بلغ إجمالى إنفاق الولاياتالمتحدة على مشروعات إعادة إعمار العراق نحو 53 مليار دولار فى أكبر عملية إعادة إعمار فى العالم منذ مشروع مارشال لإعادة بناء أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية. وأشارت تقارير أمريكية إلى تنامى المخاوف فى واشنطن من ضياع كل هذه الأموال التى انفقتها الإدارة الأمريكية منذ غزو العراق عام 2003 بسبب عجز العراقيين عن إدارة المشروعات التى أقيمت بأموال دافعى الضرائب الأمريكيين مثل محطات المياه والكهرباء والجسور والمدارس والمستشفيات. وأشارت التقارير إلى تعثر العديد من المشروعات الخدمية التى أقامها الأمريكيون بعد تسليمها إلى العراقيين مثل محطة المياه المتطورة التى أقيمت فى مدينة الناصرية بتكلفة قدرها 270 مليون دولار ولكن العمال العراقيين فشلوا فى مواصلة تشغيلها بعد تسلمها من الأمريكيين. كما تم إغلاق مستشفى كبير أقامه الأمريكيون فور تسليمه للعراقيين بسبب الفشل فى تجهيزه بالمعدات والأطقم الطبية اللازمة وكذلك بسبب عدم توافر الكهرباء. يأتى ذلك فى الوقت الذى تستعد فيه القوات الأمريكية للانسحاب بأعداد كبيرة من العراق العام المقبل مع استمرار الخلافات بين الفصائل السياسية والمذهبية فى العراق. وقالت مصادر أمريكية إن السلطات العراقية رفضت أو أجلت تسلم مئات المشروعات التى أقامها الأمريكيون لأنها لا تمتلك الأطقم اللازمة لتشغيلها. تضم قائمة هذه المشروعات مستشفيات ومدارس وسجونا أقيمت بأموال أمريكية لكنها مازالت خاوية على عروشها بسبب عدم توافر أعداد كافية من العراقيين المدربين لتشغيلها. وذكر تقرير أعده مركز الأبحاث التابع للكونجرس أنه تم الانتهاء من إقامة عدد من المشروعات الكبرى مثل محطات الكهرباء والمياه والمنشآت النفطية ولكن هناك قلقا كبيرا بشأن قدرة العراقيين على صيانة وتمويل تشغيل هذه المشروعات فور تسليمها للسلطات العراقية. كما أشار تقرير لمكتب المحاسبة الحكومى الأمريكى والمفتش العام لمشروعات إعادة الإعمار فى العراق إلى أن الشهور القليلة الماضية شهدت انهيار عدد من المشروعات الممولة أمريكيا فور تسليمها إلى العراقيين. من ناحيته، قال ستيورات بوين المفتش العام الأمريكى لمشروعات إعادة إعمار العراق إن مسئولية هذا الفشل مشتركة بين الأمريكيين والعراقيين. فإذا كان العراقيون فشلوا فى إدارة المشروعات فإن الأمريكيين انطلقوا فى إقامة هذه المشروعات دون سؤال العراقيين عن طبيعة المشروعات التى يحتاجونها ولا تدريب الأطقم العراقية على تشغيلها. فى الوقت نفسه، فإن الشركات الأمريكية التى حصلت على نصيب الأسد من عقود إعادة الإعمار فى العراق حققت مكاسب كبيرة بعد بناء هذه المشروعات سواء تم تشغيلها أم لا. وتكشف الأرقام فشل خطط إعادة الإعمار الأمريكية. فرغم إنفاق 53 مليار دولار مازال أكثر من 40% من العراقيين محرومين من المياه النظيفة وفقا لتقديرات الحكومة العراقية. كما أن 90% من المرضى العراقيين لا يحصلون على الرعاية الطبية الأساسية وفقا لتقديرات منظمة أوكسفام البريطانية. يأتى ذلك فيما تتواصل حلقات أزمة قانون الانتخابات العراقى الجديد بعد استخدام نائب الرئيس العراقى السنى طارق الهاشمى لحق النقض (فيتو) ضد القانون الذى أقره البرلمان العراقى قبل أيام. وعقد أمس مجلس النواب العراقى اجتماعا لبحث إمكان تعديل القانون بما يراعى احتجاجات نائب الرئيس، فى الوقت الذى تزايدت فيه المخاوف من تأجيل الانتخابات المقرر إجراؤها فى يناير المقبل. وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فى العراق أعلنت ايقاف إجراءاتها واستعداداتها لإجراء الانتخابات فى موعدها لحين استكمال اقرار قانون الانتخابات بشكل نهائى. خدمة نيويورك تايمز الصحفية