وصل عدد المصابين المصريين جراء حوادث الشغب التى وقعت عقب انتهاء مباراة مصر والجزائربالخرطوم، إلى أكثر من 200 مصاب، بحسب مصدر أمنى رفيع المستوى. واضاف المصدر أن عدداً كبيراً منهم اصاباتهم بسيطة لم تستدع ادخالهم المستشفيات. من ناحية أخرى أعلنت وزارة الصحة أمس الخميس عن اصابة 21 مصرياً، وأنه تم توزيعهم على مستشفيات معهد ناصر ومستشفى الزيتون ومستشفى مصر للطيران. وقال الدكتور عبدالرحمن شاهين المتحدث الرسمى لوزارة الصحة إنه لا توجد أية حالات وفيات حتى الآن، مضيفا أن حالات المصابين تتراوح ما بين اشتباه بكسور وجروح وسحجات وكدمات بالجسم وما بعد الارتجاج. من ناحية أخرى، قال مصدر مسئول بالرئاسة إن الرئيس حسنى مبارك أعطى تعليماته بالتأكد من عودة جميع المشجعين المصريين من السودان وبتأمين السفارات والمصالح المصرية فى السودان والجزائر والدول التى بها وجود جزائرى كبير. وأضاف المصدر، الذى طلب عدم نشر اسمه، أن تعليمات الرئيس، التى جاءت من خلال اجتماع وزارى رفيع المستوى عقده صباح أمس شملت توجيهات أمنية وإعلامية وسياسية لاحتواء التوتر المتصاعد على خلفية أحداث الشغب ومظاهر العنف التى طالت المصريين فى السودان عقب المباراة الفاصلة بين مصر والجزائر مساء أمس الأول بالخرطوم. وعلى المستوى الأمنى دعا الرئيس للتأكد من عودة جميع المشجعين المصريين خاصة فى ظل ارتباك عملية عودتهم عبر مطار العاصمة السودانية عقب المباراة، كما تم التوجيه بأن تتأكد السفارة المصرية من تورط أى أفراد فى أعمال الشغب لملاحقتهم قضائيا إلى جانب تأمين السفارة الجزائريةبالقاهرة للحيلولة دون أى تصعيد فى الموقف. وسياسيا أكد الاجتماع على الانطلاق من المسئولية السياسية بالتعامل مع الموقف بما يتوافق مع الرأى العام لكن دون أن يؤدى ذلك لقطيعة بين البلدين. وإعلاميا طالب الاجتماع الإعلام بالتعبير عن غضبه بشكل حذر دون التهييج وأن الموضوع يجب احتواؤه. الاجتماع ضم كلا من الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، والدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء كما حضر أحمد أبو الغيط وزير الخارجية وحبيب العادلى وزير الداخلية وأنس الفقى وزير الإعلام والدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية والمهندس أحمد المغربى وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية وأحمد شفيق وزير الطيران المدنى والوزير عمر سليمان والدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان الرئيس، والفريق سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة والمهندس حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة والسفير سليمان عواد المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية. وشدد مصدر رسمى برئاسة الجمهورية على أن «مصر لا تريد الاندفاع فى اتجاه مشاحنات عربية ولكنها ملتزمة بالدفاع عن سلامة وأمن مواطنيها». وأكد مصدر حكومى ل «الشروق» ان 18 طائرة عملت طوال الليل لنقل المشجعين المصريين وان 95٪ منهم عادوا لمصر و»الباقى فى أماكن مؤمنة». وأضاف المصدر الحكومى ان هناك اتجاها لاستدعاء السفير المصرى فى الجزائر وان مصر لاتلوم لا حكومة السودان ولا شعبها »بعد ان بذل السودان كل جهده» منهياً حديثه بأن »التقييم النهائى هو اننا أدرنا الأزمة بنجاح» على حد تعبيره. وأجرت «الشروق» اتصالات هاتفية بعدد من المصابين الذين رفضوا الإدلاء بأسمائهم، وقال أحدهم: من أمام الفندق الذى أقمنا به، قام أحد مشجعى الجزائر بضربى بعصا غليظة كان ممسكا بها أدت لحدوث جرح وكدمات فى وجهى ورأسى، وأضاف أن الجمهور الجزائرى انتظرهم أمام الفندق وعندما وجدهم فى حماية الأمن، تحركوا إلى المطار ليفتكوا بهم. وروى دبلوماسى مصرى ل«الشروق»، لم يشأ نشر اسمه، تفاصيل ما وصفه ب«المعركة الحربية» بالخرطوم، قائلا: «شاهدنا طائرات عسكرية جزائرية، والحكومة الجزائرية تواطأت مع مشجعى المنتخب الجزائرى والتحريض ضد مشجعى المنتخب المصرى». جاء ذلك فيما صرح السفير حسام زكى المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية أمس بأنه تم استدعاء سفير الجزائربالقاهرة لإبلاغه استياء مصر البالغ إزاء ما قام به المواطنون الجزائريون من اعتداءات على المصريين عقب مباراة كرة القدم بين منتخبى البلدين فى الخرطوم أمس الأول. وقال زكى إنه سيتم كذلك إبلاغ السفير رسالة قوية حول الوجود المصرى فى الجزائر سواء الجالية أو المصالح أو الممتلكات، وبأن طلب مصر الذى تكرر أكثر من مرة فى الأيام الماضية بحماية وتأمين الوجود المصرى بجميع مكوناته «إنما هو مسئولية الحكومة الجزائرية فى المقام الأول والأخير». كما تنظر مصر فى استدعاء السفير السودانى للاستفسار «عن أسباب التقصير فى حماية المواطنين فى الخرطوم وتسهيل مغادرة المشجعين عقب انتهاء المبارة»، بحسب المتحدث باسم الخارجية. من جهة أخرى قال مصدر دبلوماسى مصرى آخر تحدث ل«الشروق» من الخرطوم عبر الهاتف: «لقد تعرض مشجعون مصريون للرشق من مشجعين جزائريين وبالفعل كان هناك مشجعون جزائريون مسلحون بالأسلحة البيضاء ولكن هذا لا يعنى أن الأمر كان واسع النطاق». فى الوقت نفسه، لام مصدر أمنى رفيع على الخارجية المصرية عدم الإلحاح على السودان لزيادة مساحة التعاون الأمنى المصرى ليلة الأربعاء بالخرطوم. وقال المصدر إن الترتيبات التى سبقت وصول البعثة المصرية إلى الخرطوم شهدت «اختلافات فى وجهات النظر» بين الوزارتين السياديتين فى كيفية التعامل مع هذا الأمر بما يضمن سلامة وأمن المصريين. من جهة أخرى علمت «الشروق» من مصادر رسمية وأمنية أن القاهرة طلبت من الجزائر رفع حالة التأهب الأمنى القصوى لحماية الرعايا المصريين بالجزائر. وفى القاهرة قال مصدر دبلوماسى جزائرى إنه «يشعر بالأسى» للوضع الراهن واتهم وسائل الإعلام المصرية «بالمبالغة» فى توصيف ما تعرض له مشجعون مصريون فى الخرطوم. وعلمت »الشروق» ان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يجرى اتصالات بالجزائر والسودان ومصر لضمان التعامل السريع مع الأزمة الحادثة لمعاقبة كل من قام بالاعتداءات فى الأطر القانونية، وأن يتم احتواء التوتر السياسى حرصاً على حسن العلاقات السياسية بين البلدان الثلاثة.