فى الوقت الذى انطلقت فيه القمة الأوروبية فى بروكسل أمس، انطلقت معها التكهنات والجدل حول طرح اسم رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير لتولى منصب أول رئيس للاتحاد الأوروبى الذى تبحث الدول الأعضاء فيه عن شخصية «نادرة» لتمثيلها أمام العالم. وتبحث القمة الأوروبية بشكل أساسى معاهدة لشبونة وهى بديل عن الدستور الأوروبى الموحد، ويتوقف تمريرها على موافقة التشيك عليها وهو ما يفتح المجال أمام مناقشة منصب رئيس الاتحاد والشخصية والترشيحات له. وأعلن مصدر فى قصر الاليزيه أن الدول الأوروبية تبحث عن الشخصية «النادرة» التى قد تتولى منصب رئيس الاتحاد الأوروبى عند دخول معاهدة لشبونة حيز التنفيذ. وقالت الرئاسة الفرنسية إنه «حتى الساعة تجنبنا قول إن هناك مرشحا لفرنسا لهذا المنصب أو ذاك، سواء لمنصب الرئيس أو الممثل الأعلى». وتنص معاهدة لشبونة على أن يتم بالأكثرية الموصوفة انتخاب رئيس للاتحاد و«وزير» للخارجية، ولكن الأعراف تقتضى تحقيق التوافق فى كل الانتخابات المهمة فى الاتحاد الأوروبى. وأضاف المصدر «نعتقد أن هذه المواضيع يجب أن تبحث بعيدا عن الأضواء»، وأنه يعود إلى رئيس المجلس الأوروبى (وهو حاليا رئيس الوزراء السويدى فريدريك راينفيلدت) «أن يحاول عبر التشاور مع الدول الأعضاء ال26 الآخرين الوصول إلى توافق». وحول امكانية ترشيح بلير، قال الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى فى مقابلة مع صحيفة لو فيجارو نشرت فى 16 أكتوبر: «بالنسبة لبلد مثل بريطانيا، ليست عضوا فى منطقة اليورو ولا فى فضاء شنجن وموقفه ضبابى من شرعة الحقوق الأساسية، هذا عائق حتى وأن كان الالتزام الأوروبى لتونى بلير فوق كل الشكوك». وذكرت صحيفة التايمز البرطيانية أمس أن بلير مستعد للترشح لرئاسة الاتحاد الأوروبى «إن اتفق زعماء الاتحاد حول أهمية المنصب.» وقالت الصحيفة نقلا عن أصدقاء لبلير إن رئيس الوزراء السابق مستعد للتخلى عن مصالحه التجارية المهمة «إذا كان من شأن المنصب أن يمكنه من تغيير الأوضاع فى أوروبا». ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسى فرنسى أن البحث جار بديل آخر لكل من بلير وجان كلود جنكر رئيس وزراء لوكسمبورج الذى يطمح لشغل المنصب أيضا. وقال المصدر إن فرنسا وألمانيا تبحثان عن «التحفة النادرة»، أى مرشح قادر على الريادة وسط الاتحاد وكذلك تمثيله أمام بقية العالم. ومن ردود الفعل على نبأ اهتمام بلير برئاسة الاتحاد الأوروبى. ومن المرشحين المحتملين أيضا، رئيس الوزراء الهولندى يان بيتر بالكينندى ورئيس الوزراء الفنلندى السابق بافو تابيو ليبونن ورئيسة جمهورية ايرلندا سابقا مارى روبنسون بالإضافة إلى المرشح «المجهول»، حيث غالبا ما أثبت تاريخ المؤسسات الأوروبية أن الفائز يخرج فى آخر لحظة كما فعل باروزو للفوز بالمفوضية الأوروبية سنة 2004. ومن جهتها، نشرت صحيفة الاندبندنت مقالا للنائب ووزير الداخلية البريطانى السابق تشارلز كلارك بعنوان «لا تجعلوا تونى بلير رئيسا للاتحاد الأوروبى»، يحاجج فيه بأن رئيس الوزراء السابق إن تولى المنصب «سيؤجج نار الخلافات القديمة بدل الاتيان بمقاربة جديدة». ومن جانبهم، أعرب الاشتراكيون الديمقراطيون فى أوروبا عن معارضتهم لفكرة ترشيح بلير. وقال مارتن شولتس، رئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكين فى البرلمان الأوروبى، فى تصريحات لصحيفة «برلينر تسايتونج» الألمانية أمس: «أرى أن صاحب هذا المنصب يتعين أن يأتى من دولة تشارك فى جميع سياسات الاتحاد الأوروبى، مثل عملة اليورو أو منطقة الانتقال الحر (شينجن)، وهذا لا ينطبق على بريطانيا». وأكد مطلب الاشتراكيين الديمقراطيين فى أوروبا فى الحصول على منصب مفوض الشئون الخارجية للاتحاد الأوروبى. ومن غير المتوقع أن تصدر القمة قرارات نهائية بشأن شغل المناصب القيادية الجديدة فى الاتحاد.