صدر حديثاً عن دار مسكيلياني للنشر والتوزيع، في تونس أحدث روايات الكاتب والروائي المصري الكبير إبراهيم عبد المجيد. في هذه الرواية فضاء من اللعب الفني تتجسد فيه الشخصيات حول الكاتب قادمة من عالم الأساطير والخيال وكل ما تتخيله يصبح واقعا، لعبة بين أشباح لا تنتهي فلا تعرف من يكتب الرواية؟ أو كم عدد الذين يكتبونها؟ هل تجري أحداثها في العالم الواقعي أم في الافتراضي ؟ وهل تدور في الحاضر أم في الماضي؟ الأحياء يتراجعون أمام الموتي والموتي يتركون الحياة مرة ثانية بينما تتقدم في قراءة الرواية وتدخل فصولها معلقا بين الأرض والسماء فتجد نفسك إزاء سيمفونية من الأصداء تتردد داخلك، أصداء أقوال ومعارف وأحداث تختلف من شخص الي آخر لكنها تمثل خلفية للقراءة لا محالة. ومما يحسب لهذه الرواية تعدد مفارقاتها وطرافتها، فهذا سعيد الشخصية القادمة من رواية أخري للكاتب سامح عبد الخالق، يغدو كاتبا لرواية عنه وعن معارفه وحبيباته، وتلك صفاء الثانية بعد أن كانت في نظر سامح مجرد وسيلة لنسيان صفاء الأولي تنقلب حبا خالصا، وأولئك الجميلات التوائم الأربع "تحية ولواحظ وفرنسا وروما " اللواتي تربي "زين" بينهن يتبين ويا للعجب أن لهن في الحي الذي تسكنه "سعدية" نظائر بالأسماء ذاتها، وهذا هو السايكلوب المخيف يريده البعض ولا يصلون إليه، ويراه البعض قائما وإن لم يره أحد في أحداث لم يتخيل وقوعها يوما، البطل الرواي العائد من زمن السبعينيات من القرن الماضي، بل من قلب رواية عنه. هذا البطل لم يكن حقيقة ويريد أن يكون حقيقة فيكتب هذه الرواية، ولا يعرف أن الكاتب الذي أعاده هو من يمسك كل الخيوط، والكاتب سامح عبد الخالق الذي أعاده لا يدري أن من يمسك كل الخيوط هو إبراهيم عبد المجيد الذي أعطاه سعيد العائد من الوهم الرواية خوفا أن ينسبها سامح عبد الخالق إلى نفسه فنسبها إبراهيم عبد المجيد بدوره إلي نفسه في النهاية ووضع اسمه علي الغلاف، هنا براعة فائقة في تحويل الخيال إلي مرجع وقد آمن المؤلف بأن لا شيئ يعجز عن فعله الأدب.