قال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة إن حسن التوكل على الله ولزوم الطاعة والاستغفار والدعاء واتباع التعليمات والتداوي من أهم أسباب رفع البلاء. ويوضح وزير الأوقاف - في "حديث الجمعة" الذي سيقدمه غدا على بعض القنوات الفضائية - أهمية تصحيح الفهم الخاطئ لمعنى التوكل على الله ، لافتا إلى أن بعض الناس يضعون التوكل في غير موضعه ، فعندما تحثه على الأخذ بالأسباب الوقائية يقول لك : يا أخي ، توكل على الله ، نعم علينا أن نتوكل على الله (عز وجل) لكن شريطة أن نفهم حقيقة التوكل ، ونحسن تطبيقه ، فعندما سأل أعرابي سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن ناقته : أعقِلُها وأتوَكَّلُ أو أطلِقُها وأتوَكَّلُ؟ فقالَ (صلى الله عليه وسلم) : "اعقِلها وتوَكَّلْ" . وأضاف: لقد عاب سيدنا عمرُ بن الخطاب (رضي الله عنه) على جماعة من الناس ، كانوا يحجون بلا زاد فذمهم ؛ يقول معاوية بن قرة : لقي عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ناسًا قاصدين الحج، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: بل أنتم المتواكلون ، إنما المتوكل الذي يلقي حَبَّه في الأرض ثم يتوكل على الله (عز وجل) . وأكد وزير الأوقاف ضرورة خروج العبد من حَوْلِه وقوته إلى حَولْ الله (عز وجل) وقوته، وإدراك أن الأمر كله أولاً وآخرًا لله (عز وجل) ، فهو القادر على إجراء المسببات على أسبابها أو عدم إجرائها ، فمن خاصية النار أن تحرق ، لكنها لم تحرق سيدنا إبراهيم (عليه السلام) ، ومن خاصية السكين أن تذبح ، ولكنها لم تذبح سيدنا إسماعيل (عليه السلام)، ومن خاصية الحوت أن يهضم ما يبتلعه ، لكنه لم يهضم سيدنا يونس (عليه السلام) ، فمهما بلغ علمنا ينبغي ألا نغفل عن قدرة خالقنا ، وهو القائل: "حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(يونس : 24) . وأشار وزير الأوقاف إلى أهمية لزوم الطاعة والاستغفار حيث يقول الحق سبحانه : "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " (الأعراف : 96) ، ويقول سبحانه : "وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا"(الجن : 16) ، ويقول سبحانه : "وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ"(الأعراف : 58) ، ويقول تبارك وتعالى "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) " [ نوح] ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "مَنْ لَزِم الاسْتِغْفَار ، جَعَلَ اللَّه لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرجًا، ومنْ كُلِّ هَمٍّ فَرجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ" (رواه أبو داود) . وتابع وزير الأوقاف: أيضا التضرع إلى الله (عز وجل) حيث يقول الحق سبحانه : " فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا" ، ولنا في نبي الله أيوب (عليه السلام) أسوة حسنة ، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على لسانه (عليه السلام) : " وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ"(الأنبياء : 83-84) ، ومن ثم يجب أن نجمع بين الدعاء والدواء ، ويكون الدعاء وسيلتنا في التضرع إلى الله (عز وجل) أن يعمل خاصية الدواء في إزالة الداء ، فهو سبحانه القادر على ذلك دون سواه ، فالطبيب سبب والشافي هو من أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، حيث يقول سبحانه : " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" (يس : 82) .