بعنوان «هل ترنَّحت الآلة الإعلامية لداعش؟!»، أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، اليوم الثلاثاء، دراسة من جزئين حول الآلة الإعلامية للتنظيم. وجاءت الدراسة مُفصلة حول مناطق النفوذ في سورياوالعراق، والتي فقدت «داعش» سيطرتها على نسبة 98% منها. واعتبر المرصد، أن الحملات العسكرية المكثفة التي شنها التحالف الدولي كان لها أثارًا إيجابية في تقويض الآلة الإعلامية للداعش. وذكر المرصد أن داعش يُدرك من البداية أن الإعلام هو طريقه لتحقيق مآربه غير المشروعة، إذ هو تنظيم اتخذ طرقًا للقتل والانتهاكات غير الآدمية والمتوحشة والاغتصاب، بجانب ترسانة إعلامية ضخمة استقطب بها مقاتليه من الشرق والغرب خاصة الشباب، وعملت آلته الإعلامية على تحسين صورة التنظيم وتبرير وحشيته، وإثارة شعور واسع بالخوف وانعدام الأمن. ورصد المرصد، عدة متغيرات في إعلام داعش، وهي «انخفاض كبير في حجم المحتوى الداعشي المنشور، إضافة إلى رداءة جودته، وغلبة النغمة الدفاعية على الإصدارات الأخيرة، وتأخر التنظيم في إصدار البيانات التي يتبنى فيها مسؤوليته عن الهجمات التي يُنفذها، والمبالغة في الأسلوب وعدم الدقة في عرض المعلومة، مثلما كان يحدث في الماضي، وسقطات في الترجمة؛ خاصة في الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية، وكل ذلك نتيجة فقدان داعش لأراضي السيطرة في سورياوالعراق، بجانب مقتل عددًا من قيادات داعش الإعلامية». وأشار المرصد، إلى أن الحملات ضد التنظيم أدت لصعوبات مالية قوضت الترسانة الإعلامية له، ومنها مصادر النفط، بجانب المكافحة الالكترونية التي شنتها إدارات مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، بجانب اضطرار الشخصيات الإعلامية الداعشية التي نجت من القتال إلى الفرار، والتخفي عن طريق تغيير أماكن تواجدها، أو اللجوء إلى الاختباء في أماكن منعزلة تنعدم فيها وسائل الاتصال، وبحسب تقرير صادر عن المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي في العام 2017، للكاتب تشارلي وينتون؛ فإن تنظيم داعش أنتج في سبتمبر 2017 ثلث ما أنتجه في أغسطس 2015. وتناول المرصد في دراسته، ملامح الترسانة الإعلامية لداعش بعد سقوطه في العراقوسوريا، فعقب سقوط التنظيم في مدينة الموصل العراقية، وبعض المدن السورية بدأ داعش في إعادة بناء صفوف منظومته الإعلامية، وبالفعل ظهرت علامات انتعاشٍ طفيفٍ فيها؛ فأعاد بناء معظم مواقعه الإلكترونية ومؤسسات الدعاية التابعة له خاصة في أفغانستانوباكستان، وبدأ في إصدار منتجاتٍ أكثرَ تحديثًا وأفضلَ جودة، ولكن لا يعني هذا الانتعاش -بأي حال من الأحوال- عودةَ وسائل الإعلام الداعشية إلى قوتها السابقة التي كانت عامي 2014 و2015. وأكد المرصد، أن أهم منصات داعش الإعلامية، في الوقت الراهن، تتمثل في: موقع أخبار المسلمين، ووكالة أعماق الإخبارية، ومؤسسة الحياة للإنتاج والتوزيع، وجريدة النبأ الأسبوعية، إضافة إلى مكاتب إعلامية محلية توجد في المحافظات والمدن التي يتواجد بها عناصر داعش في سورياوالعراق وباقي الدول، تقوم بتوزيع مواد معظمها من وكالة أنباء أعماق وموقع أخبار المسلمين. واختتم المرصد دراسته بالتأكيد، أن داعش سينحسر على الأرض قليلًا؛ ليُدشن نفسه إعلاميًا ويعود للظهور في بؤر أخرى غير التي هُزم فيها، مؤكدًا أنه يرى ضرورة التوقف قليلًا عن الجزم بزوال الخطر الداعشي. وشدد المرصد، على أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام في المعركة مع الإرهابيين، من ناحية التأثير في الجمهور وإقناعه. وفي سياق متصل، أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية تقريرًا جديدًا يكشف فيه عن حجم خسائر تنظيم داعش الإرهابي ومستويات تراجعه في رمضان من العام 2018 مقارنة برمضان من العام الماضي، إذ قال إنه أدَّت الجهود الدولية والإقليمية ونجاح الجيوش الوطنية إلى التأثير على حجم عمليات التنظيم وتراجعها في الشرق الأوسط، فإعلاميًّا لم تصدر قيادة داعش خطابًا مخصصًا لرمضان لعام 2018 مقارنة بالعام السابق، كذلك انخفض حجم الإصدارات والإنتاج الإعلامي للتنظيم. ولفت التقرير إلى توجه التنظيم لتبني نهج جديد يعتمد على كثافة العمليات الانتحارية في جبهات مفتوحة خارج سورياوالعراق وتأسيس خريطة جديدة للإرهاب تعمل على تشتيت الجهود الدولية وتعويض خسائره في الشرق الأوسط، وهو ما نتج عنه تراجع العمليات الإرهابية في العراق بنسبة 55% وفي سوريا بنسبة 80%. كما شهدت الفلبين تراجع العمليات الإرهابية من 21 عملية إرهابية في 2017 إلى هجومين في 2018. كما شهدت مصر في ظل العملية سيناء تراجعًا أكبر في العمليات الإرهابية خلال رمضان 2018. وأشار، إلى اضطرار التنظيم الإرهابي في محاولة لتعويض خسائره الفادحة في العراقوسوريا إلى محاولة تكوين طوق جغرافي جديد لفروعه ونشاطاته في مناطق وأقاليم متباعدة، وتعتمد استراتيجيته في التوسع على محورين أساسيين؛ هما التوسع في مناطق الاضطرابات والصراعات الأهلية وعلى رأسها أفغانستان والصومال مع محاولات إعادة إحياء نشاطه بشكل أساسي في ليبيا واليمن. كذلك يسعى التنظيم إلى شن هجمات عنيفة في مناطق شبه مضطربة على الأطراف مثل باكستان ونيجيريا، وتكثيف الهجمات العشوائية في المناطق الآمنة والمستقرة بغية تهديد الأمن والسِّلْم بها ومحاولة تجنيد عناصر جديدة له في تلك المناطق، وكذلك البحث عن جغرافيا جديدة لنشاطه الإرهابي، وعلى رأس تلك الدول تأتي إندونيسيا التي شهدت قبيل انطلاق الشهر الكريم بأيام معدودة أربع هجمات كبرى نفَّذ بعضها أفراد عائلات كاملة في تطور لافت للاهتمام، كذلك شهدت روسيا 3 هجمات منها اثنتان في الشيشان؛ وذلك تزامنًا مع اقتراب فعاليات كأس العالم 2018، كما كان لأوروبا نصيب من تلك العمليات إذ شهدت بلجيكا هجومًا مع بدايات شهر رمضان، فيما شهدت فرنسا هجومًا مماثلًا قبيل انطلاق شهر الكريم.