ربما كان فريد زكريا هو المعادل الصحفى للرئيس الأمريكى باراك أوباما. فالرجل الذى لم يتجاوز من العمر 45 عاما نجح فى وضع اسمه ضمن قائمة قصيرة لأهم كتاب السياسة الخارجية فى الإعلام الأمريكى، كما أنه يمثل خليطا حضاريا مميزا بأصوله الهندية وديانته الإسلامية وجنسيته الأمريكية. ثم إن الصحفى الأمريكى الذى يرأس تحرير الطبعة الدولية لمجلة نيوزويك الأمريكية الشهيرة ويقدم برنامج «جى.بى.إس»، وهى الأحرف الأولى لعبارة (Global Public Square) على قناة «سى.إن.إن» وهو أحد أهم البرامج الحوارية السياسية فى الإعلام الأمريكى، ينتمى لأسرة جمعت بين السياسة والصحافة، حيث كان والده رفيق زكريا أحد نشطاء حزب المؤتمر الوطنى الهندى، ووالدته رئيسة تحرير صحيفة صاندى تايمز أوف إنديا الهندية. درس فريد زكريا فى جامعة ييل، وحصل على دكتوراه فى فلسفة العلوم السياسية من جامعة هارفارد. وبعد اشتراكه فى مشروع بحثى عن السياسة الخارجية الأمريكية فى جامعة هارفارد أصبح زكريا مدير تحرير تنفيذيا لمجلة «فورين أفيرز» المعنية بالسياسة والاقتصاد الدوليين. وفى أكتوبر عام 2000 أصبح رئيسا لتحرير الطبعة الدولية من مجلة نيوزويك، حيث يكتب فيها مقالا أسبوعيا عن الشئون الخارجية. وألف العديد من الكتب، أهمها: «مستقبل الحرية»، الذى تصدر قائمة نيويوك تايمز لأكثر الكتب مبيعا لفترة طويلة، وترجم إلى 20 لغة، وكتاب «عالم ما بعد أمريكا» الذى صدر فى مايو 2008، ليدخل أيضا قائمة أكثر الكتب مبيعا. من الصعب تصنيف الانتماء الفكرى لفريد زكريا بسبب عدم ارتباطه بأى معسكر من المعسكرات الموجودة على الساحة السياسية فى الولاياتالمتحدة فأحيانا يبدو ليبراليا وأحيانا محافظا أو من المحافظين الجدد أو من المعتدلين، لكن الرجل يطلق على نفسه وصف «الوسط». ويقول: إنه يحاول ألا يتبنى أيديولوجيا معينة. ومن المقالات المهمة التى نشرت له أخيرا مقال تحت عنوان: «خطر إسرائيل الأكبر» يقول فيه: إن المسرح السياسى الإسرائيلى يخضع حاليا لثلاث مجموعات يمينية هى: ليكود وكاديما، الذى انشق بقيادة آرييل شارون عن ليكود، وحزب إسرائيل بيتنا، وهو حزب المهاجرين الروس. وبينما يركز معظم المعلقين على مستقبل عملية السلام فى الشرق الأوسط وحل الدولتين، هناك سؤال أعمق وأكثر وجودية ينمو فى قلب إسرائيل يتعلق بمستقبل الأقلية العربية فيها. ويشير زكريا فى مقاله إلى أن عرب إسرائيل الذين يبلغ عددهم الآن 1.3 مليون نسمة أى حوالى 20% من إجمالى سكان إسرائيل يواجهون التفرقة العنصرية فى العديد من جوانب الحياة بما فى ذلك حقهم فى الهجرة أو التملك أو التعليم أو التوظيف. أما المقال الثانى للكاتب فريد زكريا فنشر فى العدد الأخير من مجلة نيوزيوك وجاء تحت عنوان: «تعلم العيش مع الإسلام الراديكالى». وقال زكريا: إن وادى سوات الباكستانى ليس المكان الوحيد الذى يصعد فيه الإسلاميون. ففى أفغانستان حققت حركة طالبان تقدما ملحوظا خلال العامين الماضيين. وفى الصومال، استولت مجموعة محلية من المقاتلين الإسلاميين تعرف باسم «شباب المجاهدين» على بلدة إضافية كانت تحت سيطرة القوات الحكومية. ويضيف أنه من نيجيريا إلى البوسنة فإندونيسا يتزايد الدعم المجتمعى لأجندة الأصوليين الإسلاميين التى عادة ما تنطوى على تطبيق شكل من أشكال الشريعة الإسلامية يعكس تفسيرا متزمتا للإسلام. وقال زكريا، فى مقاله، إن السبب الأساسى لتنامى شعبية الإسلام الراديكالى هو فشل البلدان الإسلامية فى التطور على الصعيدين السياسى والاقتصادى. فى الوقت نفسه، فإن الاستراتيجية الأمريكية فى التعامل مع خطر التطرف الإسلامى من منظور فريد زكريا جعل الأمر كله وكأنه «صدام حضارات ويا له من صدام عنيف».