لا حديث في الشارع السوهاجي غير عن الطفل «محفوظ دياب محفوظ»، صاحب فيديو واقعة أطفال تهريب الملابس ببورسعيد، ابن قرية المدمر التابعة لمركز طما شمالي محافظة سوهاج، والذي وجه رسالة «غير مباشرة» بأن محافظة سوهاج من ضمن المحافظات الكبرى الطاردة للسكان وليس بها فرص عمل. كما سادت حالة من الغضب تجاه محافظ سوهاج؛ نظرا لعدم تدخله في الأمر أو محاولة الاطمئنان على حالة الطفل أو طمأنة أهله بعد الإفراج عنه. وصلت «الشروق» لمنزل الطفل «محفوظ»، الذي يقع في حارة صغيرة بقرية المدمر، والتقت والده دياب محفوظ، تاجر تموين، 40 عاما، الذي بدأ حديثه: «منذ صغر سن ابني، وهو يريد الاستقلالية»، مضيفا: «أول الشهر الماضي جاء لي (محفوظ) معربا عن رغبته في السفر إلى الإسكندرية للتنزه، وبعدها فوجئت بأنه سافر بورسعيد للعمل مع زملائه في الملابس». وتابع والد «محفوظ»: «طالبت ابني بعدم السفر والمكوث معي للعمل في المخبز الذي أمتلكه، إلا أنه رفض وقال لي: (لما أجي أخطب واحدة أقولها أنا ساكن مع أبويا وشغال معاه؟! لازم يكون ليا شغلي الخاص وفلوسي لوحدي)»، مستطردا حديثه: «وسافر (محفوظ) بالفعل من أجل توفير المال لشراء ملابس له على عيد الأضحى المبارك وهاتف محمول». وعن كيفية معرفته بالواقعة، أوضح والد «محفوظ»: «تلقيت اتصالا هاتفيًا من أحد أصدقاء نجلي، مساء الأربعاء الماضي، أخبرني فيه أن (محفوظ) تم إلقاء القبض عليه أثناء عمله، ويحتاج إلى بطاقة تحقيق الشخصية، وأن الأمر بسيط ولا يتطلب أن أسافر له»، متابعا: «وسرعان ما فوجئت بكم هائل من الاتصالات من أهالي القرية يخبروني فيه بمضمون الفيديو والحوار الذي دار بينه وبين المذيعة، بعد القبض عليه أثناء تهريب ملابس من جمرك بورسعيد، ومن هنا كانت الصدمة بالنسبة لي»، مشيرا إلى أن «رغم كل ذلك رفض نجلي الرجوع إلى المنزل إلا بعد حصوله على تليفون التاتش الذي أقسم أن يشتريه بعرق جبينه». وكشف والد «محفوظ»، عن أن أهالي القرية لم يعنيهم خبر إلقاء القبض على «محفوظ» وزملائه بقدر ما أعجبوا ولفت انتباههم طريقة الحديث التي رد بها على المذيعة التي أدرات الحوار وظهرت في الفيديو، وكيف استطاع أن يوصل لها ما تعانيه المحافظة من طرد للسكان والعمالة. ومن جانبه، قال مصطفى دياب، 37 عاما، ابن عم والد الطفل «محفوظ»، إن شباب وصغار القرية يسافرون للعمل في الاستيراد والتصدير وتجارة الأجهزة والملابس خاصة في محافظتي بورسعيد والإسكندرية، مضيفًا أن أكثر من 500 من أبناء القرية يعملون في مجال الملابس في منطقة الجمرك بمحافظة بورسعيد؛ رغم أن القرية عدد سكانها 3 آلاف نسمة. أما علي مرعي، من أهالي قرية الطفل محفوظ، قال: «فخورون بما قاله ابن قريتنا بشأن ما نعانيه؛ فمنذ ولادتنا ونحن نذوق الأمرين ونترك أهلنا ونتغرب من أجل الحصول على لقمة العيش». ومن ناحية أخرى، شنت الدكتورة عزة عثمان رئيس قسم الصحافة والإعلام بجامعة سوهاج، هجوما حادا على مسئولة العلاقات العامة في ديوان عام محافظة بورسعيد، والتي أجرت الحوار مع «طفل التهريب»، قائلة: «إنها أعطت لنفسها الحق لتقوم بدور إعلامية وهي غير مؤهلة على الإطلاق لهذا الدور، لا من حيث العلم بالقانون، ولا المهنية، ولا المسئولية الاجتماعية تجاه الطفل، حيث قامت بتصويره بالكلبش وهذا ضد القانون»، متابعة: «لازلت أكرر أن مهنة الإعلام أصبحت مهنة من لا عمل له».