلق عليه لقب "ملك التواشيح" لبراعة صوته وتدرجه السهل بين المقامات الصوتية المختلفة. وتعلم الشيخ طه الفشني فن التواشيح من الشيخ علي محمود، وكان الأخير هو أحد رواد هذا الفن، فلازمه لسنوات طوال، وتعرف أيضا على الشيخ مصطفى إسماعيل وصار يصاحبه في معظم حفلاته في قصر رأس التين و سراي عابدين في حضور الملك فاروق، فكان الشيخ مصطفى يتلو القرآن، ومن بعده يشدو طه الفشني كالكروان. كما كان الشيخ طه من أوائل الذين ظهروا في التليفزيون في سنوات تأسيسه الأولى. وبعد وفاة الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي خلفه في رئاسة رابطة القرآن الكريم. قدم الفشني أكثر من 14 ساعة من التواشيح والابتهالات النادرة، ومن أشهر ابتهالاته التي لا تزال تذاع حتى الآن هي "ميلاد طه وحب الحسين ويا أيها المختار، إلهي إن لم يكن ذنبي عظيما، سبحان من تعنو الوجوه".