أبو الغيط: «قمة تونس بداية الطريق لاستعادة التوازن العربي» هنأ الدرديري محمد أحمد، وزير الخارجية السوداني مصر والجامعة العربية، على نجاح القمة العربية الأوروبية الأولى التي عقدت بشرم الشيخ يومي 24 و25 فبراير الماضي. وقال "أحمد" بعد أن سلم أعمال الدورة 151 للرئيس الجديد وزير خارجية الصومال أحمد عيسى عوض، إن المجلس دعم القضية الفلسطينية وتدارك قرارات الإدارة الامريكية بشأن القدس، والعمل على تحقيق حق الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة على أراضي الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس. واستعرض الوزير السوداني، الأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا، مشددا على ضرورة الحفاظ على الوحدة الترابية والسلام واحترام سيادة هذه الدول، داعيا إلى ضرورة العمل على تحقيق السلام بتلك الدول من خلال حلول سياسية لا تقصي أحدا مع متابعة جهود المبعوثين الدوليين في هذه الملف. من جانبه أكد وزير خارجية الصومال أحمد عيسي عوض، أهمية أعمال الدورة 151 لمجلس جامعة الدول العرببة على مستوى وزراء الخارجية، خاصة أنها تعقد في ظل أوضاع استثنائية تعيشها دول المنطقة. وقال الوزير الصومالي، في كلمته عقب ترأسه أعمال المجلس الوزاري الذي عقد، اليوم الأربعاء، بمقر الجامعة العربية، إن اجتماعات هذه الدورة ستناقش عددا من القضايا التي تتعلق بالعمل العربي المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، مشيرًا إلى أن هذا يستوجب تضافر الجهود بين الدول العرببة والتشاور والتنسيق والارتقاء بالتعاون لمواجهة مختلف القضايا والأزمات والتهديدات الكبيرة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة. وشدد على أهمية تعزيز التضامن العربي والاستفادة من الإمكانيات الاقتصادية للدول العربية، مؤكدا حرص بلاده خلال رئاستها لأعمال المجلس على التعامل مع كل الدول العربية والدفع باتجاه المصالحة ومعالجة قضايانا، منوها بحرصه على أن تسير الاجتماعات بالتوافق والتفاهم. ولفت وزير الخارجية الصومالي إلى ما تعانيه بلاده من عدم الاستقرار الأمني على مدى فترات طويلة، وكذلك معاناته إنسانيا بالإضافة إلى البنية التحتية، مؤكدا أن بلاده لحاجة إلى دعم عربي لتعزيز الأمن والاستقرار وإعادة الإعمار وبناء البنية التحتية. وقال إن القضية الفلسطينية لا تزال تراوح مكانها منذ أكثر من 60 عاما، مشددا على أهمية اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. ودعا الوزير الصومالي، لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، مشددًا على أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا على كامل أراضيها والحفاظ على مواردها. وأضاف "أننا نقف مع اليمن لتحقيق الاستقرار ودعم الإجراءات التي تتخذها الحكومة الشرعية في اليمن". وحذر الوزير الصومالي، من خطورة تفاقم خطر التنظيمات الإرهابية وما تعانيه المنطقة من ويلات الإرهاب، داعيا إلى تعزيز التعاون بين الدول العربية لمواجهة هذا الخطر. وبدوره قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن الأوضاع العربية تواجه تحدياتٍ صعبة على مختلف الجبهات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، ولا زالت بعض دولنا تعيش أزماتٍ ممتدة لها تبعاتٌ إنسانية وأمنية تتجاوز حدودها، وتُلقي بظلالها على الوضع العربي برمته، مشيرا إلى أن ثمة جهودٌ مخلصة لتسوية هذه الأزمات. وأضاف "أبو الغيط"، في كلمته، اليوم الأربعاء، أمام الجلسة الافتتاحية للدورة 151 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية برئاسة الصومال، أن هناك اقتناعا متزايدا لدى مختلف الأطراف بأن الحلول العسكرية لن تحسم هذه النزاعات ذات الطبيعة الأهلية، وأن الحلول السياسية وحدها هي الكفيلة بتحقيق استقرار على المدى الطويل يحفظ للدول وحدتها واستقلالها، وجميعنا يعرف أن التئام جراح المجتمعات التي مزقها الصراع والاحتراب الداخلي تستلزم وقتاً وصبراً ونفساً طويلاً. وأوضح "أبو الغيط"، أن التحديات الخطيرة تستدعي استجابات في ذات المستوى، وقد تواتر خلال الشهور الماضية عددٌ من الإشارات والعلامات على استجابة عربية في مستوى التحدي، مشيرا إلى أن انعقاد القمة العربية التنموية الرابعة ببيروت خلال شهر يناير الماضي، وبعد ست سنواتٍ كاملة من الغياب، هو محطة هامة من دون شك، ذلك أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بمعناها الشامل، تظل جسراً لا بديل عنه للخروج من الأزمات، وبوابة للدخول إلى العصر. وأضاف أن الشعوب والحكومات العربية على حدٍ سواء أدركت أنه لا استقرار من دون تنمية شاملة تلمس مختلف أوجه حياة المواطن العربي، وتُعالج مواطن الضعف والخلل فيها، وترتقي بها وتُحسن نوعيتها، وأن استعادة دورية القمة التنموية هي مؤشرٌ لا ينبغي اغفالُه على استعادة العمل العربي المشترك لحيويته وانتظام مساراته وتنشيط آلياته بعد سنوات تأثرت فيها هذه المسارات بواقع إلحاح الأزمات. وأكد أن انعقاد القمة العربية- الأوروبية في شرم الشيخ الشهر الماضي، يعد مؤشرًا آخر على استعادة الجسد العربي لعافيته وحرصه على الانخراط النشط مع التجمعات والتكتلات العالمية، فهذه القمة، التي عُقدت للمرة الأولى، حققت نجاحاً في التقريب بين منطقتين مركزيتين في الجغرافية الاقتصادية والسياسية في عالم اليوم. وأشار إلى أن العالم العربي يُقدر الشراكة مع الجانب الأوروبي، كما يُقدر دور الاتحاد الأوروبي وثقله الاقتصادي على الصعيد الدولي، وقد مثلت هذه القمة فرصة ممتازة لحوار صريح بين الجانبين حول أولويات كل الطرف والاتفاق على أجندة المستقبل، معتبرا أن استقرار المنطقة العربية مهم لاستقرار الفضاء الأوروبي، ولا تخفى دلالة عنوان البيان الختامي الصادر عن القمة: "في استقرارنا نستثمر". وقال إن الاستثمار في هذا الاستقرار يقتضي تبني رؤية طموحة والتزامات مشتركة من الجانبين، ولا شك أن هذه القمة، الأولى من نوعها، تضع اللبنة الأولى في صرح شراكة واسعة وعميقة بين منطقتين تحتاجان لبعضهما البعض، ويرتكز ازدهار وأمن شعوبهما على تمتين أواصر تعاونهما وشبكات العلاقات المؤسسية بينهما في كافة المجالات. وتابع أبو الغيط: "ربما ساد اعتقادٌ بين الكثيرين بأن أزمات العرب صرفتهم عن قضيتهم الأخطر؛ القضية الفلسطينية، ورأيي أن هذا التصور لا يعكس الواقع، بقدر ما يُعبر عن أمنيات البعض في طمس القضية وتمييعها، فالقضية الفلسطينية حاضرةٌ في مكانها في صدارة الأولويات العربية، لأننا نُدرك جيداً أن الاستقرار الدائم في المنطقة يتحقق فقط بتسوية عادلة تُفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية". وأضاف "أبو الغيط": "أننا نُراقب الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بقلق وانزعاج بالغين، ونُذكِّر أن غياب العملية السياسية مستمرٌ منذ سنوات، فيما الأوضاع على الأرض تتجه كل يوم إلى تصعيد الضغوط وتكثيف القمع والتضييق على الشعب الفلسطيني، وللأسف فإن هذه الإجراءات، وآخرها ما يجري في القدس الشريف من إبعادٍ للقيادات الدينية والسياسية، قد عطلت المسار السلمي فعلياً لأكثر من عامين انتظاراً لخطةٍ سلام أمريكية لم نر منها سوى إجراءات تعسفية ضد الفلسطينيين وحقوقهم، وذلك في تماه مريب مع حكومة اليمين الإسرائيلي التي تجاوزت –بتحالفاتها الأخيرة- حدود التطرف، حتى بالمعايير الإسرائيلية. ودعا "أبو الغيط"، جميع الدول الصديقة إلى الالتفات إلى خطورة استمرار الوضع في الأراضي المحتلة على هذا النحو، وقابليته للانفجار إن لم يجرِ استئناف عملية سياسية ذات مصداقية ولها إطار زمني محدد، تُفضي إلى حل نهائي للصراع، وتفتح الباب أمام علاقات حسن جوار وتعاون في المنطقة بأسرها. واختتم "أبو الغيط"، أننا نتطلع جميعا إلى قمة ناجحة في تونس نهاية هذا الشهر، ونأمل أن تضعنا هذه القمة على بداية طريق الخروج من الأزمات، واستعادة الاتزان للوضع العربي بعد سنوات مؤلمة كلّفت الأمة كلها الكثير من أمنها واستقرارها ومقدراتها.