إنها ليلة الاحتفال بعيد ميلاد الكاتب الكبير أحمد بهجت، لكن الوقت مضى ولم يحضر الكاتب. بدأ المهندس إبراهيم المعلم صاحب دعوة الاحتفال يجرى اتصالاته بحثا عن بهجت. قطع الفنان حلمى التونى خيط اتصالات المعلم بواحد من إفيهاته قائلا: يا خوفى ليكون بهجت راح حفل عيد ميلاد تانى. مع قهقهة الحضور دخل بهجت بين ولديه الشاعر محمد والمخرج السينمائى خالد، وبتوقيت محسوب بالثانية حضر الأستاذ. صافح الأستاذ محمد حسنين هيكل الجميع، ولكنه احتفظ بيد بهجت بين يديه وراح يقول له بحميمية: «كل سنة وأنت طيب يا أحمد». ظل يكررها كثيرا (هل مر شريط الذكريات أمام عينىّ؟). «فى عيد ميلاده السابع والسبعين نقول لأحمد بهجت نحن سعداء بك»، هكذا بدأ المهندس إبراهيم المعلم وقائع الاحتفال، ثم أضاف: «كتاب أنبياء الله للأستاذ بهجت طبعتْ منه الشروق 34 طبعة» هنا صاح أحمد الزيادى مدير النشر بدار الشروق مصححا: «بل 36 طبعة، والطبعة 37 فى طريقها إلى المطبعة». الروائى علاء الأسوانى قال إن «الكاتب يبحث الشاب فى بداية طريقه عن نموذج وقد وجدتُ نموذجى فى شخص وكتابة أحمد بهجت، صاحب القلم الذى يجمع بين الفن القصصى والعمود الصحفى والسخرية الراقية والتدين الصحيح»، وأضاف الأسوانى: إن عمود «صندوق الدنيا» تربتْ عليه أجيال، لأن الأستاذ بهجت يستطيع الإمساك بتفاصيل فكرته وتقديمها كاملة إلى القارئ فى أقل عدد ممكن من السطور، مع إمكانيات القصة الواضحة، وهنا لابد أن أتوقف عند مجموعته القصصية الفاتنة « ثانية واحدة من الحب» التى يمكننى أن أتكلم ساعات عن كل قصة منها، إضافة إلى كتابه الرائع «قصص الحيوانات فى القرآن» الذى لم يكتف فيه بإيراد القصة كما جاءت فى القرآن إذ راح يحلق بها فى آفاق الفن الصافية. الكاتب بلال فضل بدأ بنظرة اعتذار إلى صديقه المخرج خالد أحمد بهجت ثم قال: لابد أن أعترف أننى صادقت خالد لأتخذه معبرا إلى معرفة والده، الذى له دين فى عنقى لا أنساه، إذ إننى ولدت فى بيت لا يتعاطى سوى الكتب الدينية التى اقترنت عندى بتوبيخ أبى لى، مما جعلنى أنفر من تلك الكتب، حتى وقع فى يدى كتاب الأستاذ بهجت «أنبياء الله» فعرفت كيف يمكن أن يكون المتدين رقيقا وبسيطا وفاهما لحقائق الدين، وواصل بلال: أما كتابه «مذكرات صائم» فهو الكتاب الذى لا أكف عن الرجوع إليه. قبيل مغادرته لقاعة الاحتفال أراد الأستاذ هيكل أن ينتصر للصحافة عشقه الأول، لأنه رأى أن الأسوانى وبلال اهتما بكتابات بهجت الأدبية أكثر من اهتمامهما بكتاباته الصحفية، قال الأستاذ هيكل: أحمد بهجت صحفى من طراز فريد، وقد اخترته لتغطية زيارة الرئيس جمال عبدالناصر للأهرام، رغم أن البعض لا يرى فى بهجت سوى فنان يهتم بفنه فقط، جلس بهجت وسط العمالقة واستمع لكل كلمة وقبيل مغادرة عبدالناصر للمبنى كان قد أنجز تغطية رائعة، كنتُ سعيدا أن بهجت لم يخيب ظنى وكتب التغطية باحترافية عالية، ولكن هذا لا يمنع من أن أقول إن بهجت صنع لى مشكلات عبثية (ضحك الجميع). وبدأ الأستاذ هيكل يحكى: كان الدكتور لويس عوض رئيسا للقسم الثقافى فى الأهرام، وكنا نتيح له القيام برحلتين سنويا إلى العواصم الأوربية الكبرى ليتابع الحركة الثقافية فيها ويرسل مقالاته من هناك إلى الأهرام، وفى هذا الوقت كان نائبه هو الأستاذ أحمد بهجت وكنتُ أتساءل كيف تجرى الأمور بين الرجلين؟.. وفى إحدى السفريات ترك لويس عوض قططه عند بهجت، حتى يعود من سفره، بعد قليل ضاق بهجت بالقطط فوضعها فى جوال وتركها لدى أحد الجزارين، عندما عاد لويس واكتشف اختفاء القطط غضب غضبا شديدا ودخل علىَّ مكتبى وقال إن زوجته متعلقة بالقطط التى أضاعها بهجت، وعندما حضر بهجت لم نصل إلى حل لمسألة القطط وقررنا عرض الموضوع على توفيق الحكيم. صاحب الحفل الأستاذ أحمد بهجت شكر «الشروق» على تنظيمها للحفل، وألتفت ناحية الأستاذ هيكل وقال: كل جميل كتبته كان الأستاذ هيكل وراءه، فهو صاحب فكرة أن أكتب كتابى «يوميات صائم». الحفل كان مزينا بحضور الكتاب والأدباء سلامة أحمد سلامة، فهمى هويدى، عبدالعظيم حماد، عبدالمنعم سعيد، فاروق جويدة، علاء الأسوانى، محمد المخزنجى، محمد أبوالغار، سناء منصور، مصطفى حسين، عبدالله السناوى، بلال فضل، خالد الخميسى، وأميرة أبوالمجد.