كشف تقرير سرى للوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود تجهيزات تكنولوجية فى إيران تستخدم فى اختبار تصميمات الرءوس الحربية النووية. وطالبت الوكالة إيران بتقديم تفسير مقبول لوجود مثل هذه التجهيزات التى تعرف باسم «أنظمة التفجير ثنائى المراحل» وتتيح للخبراء إجراء تجارب لأجهزة تفجير متقدمة تستخدم فى القنابل والرءوس الحربية النووية. وأشارت صحيفة «جارديان» البريطانية إلى أن تقارير المخابرات الأمريكية والبريطانية كشفت عن وجود مثل هذه الأجهزة لدى إيران وقدمت المعلومات الخاصة بها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التى رفضت الاعتماد على التقارير الأمريكية والبريطانية بسبب تدهور مصداقية واشنطنولندن فيما يتعلق بجهود مكافحة حظر الانتشار النووى منذ الحرب الأمريكية على العراق. من ناحيتها تلقت الوكالة الدولية فى وقت لاحق معلومات من مصادر متعددة «وموثوقة» على حد قولها تفيد بوجود مثل هذه التجهيزات الخطيرة لدى طهران. وذكرت الصحيفة أن هذه التكنولوجيا بمجرد إجادة التعامل معها يمكن لخبراء إيران إنتاج رءوس حربية نووية أصغر وأبسط من الرءوس النووية القديمة. كما أنها تتيح إنتاج رءوس نووية أقل قطرا مما يجعل من السهل تحميلها على الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى الحالية. وقالت جارديان إن تقريرا سريا يحمل عنوان «الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووى الإيرانى» قدمته مجموعة من أجهزة المخابرات الغربية إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. من ناحيته قال محمد البرادعى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الدليل على وجود جانب عسكرى للبرنامج النووى الإيرانى جاء من «عدة مصادر على فترات متباعدة وهو ما يكفى لكى نطلب من إيران تفسيرا شاملا ومفصلا له». يقول جيمس أكتون الخبير البريطانى فى مجال انتشار الأسلحة النووية فى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولى لصحيفة «جارديان» إن وجود مثل هذه التجهيزات بالغة التعقيد لدى إيران يشير إلى «مستوى مثير للدهشة من الطموح الفنى لدى الإيرانيين»، مشيرا إلى أنه من المفترض أن «يتقن المرء الخطوة الأولى قبل الانتقال إلى الخطوتين الثانية والثالثة.. ولكن إيران الآن عند الخطوتين الرابعة أو الخامسة» فى طريق تطوير السلاح النووى. ونقلت الصحيفة عن خبير غربى آخر على إطلاع واسع بالبرنامج النووى الإيرانى أن وجود مثل هذه التكنولوجيا لدى الإيرانيين يثير سؤالا مهما وهو «من الذى زودهم بها وهل هى شبكة العالم النووى الباكستانى عبدالقدير خان أم لاعب آخر غير معروف للسوق العالمية؟». وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الكشف عن هذه المعلومات يزيد الحاجة إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق سريع مع إيران لإنهاء أزمة الملف النووى سلميا حيث تخشى لندنوواشنطن من قيام إسرائيل بشن هجوم عسكرى على المنشآت النووية الإيرانية إذا لم يتم تحقيق تقدم بشأن الملف النووى بنهاية العام الحالى. ورغم أن إيران رفضت أغلب الأدلة الخاصة بالجانب العسكرى فى برنامجها النووى فإنها اعترفت للوكالة الدولية بوجود هذه التكنولوجيا التى تستخدم فى اختبارات «التفجيرات متعددة المراحل» لكنها قالت إن هناك تطبيقات مدنية لمثل هذه الاختبارات دون أن تقدم أى أدلة مقنعة على مثل هذه التطبيقات. وفى مقابلة مع شبكة سى إن إن الإخبارية الأمريكية أكد محمد البرادعى صعوبة التوصل إلى اتفاق بين إيران والدول العظمى بسبب «50 عاما من انعدام الثقة» بين الجانبين وهو ما يفرض على جميع الأطراف مواصلة العمل بدأب من أجل التوصل إلى اتفاق ينهى أزمة الملف الإيرانى لآن ذلك سيكون لها نتائج إيجابية عظيمة للعالم كله. وأشار إلى أن إيران ما زالت ترفض بدء نقل اليورانيوم منخفض التخصيب لديها إلى الخارج لزيادة معدل التخصيب حتى يصبح وقودا لمفاعلاتها النووية البحثية القائمة قبل بدء شحن الوقود إليها من الخارج خوفا من أن تسحب الدول الكبرى كمية اليورانيوم منخفض التخصيب لديها ثم ترفض تزويدها بالوقود. وقال إنه نجح فى الحصول على ضمانات من الأمريكيين لأول مرة بتنفيذ الاتفاق الذى يضمن حق إيران فى الحصول على الوقود ولكن الإيرانيين ما زالوا يرفضون القيام بالخطوة الأولى. من ناحيتها حضت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون ايران على قبول العرض الذى قدمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول برنامجها النووى كما هو. وفى تصريح صحفى، أوضحت كلينتون التى كان يقف إلى جانبها وزير الخارجية الألمانى الجديد جيدو فيترسويل «كما قلت، إنها لحظة أساسية بالنسبة إلى إيران، وندعو إيران إلى قبول الاقتراح كما هو» لأن الدول الكبرى لن تعدله ولن تنتظر الرد الإيرانى إلى ما لا نهاية.