تحديث أسعار الذهب اليوم الاثنين 3 يونيو 2024    عالميا.. تذبذب أسعار النفط بعد إشارة تجمع أوبك بلس إلى احتمال زيادة الإنتاج    تراجع معدل التصخم في إندونيسيا خلال الشهر الماضي    زلزال بقوة 6 درجات على مقياس ريختر يضرب وسط اليابان    إجازة عيد الأضحى المبارك 2024 في الكويت: موعد ومظاهر الاحتفال    طقس اليوم.. الأرصاد: أجواء شديدة الحرارة نهارا في معظم المحافظات    وزير الصحة يشهد فعاليات توقيع شراكة بين مدينة الدواء المصرية و"أبوت" الأمريكية    مسؤول أوكراني: مقتل شخص وإصابة 2 في هجوم روسي على خاركيف    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تقصف محيط الكلية الجامعية بحي الزيتون    استشهاد 12 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على خان يونس ورفح    هل استقر حسام حسن على الدفع ب"الشناوى" فى مباراة المنتخب أمام بوركينا فاسو ؟ اعرف التفاصيل    مواعيد مباريات اليوم الإثنين 3-6- 2024 والقنوات الناقلة لها    صباحك أوروبي.. صفقة ليفربول الأولى.. انتظار مبابي.. وإصابة مدافع إيطاليا    أسعار اللحوم البلدي والضاني اليوم الاثنين 3-6-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    وزير الإسكان يشدد على تسليم الوحدات السكنية للعملاء المقبولين في موعدها    مسئول سعودي: مستعدون لتقديم أفضل الخدمات الصحية لضيوف الرحمن    مواعيد قطارات السكة الحديد على خط الصعيد.. اعرف التفاصيل    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    5 فصول من مواهب أوبرا دمنهور في أمسية فنية متنوعة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    أخبار مصر: حقيقة تغيير سعر نقاط الخبز ومصير الدعم، بيع مقتنيات سمير صبري، السكك الحديدية تحذر المواطنين،أفشة: 95% من المصريين مش بيفهموا كورة    الأنبا فيلوباتير يناقش مع كهنة إيبارشية أبوقرقاص ترتيبات الخدمة    حريق كبير إثر سقوط صواريخ في الجولان المحتل ومقتل مدنيين جنوب لبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 3-6-2024    بالفيديو.. أول تعليق من شقيق المفقود السعودي في القاهرة على آخر صور التقطت لشقيقه    سيدة تشنق نفسها بحبل لإصابتها بأزمة نفسية بسوهاج    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    كلاوديا شينباوم.. في طريقها للفوز في انتخابات الرئاسة المكسيكية    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    متى تفتح العمرة بعد الحج ومدة صلاحية التأشيرة؟.. تفاصيل وخطوات التقديم    التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لكى يخدم البنك المركزى الشعب
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 10 - 2018

«اللعبة الوحيدة المتاحة فى المدينة»، هكذا وصف محافظ البنك المركزى الفرنسى كريستيان نوير فى عام 2014 الدور المحورى والمسئوليات المتراكمة للبنوك المركزية فى ضبط الأسواق والاقتصاد والاستقرار المالى. فقد لعبت البنوك المركزية الدور الرئيسى فى قيادة السياسة العامة فى مواجهة زلازل الأزمة المالية العالمية، بما يتجاوز كثيرا حدود الوظيفة المرسومة لها، كمؤسسات تقوم، فى جيلها الأخير، على الاستقلالية عن صناع القرار الاقتصادى فى الحكومات للحفاظ على استقرار الأسعار باستهداف التضخم. وقد تفادى الاقتصاد العالمى الانهيار الكامل، واستعاد قدرا من الاستقرار والنمو. وعلى الرغم من أن النمو ظل بطيئا لدرجة أوعزت للبعض بأن يسميه ركودا مزمنا، لكن اقتصاديين عديدين على رأسهم الاقتصادى المصرى الأصل وعضو المجلس الاستشارى للمركزى المصرى محمد العريان يعزون الفضل فى الإفلات من فلك الأزمة إلى أداء البنوك المركزية.
إن تَصَدُّر البنوك المركزية لقيادة السياسة الاقتصادية العامة، بأدواتها المتمثلة فى أسعار الفائدة وسياسات سعر الصرف وغيرها، ليس ظاهرة غربية تقتصر على المراكز المالية الكبرى. وإنما امتدت لاقتصادات كانت بعيدة عن مركز الزلزال فى 2007 و2008 كمصر مثلا. وغنى عن البيان دور المركزى المصرى فى صياغة وتنفيذ البرنامج المرافق لقرض صندوق النقد الدولى وعلى رأس بنوده تخفيض سعر الجنيه المصرى. وفى آخر اجتماعات ربع سنوية للصندوق والبنك الدوليين، والتى أقيمت فى بالى الشهر الحالى، قال محافظ المركزى المصرى لوكالة بلومبرج إنه صار «المستشار الاقتصادى الأول للحكومة وللرئيس».
غير أن دور البنوك المركزية له حدوده، كما حذر العريان فى 2016، مشيرا إلى أن شبه انفرادها بدفة السياسة الاقتصادية فشل فى استعادة النمو. وهذا كتاب جديد صدر الشهر الماضى تحت عنوان «هل تخدم البنوك المركزية الشعب؟»، لثلاثة من الأكاديميين فى جامعات كندية وبلجيكية يشاركون العريان قلقه.
***
يبدأ بيتر ديتش وفرانسوا كلافو وكليمن فونتان كتابهم بمراجعة الإطار الحاكم لعمل البنوك المركزية وهو استقلالية البنك المركزى. مازال هذا الإطار، الذى ينزع الطابع السياسى الاجتماعى من السياسة النقدية، محولا إياها إلى قواعد عمل محايدة تقنية، نجاحها يقوم على إبعادها عن تأثير الحكومات وتقلبات الانتخابات ووزراء المالية الفاسدين، يحوز على الرغم من كل شىء ثقة خبراء الأسواق. ويشير كتابهم إلى مسح أجرى فى ديسمبر 2016 بين 70 خبيرا بريطانيا وأوروبيا عبر 94% منهم عن تأييدهم استمرار استقلالية البنوك المركزية، لكنه يختلف مع هذا.
يذكرنا الكُتَّاب الثلاثة بأن إطار الاستقلالية الحاكم حديثٌ نوعا ما. وكمفارقة مع تطورات الوضع خلال العقد الحالى، من المفترض أن تتوازى فيه الاستقلالية مع حدود عمل ضيقة تتمثل فى استقرار الأسعار والاستقرار المالى فقط، بعد أن كان النمو أو التشغيل وأسعار الصرف جزءا من الخطوط العامة لعمل البنوك المركزية فى السابق (عادت بعض البنوك المركزية جزئيا لاستهداف التشغيل مثلا فى السنوات الأخيرة). هذا الإطار، المتوافق تماما مع تصورات الليبرالية الجديدة فى إضفاء التقنية الفنية على السياسة الاقتصادية بما فيها الحكومية، ينطلق من أن السياسة النقدية، التى يقودها المركزى، يجب ألا تنظر لأبعد من استقرار الأسعار، وإن الحكومات هى المعنية بالأهداف المجتمعية الأبعد وذلك فى إطار أن قرارات السياسة النقدية معطى لا ينبغى تغييره والعبث به.
وهكذا فإن قرارات كتخفيض العملة أو خفض الفائدة أو رفعها، غير مطلوب منها النظر للأثر على الفقر أو التشغيل مثلا. فهى يجب أن تكون محايدة لا تعتمد إلا اعتبارات فنية محضة. وعلى الحكومة أن تتعامل مع هذا الأمر الفنى الواقع، الذى يُقدم على أنه لا مناص منه. وبالطبع فإن قرارات السياسة النقدية هى الأخرى قرارات لها طابع سياسى واجتماعى، وتعبر عن خيارات سياسية، ودائما هناك مستفيدون منها وخاسرون بسببها.
يعترف الكتاب بمخاطر خضوع قرارات السياسة النقدية بشكل كامل لأهواء السياسيين، رفع سعر الفائدة مثلا يفاقم عجز الموازنة بشكل مباشر وهكذا كان القرار محل خلاف تاريخيا فى مصر بين وزراء المالية ومحافظى البنك المركزى، وفى نفس الوقت فإن مصالح دائنى الحكومة مثلا، أجانب ومحليين، ستكون دائما مع رفع الفائدة. لكنه يقول إن هذا الإيمان التقنى الفنى بأن الأسواق تصلح نفسها ساهم فى خلق الأزمة المالية فى المقام الأول. حيث انسحبت البنوك المركزية من دورها فى ضمان استقرار الأسواق. ولنتذكر شهادة آلان جرينسبان محافظ الفيدرالى (البنك المركزى) الأمريكى بعد اندلاع الأزمة، التى اعترف فيها بأن النموذج أصيب بالعطل.
مازالت البنوك المركزية كلها على الرغم من ذلك تعتبر أن هذا الإطار الحاكم هو الذى يصب فى المصلحة العامة، والتى تظل هدفها المعلن. لكن الكتاب يرصد 3 مجالات فشلت فيها البنوك المركزية فى هذا الإطار. الأول هو أن آثار السياسة النقدية التى اتبعتها البنوك المركزية فى أعقاب الأزمة كان لها آثار «مقلقة» فى مفاقمة اللامساواة والتفاوت فى الدخل والثروة. يمكن هنا الإشارة سريعا إلى ما رصده البنك الدولى من تصاعد معدلات الفقر فى مصر بعد تعويم 2003، وهو ما يتوقع تكراره فى مسح الدخل والإنفاق 2017 المنتظر الإعلان عنه.
الأمر الثانى، هو تزايد نفوذ وتأثير القطاع المالى على السياسة النقدية والمالية، بسبب زيادة الأمولة والتوريق المالى والاعتماد المتزايد على البنوك التجارية والمؤسسات المالية فى تمويل عجوزات الموازنات والدين العام. ويؤكد الكتاب أن الترتيبات الحالية تعلى من مصلحة هذه المؤسسات على المصلحة العامة.
أما الأمر الثالث، فهو ما يعتبره الكتاب تناقضات بين دورين لمسئولى المركزى، كمنظمين للسوق ومديرين للسياسة ثم كخبراء يقدمون شهاداتهم للرأى العام. يرصد الكتاب كيف أن البنك المركزى خطَّاء كغيره من المؤسسات، «بل إنها لم تتعلم الكثير مما حدث فى 2007»، معتبرا أن هذه الشهادات، قد غلب عليها عالميا اعتبارات تبرير السياسات لحماية وتوسيع دور البنوك المركزية مما فارق بينها وبين الواقع والمصلحة العامة معا.
***
يقدم الأكاديميون الثلاثة إطارا لإصلاح البنوك المركزية يقوم على الشفافية وعلى توسيع دائرة اتخاذ القرار بما يسمونه السياق النقدى الذى تتخذ فيه القرارات وإلى أى حد هناك عملية تأخذ فى الاعتبار القوى الاجتماعية المختلفة. يطالب الكتاب بإصلاحات فورية بتبنى نموذج يراعى قضايا التوزيع واللامساواة ويقلص نفوذ مستثمرى السندات الحكومية، ويزيد فيه التعاون بين الحكومة والمركزى تحت رقابة المجتمع المدنى. بالإضافة إلى ذلك، يدعو الكتاب للنظر فى تعدد خلفيات مسئولى المركزى على مستويات عدة. هل بينهم ممثلون للأقليات والأقاليم المهمشة؟ هل يجيئون من القطاع الخاص أم من الأكاديميا؟ هل بينهم عددٌ كافٍ من النساء والاقتصاديين؟ يقول الكتاب إن تعامل مسئولى المركزى مع عناصر الشفافية والتعددية ووجود إطار مؤسسى يساعد على تقديم رؤى نقدية لسياساتهم من المجتمع المدنى وغيره وإلى أى حد يستجيبون لهذه الرؤى، شروط لا غنى عنها كى يكون عمل البنوك المركزية أقرب للصالح العام.
بيتر ديتش وفرانسوا كلافو وكليمن فونتان، هل تخدم البنوك المركزية الشعب؟، أكسفورد، الناشر: بوليتى، سلسلة مستقبل الرأسمالية، سبتمبر 2018، 140 صفحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.