اعتبر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، غداة إعلانه المفاجئ الاستقالة من منصبه، أن الصراع بين الأحزاب والفصائل في إيران له تأثير "السم القاتل" على السياسة الخارجية، فيما طالب 150 نائبا في البرلمان الإيراني، الرئيس حسن روحاني، بعدم الموافقة على تلك الاستقالة. وتشير تصريحات ظريف إلى أنه ربما استقال بسبب ضغوط من عناصر محافظة عارضت دوره في التفاوض على الاتفاق النووي التاريخي مع القوى الكبرى عام 2015، الذى انسحبت منه واشنطن في مايو الماضى لتعيد فرض العقوبات الأمريكية على طهران، وفقا لوكالة رويترز. وقال ظريف في مقابلة نشرتها صحيفة الجمهورية الإسلامية أمس الإثنين: "يتعين علينا أولا أن نبعد سياستنا الخارجية عن قضية صراع الأحزاب والفصائل... السم القاتل بالنسبة للسياسة الخارجية هو أن تصبح قضية صراع أحزاب وفصائل". وتابع ظريف: "لماذا تنددون برئيس الشعب المنتخب (حسن روحانى) وبالسياسة الخارجية بدلا من التنديد بترامب؟ تُرى أي نتيجة قد تنجم عن هذا؟ النتيجة هي أن الشعب سيفقد الأمل في المستقبل". وذكرت وكالة "فارس" للأنباء أن الصحيفة أجرت المقابلة مع ظريف الأسبوع الماضي قبل الاستقالة. من جهتها، نقلت وكالة رويترز عن مصدر وصفته بالحليف المقرب من ظريف أن الخلافات الداخلية في إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيرانى أجبرت ظريف على إعلان استقالته. وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه إن "ظريف والرئيس روحاني يتعرضان لضغط هائل من كبار المسؤولين منذ مايو الماضي... انسحاب الولاياتالمتحدة زاد الخلافات الداخلية السياسية في إيران". بدورها، أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية"إرنا" بأن ظريف حث الدبلوماسيين والموظفين الآخرين في وزارة الخارجية على عدم الاستقالة. إلى ذلك، طالب 150 نائبا في البرلمان الإيراني، اليوم الثلاثاء، الرئيس حسن روحاني، بعدم الموافقة على استقالة ظريف. وقال الناطق باسم لجنة الأمن الوطني والعلاقات الخارجية في البرلمان، علي نجفي خوشرودي، إن أغلب نواب البرلمان يريدون بقاء ظريف على رأس مهامه بوزارة الخارجية. وأضاف خوشرودي في تصريحات لصحفية بطهران، أنهم قدموا رسالة إلى الرئيس روحاني بهذ الخصوص. من جانبه، قال مصطفى كواكبيان، العضو في اللجنة ذاتها إن 150 نائبا (من أصل 290) جمعوا توقيعات من أجل بقاء ظريف في منصبه. ومساء أمس الاثنين، أعلن ظريف استقالته من منصبه، فى منشور على موقع "إنستجرام"، دون أن يوضح سبب الاستقالة. وكتب ظريف في المنشور: "أعتذر لعدم قدرتي على الاستمرار في منصبي، وعلى أي تقصير خلال أدائي مهامي". وفي وقت سابق، كشفت وسائل إعلام إيرانية، أن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لطهران، كانت السبب وراء الاستقالة. ونقل موقع "انتخاب" الإخباري عن ظريف قوله: "بعد الصور التي التقطت خلال مباحثات اليوم (الأسد مع المسؤولين الإيرانيين)، لم يعد لجواد ظريف اعتبارا في العالم كوزير للخارجية". فيما ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (غير رسمية)، أن المباحثات التي قصدها ظريف في تصريحاته، هي اللقاء الذي جمع بشار الأسد بنظيره الإيراني روحاني، والمرشد الأعلى علي خامنئي. وكشف حشمت الله فلاحت بيشة، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أنه حاول مرارا وتكرارا منذ إعلان الاستقالة، الاتصال بظريف هاتفيا إلا أن هاتفه المحمول مغلق. وأكد مصدر رسمي إيراني أن لابد من موافقة الرئيس الإيراني على تلك الاستقالة لتصبح نافذة. فيما نفى محمود واعظي رئيس مكتب الرئيس الايراني ان يكون الأخير قبل الاستقالة. وفي وقت لاحق، وجه الرئيس روحاني، الشكر لظريف ووزير النفط وبيجن زنجنة على صمودهما عند الخط الأمامي في المعركة ضد أمريكا. وقال روحاني في كلمة أمام الجمعية العامة للبنك المركزي، إن الوزيرين ظريف وزنجنة (وزير النفط) يقفان في طليعة المعركة ضد الولاياتالمتحدة. وتابع قائلا: "أشكر الوزيرين على صمودهما في تلك المعركة". وفي محاولة لإبعاد شبهة العلاقة بين زيارة الأسد لطهران أمس الإثنين، واستقالة ظريف لتغييبه عنها، قال روحاني، إن الأسد زار طهران لتقديم الشكر لإيران قيادة وشعبا على دعمها لسوريا وأثنى أيضا على دور وزارة الخارجية". وفي إشارة ضمنية إلى احتمال إقناع ظريف بالعودة عن استقالته، قال مستشار الرئيس روحاني، هاشم الدين أشاني: "على الجميع الاهتمام بتوجيهات المرشد الأعلى، زملاؤنا لم يأتوا بهذه السهولة كي يستقيلوا بهذه السهولة ... لنقدر رفقاء الأيام الصعبة". إلا أن وكالة فارس الرسمية نقلت عن مصدر مطلع قوله إن "الخلافات بين ظريف وروحاني على مدى الأشهر الماضية هي التي أدت إلى استقالة ظريف من منصبه في نهاية المطاف". وفى واشنطن، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، فى تغريدة على حسابه بموقع التدوينات القصيرة "تويتر": "علمنا باستقالة ظريف، لنرى ما إذا كانت ستستمر. وعلى أي حال، فإنه والرئيس حسن روحاني مجرد واجهة لمافيا دينية فاسدة". وفي تل أبيب، عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن سعادته باستقالة ظريف، معتبرا أنه "رحل غير مأسوف عليه". وقال نتنياهو فى تغريدة على "تويتر": "رحل ظريف. غير مأسوف عليه. ما دُمتُ أنا هنا فلن تمتلك إيران أسلحة نووية".