إشادة برلمانية وحزبية بكلمة السيسي في ذكرى تحرير سيناء.. حددت ثوابت مصر تجاه القضية الفلسطينية.. ويؤكدون : رفض مخطط التهجير ..والقوات المسلحة جاهزة لحماية الأمن القومى    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    على مدار 3 أيام، ثبات سعر اليوان الصيني في البنك المركزي    أسعار اللحوم اليوم 26-4-2024 بعد انخفاضها بمحال الجزارة    الذهب يتجه عالمياً لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    لمناقشة إصلاح العدالة الجنائية، هاريس تستضيف كيم كارداشيان في البيت الأبيض    طيران الاحتلال يشن غارات على حزب الله في كفرشوبا    الطلاب المؤيدون ل غزة يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومبيا الأمريكية|شاهد    فرنسا تهدد بعقوبات ضد المستوطنين المذنبين بارتكاب عنف في الضفة الغربية    عودة نيدفيد.. مصراوي يكشف تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة مازيمبي الكونغولي    «شرف ليا ولكن».. رمضان صبحي يكشف موقفه من الانضمام للأهلي أو الزمالك في الصيف (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26- 4- 2024 والقنوات الناقلة    حالة الطقس المتوقعة غدًا السبت 27 أبريل 2024 | إنفوجراف    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    صحة القليوبية تنظم قافلة طبية بقرية الجبل الأصفر بالخانكة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    166.7 مليار جنيه فاتورة السلع والخدمات في العام المالي الجديد    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات إلى كييف    "تايمز أوف إسرائيل": تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن 40 رهينة    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    بعد سد النهضة.. أستاذ موارد مائية يكشف حجم الأمطار المتدفقة على منابع النيل    أبرزهم رانيا يوسف وحمزة العيلي وياسمينا العبد.. نجوم الفن في حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير (صور)    مبادرة مقاطعة الأسماك: التجار حاولوا لي ذراع المواطنين فقرر الأهالي المقاطعة    القومي للأجور: جميع شركات القطاع الخاص ملزمة بتطبيق الحد الأدنى    وزير الخارجية الصيني يلتقي بلينكن في العاصمة بكين    أنغام تبدع في غنائها "أكتبلك تعهد" باحتفالية عيد تحرير سيناء بالعاصمة الإدارية (فيديو)    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    خالد جلال يكشف تشكيل الأهلي المثالي أمام مازيمبي    الإنترنت المظلم، قصة ال"دارك ويب" في جريمة طفل شبرا وسر رصد ملايين الجنيهات لقتله    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 26/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    يونيو المقبل.. 21364 دارسًا يؤدون اختبارات نهاية المستوى برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    "مواجهات مصرية".. ملوك اللعبة يسيطرون على نهائي بطولة الجونة للاسكواش رجال وسيدات    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    هل تتغير مواعيد تناول الأدوية مع تطبيق التوقيت الصيفي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير عسكرى أمريكى يحلل : إسرائيل تلقت أسوأ هزيمة فى تاريخها يوم 8 أكتوبر(1 من 3)
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 10 - 2009

على الرغم من محدودية انتشاره بين القراء المصريين والعرب، فإن كتاب «النصر المراوغ Elusive Victory» يظل واحدا من أهم وأفضل ما كتب عن حرب أكتوبر، لأنه أكثر إحاطة وأكثر تخصصا ودقة فى الوقت نفسه، فمؤلفه هو الكولونيل الأمريكى تريفور. ن. دوبوى Colonel Trevor N Dupuy الذى يعتبر من أبرز المحللين العسكريين.
وقد صدرت له عدة أعمال أثارت اهتمام الأوساط العسكرية مثل موسوعة التاريخ العسكرى والتراث العسكرى لأمريكا، بالإضافة إلى كتاب Elusive Victory أو النصر المراوغ الذى نقدمه.
صدرت الترجمة العربية بعنوان «النصر المحير» لحساب هيئة الاستعلامات عام 1988، ويتناول الحروب العربية الإسرائيلة من عام 1947 وحتى عام 1974، وقسمه إلى خمسة كتب، الكتاب الأول من عام 1947 وحتى عام 1949، والكتاب الثانى حرب سيناء السويس أكتوبر نوفمبر 1956 والكتاب الثالث حرب الأيام الستة يونيو 1967، أما الكتاب الرابع ففى حرب الاستنزاف 1967 1970 وهى الحروب التى جرت فى عهد الرئيس الراحل عبدالناصر. ثم الكتاب الخامس والأخير عن حرب أكتوبر 1973، والكتابان الرابع والخامس هما ما سوف نقوم بعرضهما للقارئ.
من الكارثة إلى التحدى
وتحت عنوان «من الكارثة إلى التحدى» يبدأ الكاتب عرض الكتاب الرابع، حيث يوضح كيف كانت إسرائيل فرحة بنصرها عام 67 وأنها ارتاحت لاعتقادها بأن هناك وقتا طويلا وطويلا جدا قبل أن يفيق العرب من صدمة 67، وكيف أن القوات الجوية للجمهورية العربية المتحدة قد فاجأتها بعد شهر واحد من نهاية حرب 67 بهجوم جوى عنيف على مواقعها فى سيناء وكان هذا إعلانا عن بداية حرب من نوع جديد هى حرب الاستنزاف التى استمرت حتى تم وقف إطلاق النار بين الطرفين فى 8 أغسطس 1970، ثم وفاة عبدالناصر وتولى أنور السادات حكم مصر واستعداده للحرب. ويتعرض الكاتب أيضا وبصورة سريعة لفلسطين والأردن وسوريا قبل أن ينتقل إلى الكتاب الخامس عن حرب أكتوبر، حيث يعرض الخطط والاستعدادات المصرية ثم الاستعدادات الإسرائيلية ثم يبدأ بعرض وقائع الحرب بداية من الضربة الجوية وانهيار خط بارليف واختراقه، ويتوقف الكاتب عند يوم 8 أكتوبر، ويقول: إن هذا اليوم كان اسوأ هزيمة فى تاريخ الجيش الإسرائيلى ثم ينتقل بنا المؤلف إلى الجبهة السورية ثم يعود ثانية إلى يوميات الحرب حتى 7 9 أكتوبر إلى 9 13 أكتوبر ثم 14 أكتوبر، ثم يعرض للثغرة أو ما عرف بعملية المزرعة الصينية يوم 16 و15 أكتوبر والمساعدات الأمريكية الضخمة لإسرائيل، ثم بداية الضغوط السياسية على الرئيس أنور السادات من 17 19 أكتوبر ثم ينتقل الكاتب للأحداث التى جرت من 17 20 أكتوبر وإعفاء الفريق الشاذلى من منصبه كرئيس لأركان القوات المسلحة المصرية، وتولى الفريق الجمسى بدلا منه ثم الاتجاه إلى الموافقة على طلب وقف إطلاق النار والخلاف مع سوريا بشأن هذا الأمر، ثم بداية الهجوم الإسرائيلى من 19 إلى 22 أكتوبر على الضفة الغربية لقناة السويس والعمليات النهائية فى سوريا 14 23 أكتوبر، وكيف أن الملك حسين قرر دخول الحرب ضد إسرائيل يوم 9 أكتوبر، ثم يعرض الكاتب المعركة الخاصة بالاستيلاء على مدينة السويس من 23 أكتوبر إلى 25 أكتوبر ثم تطورات هذه المعركة، وكيف أنه مع حلول يوم السابع والعشرين من أكتوبر كان الإسرائيليون قد أسروا نحو ثمانية آلاف فرد من القوات المصرية، أغلبهم من وحدات الإمداد والتموين.
الجيش الثالث
وتحت عنوان ورطة الجيش الثالث، يعرض «دوبوى» لمعركة الجيش الثالث، ثم ينتهى إلى أنه كان من الواضح أن موقف الجيش الثالث لم يكن عرضة للخطر كما اعتقد الإسرائيليون والأمريكيون والروس، ومع هذا فإنه إذا استمرت الحرب أو وتجددت ودامت لمدة أسبوع آخر فإنه كان من المحتمل أن يتغلب التفوق الإسرائيلى فى مجال استخدام المدرعات وتفوقهم الجوى الساحق على قيادة بدوى يقصد اللواء أحمد بدوى، قائد الفرقة السابعة المصرية المحاصرة.
وبعد ذلك يعرض دوبوى للحرب الجوية والدفاع الجوى بداية من استعادة القوات الجوية المصرية لقوتها وكفاءتها، وتطوير القوات الجوية الإسرائيلية لإمكاناتها وكفاءتها، ثم يعقد مقارنة بين أداء كل من الطرفين، وكيفية مواجهة الآخر، واستخدامه كل ما لديه من إمكانات مادية وإستراتيجية لتحقيق التفوق على الآخر ويعرض من خلال هذا الوصف للحرب الجوية، لماذا كانت إسرائيل هى المتفوق جوا؟.
معلومات صادمة للمناقشة
ثم ينتقل دبورى بعد ذلك إلى الحرب البحرية بين مصر وسوريا من ناحية وإسرائيل من ناحية أخرى، وفى الجزء العشرين يناقش الكاتب تدخل الدول العظمى فى الحرب والإمدادات الأمريكية الرهيبة لإسرائيل، لكنه يقول إن العرب يدفعون بأن الأمريكيين بإمدادهم إسرائيل بالأسلحة والمعدات يكونون بذلك قد أقحموا أنفسهم فى الحرب ضد العرب وهو خلط فى التفكير لا يعد غير ملائم وغير منطقى فحسب بل إنه يرتكز على فكرة خاطئة كلية بشأن كل ما يتعلق بتدخل الدول العظمى ثم يشرح هذا. وأخيرا يعرض الكاتب لحرب الاستنزاف حتى فض الاشتباك من أكتوبر 73 وحتى مايو 1974 ثم فى آخر وأجمل فقرات هذا الكتاب يقدم لنا الكاتب تقييما عاما لحرب 73 بكل ما جرى فيها، ثم يصدمنا فى نهايته بقوله إنه لا يبدو ثمة احتمال فى تحقيق العرب لأى نجاح عسكرى حاسم على الإسرائيليين فى غضون العشرة أو العشرين عاما التالية صدر الكتاب فى الثمانينيات لكنه فى فقرة تالية يرى أنه يتعين على الإسرائيلين السعى من أجل إقرار سلام دائم فى الوقت الذى لاتزال فيه نوعيتهم العسكرية متفوقة، وإذا انتظروا كثيرا فإن الوقت قد يكون متأخرا.
ساعة الصفر
ثم بدأ دبوى عرضه لحرب أكتوبر قائلا: يذكر الرئيس السادات ضمنا فى مذكراته أنه اتخذ قراره الأكيد بدخول حرب 73 فى 30 نوفمبر 1972، ومنذ أواخر نوفمبر وفى كل شهر أخذ المصريون فى القيام بمناورات وتدريبات لمركز من مراكز القياداة على مدى ضيق أو واسع بالقرب من قناة السويس ودائما بشكل يسمح للإسرائيليين بملاحظة بعض مظاهر هذا النشاط، وكان الفريق أحمد إسماعيل وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة المصرية فى غاية السعادة حين بينت حسابات مخططيه أن فى يوم السبت 6 أكتوبر 1973 سيكون القمر وحركات الجزر فى القناة مواتية ولم يكن 6 أكتوبر هو السبت فقط، بل كان أيضا يوم كيبور المقدس وأقدس يوم للصيام فى الديانة اليهودية وكان أيضا فى أثناء شهر رمضان المقدس إسلاميا ولا يتوقع الإسرائيليون قيام العرب فيه بنشاط، وهناك اعتبار آخر هو أن الانتخابات فى إسرائيل كان محددا لها يوم 28 أكتوبر، وفيه يكون انتباه المواطنين الإسرائيلين مركزا على ذلك الحدث، وتم الاتفاق بين مصر وسوريا على يوم 6 أكتوبر موعدا لبدء الهجوم فى اجتماع سرى عقد فى أثناء مؤتمر قمة عربى فى القاهرة فى يوم 12 سبتمبر.
وكما كتب الدكتور «آفى شليم»: لقد ذهب العرب إلى أبعد من السرية ولجأوا إلى الخديعة النشطة المصممة لخلق انطباع تضليلى فيما يتعلق بقدراتهم وخططهم ومقاصدهم.
ويتابع دبوى حديثه قائلا: ربما لا يوجد أى جيش فى العالم كان يمكنه انجاز التخطيط الفنى المصرى للعملية بدر، الاسم الكودى لهجوم السادس من أكتوبر على الجبهة المصرية، فالمخططون المصريون أقاموا وزنا للاعتبارات المختلفة، كما تم اختيار ساعة للصفر غير عادية إذ كانت الساعة 14:05 بدلا من ساعة الفجر أو وقت الغسق الوقت الأقرب لما هو معتاد فى عمليات الهجوم الكبيرة، وكانت هناك عقبتان رئيسيتان تواجهان المصريين على جبهة سيناء، الأولى هى قناة السويس أما العقبة الثانية فهى خط بارليف بتحصيناته وتجهيزاته كما كانت توجد بجوار الضفة الشرقية تحت الماء خطوط للأنابيب تحتوى على زيت خام قابل للاشتعال يطفو فوق السطح إذا ما تم فتح الصمامات، حيث يمكن إشعاله ليغطى القناة بصفحة من اللهب ويؤكد المصريون أنه فى الليلة السابقة للهجوم أرسلوا ضفادع بشرية لسد الصمامات التى تعمل بالأسمنت المسلح، وكانت هذه العملية ناجحة، كما يؤكدون بأنهم فى يوم 6 أكتوبر أسروا اثنين من المهندسين الذين يعملون على هذه الشبكة ويعترف الإسرائيليون ضمنا بهذا.
فى الساعة الرابعة صباح يوم أكتوبر تلقى الجنرال دايفيد إليعازر، رئيس الأركان الإسرائيلى مكالمة هاتفية من الجنرال زعيرا رئيس المخابرات الحربية مفادها أنه أصبح واضحا الآن وبدون خطأ أو إنكار أن الجيشين العربيين المصرى والسورى سوف يبدأن حربا هذا اليوم، وأن وقت الهجوم قط خطط له أن يتم فى الساعة السادسة مساء، وعندما انعقد مجلس الوزراء فى الساعة الثامنة صباحا طلب الجنرال إليعازر الموافقة على القيام بضربة جوية فورية وبالتعبئة الكاملة، ورفضت جولدامائير رئيسة الوزراء وقالت إن مثل هذه الضربة مستحيلة سياسيا، فإذا قامت الحرب يجب ألا يكون هناك أدنى شك فى أعين العالم أن العرب هم الذين بدأوا بها وليست إسرائيل، وأقرها وزير الدفاع دايان على وجهة نظرها، وقرر القيام بالتعبئة الجزئية اعتبارا من الساعة ال10 صباحا، وساعد على القيام بهذه التعبئة سهولة العثور على كل فرد مؤهل للتعبئة لظروف الإجازة، لكن من ناحية أخرى كما توقع المخططون المصريون لم تكن الإذاعة والتليفزيون يعملان فى يوم كيبور لذا كان من المستحيل إذاعة رسائل بشفرة التعبئة، ونقلت المعلومات بأن هجوما عربيا متوقعا فى الساعة السادسة مساء إلى كل من القيادات الشمالية والجنوبية مبكرا فى الصباح، حيث أبلغت من فورها لقادة الألوية الثلاثة على الجبهة الشمالية لكنها تأخيرت كثيرا فى الوصول إلى قادة الجبهة الجنوبية الذين كانوا يستعدون للاحتفال بوداع الجنرال مندلر الذى كان قد تقرر نقله إلى موقع آخر، إلا أنه عندما وصله التحذير المتأخر طلب من الجنرال جونين قائد الجبهة الجنوبية تحريك قواته إلى الأمام لكنه رفض، وقال فى أسباب رفضه إنه مازالت هناك إمكانية لعدم اندلاع الحرب، ثم إن مثل هذا التحرك سيكشف للمصريين أن المخابرات الإسرائيلية على دراية بخططهم وبعد الساعة الثانية مساء اتصل جونين بمندلر وقال له ألبرت يبدو لى الآن أنه من الأفضل أن تبدأ فى تحريك قواتك إلى الأمام، وبهدوء رد عليه ألبرت مندلر «أظن ذلك» إننا نتعرض لهجوم جوى وبالصواريخ وكانت الساعة 2:05 مساء يوم 6 أكتوبر 1973.
سيمفونية الثانية وخمس دقائق
وفى تمام الثانية وخمس دقائق فى السادس من أكتوبر فتحت نيران ما يقرب من 4000 قطعة مدفعية مصرية فى وقت واحد نيرانها وأطلقت قذائفها على النقاط القوية ومواقع القيادة فى المنطقة الأمامية لخط بارليف وفى نفس اللحظة انطلقت 250 طائرة مصرية وعبرت القناة متجهة نحو مواقع مدفعية المؤخرة الإسرائيلية وعشرة مواقع لصواريخ الدفاع الجرى هوك ومراكز القيادة، ومواقع الرادار ومحطات التشويش والاتصالات الإلكترونية وتسهيلات الاتصالات، وبصفة خاصة مطارات المليز وبير تمادا والسر بدقة متناهية فى التوقيت، كانت الصواريخ طويلة المدى فروج تندفع بسرعة البرق نحو القواعد الإسرائيلية فى بئر جفجافة، وفى خلال الدقيقة الأولى سقطت 10500 قذيفة مدفعية على المواقع الإسرائيلية، واستمر القصف لمدة 35 دقيقة بلا انقاطع وتدك دون أن تدمر جميع النقاط القوية لخط بارليف ومواقع المدفعية المعروفة ومناطق تجمع الدبابات ومواقع القيادة المحلية، وفى الوقت الذى كانت فيه هذه العملية مستمرة كان المهندسون المصريون يقومون بسرعة بفك القطعات التى أقيمت من قبل فى السد على الضفة الغربية والتى كانت تسندها بأكياس الرمال وقد أزالوها إما باليد أو بالبولدوزرات لفتح ثغرات مر من خلالها آلاف الجنود الذين يحملون قوارب هجوم آلية وزوارق، وإلى الغرب تجمعت العربات البرمائية ومعديات الدبابات الثقيلة فى مواقع الاختراق والفجوات التى كان يتم فتحها بسرعة عن طريق مدافع مائية صنعت خصيصا لهذه المهمة، وبعد مرور 15 دقيقة على بدء المرحلة الأولى نزلت موجة أخرى من القوارب لتنضم إلى ما سبقها وتعمل على تدعيم الدفاع السريع الذى أوجدته الموجة الأولى، وقامت موجات الطيرات المصرى المتكررة خلال هذا الوقت بضرب القاعدة الإسرائيلية الأمامية والقاعدة والمطار فى بئر جفجافة والقيادة الإسرائيلية الجنوبية ومركز القيادة الأمامية ومركز الاتصالات فى أن خشيب ومراكز الاتصال على طول محور القنطرة أم خشيب، وأطلقت القاذفات المتوسطة تى يو 16 قنابل موجهة «كيلس» على فترات متباعدة نحو وسط وشرق سيناء ومع بداية فتح الثغرات فى حائط بارليف الترابى بدأ إلقاء جسور عائمة عبر القناة واستخدموا فى ذلك معدات الجسور السوفييتية الصنع جنبا إلى جنب مع معدات مصنعة محليا بأيد مصرية معظمها فى ورش السد العالى بالقرب من أسوان.
بطولات فدائيين
وبمجرد حلول الغسق تحركت نحو 30 طائرة هليوكوبتر مصرية ضخمة من طراز مى 8 حاملات القوات، حاملة على متن كل منها 25 فدائيا نحو نقاط تم اختيارها بدقة فى سيناء على بعد من عشرة إلى 12 كيلومترا شرق القناة مسلحين بصواريخ ساجر وآر.بى.جى 7 لقطع خطوط الاتصالات والمواصلات الإسرائيلية، وقد أحدث هؤلاء الفدائيون حالة رعب مهولة فى المناطق الإسرائيلية فى المؤخرة وصمدت مجموعة الفدائيين فى ممر السدر لمدة 16 يوما ونجحت فى سد الممر لكن باستثناء هذه المجموعة، فإن معظم الفدائيين قتلوا أو أسروا على يد الإسرائيليين فى مساء 7 أكتوبر ومع ذلك فإن معدل حركة الاحتياط الإسرائيلى نحو القناة انخفض بشكل كبير، وكانت وسائل الاتصالات وأوجه النشاط فى منطقة المؤخرة قد تعطلت ولم يحقق الفدائيون ما كان يأمل فى تحقيقه المصريون لكنهم أحدثوا قدرا من الخسائر أكثر مما كان يتوقعه الإسرائيليون.
بعد الهجوم المصرى بست وعشرين دقيقة بدأت هجمات الطيران الإسرائيلى المتقطعة والمنعزلة، وأصيب على الأقل نصف عدد الطائرات الإسرائيلية المهاجمة بالنيران المصرية المدمرة الدقيقة غير المتوقعة، وقد جاء فى تقرير لأحد مراقبى الأمم المتحدة أنه فى إحدى الغارات المكثفة فى وقت متأخر من بعد الظهر كانت أربع طائرات من كل خمس طائرات من الطائرات المهاجمة قد أصيبت.
وفى الساعة الثامنة من يوم 6 أكتوبر كان يتمركز على الضفة الشرقية من قناة السويس 80 ألف جندى مصرى بأسلحتهم المتنوعة وأسقطوا العديد من النقاط الحصينة فى خط بارليف وحاصروا النقاط التى كانت تبدى مقاومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.