17 مايو 2024 .. أسعار الذهب تصعد 10 جنيهات.. وعيار21 يسجل 3130 جنيها    صوامع الشرقية تستقبل 572588 طن قمح في موسم الحصاد    تراجع التضخم في النمسا إلى أقل مستوياته منذ 31 شهرا    مواجهة بين نتنياهو وبن غفير.. وجالانت يغادر جلسة الكابينت احتجاجا على سلوك الأخير    بوتين: فرض قيود أمريكية على السيارات الصينية "منافسة غير نزيهة"    تجدد الغارات الاسرائيلية على جنوب لبنان    كاذبة.. موقف مُحرج تتعرض له ممثلة إسرائيل على الهواء أمام محكمة العدل الدولية    نهضة بركان يخوض مرانه الثاني استعدادا لمواجهة الزمالك في نهائي الكونفدرالية    القبض على شخص لتزويره المحررات الرسمية بالقاهرة    متى تبدأ إجازة عيد الأضحى المبارك 2024 وكيف يمكن الاستفادة منها؟    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية في منطقة فيصل    متحف تل بسطا بالشرقية يفتح أبوابه مجانا للجمهور احتفاء باليوم العالمى للمتاحف    إطلاق الإعلان الرسمي لفيلم رفعت عيني للسما بالتزامن مع عرضه اليوم بمهرجان كان    في قلوبنا.. حلا شيحة تهنئ الزعيم عادل إمام في عيد ميلاده ال84    ما هو الدين الذي تعهد طارق الشناوي بسداده عندما شعر بقرب نهايته؟    المفتي: "حياة كريمة" من خصوصيات مصر.. ويجوز التبرع لكل مؤسسة معتمدة من الدولة    دليل البقاء باردا.. كيف تتفادى آثار الطقس الحار على صحتك؟    تيسير إجراءات استيراد المكونات الإلكترونية للشركات الناشئة بمجال التصميم الإلكتروني    انطلاق فعاليات الملتقي التوظيفي السنوى لكلية الزراعة بجامعة عين شمس    التنظيم والإدارة: 59901 متقدم بمسابقة شغل وظائف معلم مساعد مادة    جمارك الطرود البريدية بقرية البضائع تضبط 3995 قرص ترامادول داخل كمبروسر    محافظ القاهرة يؤدي صلاة الجمعة بمسجد السيدة زينب    إطلاق مراجعات الثانوية العامة لمبادرة «تقدر في 10 أيام» بمطروح.. 29 مايو الحالي    من بوابة «طلاب الجامعات».. بايدن يسعى لأصوات الأمريكيين الأفارقة بانتخابات 2024    توريد 572588 طنًا من القمح لمراكز التجميع بالشرقية    كلوب: لا أحب لحظات الوداع.. ويجب إلغاء تقنية الفيديو    وفاة المراسل أحمد نوير.. ماذا كتب قبل رحيله عن عالمنا؟    لأطفالك.. طريقة عمل ميني الكرواسون بالشوكولاتة    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    الأمن العام: ضبط 13460 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    في يوم الجمعة.. 4 معلومات مهمة عن قراءة سورة الكهف يجب أن تعرفها    "الإفتاء" توضح كيفية تحديد ساعة الإجابة في يوم الجمعة    لعدم تركيب الملصق الإلكتروني .. سحب 1438 رخصة قيادة في 24 ساعة    موظفون بالكونجرس يتظاهرون أمام مقره ضد دعم المساعدة الأمنية لإسرائيل    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي الجديد    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    بحوزته 166 قطعة.. ضبط عاطل يدير ورشة تصنيع أسلحة بيضاء في بنها    أحمد السقا عن أصعب مشهد بفيلم «السرب»: قنبلة انفجرت حولي وخرجت سليم    تأهل هانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    حدث ليلا.. أمريكا تتخلى عن إسرائيل وتل أبيب في رعب بسبب مصر وولايات أمريكية مٌعرضة للغرق.. عاجل    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    هانئ مباشر يكتب: تصنيف الجامعات!    يوسف زيدان يفجر مفاجأة بشأن "تكوين": هناك خلافات بين الأعضاء    أستاذ تمويل يكشف توقعاته بشأن ارتفاع سعري الذهب والفائدة    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان.. «حكومة المهمة» والتغلب على المهمة المستحيلة
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 02 - 2021

النظام اللبنانى، مثل الولد القاصر، بحاجة دائما للرعاية الخارجية والإمساك بيده لإخراجه أو إنقاذه من كل أزمة وطنية كبرى يواجهها وتعرّض البلد (دولة ومجتمعا) للخطر. الأزمة الراهنة التى عنوانها العمل على تشكيل «حكومة مهمة» تقدّم مثالا حيا على ما ذكرناه. مجمل هذه الأزمات لها روافدها الخارجية. يرجع ذلك لضعف «المناعة الوطنية» التى تجعل البلد منكشفا»، لا بل جاذبا» للتدخل الخارجى بأشكاله المختلفة، أيا كانت المسميات أو العناوين لذلك التدخل. التماهى بمختلف أشكاله وعناوينه ودرجاته مع الخارج شكل دائما «عنصرا أساسيا» فى الصراعات والخلافات والحروب الداخلية. وتزيد الجغرافيا السياسية للبنان إلى جانب ضعف السلطة وانكشافها وطبيعة الاجتماع اللبنانى من جاذبية وسهولة التدخل من قبل بعض الأطراف الخارجية. تدخّل يهدف لخدمة استراتيجيات وسياسات تتخطى لبنان إلى محيطه الجغرافى السياسى المباشر، لما لهذا المحيط من أهمية فى لعبة النفوذ الشرق أوسطية للأطراف الدولية والإقليمية المعنية. الأدوار الخارجية للإنقاذ نتجت فى الماضى عن تفاهمات عملت ونجحت على بلورتها أطراف عربية أساسية بغية إطفاء الحرائق واستعادة الاستقرار. وإذا نظرنا إلى العقود الخمسة الماضية من الزمن وجدنا فى المبادرات العربية فى الدبلوماسية المتعددة الأطراف والمؤتمرات التى انعقدت فى القاهرة والرياض وتونس والطائف والدوحة خير مثال على ذلك.
التفاهم الخارجى كان دائما شرطا «ضروريا» لإطلاق عملية التفاهم الداخلى. تتغير الأطراف وكذلك تحالفات الداخل والخارج وتبقى قواعد اللعبة هى ذاتها. هذه المرة اختلفت اللعبة: فالتفاهم الخارجى بين الأطراف الفاعلة فى لبنان ولو بالحد الأدنى ضرورى، ولكن غير كاف، بسبب طبيعة الأزمة الاقتصادية وحدّتها والحاجة إلى أكثر من مراهم إصلاحية لإنقاذ المركب اللبنانى من الغرق. وقد حذّرنا وحذّر الكثيرون «مرارا» إلى أننا نشهد مسارا «متسارعا» للانهيار الاقتصادى الكلى بتداعياته المأساوية المختلفة والشديدة الخطورة على المجتمع وعلى الدولة فيما لو استمرت الأمور على ما هى عليه، وهى مستمرة. طبيعة اللعبة السياسية بقيت هى هى عند الطبقة الحاكمة؛ التطلّع إلى الخارج حيث الرهان على التفاهم مع الآخرين أو الانتصار الذى سيحققه الحليف أو الصديق الخارجى لترجمته فى الداخل ولو بشكل مؤقت، «حفاظا» على مكتسبات خاصة أو زيادة فى مكتسبات خاصة لكل من أطراف اللعبة تقدم على أنها مكتسبات للمكون المذهبى أو الطائفى الذى يمثله هذا الطرف او ذاك فى نظام فدرالية الطائفيات السياسية التى تحكم وتتحكم بلبنان بالفعل مستغلة ومطوعة لنظام الديمقراطية التوافقية؛ التوافقية الطائفية التى يقوم عليها النظام اللبنانى. أضف إلى ذلك أن الطبقة السياسية الحاكمة غير متحمسة لولوج باب الإصلاحات البنيوية الضرورية لأنها تضعف مصادر سلطتها وتسلطها. لقد حذرنا أكثر من مرة أننا لم نعد أمام أزمة تشكيل حكومة كما لو كنا فى ظروف طبيعية بل صرنا فى أزمة حكم كما نشهد كل يوم فى التراشق السياسى المتصاعد وفى الشلل الحاصل على مستوى السلطة التنفيذية والذى يحمل فى بعضه لغة طائفية لم تعد خافية. أوصلنا ذلك إلى مرحلة الدخول فى أزمة نظام فى وقت لا نستطيع فيه تحمل «ترف» فتح هذا الملف حاليا «مع ضرورة البحث لاحقا»، بعد إنقاذ المركب من الغرق، فى النموذج السياسى الذى نريده لتطوير النظام وتحصين وتنمية المجتمع على جميع الأصعدة وتعزيز اللحمة الوطنية فى لبنان. ولا بد من التذكير بأن أهم دروس «لعبة الكراسى الموسيقية» للطائفيات السياسية، لعبة التنافس على الهيمنة وتقاسم منافع السلطة تحت عنوان حماية حقوق الطائفة، إن هذه اللعبة هى منتجة باستمرار لأزمات تشل الدولة وتمنع عملية النهوض الوطنى فى جميع أوجهه.
إن استمرار اللعبة التقليدية حول تقاسم السلطة فى تشكيل الحكومة باسم حقوق الطائفة عند كل طرف، «أيا» كان العنوان الذى يحمله كل طرف، يساهم فى تسريع الانهيار ومن ثم الانفجار، بسبب الشلل السياسى الحاصل. إن تجربة الأشهر الماضية والثمن الذى دفعه ويدفعه المواطن اللبنانى تستدعى إعادة النظر فى المقاربة القائمة والمستمرة لتشكيل «حكومة المهمة Gouvernement de Mission» بعد أن وصلت إلى حائط مسدود مع ازدياد «المواجهة السياسية والإعلامية» بين من يفترض أن يكونا الشريكين الأساسيين فى تشكيل الحكومة وإدارة عملية الإصلاح لاحقا. وهنا، أرى من الضرورى، للخروج من حالة الجمود القاتل الحامل للمزيد من التوترات، أن يدعو الوسيط الفرنسى إلى مقاربة مختلفة من خلال الدعوة لطاولة حوار وطنى للأطراف ممثلى المكونات السياسية التى كان قد جمعها وحاورها الرئيس الفرنسى فى بيروت، لتجتمع برعاية ومواكبة فرنسية فى «حوار عملى»، ونذكّر بهذا الخصوص بحوار «سل سان كلو» (اسم مكان اللقاء) عام 2007 الذى استضافته فرنسا للأطراف اللبنانية فى خضم الأزمة اللبنانية حينذاك. ويمكن أن تشارك الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى جانب فرنسا فى رعاية ومواكبة هذا الاجتماع. يجب أن يكون هدف «الحوار العملى» المطلوب، إذا انعقد فى إطار زمنى محدد، بلورة ما دعونا إليه منذ أكثر من شهرين وقد رد علينا البعض حينذاك أنه يجب البدء بتشكيل الحكومة بغية عدم إضاعة الوقت، وقد ضاع الوقت الكثير منذ ذلك الوقت وهو برنامج الإصلاح الشامل فى خطوطه وعناصره وخريطة طريق للتنفيذ وجدول زمنى واضح. إن اتفاق من هذا النوع يلزم أصحابه، كل أمام جماعته أساسا، بالإصلاح المطلوب لوقف الانهيار ويسهل تشكيل «حكومة المهمة» لوضعه موضع التنفيذ إذ يشكل عنصر ضغط على هذه الأطراف باعتباره، باعتراف الجميع ومشاركتهم، الشرط الضرورى لوقف الانهيار المتسارع. فهل نسلك هذا الطريق وأمامه الكثير من الصعوبات ولكنه الوحيد الممكن أم نبقى أمام الطريق المسدود، أمام ما يبدو كمهمة مستحيلة لتشكيل «حكومة المهمة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.