استمرت إيران فى مناورة الغرب أمس، فقبل بدء محادثاتها مع القوى الكبرى المقررة فى أكتوبر المقبل فى جنيف، أعلنت إيران أمس عزمها إجراء تجربة صاروخية جديدة، ليلحق ذلك الإعلان بتصريح هجومى جديد للرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد أكد فيه أن الموقع النووى الإيرانى الجديد «ضربة قاسية» للغرب، جاء ذلك بعد ساعات من إعلان رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية على أكبر صالحى أن بلاده ستحدد موعدا مع وكالة الطاقة الذرية لتفتيش موقعها النووى الجديد المثير للجدل. ففى رسالة تحدٍ جديدة للغرب، أعلن الحرس الثورى الإيرانى أنه سيبدأ اليوم اختبار صاروخى جديد فى إطار مناورة عسكرية. ونسبت وكالة «مهر» ووكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى بيان صادر عن الحرس الثورى قوله إن «سلاح الجو التابع للحرس الثورى سيبدأ اليوم تدريبات صاروخية دفاعية فى إطار خطط عادية سنوية للدفاع من أجل صيانة وتطوير القدرات الدفاعية للقوات المسلحة التابعة لإيران». واستمرارا فى نهج التحدى، قال نجاد إن الإعلان عن قيام طهران ببناء موقع جديد لتخصيب اليورانيوم شكل «ضربة قاسية» للدول الغربية الكبرى. ونقلت وكالة الأنباء العمالية الإيرانية عن نجاد قوله للصحفيين لدى عودته إلى إيران: «إن هذه القضية أخذت هذا المنحى إلى حد أننا نعتقد الآن أنهم الغربيون يأسفون لأنهم تحدثوا عنها». فى الوقت نفسه، أعلن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية على أكبر صالحى أن بلاده ستحدد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية موعدا لتفتيش موقعها الجديد لتخصيب اليورانيوم. وقال صالحى إن الموقع سيخضع لإشراف الوكالة وسيعمل بقدرة تخصيب قدرها 5% على الأكثر، نافيا أى طابع عسكرى للموقع. وأكد المسئول الإيرانى أن بناء هذا الموقع هو إجراء احتياطى لتفادى أى حدث غير مرغوب فيه «مع كل التهديدات التى نواجهها يوميا». وردا على هذه المبادرة، رحبت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون بالقرار الإيرانى، وقالت هيلارى للصحفيين: «إن كل قرار تتخذه إيران ويتطابق مع القواعد والضوابط الدولية، لا سيما تلك المتعلقة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، مرحب به على الدوام». وكانت مصادر دبلوماسية أمريكية قد قالت فى وقت سابق إن الرئيس الأمريكى باراك أوباما نجح فى الحصول على دعم روسيا لتشديد العقوبات الدولية على إيران ليفتح الطريق أمام توافق دولى كبير حول الموقف الأمريكى الجديد القوى ضد إيران فى الوقت الذى تتحرك فيه دول خليجية من أجل رفع الحماية الروسية عن إيران. وقالت المصادر الأمريكية إن أوباما أطلع نظيره الروسى ديمترى ميدفيديف على ملف موقع تخصيب اليورانيوم الجديد فى إيران يوم الأربعاء الماضى وقبل إعلان إيران عنه مما جعل ميدفيديف أكثر انفتاحا على إمكان فرض عقوبات جديدة على إيران. فى الوقت نفسه قال محللون إقليميون إن التطورات الأخيرة فى الملف النووى الإيرانى تضاعف القلق فى منطقة الخليج، فأوضح اللواء جمال مظلوم أستاذ علم الإستراتيجية فى جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض ل«الشروق» أن هناك تحركات خليجية منذ فترة بهدف رفع الحماية الروسية عن إيران وفتح الباب أمام فرض عقوبات أشد صرامة على طهران لتسوية أزمة ملفها النووى. وأشار مظلوم إلى أن المملكة العربية السعودية دخلت فى صفقة تسلح مع روسيا ورحبت بها كمصدر للسلاح فى الخليج العربى فى إطار صفقة مفادها تقليل الدعم الروسى لطهران، وعليه أصبحت موسكو فى موقف حرج للغاية بين الحفاظ على مصالحها مع إيران والرغبة فى الفوز بجزء من قطعة سوق السلاح الخليجية.