أزمات متتالية، ومتلاحقة يشهدها الوسط الغنائى تتلخص جميعها فى الصراع القائم بين المطربين، وشركات الإنتاج، حول أحقية كل منهم فى استغلال الأغانى. انفجار الأزمة كان مع اشتعال الصراع بين المنتج محسن جابر، والمطرب عمرو دياب، واستغلال الأخير لأغنيات من إنتاج عالم الفن فى برنامج «الحلم»، الذى أنتجه عمرو دياب بالتعاون مع عمرو عفيفى، وبمباركة من شركة روتانا. وبسبب ذلك أقام محسن جابر ما يقرب من خمس دعاوى قضائية ضد عمرو دياب، وكل القنوات التى عرضت البرنامج. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد إلى الحفلات، حيث أرسل جابر لدياب إنذارا يطالبه فيه بعدم أداء أغانيه المنتجة من قبل شركة فى حفل ليالى فبراير، الذى أقيم مساء 13 مارس الجارى. وجاء المؤتمر الصحفى الذى عقدته روتانا للاحتفال بتوقيع وردة على عقد يتضمن ألبومين، أحدهما للأغانى القديمة لوردة على أن تخرج فى صورة دويتوهات مع أصالة، وصابر الرباعى، ومروان خورى، وفضل شاكر. الكلام الذى أعلنه سالم الهندى مدير روتانا عن ألبوم أغانى وردة القديمة، يعد بداية لصراع جديد بين الشركتين. خاصة أن جابر أعلن رفضه مرارا وتكرارا التنازل عن أى حق من حقوق شركته. فى ظل أزمة كبيرة تعانيها سوق الأغنية. على الجانب الآخر، كان خلاف نصر محروس مع تامر حسنى، وراء إرسال محروس خطابات إلى كل القنوات، والإذاعات بمنع عرض وإذاعة أغانى الثانى، على خلفية صراع حول نسبة المنتج من الحفلات، التى يشارك فيها المطرب. الأمر تكرر مع شيرين خلال حفلها مع نصر. حيث منعها من مجرد الغناء. إلى أن انتهى الخلاف بسداد المطربة لقيمة الشرط الجزائى معلنة استقلالها، وتعاقدها مع روتانا. هذه القضايا، والنزاعات لن تكون الأخيرة، وربما يظل هذا الصراع قائما لسنوات، خاصة أن التعاقدات المبرمة بين أغلب المطربين والشركات تتيح للمنتج التصرف فى الأغانى كما يشاء، حتى إن دور جمعية المؤلفين بدأ يتلاشى تماما، وأصبح هامشيا وقاصرا على تحصيل حقوق المؤلف، والملحن فقط من الأداء العلنى والطبع الميكانيكى. لذلك نحن نطرح السؤال: «الأغنية ملك من فى مصر؟!». وهو السؤال الذى أصبح بدون إجابة.. بالدرجة التى جعلت الكثير منا يتشكك فى مسألة حسم هذا الصراع.. فى ظل غياب مجموعة كبيرة من نجوم الغناء. لأنه فى لحظة سوف يمنع من أداء أغانيه أو بالمعنى الحالى أغانى المنتج. فى البداية قال الموسيقار حلمى بكر.. كل الصراعات، والأزمات، والدعاوى القضائية، التى نسمع عنها «كيدية». ليس الهدف منها الحفاظ على ملكية حقوق الأغنية. كما يدعون، فالأغنية آخر ما يهم هؤلاء المتصارعون، وجميعهم ينطبق عليهم القول «حق يراد به باطل». وإذا كنا نتحدث عن أن الملكية الحقيقية للأغنية ترجع لمن، فهى بالأساس ملك لصناعها. وأقصد المؤلف، والملحن إلا إذا قدم تنازلات عنها للمنتج أو المطرب، هو فى هذه الحالة يكون صاحب التنازل وهو صاحب الحق فى الأغنية، وصيغة التنازل هى التى تحدد شكل الملكية. هل هو تنازل شامل لكل أشكال الاستغلال الفنى أم أنه لطرحها فى ألبومات فقط؟، فمثلا الأغانى التى تمت استغلالها فى الإعلانات لابد أن يقوم الملحن، والمؤلف بالموافقة على إذاعتها، ومنح شركة الإعلانات إذنا بذلك. عمر بطيشة رئيس مجلس إدارة جمعية المؤلفين والملحنين قال إن الجمعية ليست طرفا فى هذه الصراعات، ودورها استشارى فى حالة وصول هذه الصراعات للقضاء، وأضاف: ملكية الأغانى هى حق لمن يملك التنازلات الخاصة بها. سواء كان المطرب أو المنتج، وكل أغنية تحكم حقوق ملكيتها التنازلات، التى يمنحها صناعها. والجمعية ليست الجهة التى تمنح تصاريح حقوق ملكية الأغانى، ولكنها الجهة التى تهتم بالحفاظ على هذه الحقوق. والجمعية مثلا لا تملك حق منح تداول الأغنية بالصوت الأصلى، لأنه المنتج يمتلك هذا العمل. لكن الجمعية تمنح تصريحا بالكلام، واللحن فقط. لطيفة تقول: للمطرب حق أصيل فى إعادة استغلال الأغنية، مع الحفاظ على قيمتها الفنية مع الإشارة للمنتج باعتباره شارك فى خروج العمل للنور. ويقول رامى صبرى: المطرب هو صاحب الأغنية، خصوصا إذا حصل على تنازل من الملحن، والمؤلف، ولابد أن نعترف أن حسن العلاقة بالمنتج يعطى المطرب إمكانية، استغلال الأغانى دون أى مشاكل، والدليل على ذلك أن كثيرا من المطربين يقدمون أغانى فى حفلاتهم، وبرامج تليفزيونية عديدة دون اعتراض من المنتجين. ويرى ساموزين أن حقوق الملكية الفكرية التى ينادى معظم المطربين بتطبيقها فيما يخص حماية أغانيهم من القرصنة، لابد أن يطبقوها على أنفسهم، وبالتالى لابد من استئذان المنتج صاحب حقوق الأغانى قبل أدائها فى أى برنامج أو وسيلة أخرى. أما الفنان تامر حسنى فقال: الأغنية ملك لملحنها ومؤلفها وليس ملكا لأى شخص آخر، ولذلك فأغلب الأغانى التى غنيتها ملكى لأنى قمت بتأليفها وتلحينها، وأضاف: عندما حدثت مشكلتى مع نصر محروس قام بمنع إذاعة الأغانى الخاصة بى فى الإذاعة وهذا حقه لأنها ملكه، ولكن يبقى حقى كمؤلف وملحن، حيث يعطينى القانون حق إعادة بيعها مرة أخرى أو غنائها أو استغلالها بأى صورة، أما الأغانى التى غنيتها فقط فهى تبقى من حق ملحنها ويمكننى شراؤها منه مرة أخرى، لذلك لم أقع فى مشاكل مثل التى حدثت مع مطربين آخرين، ووصلت لتهديدهم بالسجن، فهؤلاء المطربون لا يملكون الأغانى التى غنوها. الشاعر الغنائى عزت الجندى، عضو مجلس إدارة جمعية المؤلفين والملحنين، قال: الأغنية ملك للمؤلف بالدرجة الأولى يشاركها فى ملكيتها الملحن. فكل أغنية لها أب، وأم هما المؤلف والملحن لأن الكلام ولد من رأس المؤلف، والذى قام بتربيته هو الملحن، ليصبح الاثنان مسئولين عن العمل ملكية أدبية أبدية، وماديا يظل المؤلف مستفيدا من أغنيته طوال العمر وحتى بعد وفاته ب50 عاما، وبعد وفاة آخر شريك له فى العمل أيضا. أما المنتج فهو يملك فقط صوت المطرب طوال فترة العقد بينهما، لأنه جاء بالمزيكا، وقام بتسجيلها وكل تكاليفها، لكن يبقى لى الحق كملحن أن أغنى الأغنية نفسها مرة أخرى أو أغطيها لمطرب آخر يغنيها، فالمنتج ليس له أى علاقة بالأغنية إلا الصوت الموجود لديه فقط فى الشريط أو السى دى الذى دفع حقه، وما يحدث الآن بأن يتنازل المؤلف والملحن والمطرب للمنتج عن الأغنية فهذا ضد القانون، لأنه لا يصح أن أتنازل عن الملكية الأدبية للأغنية وإننما يمكن أن يتنازل المؤلف أو الملحن عن العائد المادى للصوت الموجود عنده فى الفترة، التى تعاقد معه عليها، لكن من حق أى مطرب آخر يغنيها فى أى وقت لأنه لا يملك الأغنية وإما يملك فقط الصوت الموجود بداخل الألبوم، الذى سجله.. واستند عزت فى كلامه على قانون خاص بهذا البند. المنتج نصر محروس.. قال: الأغنية ملك للمنتج وليس المطرب، وفى النهاية تتوقف ملكيتها على تنازلات المؤلف والملحن فإذا تنازلا للمنتج تكون ملكا للمنتج، ولا جدال وإذا تنازلا للمطرب تكون ملكا للمطرب، لكن فى النهاية كل التنازلات تكون للمنتج وليس للمطرب. المنتج محسن جابر قال: الناس هنا تعودت على العشوائية فى التعامل مع حقوق الملكية الفكرية. وأنه آن الأوان لإرساء قواعد تعتمد على تطبيق القوانين المنظمة لتلك الحقوق. ونحن بصدد إنشاء جمعية سوف نطلق عليها أصدقاء حماية حقوق الملكية الفكرية، تضم كل المتضررين فى شتى المجالات من بينهم الغناء. لأن الأمور داخل الوسط الغنائى أصبحت متشعبة، ومتداخلة، والشخص الذى أصبح يبحث عن حقوقه تحول إلى جانٍ، رغم أنه المجنى عليه. وأنا شخصيا أترك أى شخص يحاول أن يمس حقوقى كمنتج. الكل يعلم حجم الخسائر التى تعانى منها صناعة الأغنية فى مصر. لذلك ليس من المقبول أن نترك المطربين، والقنوات الغنائية، تحصد ثمار ما ننتجه دون أن نجلس على مائدة المفاوضات. وأنا أمتلك جميع التنازلات الخاصة بانتاج شركتى، والتى تمنح أى مطرب من التصرف فى الأغانى سواء بصوته، أو بأى شكل من الأشكال. وجمعية المؤلفين، والملحنين لا تملك منح هذا الحق أيضا. لأن التنازلات التى امتلكها وهنا أنا اتحدث عن الأعمال التى امتلكها تمنحنى حق التصرف فى الأغانى. حتى فيما يتعلق باللحن، والكلام دون الصوت الأصلى. يحق لى الموافقة على الصوت الذى يريد مثلا أداء أغنية لوردة. لأننى قد ردى أن هذا الصوت لا يتناسب مع أداء عمل المطربة كبيرة بحجم وردة.. وهذا جزء من حقى تجاه أعمالى، وتجاه المطربين الذين تعاونوا معى. وأضاف جابر الفيصل بين ملكية الأغنية سواء للمنج أو المطرب أو الملحن أو المؤلف هو التنازل الذى ينظم العلاقة بين هؤلاء الأفراد. وليس من المعقول أن ألجأ للقضاء، وأنا لا أملك الأدلة على امتلاكى لهذه الأغانى. وجزء كبير من أسباب الاتجاه للقضاء هو قناعتى بضرورة تطبيق القانون. وإرساء قواعد للعمل. لأننا لو طبقنا قواعد حقوق الملكية الفكرية، فهناك أمور كثيرة سوف تتغير. ويكفى ما حدث للصناعة من انهيار بسبب العشوائية التى نعيشها. ويقول منير الوسيمى نقيب الموسيقيين: أحذر كل المطربين من التوقيع على أى عقود قبل استشارة النقابة. لأن المطرب فى بداية المشوار يوقع تحت ضغط الحاجة، على عقود لو درسها جيدا سوف يجدها تعطل مشواره، وغير منصفة. ليس من المعقول أن نجد العقود الموقعة بين المطرب، والمنتج تصب فى جيب المنتج، هل يعقل أن يحصل المنتج على 30٪ من دخل الحفلات. والغريب أن المنتج ليس له علاقة بها، والمطرب اجتهد لكى يشارك فيها إلى جانب الشروط الجزائية التى تصل إلى 2 مليون دولار. كل ذلك يحجم المطرب، ويعطله لذلك فالأزمة المثارة حول من هو صاحب الأغنية المنتج أم المطرب، فالأساس يعود إلى العقد الموقع بين الطرفين. لذلك أطالب الصوت ألا يتعجل. ويتمهل قبل التوقيع حتى لا يجد نفسه فى مهب الريح. هيفاء وهبى تقول: أى عمل فنى فى الدنيا سواء كان أغنية أو فيلما أو أى شىء تتوقف ملكيته على صيغة العقد بين الطرفين المنتج والمطرب، فالتعاقد هو سيد الموقف بينهما، فإذا وقع المطرب على عقد يقول إن المنتج له حق التصرف فى الأغنية ويملكها يكون المطرب ليس له أى حق فيها ولا يحق له أن يتراجع فى كلامه لأن المنتج لم يضربه على يده عند توقيعه العقد. وهناك عمد فصل بين منع المنتج للمطرب من الغناء نهائيا ومنعه من غنائها مصورة وبيعها لقناة فضائية دون العودة إلى المنتج، فنحن لم نسمع طوال حياتنا أن هناك منتجا منع مطربا من غناء أغنية فى حفل أول فى فرح ما دامت غير مصورة ولا تتم إذاعتها على فضائيات، وإذا أراد المطرب هذا يجب عليه الرجوع للمنتج لأن الأغنية ملك له، وهذه المشكلة لم يكن يعانى منها المطربون فى الماضى، فالمشكلة بدأت بعد كثرة القنوات الفضائية. وأرى أن الأغنية فى الأصل هى ملك للجمهور وليس للمطرب أو المنتج سواء كان المطرب هو المنتج لها أم لا، لأن النهاية حتى إذا أنتج المطرب الأغنية فهو يعطيها لمنتج يوزعها له، وبالتالى ملكية الأغنية تكون بالمقاسمة بين المنتج والمطرب إذا اتفقا على ذلك.