تعتزم أوبرا وينفرى إطلاق قناة أون التليفزيونية بنظام الكيبل*، فى الوقت الذى تم فيه بيع قناة «إن. بى. سى» التى تعمل بنظام البث**، التى كان يقال عنها يوما ما إنها أهم قناة تصنع الذوق العام فى الولاياتالمتحدة إلى شركة كومكاست، أكبر شركات تقديم خدمات الكيبل فى الولاياتالمتحدة. فهل بلغنا فى نهاية المطاف نقطة تحول تشير إلى تراجع حظ نظام البث التليفزيونى فى أمريكا؟ وتتفاوض جنرال إليكتريك من أجل بيع حصة الأغلبية التى تملكها فى الشركة بى سى يونيفرسال، وهى صفقة تشير إلى أن شبكات الكيبل المملوكة لجنرال إلكتريك مثل يو إس إيه، وبرافو، وساى فاى، وإم إس إن بى سى، وسى إن بى سى هى الأعلى قيمة، وليس إن بى سى، التى أصبح ترتيبها الرابع ما بين شبكات البث الأربع الكبرى. ويتفق معظم المحللين والكثير من المديرين حول أن النشاط الاقتصادى الخاص بشبكات البث الذى يعتمد على الإعلان أساسا أصبح فى حالة تراجع. ويتساءل هؤلاء عما إذا كان هذا قابلا للإصلاح أم لا. يقول هوراس نيوكوب، أستاذ وسائل الاتصالات فى جامعة جورجيا ومدير جوائز بى بودى التى تعطى سنويا لشبكات الإذاعة والتليفزيون، «هناك حالة ارتباك». لقد اعتمد نموذج النشاط فى الشبكات الثلاث الأساسية التى زادت واحدة عندما بدأت فوكس فى عام 1987 فى إذاعة برامج فترة الذروة على صيغة بسيطة هى إنفاق الملايين على البرامج الأساسية المقدمة فى القناة التى سوف تجذب الإعلانات، لتعيش الشبكة بعد على هذه العوائد الإعلانية المرتفعة. غير أن تقييم الجمهور لهذه الشبكات يتراجع، ذلك أنه فى 1952 1953 كان أكثر من 30% من الأسر الأمريكية التى تمتلك تليفزيونات يشاهدونها خلال ساعات الذروة. وفى عام 2007 2008 هبطت هذه النسبة إلى 5.2%. لقد تقلص الجمهور الواسع الذى كانت يمثل الخبز والزبد بالنسبة لشبكات البث بسبب توجه المشاهدين نحو خيارات ترفيهية بديلة، عبر الإنترنت وألعاب الفيديو وقنوات الكيبل التى تجاوبت مع الذوق الشخصى للأفراد، كقناة أون التى تعتزم أوبرا وينفرى إطلاقها. ومع ذلك، تظل البرامج مرتفعة التكاليف حيث تتكلف شبكة للمسلسلات نحو 3 ملايين دولار فى الساعة الواحدة فى الوقت الذى يرفض فيه المعلنون دفع أسعار مرتفعة للإعلان الذى يذاع فى وقت الذروة. وحاولت جميع الشبكات التكيف مع ذلك، عبر برامج محاكاة الواقع على سبيل المثال، باعتبار أن إنتاجها أقل تكلفة. وربما تكون إن بى سى هى من قام بالرهان الأكبر، حيث نقلت جاى لينو، مقدم البرامج الكوميدية الشهير، إلى الساعة العاشرة مساء كل ليلة، وهى ساعة الذروة، ما وفر ملايين كان سيجرى إنفاقها على برامج معدة مسبقا فى وقت الذروة هذا. وكان نقل لينو إلى ساعة الذروة محل بحث مدقق من جانب وسائل الإعلام، لأن معدلات مشاهدة السيد لينو قد انخفضت مؤخرا فى العديد من الليالى إلى ما دون الحد الأدنى المطلوب من جانب المعلنين. وقد قال نيكولاس هيمان، وهو محلل فى ستيرن أجى آند ليتش، إن الفشل المستمر للجهود الرامية إلى إعادة جذب الجمهور إلى إن بى سى فى وقت الذروة أدى بجنرال إليكتريك إلى التوقف عن بث برامج الترفيه. وكان قرار نقل لينو إلى وقت الذروة هو الذى جعل جنرال إليكتريك تتخذ قرار بيع إن بى سى يونيفرسال. يقول السيد هيمان: «اعتقد أن نقل لينو كان القشة التى قصمت ظهر البعير. كما أنها المرة الأخيرة التى تعيد فيها جنرال إليكتريك تجربة حظها». وأقر السيد هيمان أنه للوهلة الأولى لا يبدو مرجحا أن مثل هذه الصفقة الكبرى جاءت بفعل قرار واحد يخص قطاعا واحدا من القطاعات التى تتألف منها هذه الشركة الضخمة. إلا أنه يضيف إنه مع ذلك يجب الأخذ فى الاعتبار «أثر الدومينو المرتبط بقرار نقل لينو، على البرامج السابقة لبرنامجه والتالية له. أعتقد أن جنرال إليكتريك قررت أنه لا يمكننا الاستمرار فى ذلك». بينما وجدت الشبكات أنه من الصعب تحميل المعلنين تكاليف أعلى للإعلان فى ظل التراجع على صعيد مشاهدة الجمهور لهذه القنوات، فإن شبكات الكيبل الكبيرة مثل يو إس إيه وتى إن تى وتى بى إس قد انتعشت فى ظل ما تتلقاه من رسوم الاشتراك من مشغلى الكابل تبلغ ملايين الدولارات، إلى جانب الإعلانات. ويقول أنتونى دى كليمنت، المحلل الإعلامى فى باركليز كابيتال إن «لدى اللاعبين فى مجال الكابل تدفقا للرسوم يتميز بالقوة ويسمح لهم بتمويل البرامج الأساسية بشكل أفضل. وتتمثل القضية الهيكلية الأساسية بالنسبة لشبكات البث الآن فى أن أغلبية الإيرادات تأتى من الإعلان». كما أن هوامش الربح بالنسبة لشبكات الكابل أفضل كثيرا من نظيراتها فى شبكات البث. ويقول ديريك بين، أحد كبار المحللين فى إس إن إل كاجان، إن شبكات الكيبل الكبرى تحقق هوامش ربح تتراوح بين 40 و60%، فى حين أن شبكات البث تحقق فى السنوات الجيدة هامشا يبلغ 10%. ولعل ما يوضح هذا الأمر هو إجراء مقارنة بين إن بى سى وإى إس بى إن، وهى واحدة من أكثر قنوات الكابل شعبية. ففى العام الماضى، كانت إيرادات الشبكتين متساوية تقريبا. ووفقا لما ذكرته إس إن إل كاجان، فقد حققت إن بى سى نحو 5.6 مليارات دولار من الإعلانات، فى الوقت الذى بلغت فيه إيرادات إى إس بى إن نحو 6 مليارات 1.6 مليار من الإعلان و4.4 مليارات رسوم المشتركين. لكن مع ذلك، فإن أرباح إى إس بى إن أعلى كثيرا، حيث بلغت التدفقات النقدية بها نحو 1.4 مليار، فى مقابل 304 مليون فيما يتعلق بإن بى سى. ويقول السيد بينك «مازال المشاهدون يهجرون قنوات البث إلى قنوات الكيبل. وبمرور الوقت، يستمر المعلنون فى دفع مبالغ أعلى لأوقات الذروة فى قنوات البث. ولكن بمرور الوقت، تستمر أعداد المشاهدين فى الانخفاض. وفى نهاية الأمر، ستصل إلى نقطة السكون». وربما يعد ليزلى مونفس، الرئيس التنفيذى لسى بى إس، أقوى المدافعين على نظام البث. ويقول مونفس إنه يعتقد أن شبكات البث يمكنها أن تستمر فى البقاء دون إيرادات الاشتراكات التى تذهب إلى شبكات الكابل. ويشير إلى قدرة شبكات البث على الوصول إلى جماهير واسعة من المشاهدين وخلق أصول لا يمكن أن يقابلها أى شىء لدى شركات الكيبل. وقال السيد مونفس الأسبوع الماضى إنه أتم صفقة بشأن مسلسل تليفزيونى من إنتاج إن بى سى هو «إن سى آى إس: لوس أنجلوس»، تتضمن بيع حق إعادة عرض المسلسل بمبلغ كبير هو 2.35 مليون دولار للحلقة الواحدة. ويقول إن المشترى هو شبكة يو إس أيه، وهى بالمصادفة مملوكة ل«إن بى سى». وقد لاحظ السيد مونفس أن العرضين معا الأصلى والمُعاد «تبلغ قيمتهما مليار دولار»، وهو ما يفوق إيرادات أى عرض قدمته شبكات الكيبل. ويقول السيد مونفس: «إن نموذجى لم ينهر». ومؤخرا أشار المديرون فى سى بى إس إلى أن سوق الإعلان قد بدأت تنتعش. لكن التبعات الثقافية لتراجع تليفزيونات البث قد تكون عميقة. فقد مضى العصر الذى كانت تجلس فيه الأمة بكاملها حول التليفزيون فى المساء لرؤية مسلسل The Cosby Show أو All in the Family مثلا ثم يتحدثون عن المسلسل مع زملاء العمل فى اليوم التالى. ويقول السيد نيوكومب إن تليفزيون البث كان «ساحة، يجرى فيها عرض الأفكار بطريقة تجعل الناس مرتبطين بها أو يسعون لاكتشافها». ويضيف أن «قضايا الحقوق المدنية والحركة النسائية كانت متضمَنة فى برامج الترفيه وكان الناس يشاهدونها كى يقبلونها أو يرفضونها. واليوم يمكنك مشاهدة التليفزيون دون أن ترى ما يثير التحدى بداخلك». * قنوات يصل إرسالها للتليفزيون مباشرة عبر الإنترنت. (المترجم) ** قنوات تعتمد على البث من خلال الأقمار الصناعية وتتطلب وجود مستقبل (ريسيفر) أو طبق لاقط (دش). (المترجم)