تبدأ لجنة بريطانية غدا الاستماع إلى شهادات فى جلسات مفتوحة حول الحرب على العراق، وسط تساؤلات فى الأوساط السياسية والإعلامية إن كانت هذه الحرب، التى بدأت فى مارس 2003، عدوانا، ومن ثم جريمة حرب. ففى صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أمس عنون أوليفر مايلز، السفير البريطانى السابق فى ليبيا، مقاله بالتساؤل: «هل بلير مجرم حرب؟». وشاركت القوات البريطانية مع نظيرتها الأمريكية فى غزو العراق فى عهد رئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير، الحليف الوثيق للرئيس الأمريكى السابق جورج بوش. وأضاف مايلز أن «أى شخص لديه معلومات» حول هذه الحرب دعى للمشاركة فى جلسات الاستماع التى تضم مسئولين مدنيين وعسكريين حاليين. وذكر أن بعض المسئولين استقالوا على خلفية هذه الحرب، فيما آثر آخرون البقاء فى مناصبهم. وشدد الكاتب أن هناك العديد من الأدلة على أنه كانت هناك «معارضة شديدة للحرب ولأسباب قوية»، بما فيها وثائق مسربة، داعيا الدبلوماسيين البريطانيين إلى الإدلاء بشهاداتهم أمام لجنة التحقيق. وأكد أن الوضع فى العراق لايزال مفزعا، مضيفا أن «أكثر من 400 شخص لقوا حتفهم فى حوادث عنف الشهر الماضى»، و«لايزال الملايين من العراقيين مشردين داخل بلادهم أو فى سوريا أو الأردن أو بلدان أخرى»، مع غياب رؤية واضحة لكيفية إعادتهم إلى العراق، فضلا عن مشكلات أخرى فى قطاعات الكهرباء والمياه والنفط. ولفت السفير البريطانى السابق فى ليبيا إلى أنه «كان لدينا عدد كبير من التحقيقات حول العراق»، مضيفا «لكن هذا التحقيق يجب أن يكون مختلفا»، حيث «ركزت التحقيقات السابقة على أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة، وسوء استخدام المعلومات الاستخبارية لدعم قضية الحرب، وغيرها»، إلا أن «هناك العديد من الأسئلة الأخرى، تبدأ بالسؤال الكبير: هل كانت هذه الحرب عدوانا؟ وبالتالى جريمة حرب؟». وواصل تساؤلاته: «هل صحيح أن الخبراء فى الشأن العراقى، الذين دعوا إلى مقر رئاسة الوزراء البريطانية فى نوفمبر 2002، قرروا ألا يحدثوا بلير عما إذا كانوا يعتقدون أن الغزو سيكون قرارا حكيما أم لا، لأنهم اعتقدوا أنه لن يستمع لهم؟». ويرى مايلز أن هناك حاجة لمعرفة المزيد عن المراسلات المتبادلة بين بلير والرئيس بوش، مضيفا: «وفقا لوزير الخارجية الأمريكى السابق كولن باول فقد حاول هو وجاك سترو (وزير الخارجية البريطانى السابق) أحيانا جعل بلير يقدم على مراجعة بوش». وينقل الكاتب عن باول قوله إنه بالمشاركة مع سترو عملا فى هذا الاتجاه حتى بدا أن بلير جاهز لمراجعة بوش، «لكن ما أن يرى (بلير) الرئيس (بوش) حتى يفقد عزمه». ويختم الكاتب متسائلا: «هل يمكن أن يكون هذا صحيحا؟». ومن «الإندبندنت» إلى «الصنداى تليجراف» فى السياق نفسه، حيث نشرت الأخيرة أمس تسريبات من تقارير كتبها ضباط فى الجيش البريطانى حول الحرب على العراق، تكشف عددا من الحقائق، فى مقدمتها أن بلير «ضلل أعضاء البرلمان والعامة طيلة عام 2002، عندما ادعى أن هدف بريطانيا كان (نزع السلاح وليس تغيير نظام صدام حسين وأنه لم يكن هناك تخطيط لعمل عسكرى». وذكرت الصحيفة أن التقارير التى كشفت عنها تؤكد عددا من الحقائق، فى مقدمتها أن بلير «ضلل أعضاء البرلمان والعامة طيلة عام 2002، عندما أدعى أن هدف بريطانيا كان (نزع السلاح وليس تغيير النظام) وأنه لم يكن هناك تخطيط لعمل عسكرى». وأضافت أن تخطيط الجيش البريطانى «لغزو كامل وتغيير النظام (العراقى) بدأ فى فبراير 2002»، مشددة على أن الحاجة لإخفاء هذا التدبير عن المسئولين، «عدا مجموعة قليلة منهم»، أثرت على عملية التخطيط، فجاءت النتيجة عملية عسكرية «متعجلة» تفتقر إلى «التماسك والموارد»، ما عرض القوات ل«مخاطرة بارزة» وأدى إلى «فشل خطير» فى فترة ما بعد الحرب. وبحسب «الصنداى تليجراف» فإن بعض الجنود البريطانيين ذهبوا إلى مناطق القتال وبحوزتهم «خمس طلقات فقط»، جراء ضعف الموارد المتاحة، فيما انتشر آخرون فى مناطق القتال باستخدام طائرات مدنية حاملين معداتهم كمتاع يدوى. وختمت الصحيفة بالقول إن الخطط الموضوعة «لم تشتمل على تفاصيل» حول ما بعد سقوط بغداد، ما أدى لفقدان «الزخم» فيما بعد، الأمر الذى استغله المسلحون العراقيون.