الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى يسعى لنقل رفات الروائى والمسرحى الفرنسى ألبير كامو (1913 1960) إلى صرح «البانثيون» أو مقبرة العظماء التى يرقد فيها أعلام الفكر الفرنسى فى باريس، لكنه يصطدم برفض جون كامو، ابن الكاتب. تناقلت الصحف الفرنسية هذا الخبر طوال الأسبوع الماضى، فى إطار الاحتفال بخمسين عاما على رحيل الكاتب الفرنسى الجزائرى المولد ألبير كامو فى الرابع من يناير المقبل، وأعاد هذا الموقف طرح العديد من الأسئلة المتعلقة بصورة الكاتب وعلاقته بالسلطة، أى من يملك حق التصرف فى صورة الكاتب، وتحديدا فى نقل رفاته؟ حتى وإن كان هذا تكريما رسميا من الدولة. وهل مسألة ضم رفات الكاتب إلى كوكبة أعلام الفكر الفرنسى يعد اعترافا وتكريما وتخليدا يليق بأصحاب القلم أم أنه تقديس للشخصية واعتبارها فى مرتبة تفوق البشر العاديين؟ أم هى دليل على احتواء الدولة للمثقف وتحقيق مكاسب على حساب شهرة وسمعة الكاتب؟ بدا هذا التساؤل الأخير هو المرجح فى الجدل القائم اليوم حيث قدر أحد المقربين من عائلة كامو أن قرار نقل كامو إلى البانثيون قد يكون «متناقضا» مع تاريخ حياة صاحب «الإنسان المتمرد» الذى عرف بمواقفه الجذرية، ورجح المصدر أن رفض كامو الابن قد يرجع إلى تخوفه من أن «استعادة» رئيس الدولة لأبيه، بمعنى أن يضمه إلى حظيرة الدولة. وكان ساركوزى قد أعلن عن اتصاله بأسرة كامو ورغبته فى الحصول على موافقة منها، على هامش اجتماع المجلس الأوروبى فى بروكسل وأعرب عن حماسه الشديد لهذا المشروع. فى الوقت الذى لم تبد فيه شقيقة جان كامو التوءم والتى تدير تركة والدها الأدبية اعتراضا واضحا وعلقت قائلة باقتضاب «إنها مسألة معقدة على المستوى العاطفى». بينما لم يعلن جان كامو بعد موقفه علنيا ولم يتم التحديد من وجهة النظر القانونية إذا كان اعتراضه قد يعرقل قرار نقل رفات كامو إلى البانثيون. ويذكر أن الرئيس السابق جاك شيراك كان صاحب قرار ضم رفات أندريه مالرو إلى البانثيون فى 1996، وألكسندر دوما فى 2002. وفى حالة الموافقة على نقل كامو سيرقد وسط 72 من رفات العظماء مثل «زولا» و»روسو» و«مونيه». وبدا فى كواليس هذا الجدل أن تردد أبناء كامو فى الرد على ساركوزى قد يرجع إلى تخوفهما من أن يتم استغلال هذا الحدث سياسيا للحصول على نقاط فى تلميع صورة الرئيس التى يعمل عليها منذ فترة. ومحاولة كسب الشارع العربى، حيث يذكر أوليفييه تود كاتب سيرة حياة كامو أن الرجل كان الوحيد الذى ندد فى الصحافة الفرنسية فى عام 1945 بالقمع الاستعمارى الفرنسى فى الجزائر، وأطلق عليها منذ البداية «الحرب على الجزائر» وليس كما كان متعارفا عليه آنذاك فى وصفها ب«عمليات بوليسية». بالإضافة إلى الاحتفال بخمسين عاما على رحيل كامو فى 2010، تضافرت الجهود أيضا لتنظيم احتفالات بمئوية ميلاده فى 2013 ومنها برنامج كامو والمتوسط الذى أعلنت عنه تظاهرة «مارسيليا عاصمة الثقافة الأوروبية 2013».