تدخلت إمارة أبوظبي في اللحظة الأخيرة وقدمت دعما ثمينا بعشرة مليارات دولار لحكومة دبي التي ستتمكن من دفع ديون تستحق يوم الاثنين ، ما انعكس انفراجا في الأسواق المالية اثر تبدد المخاوف من تعثر في دبي. وأعلنت حكومة دبي في بيان أنها ستسدد صكوك شركة التطوير العقاري العملاقة "نخيل" التي تستحق يوم الاثنين عبر استخدام الدعم المالي لأبوظبي ، مؤكدة التزام دفع كل استحقاقات الدائنين حتى انجاز عملية إعادة هيكلة "دبي العالمية" التابعة لحكومة دبي ومالكة "نخيل". وجاء في البيان "استطاعت حكومة دبي توفير دعم مالي هام وحيوي من حكومة أبوظبي ومصرف الإمارات المركزي ، وذلك بعد سلسلة من المشاورات الوثيقة في هذا الشأن ، أسفرت عن قيام حكومة أبوظبي بتوفير دعم مالي قدره 10 مليارات دولار لصالح صندوق دبي للدعم المالي ، والذي سيتم استخدامه لتغطية بعض الالتزامات المترتبة على دبي العالمية". وأضاف البيان "كإجراء أولي تجاه هذا الدعم الجديد ، خصصت حكومة دبي 1،4 مليارات دولار لتستخدم في سداد الصكوك المستحقة هذا اليوم". من جهته، أكد المصرف المركزي الإماراتي في بيان أنه "يقف وراء البنوك الإماراتية ويشمل ذلك البنوك التي لديها انكشاف على مجموعة دبي العالمية ونخيل". وتستحق الاثنين صكوك (سندات إسلامية) ب5،3 مليارات دولار (1،4 مليارات مع الأرباح) لشركة "نخيل". وكانت المجموعة قد أعلنت في 30 نوفمبر أنها ستعيد هيكلة بعض شركاتها وخصوصا شركة "نخيل" ، مؤكدة أن ديون الشركات التي تسعى إلى إعادة هيكلتها تناهز 26 مليار دولار من أصل 59 مليارا تشكل إجمالي ديون المجموعة. وبعد إعلان الحصول على الدعم من أبوظبي ودفع الديون المستحقة ، ارتفعت سوق دبي المالية بمستويات قياسية إذ قفزت أسعار معظم الأسهم المتداولة بالحد الأقصى وسط طلب مرتفع ولكن مع امتناع المستثمرين عن البيع. وقد أغلق مؤشر دبي على ارتفاع قياسي بنسبة 37،10% ، كما عمت الإرباح بقية أسواق الخليج. وبحسب بيان حكومة دبي ، فان "المبلغ المتبقي" من الدعم الذي قدمته أبوظبي (9،5 مليارات دولار) سيستخدم "في تسديد الفوائد والمصاريف التشغيلية لمؤسسة دبي العالمية حتى تاريخ 30 إبريل 2010" ، إلا أن ذلك سيكون مشروطا ب"نجاح المؤسسة في مفاوضاتها بشأن إعادة جدولة ديونها كما تم الإعلان عن ذلك مسبقا". وكانت حكومة دبي أعلنت في 25 يناير أنها ستطلب تجميد استحقاقات ديون مجموعة دبي العالمية لستة أشهر على الأقل ، وقد تسبب هذا الإعلان بصدمة في الأسواق العالمية. وأكد بيان حكومة دبي الذي تلاه الشيخ احمد بن سعيد آل مكتوم رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية في الإمارة إن "حكومة دبي ركزت بشكل خاص على معالجة قلق دائني دبي العالمية" ، وإن "المبلغ المتبقي من الدعم المقدم سيستخدم في تلبية الالتزامات للدائنين الحاليين والمقاولين". كما ذكر أنه "سيتم البدء بمفاوضة المقاولين المتأثرين خلال الفترة القصيرة القادمة". إلى ذلك ، أعلنت حكومة دبي تشكيل لجنة قضائية خاصة "للفصل في المنازعات المتعلقة بتسوية الوضع المالي لمؤسسة دبي العالمية والشركات التابعة لها"، وذلك بأمر من حاكم الإمارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. وستكون اللجنة ضمن مركز دبي المالي الدولي (دي اي اف سي) ويرأسها البريطاني السير انطوني ايفنز ، قد تأسست هذه اللجنة "من منطلق حرص حكومة دبي على حفظ حقوق دائني دبي العالمية والشركات التابعة لها" حسبما أفاد بيان الحكومة. وستناط اللجنة بصلاحية "النظر والفصل في أي طلب أو ادعاء يقدم ضد (...) المؤسسة ، بما في ذلك النظر والفصل في طلب حلها وتصفيتها (...) أي شخص له صلة بتسوية الالتزامات المالية للمؤسسة". وأكدت حكومة دبي إن ما أعلنته يبرهن "على التزامنا القوي كمركز مالي عالمي رائد بالشفافية والحوكمة الرشيدة ومبادئ السوق" ، مؤكدة أنها تدرك "أنه ستكون هناك تحديات بين فترة وأخرى مثلما يحدث في المراكز المالية الرائدة حول العالم ، ونحن نؤمن بأن الخطوات التي تم الإعلان عنها اليوم ستخدم مصالح جميع الشركاء". كما أكدت الحكومة "للمستثمرين والدائنين الماليين والتجاريين والموظفين ومواطنينا" أنها "ستتصرف في جميع الأوقات وفقا لمبادئ السوق وممارسات التجارة المقبولة عالميا". وخلص بيان الحكومة إلى أن "دبي كانت وستبقى مركزا ماليا عالميا قويا ونابضا بالحياة ، وأن أفضل الأيام لم تأت بعد ، وستبقى حكومة دبي ملتزمة بمعايير عالية المستوى وبجميع التزاماتها" ، مؤكدا الثقة "بتعافي وقوة اقتصادنا على المدى الطويل". وليست المرة الأولى التي تتدخل فيها أبوظبي التي تملك السواد الأعظم من نفط الإمارات الذي يقدر بعشر الاحتياطي النفطي العالمي المثبت. وسبق أن اكتتب المصرف المركزي الإماراتي الذي مقره في أبوظبي ويلقى غالبية تمويله من هذه الإمارة ، بنصف سندات أصدرتها دبي بقيمة عشرين مليار دولار في فبراير الماضي بهدف مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. وفي 25 نوفمبر، اكتتب مصرفان تابعان لحكومة أبوظبي بسندات أخرى بقيمة خمسة مليارات دولار.