"الرأسمالية شر لا يمكن إصلاحه بل يجب القضاء عليه لاستبداله بما فيه خير الشعوب وهو الديموقراطية" هكذا يعرض مايكل مور رؤيته في فيلمه النقدي الجديد عن الأزمة الاقتصادية في الولاياتالمتحدة الذي يبدأ عرضه في الصالات الأربعاء بعنوان "الرأسمالية: قصة حب". وبعد مرور عشرين عاما على فيلمه عن الأزمة الناتجة عن تسريح أعداد هائلة من العمال من شركة "جنرال موتورز" وتداعيات ذلك على مدينته فلينك (ميشيجان) الذي حمل عنوان "روجر وأنا"، يلحظ مور الآن أن عددا كبيرا من المدن ليس في وضع جيد. ويقول مور لدى إطلاقه عمله المرشح لنيل جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية إن "عائلة تطرد من منزلها كل سبع ثوان ونصف الثانية، وهذا رقم مخيف". ويصور "الرأسمالية: قصة حب" مشاهد أطفال في الشوارع يبكون وهم مضطرون للنوم مع آبائهم في شاحنة، أو عائلات ومتقاعدين دمرت حياتهم. ومور مخرج بولينج فور كولومباين حائز جائزة الأوسكار عام 2003 كأفضل فيلم وثائقي أو فاهرنهايت 9/11 حائز جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 2004، يتناول الأزمة الحالية التي تضرب بشكل أساسي الشريحة المتواضعة من الأمريكيين. وتعود أسباب هذه الأزمة بحسب الفيلم إلى أداء المصارف التجارية الكبرى والإدارة أمريكية السابقة في عهد الرئيس جورج بوش سبقه اعتماد سياسة "تفلت اقتصادي" مدمرة حولت وول ستريت إلى "كازينو فعلي كل الرهانات فيه متاحة" كما يقول. وقال مور في البندقية إن "الناس سمحوا لوول ستريت بتدمير البنية التحتية الصناعية في بلدنا من اجل كسب الأموال". وأضاف المخرج إن الولاياتالمتحدة لم تعد ديمقراطية بل باتت حكم أقلية صغرى تضع يدها على ثروة البلاد، في إشارة إلى نظرية احد الخبراء الاقتصاديين من "مصرف سيتي غروب". واعتبر مور أن خطة الإنقاذ التي اعتمدت هذا الخريف وقضت بضخ 700 مليار دولار من جيب دافعي الضرائب الأمريكيين ليست سوى "انقلاب مالي". ويبين مور في أحد المشاهد المؤثرة مصرفا منع النفاذ إليه بشريط اصفر كتب عليه "ممنوع الدخول، مسرح الجريمة". لماذا إذا لا تتمرد الأكثرية؟ يجيب صانع الأفلام الوثائقية بان هذه الأكثرية تحلم بان تصبح ثرية في المستقبل، وعبر عن فكرته بمشهد ظهر فيه كلب يقفز في محاولة يائسة لنيل قطعة طعام وضعت على طاولة. واستعان مور بأسلحته المعهودة من مقابلات عدائية وصور مثيرة للصدمة وتهكم حاد وتعليقات لاذعة من اجل عرض بعض الأمثلة عن مبالغات الرأسمالية الأميركية. ومن بين هذه الأمثلة رواتب متدنية للطيارين تدفعهم إلى إيجاد وظيفة ثانية أو سماسرة يشترون منازل بأسعار بخسة ويبيعونها بأسعار خيالية. وتتعاقد مؤسسات كبرى مثل "بنك أوف أمريكا" أو سيتي جروب أو إيه تي أند تي مع شركات تأمين من اجل بوالص تأمين لموظفيها تمسح لها بقبض مبلغ لدى وفاتهم. ويهدف هذا الفيلم إلى استفزاز كل مشاهد للتحرك ضد هذا النظام لان الرأسمالية، على حد قول أسقف سأله مور عنها، "غير أخلاقية وفاسقة لا بل هي الشر المطلق".