انضمام جامعة العلمين الدولية إلى تصنيف التأثير لمؤسسة تايمز لعام 2024    «جودة المياه بالمزارع السمكية».. ندوة إرشادية لتنمية البحيرات بكفر الشيخ    محافظ القليوبية يتفقد منظومة النظافة في شوارع مدينتي الخصوص وشبرا الخيمة    5 آلاف و890 مستفيدة من حملة "حقك تنظمي" بالإسماعيلية (صور)    وزير الصناعة يستعرض مع وزير الزراعة الروسى إنشاء مركز لوجيستى للحبوب فى مصر    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود فحوصات المحاصيل الصيفية وتوعية المزارعين    المتحدث باسم وزارة الزراعة: تخفيضات تصل ل30% استعدادًا لعيد الأضحى    محمد نور يكتب: حروب القاهرة الصامتة    بوتين: أوروبا عاجزة عن حماية نفسها أمام الضربات النووية على عكس روسيا والولايات المتحدة    بايدن يعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 225 مليون دولار    تعادل إيجابي بين الزمالك والبنك الأهلي في الشوط الأول    أماكن تلقي تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ    غدا محاكمة أم وعشيقها في واقعة قتل الطفلة ريتاج بمدينة نصر    نتيجة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية 2024 بالاسم "هنا الرابط HERE URL"    مصرع شخص إثر سقوط سيارة داخل مصرف بالدقهلية    بعد وفاته.. معلومات عن الناقد الفني نادر عدلي    خبراء أسلحة: إسرائيل استعملت ذخائر أمريكية فى ضرب مدرسة تابعة لأونروا بغزة    السياحة: الانتهاء من رقمنة 78 متحفا وموقعا أثريا    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. تستمر ل عصر رابع يوم    «الإفتاء» توضح حكم الأضحية في المذاهب الأربعة    «الرعاية الصحية» تنظم جلسة علمية تحت عنوان «الجينوم والطب الشخصي وتأثيرهم الاقتصادي»    زيادة ألف جنيه في دواء شهير لارتفاع ضغط الدم    تزامنًا مع الموجة الحارة.. وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستشفى الحسينية ويوجه بتطوير الخدمات    جامعة طنطا: علاج 900 ألف مواطن في القوافل الطبية خلال 3 سنوات    إيرادات الخميس.. "شقو" الثالث و"تاني تاني" في المركز الأخير    تعرف على موعد عزاء المخرج محمد لبيب    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    أوقفوا الانتساب الموجه    سيارة مسرعة تنهي حياة موظف أمام قسم الجيزة    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    إمام الوعى والتنوير    رفع الدعم تدريجيًا والطاقة المتجددة والضبعة.. مهام ضرورية على المكتب الوزير    القيادة الأمريكية تعلن نجاح إعادة إنشاء الرصيف البحرى المؤقت فى قطاع غزة    الناقد السينمائي خالد محمود يدير ندوة وداعا جوليا بمهرجان جمعية الفيلم غدا    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    بدء تلقى تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ الأحد    أول تعليق من وسام أبو علي بعد ظهوره الأول مع منتخب فلسطين    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    قوات الدفاع الشعبي والعسكري تنظم عددًا من الأنشطة والفعاليات    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    "الإفتاء": صيام هذه الأيام في شهر ذي الحجة حرام شرعا    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    الزمالك يقترح إلغاء الدوري    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد سليم العوا ل (الشروق) : من بيدهم نجاح مشروع التوريث لم يتكلموا بعد
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 10 - 2009

عبر الدكتور محمد سليم العوا المفكر الإسلامى والأمين العام للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين عن قلقه وتخوفه على المستقبل القريب، متوقعا أن مصر مقبلة على مرحلة من الفوضى، نتيجة لتربص بعض القوى التى تنتظر لحظة الضعف التى ستقع عند انتقال السلطة للانقضاض على الوطن.
وقال المفكر الكبير فى حواره مع «الشروق»: إنه يفضل استمرار النظام الحالى بكل أخطائه على وصول نظام «فاشى» لسدة الحكم.
ويرى العوا أن الذين بأيديهم مخطط التوريث لم يتكلموا حتى الآن لكن سيكون لهم عمل، فإذا كان عملهم مع المخطط فسينجح أما إذا كان عملهم ضده فسيفشل.
وطالب العوا الرئيس مبارك أن يقوم بمبادرة صادقة لإنقاذ الوطن، وذلك عن طريق دعوة الصادقين من رجال الفكر والثقافة المعارضين قبل الموالين، ليقدموا له مشورة صادقة بخلاف المشورات التى تقدم إليه من ذوى المصالح والأغراض.
وتبنى العوا الدعوة التى وجهها بعض النشطاء له ولبعض الشخصيات المستقلة منهم (المستشار طارق البشرى، والكاتب فهمى هويدى، والدكتور يحيى الجمل... وآخرون) لتكوين كتلة حرجة تتقدم بمبادرة أو برنامج وطنى ومشروع إصلاحى.
ما تصورك لمستقبل انتقال السلطة فى مصر فى ظل الجدل المثار خلال الأيام الماضية؟
مستقبل مصر القريب مثير للقلق، وأظن أننا داخلون على مرحلة من الفوضى فهناك عناصر وقوى كثيرة فى المجتمع المصرى كامنة تنتظر لحظة الضعف التى ستقع عند انتقال السلطة لتتحرك، وأرى أن تحركها سيكون له بالغ الضرر بالأمن القومى المصرى.
ماذا تقصد بهذه العناصر أو القوى التى تنتظر لحظة الضعف كى تتحرك؟
قوى داخلية سياسية تعمل فى الشارع تجمع عناصر لينقضوا على الوطن، والانقضاض على الوطن خطر لأنه ملكنا جميعا، ويجب الوقوف أمامهم حتى لو كان النظام مخطئا، فالوطن ملك للجميع، وأفضل استمرار النظام الحالى بكل أخطائه على وصول نظام فاشى جديد لسدة الحكم.
وهناك تخوف آخر وهو تربص القوى الخارجية بالوطن، مصر فى المرحلة الأخيرة أعطت كل ما طلبته أمريكا لإسرائيل، وأعطت لإسرائيل كل ما طلبته أيضا، وأصبح فى ظن الأمريكان والإسرائيليين أن مصر ليس عندها ما تعطيه، فاذا جاءت أى لحظة ضعف أثناء انتقال السلطة قد يكون لإسرائيل مطالب جديدة من مصر تؤدى بها لمزيد من الضعف ومزيد من التنازلات.
فى المقابل بعض دول المنطقة مثل تركيا وايران رأت تقهقرا هائلا فى الموقف المصرى فتقدمت لتملأ الفراغ، وكذلك بعض الدول العربية الصغيرة تنتظر مزيدا من ضعف الموقف المصرى الذى لن يقع إلا لحظة انتقال السلطة وأنا لدى قلق من المرحلة المقبلة.
والرئيس مبارك قال للمذيع الأمريكى تشارلز روز « نحن دولة دستورية واقرأ الدستور»، لكن نحن لا نحتاج لمن يقرأ لنا الدستور، وقرأنا التعديلات التى لن تخدم المستقبل المصرى، فطبقا لتعديل المادة 76 من الدستور، لن يتمكن من الترشيح لرئاسة الجمهورية الا مرشح الحزب الوطنى، وكأنك كرست احتكار السلطة للعشرين سنة المقبلة، وكان يجب أن يكون الباب مفتوحا للناس، لكن ما يخطط له الآن هو استمرار نظام الحكم على ما هو عليه وأنا ضد استمرار السلطة على ما هى عليه.
فسر البعض التعديلات التى أجريت على الدستور بأنها خطوة على طريق «التوريث» هل تتوقعون نجاح هذا السيناريو؟
الذى سيستفيد من التوريث من يطرحه الآن بقوة وبشدة، وللأسف بعض المعارضين روجوا لهذا السيناريو بتصرفاتهم الخاطئة أكثر من المستفيدين منه، لكن لا أعرف اذا كان سينجح المخطط أم لا، الذين بأيديهم قرار نجاح هذا المخطط لم يتكلموا إلى الآن لكن سيكون لهم عمل، واذا كان عملهم مع المخطط فسينجح أما إذا كان عملهم ضده فسيفشل.
وتخوفى على مستقبل انتقال السلطة فى مصر ليس محليا فقط، فأنا أرى تربصا لمصر فى الجنوب، فالغرب متربص للسودان ويريد تقسيمه، وستفقد مصر بسبب تقسيم للسودان المركز الرئيسى لأمنها القومى لأنها ستكون فقدت العمق الأفريقى، وهذا فى غاية الخطر فإذا سقط جنوب السودان فى أيدى القوى الاستعمارية أو انقسم إلى دولتين أو ثلاثة أو أربعة أصبح هناك خطر عظيم على مياه النيل.
ومن المعلوم أن إسرائيل اتجهت جنوبا لكى تجهز على بقايا الدور المصرى، وعند انتقال السلطة ستكون هناك فرصة سانحة للإجهاز على ما تبقى من هذا الدور، وتنفصل بعدها مصر عن محيطها الأفريقى والعربى وتصبح قوة منفردة لا تستطيع القيام بدورها المحلى أو الإقليمى.
فى تقديرك ما البديل المناسب لهذا السيناريو المقلق على حد تعبيرك؟
البديل هو مبادرة صادقة يقوم بها الرئيس مبارك ورجاله بالتعاون مع المثقفين والمفكرين المعارضين قبل الموالين، وأتمنى أن يدعو مبارك المعارضين الصادقين ورجال الفكر والثقافة والقانون لمؤتمر ليقدموا له مشورة صادقة بخلاف المشورات التى تقدم إليه من ذوى المصالح والأغراض، فتصل اليه المعلومات مشوشة.
يؤخذ عليكم كمجموعة من المفكرين المستقلين عدم طرحكم لرؤية بديلة لاسيما فى تلك المرحلة الحرجة؟
نحن نطرح الأفكار وننشرها لكننا لسنا حركيين، دورنا التوعية والنشر الثقافى والسياسى والاجتماعى والقانونى وليس لنا دور حركى لأننا لسنا فى حركة.
وجهت لك ولبعض الشخصيات المستقلة منهم المستشار طارق البشرى والأستاذ فهمى هويدى والدكتور يحيى الجمل وغيرهم.. دعوة من بعض النشطاء لتكوين ما وصفوه ب«الكتلة الحرجة» يلتف حولها المثقفون والمخلصون من كل التيارات لتقديم رؤية مستقلة لمواجهة ما وصفته بالخطر الذى تنتظره مصر؟
أعتقد ان هذا الاقتراح وجيه وفى محله ولكن يقتضى توافق إرادات الأسماء التى طرحت، وأنا ليس عندى مانع من تكوين نواة أو بوتقة تفكير حرة تقدم ما تراه من حلول فى شأن مستقبل مصر، ولكن لابد من أن تتبنى الحكومة ما سنطرحه لأننا لن نستطيع اجبارها على شىء، لكن يمكن أن نقدم رؤية متكاملة متفق عليها بالقدر الأكبر، فى المرحلة الأخيرة أرى مبادرات عديدة على الانترنت لاختيار رئيس قادم، وأقترح أن تكون هناك مبادرة لنظام وطنى ولبرنامج وطنى مقدم من النخبة المنتمية وغير المنتمية إلى أى مجموعة سياسية، والفرق بينا وبين أى أحد أننا ليس لدينا قيادة سياسية نسمع كلامها نحن نسمع كلامنا وهذا سر قوتنا وسر تصديق الناس لنا، وإذا تقدمنا بمشروع إصلاحى للامة أظن أنه سيلقى قبولا من المنتمين وغير المنتمين.
فى ظل ما وصفته بضعف وتراجع الدور المصرى محليا وإقليميا كيف تقيم دور المؤسسة الدينية الرسمية «الأزهر» فى السنوات الأخيرة؟
رمزية الأزهر لم تتأثر بمراحل الضعف التى تمر به، ولا شك أنه يمر بمرحلة غير عادية، فلم يحدث فى التاريخ أن شيخ الأزهر قال: «إن ما تريده الحكومة أعمله والذى لا تريده لا أعمله»، ولم يحدث أيضا أن المشيخة تتدخل فى صغائر الأمور وتقول فيها كلاما ثم تعود وتنفيه، ولم يحدث أن وضعت المشيخة أيديها فى أيدى الصهاينة ولا رحبت بالحاخامات، ولم يحدث أن يشارك شيخ الأزهر فى حوار سياسى مع بيريز أو غيره، الأزهر ليس فى أحسن حالاته وأظن أنه فى أضعف حالاته، والسبب تذبذب المواقف السياسية للقيادة الأزهرية.
هل تقصد أن شيخ الأزهر هو السبب الرئيسى لضعف الأزهر؟
شيخ الأزهر ليس السبب الرئيسى، لكنه المظهر الرئيسى لضعف الأزهر، ولو كان الأزهر فى الحالة التى كان عليها أيام الشيخ جادالحق على جادالحق لاختلفت الأمور، وأظن أن هذا الضعف مؤقت، وهو مرتبط بدور مصر العالمى والإسلامى والعربى، وإذا تولت قيادة مدركة لدور الأزهر محليا وعالميا لأختلفت الأمور كثيرا.
فى المقابل ما تقييمك لدور المؤسسة الدينية المسيحية «الكنيسة»؟
الكنيسة فى أحسن حالاتها من وقت أن جاء البابا شنودة إلى الآن وهو يعلم دوره الكنسى جيدا ويؤديه جيدا واستطاع أن يقنع الأقباط بالالتفاف حوله بشكل جيد جدا، وأظن أنه وظف علاقته بأقباط المهجر وبالحكومة وبالقيادات السياسية الأجنبية أحسن توظيف لمصلحة الكنيسة، ولا يستطيع أحد أن يلوم الكنيسة على ما تفعله لأنها تؤدى واجبها، وانما يجب أن نوجه اللوم للمسلمين الذين لا يؤدون واجبهم، فالكنيسة تمكنت من أن تؤدى دور الزعامة واستطاعت أن تتحكم فى الشعب القبطى، بل تمكنت أن تكون بديلا للدولة فى كثير من الحالات وأظن أنها تجاوزت دورها ألف مرة، فلا يجوز أن يعلو دور المؤسسة الدينية، قبطية أو مسلمة، على دور الدولة.
وللأسف الدولة قصرت فى حق مواطنيها ولم تحمهم وسلمتهم، وهذا دليل على ضعف الدولة، لكنى متعجب من موقف شيخ الأزهر الذى يعلن دائما أنه على علاقة طيبة بالبابا وأنه يذهب لزيارته ونحن لا نمانع أن تكون هناك صداقة بين شيخ الأزهر والبابا، ولكن هناك مواقف يفرض الإسلام عليك أن تقول كلمتك فيها، فلم نسمع منك كلمة واحدة فى قضية وفاء قسطنطين أو مارى عبدالله التى أشيع أنها لجأت للأزهر قبل أن يتم تسليمها للكنيسة.
بصفتك أمينا للاتحاد العالمى للعلماء المسلمين ما الدور المنوط بتلك المؤسسة؟
الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين هو مؤسسة شعبية تحاول أن تكون مرجعية شعبية للناس التى تدعم الفكرة الإسلامية، فإذا كانت هناك مؤسسة إسلامية فى أى دولة فنحن نساندها وندعمها، وإذا لم تكن هناك مؤسسة مثل الكثير من الدول الغربية والأمريكتين والكثير من الدول الأفريقية فنحن نحاول أن نجعل من العلماء الموجودين بتك الدول مؤسسة إسلامية.. ونحن على صلة مستمرة بحركات المقاومة فى العالم الإسلامى لكى نقويها وندعمها ضد الاستعمار الصهيونى وهذه الصلة روحية وتربوية وفكرية ولا نملك السلاح ولا نسطيع حمله لكن يجب أن نقوى المقاومة.
أثارت التصريحات التى نسبت للشيخ يوسف القرضاوى عن المد الشيعى فى المجتمعات السنية العام الماضى خلافات داخل الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين وقيل إنك هددت بتقديم استقالتك من منصبك كأمين للاتحاد.. ما حقيقة تلك الخلافات؟
نشرت بعض المواقع الإعلامية الإلكترونية كلاما نسب لفضيلة الشيخ يوسف القرضاوى عن المد الشيعى فى المجتمعات السنية، وبحكم الأخوة بينى وبين فضيلته وضَّحتُ له هذا الأمر بطريقة ما، وتسرب ما كتبته للشيخ وما رد به إلى موقع إلكترونى، وحذفت وأضيفت أشياء، ونشر فى هذا الموقع كلام يسىء للشيخ يوسف قبل الإساءة لى واستمرت هذه الفتنة حوالى أسبوع، وبعد ذلك اجتمعنا فى قطر وأبدى كل واحد فينا وجهة نظره وأنا وجدت أن استمرار هذا التيار سيضر بموقف الاتحاد، أقصد تيار تجريح الشيعة وادعاء أنهم يبشرون فى بلاد السنة، وقلت إن هذا يؤدى للاضرار بالاتحاد باعتباره مرجعية للمسلمين جميعا سنة وشيعة وزيدية وأباضية، وكل من يتوجه للقبلة ويقول لا إله إلا الله، واختلفنا أنا وأخى الأكبر القرضاوى حول هذا الموضوع، وأنا وجدت أنه إذا بقيت على رأيى والاتحاد على رأيه لن أستطيع خدمة الاتحاد، فقدمت استقالة من منصبى، فرد الشيخ القرضاوى وقال لى: «من شأن العقلاء أن يختلفوا لكن من ليس من شأنهم إن اختلفوا أن يتدابروا»، وأنا شعرت أنها رسالة مهمة من أخ أكبر فسحبت الاستقالة.
وهل ترى أن هناك مدا شيعيا بالفعل فى الدول السنية؟
لا يوجد مثل هذا المد المنظم المزعوم، وإيران وحزب الله بريئتان تماما من موضوع محاولة تشييع السنة. وهناك مشكلة فى التشكيل الشيعى يجب أن يفهمها السنة، وهى أن كل علماء الشيعة تأتيهم أموال من الناس تسمى الخمس تستخدم معظمها فى إنشاء مؤسسات خيرية ودعوية وتربوية، لكن بعضهم ولاسيما بعض العلماء الموجودين فى الخليج والكويت والمعروفين ب«الشيرازيين» والذين لا يؤمنون بقيادة إيران ولا يؤمنون بالقيادات المرجعيات الموجودة فى قم أو النجف، ولا يؤمنون بمرجعية الشيخ محمد حسين فضل الله فى لبنان ولا يتعاملون معهم، هؤلاء «الشيرازيون» يقومون بهذا العمل وهم لا يحسبون على إيران فهم أعداؤها ولا يحسبون أيضا على حزب الله لأنهم أعداء لحزب الله، ويمكن وصفهم بالمتطرفين، وهم مثل المتطرفين السنة الذين يقومون بانفاق الأموال وتجنيد بعض الناس.. إلخ.. ولكن هذا ليس له شأن لا بايران ولا بالتبشير، وأقول إن هناك متعصبين يقومون بالتبشير من الجانبين لكنه ليس حكوميا وليس منظما.
الذى ينبغى أن يفعل هو التبشير بالإسلام فى أوساط غير المسلمين والدعوة إلى الإسلام. حيث لا يوجد الإسلام، الوثنيون والكفار والملحدون محتاجون منا جهدا كبيرا، وفى ذلك يجب أن يتنافس المتنافسون لا فى التناحر وإلقاء التهم ونشر الفتنة.
قيل إنك متأثر بآراء العلامة الشيعى الإمام محمد مهدى شمس الدين، رحمة الله عليه؟
هذه الرؤية غير دقيقة ولا تعرف طبيعة العلاقة بينى وبين الشيخ مهدى رحمه الله، فأولا أنا والشيخ مهدى من جيل واحد، وعرفنا بعضنا من زمن طويل من سنة 1973، وعرفته منذ ذلك الوقت وبيننا وبين بعض ردود فى الكتب، لكنى احترمت فى العلامة شمس الدين كما احترمت فى الشيخ فضل الله أنهم لا يكتبون فى مسألة إلا ويضعون فيها أدلة مذاهب أهل السنة سواء قبلوا هذه الأدلة أم خالفوها، وعندما يقبلونها لا ينقضون الأدلة الشيعية، لأننا لسنا مختلفين فى جميع المسائل، نحن مختلفون فى مسائل ولكن ليس فى كل المسائل ولا فى معظم المسائل، هذا هو سبب الصلة الوثيقة التى كانت بينى وبين العلامة شمس الدين، واستمرت الصلة بينى وبينه حتى توفى، وقد قال لى فى إحدى زيارته للقاهرة «إنهم أقاموا فى لبنان عددا كبيرا من مدارس تحفيظ القرآن تضمهم جامعة قرآنية» وشعرت بفرح شديد أن النقاش الذى جرى بينى وبينه عن أهمية تحفيظ القرآن، انبثقت عنه مدارس تعلم القرآن، وأرى أنه إذا انتشرت مدارس تعليم القرآن فى كل بلاد المسلمين والسنة والشيعة سيقضى على جميع الفتن، فالسبب الرئيسى للفتن هو أن بعضنا ترك القرآن إلى أقوال الناس المفسرين والمحدثين والرواة وغيرهم، ولو عدنا كلنا للقرآن الكريم ستنتهى كل الفتن، وأدعو إخواننا الشيعة لتعليم القرآن وحفظه وإقرائه وإجراء المسابقات فيه وهذا سيؤدى لتقليل الخلاف لأدنى درجة ممكنة.
دعنى أنتقل من دور العلماء ورجال الدين فى أنظمة الحكم إلى جماعات العنف الإسلامى التى انتشرت فى مصر وبعض الدول الإسلامية فى العقود الأربعة الأخيرة، وانتهى بها الحال إلى إصدار مراجعات فقهية كان آخرها وثيقة البديل الثالث لعبود وطارق الزمر ومراجعات الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا، هناك من يرى أن المعالجة الأمنية لهذا الملف من الممكن أن تتسبب فى عودة دوامات العنف أخرى فما تعليقك؟
هناك بعض الأشياء والتفصيلات لست فى حل من ذكرها لأنها أمانة والمؤتمن لا يجوز أن يفشى سره، والذى أستطيع قوله إنه عندما يكتب التاريخ الدور الذى قامت به قيادة جهاز أمن الدولة للوصول إلى ما يسمى بالمراجعات الآن، وهو الموقف الجديد للجماعات الإسلامية، ثم موقف الدكتور سيد إمام فضل فسيكتب هذا الدور بماء الذهب، وسيعرف الناس فى المستقبل ما فعلته هذه القيادات التاريخية، وأنا لا أتحدث عن الحكومة أو الدولة، وليس من العدل إلا أعطى هؤلاء الناس حقهم، وبكل أمانة إن هؤلاء الناس الذين يمنعون من نشر دورهم هم محل تقدير لا نهائى فهم الذين أوقفوا هذا العنف وهم الذين مكنوا هؤلاء الناس من أن يقرأوا ويكتبوا فى السجون حتى يصلوا لما أصدروه من مؤلفات. واتسم عملهم هذا بشجاعة وبعد نظر أنقذ البلاد والعباد من دوامات عنف لا تنتهى.
لكن لا أظن أن لهم دورا فى خروج وثيقة عبود وطارق الزمر «البديل الثالث»؟
هم بالفعل ليس لهم دور مادى فى خروج وثيقة آل الزمر، لكن لولا دورهم السابق لما فكر عبود وطارق فى كتابة وثيقتهم، فهم لم يمنعوهم من القراء والكتابة داخل السجن ولكن الوثيقة التى أخرجوها فى الأيام الماضية خرجت بعدما تكلم كل الناس إلا هما، و ما كتبه آل الزمر انعكاس ورد فعل لما طرحه غيرهم، فرأى عبود وطارق الزمر لم يأتِ إلا كنتيجة لرأى الآخرين، وأعلم أنهما مستقلان ولهما موقف من الدولة، وليس من مصلحة أى عاقل معاداة هذه الدولة إذا كانت عادلة فسيكون حكمها عادلا وإذا كانت ظالمة ستبطش بك بالظلم، وهذا هو التنازل المفروض، وأقول إن الأجهزة الأمنية مهما يكن فيها من شر فإن فيها أيضا خيرا كثيرا، فالشر نلوم عليه والخير نشكر عليه.
وما هو مستقبل تلك المراجعات من وجهة نظرك؟
أعتقد ان هناك حلقة مفقودة وهى اندماج هؤلاء الناس فى المجتمع، أقصد رجال الجماعة الإسلامية، وأقترح توظيفهم فى تعليم القرآن الكريم واللغة العربية، وأن يفتح لهم الاشتغال فى الصناعات الصغيرة وإعطاءهم الأمانة والثقة، وإعطاءهم معايير الجودة بإتقان للصناعات والمهن الصغيرة والحرفية، وأن يسمح لهم بتكوين حضانات للأطفال لتنشئتهم على القيم الإسلامية الخالصة، دون أن يكون هناك عمل سياسى، والذى أدعو إليه هو إدماجهم فى المجتمع وأنا أرى أن قيادة جهادية مثل الدكتور كمال حبيب مندمجة فى المجتمع وينشر فى السياسة وغير السياسة والاندماج هو مكسب والاقصاء عن المجتمع خسارة.
لذلك أدعو الدولة بشدة بالإسراع فى ادماج الخارجين من السجون فى العمل الوطنى التعليمى والدينى والتربوى ولا سيما التعليم فى الريف والصعيد وبلادهم، ويجب إعادة النظر لان هناك خوفا من عدم إدماجهم فى المجتمع فأولادهم وأقاربهم سيسألونهم ماذا أفاد الناس والأمة من المراجعات ومن وقف العنف.
طرأت على الشخصية المصرية الكثير من المتغيرات على المستوى السلوكى والأخلاقى ففى الوقت التى تنتشر فيه مظاهر التدين من حجاب واعتكاف وقراءة قرآن فى المواصلات العامة، تنتشر جرائم التحرش الجنسى والانتحار والرشوة والقتل، كيف ترى تلك المعادلة؟
هناك شىء نسميه فى المنطق انفصال الجهة ونحن نعانى الآن من حالة انفصال الجهة، والذين يتدينون ويعمرون المساجد ويطلقون لحاهم لا يمارسون هذه الأفعال الشاذة، فالمتدينون فئة غير الفئة المرتكبة لهذه الجرائم، وقد يرتكب بعض المتدينين بعض المصائب، لكن جمهرة المتدينين لا ترتكب هذه المصائب، ونحن شعب 80 مليون، نسبة الأمية فيه تخطت ال60% ونسبة البطالة وصلت لأربعة ملايين عاطل، وحالات التحرش الجنسى لا يقوم بها المتدينون، بل يقوم بها فاسدو الأخلاق وتالفو السلوك ممن حرموا من التعليم والثقافة العامة والدينية، لذا فنحن نطالب بأن يعود الناس للعمل فى التثقيف والتعليم والدعوة، ما يحدث الآن نتاج لقلة التربية والتثقيف، وهذا ما نريده من الجماعات الإسلامية أن تهتم به، حسن البنا كان يجلس على المقاهى لدعوة الناس، الدعاة الآن مكتفون بالمساجد وهذا لا يكفى، وأنا أتساءل كم داعية يجلس على المقاهى ليدعو الناس ويعرفهم أمور دينهم؟ كم داعية يذهب فى نهار رمضان للمقاهى والناس مفطرون يدخنون السجائر والشيشة ليقول لهم إن المجاهرة بالإفطار حرام؟!، كم واحد فكر يجلس فى مقهى ليدعو الناس ولن يتعرض له أحد بسوء؟ وأعتقد أن الناس ستخجل وتستمع له وتكف عن الجهر بالإفطار فى نهار رمضان.
هل تعتقد أن هناك توازنا بين أصحاب السلوك الشاذ وأصحاب السلوك الطبيعى فى المجتمع؟
أعتقد أن أصحاب السلوك الشاذ هم الأقل عددا ولكنهم الأعلى صوتا، فالسلوك غير المنضبط يظهر إعلاميا ويطفو على السطح، لكن السلوك الطبيعى لا يظهر، فهناك ملايين الأسر الطبيعية التى لا يكتب عنها أحد، وأنا أعتقد أن الجانب الخير فى المجتمع المصرى لا يزال حتى اليوم أكبر وأقوى ولكن ليس منشورا عنه لأن الخير أمر طبيعى ولا يثير أحدا ولا يدعو إلى الإعلان عنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.