بعد انخفاضه.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 9 يونيو (آخر تحديث بالبنوك)    لميس الحديدي توجه رسالة للحكومة بشأن قطع الغاز الطبيعي عن مصانع الأسمدة    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    الصومال: مقتل 47 إرهابيا خلال عملية عسكرية بمحافظة جلجدود    الأزهر يدين واقعة مخيم النصيرات ويطالب أصحاب الضمير الحر بنصرة غزة    متحدث "فتح": على الولايات المتحدة أن تجبر قوات الاحتلال بوقف إجراءاتها العدوانية بحق شعبنا    المجر: الغرب يسعى لإلحاق هزيمة عسكرية بروسيا من أجل ملء جيوبه    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    "دا مينفعش يتقاله لا".. القيعي يكشف أسرار تعاقد الأهلي مع ميدو    طارق قنديل: النظام الجاد سر نجاح الأهلى.. وهذا موقفنا من تبادل لاعبين مع الزمالك    عاجل - تصل ل44 درجة.. تحذير خطير بشأن حالة الطقس.. والأرصاد تحذر المواطنين    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    نزار جمعة فى ندوة وداعا جوليا: نحن جيل ضائع والفيلم يلامس الحقيقة بطريقة مؤلمة    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    إزالة فورية للتعدي على الأراضي الزراعية بقرية بني صالح في الفيوم.. صور    أيمن موكا: الجونة لم يبلغني بمفاوضات الزمالك ولم أوقع    مدرب حراس المنتخب: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    رئيس مكافحة المنشطات يكشف آخر تطورات أزمة رمضان صبحي    منتخب إسبانيا يكتسح أيرلندا الشمالية بخماسية قبل يورو 2024    تصفيات مؤهلة لكأس العالم.. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    يربط ب"طريق مصر أسيوط الزراعي".. صورة ترصد تطوير طريق أبو ربع في البدرشين بالجيزة    زراعة القاهرة تحصل على شهادة الأيزو لجودة المؤسسات التعليمية.. وعميد الكلية: جهد جماعي    عاجل - أخبار فلسطين.. طائرات الاحتلال تقصف منزلا في النصيرات وإصابات برصاص المسيّرات الإسرائيلية وسط غزة    موجة حارة جديدة تضرب البلاد الثلاثاء.. هل تستمر حتى عيد الأضحى؟    ننشر أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة الوادي الجديد الأزهرية    علم بعلاقتها مع آخرين.. اعترافات قاتل عشيقته ب13 طعنة في الخليفة    الولايات المتحدة وفرنسا تقدمان خارطة طريق لرؤيتهما حول القضايا الملحة في العالم    عائلة الضابط الإسرائيلي القتيل بالنصيرات ترفض حضور بن غفير لجنازته    حدث بالفن| صفعة عمرو دياب لأحد المعجبين ومفاجأة حول اعتزال شيرين رضا ونجوم الفن بحفل إطلاق فعاليات منصة سيني جونة    حظك اليوم برج الجدي الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    دعاء ثالث ليالي العشر من ذي الحجة.. اللهم بشرنا بالفرح    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء والبيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأحد 9 يونيو 2024    وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة والضبعة المركزي بمحافظة مطروح    استقرار سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاحد 9 يونيو 2024    قومي حقوق الإنسان يكرم مسلسل بدون سابق إنذار (صور)    «تخلص منه فورًا».. تحذير لأصحاب هواتف آيفون القديمة «قائمة الموت» (صور)    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    وزير الصحة يوجه بسرعة توفير جهاز مناظير بمستشفى الضبعة المركزي    وزير التعليم الفلسطيني: تدمير 75% من جامعاتنا والمدارس أصبحت مراكز للإيواء    حظك اليوم برج العذراء الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الميزان الأحد 9-6-2024 مهنيا وعاطفيا    وزيرة الثقافة تُعلن انطلاق الدورة السادسة من«مواسم نجوم المسرح الجامعي» وتُكرم عددًا من نجومه    تحرير 40 مخالفة تموينية فى حملة على المخابز والمحال والأسواق بالإسماعيلية    هل بدأت إثيوبيا في توليد الكهرباء من سد النهضة؟.. عباس شراقي يُجيب    جامعة المنوفية تشارك في مبادرات "تحالف وتنمية" و"أنت الحياة" بقوافل تنموية شاملة    فضل صيام العشر من ذي الحجة 1445.. والأعمال المستحبة فيها    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى أبو كبير المركزي    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    العمل: تشريع لحماية العمالة المنزلية.. ودورات تدريبية للتعريف بمبادئ «الحريات النقابية»    صور.. بيان عاجل من التعليم بشأن نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف علمنا الإعلام استعادة الفضاء العام؟
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 03 - 2009

كثيرا ما يقال إن وسائل الإعلام المحلية والعالمية، تمثل الفاعل الإستراتيجى، لأجل فتح الباب أمام الفضاء الديمقراطى العربى بطريقة لا رجعة فيها. وإذا ما تناولنا وظائف الفضاء العام الثلاث، حرية التعبير والاحتجاج والمشاركة، يمكن القول إن العالم العربى شهد تقدما واضحا، فيما يتعلق بالوظيفتين الأولى والثانية، على عكس الثالثة حيث ظل التقدم محدودا.
وتلعب وسائل الإعلام دورا حيويا فى إعادة السياسة إلى الفضاء العام بعدما ظلت محظورة لعقود طويلة كما أنها تساعد على إقامة روابط أفقية بين المواطنين. وكانت الروابط الاجتماعية، تعمل فى الماضى بفعل شبكات الدعم السائدة فى المجتمعات التقليدية، لكن تلك الروابط لم تظهر فى المجال السياسى، إلا منذ أعوام قليلة.
وعلى الرغم من محاولات الحكومات وضع العراقيل أمام تصاعد أشكال التعبير والحركات السياسية، فإن ذلك لم يستطع وقف هذا التوجه. وفى حقيقة الأمر، تشهد هذه الحركات ازدهارا فى ظل التدهور الحالى فى الأوضاع الاجتماعية.
وبفضل المنافذ المتنوعة التى أتاحتها وسائل الإعلام القديمة والجديدة، تم توسيع نطاق الفضاء العام، فيما يخص حرية التعبير فى كل مكان، بما فى ذلك الدول التى تحكمها أكثر النظم سلطوية. وعندما بدأت وسائل الإعلام العالمية وشبكات التليفزيون العربية، فى تقديم تغطية شاملة لعديد من القضايا الاجتماعية والسياسية، أدى ذلك إلى التغلب على حالة الخوف التى ظلت تمنع المجتمعات من الحركة. وأصبح المواطنون أكثر جرأة فى النزول إلى الشارع، والتعبير عن مطالبهم.
غير أن محطات التليفزيون العربية، هى مجالات للتعبير تتجاوز حدود المكان؛ ذلك أن الهدف الأول والأخير لهذه الشبكات، ينحصر فى عرض الآراء والمواقف. ونظرا لأن هذه المحطات ترتكز على مناطق محايدة أو غير سياسية، فإنها تظل غير قادرة على الربط بين التعبير واستراتيجيات الحركة. ومن ثم أصبح دور وسائل الإعلام أكثر أهمية فى البلاد التى تسمح بوجود الصحف والقنوات التليفزيونية المستقلة. وكان التنوع فيما يتعلق بمصادر وسائل الإعلام، وملكيتها، أساسيا فى تحقيق هذا التحول، من احتكار الدولة، إلى وجود عديد من القنوات والصحف ومواقع الإنترنت المحلية الخاصة. ومن ثم انبثق مجال عربى إعلامى جديد.
وقد شهدت الجزائر ثورة حقيقية فى وسائل الإعلام، منذ بداية التسعينيات، حينما قامت الحكومة بسن قانون حول ملكية وسائل الإعلام، يسمح للصحف بتمليك أسهمها للقراء، وفتح الطريق أمام تزايد الصحف المستقلة، وتعزيز حرية التعبير لكل التيارات السياسية، بالإضافة إلى أنه جعل نقد النخبة الحاكمة أمرا مسموحا به. وكانت حرية التعبير الأصيلة المتاحة على الصعيد المدنى، غير متسقة مع المواجهات العنيفة والدموية بين الحكومة والمعارضة الإسلامية.
وفى مصر، شهد مجال الإعلام ظهور نحو 20 محطة تليفزيونية مستقلة، وعديد من المحطات التى تمولها اتحادات خاصة. وظلت لبنان، وبدرجة أقل الكويت، لوقت طويل، دولا استثنائية فى المنطقة، فيما يتعلق بحرية الصحافة. أما الأردن، فقد بدأ أخيرا يشهد تراجع احتكار الدولة لوسائل الإعلام. وفى بلاد مثل سوريا وتونس والسعودية، حيث لا يزال احتكار الدولة لوسائل الإعلام قائما، استطاعت مواقع الإنترنت والمدونات، رفع الظلام الذى خيم على تلك المجتمعات.
غير أن مساحة الاحتجاج ظلت أضيق رغم أنها اتسعت بدرجة واضحة. وحدثت تظاهرات وإضرابات واعتصامات بالرغم من تعارضها مع القانون. ذلك أن بعض دول شمال أفريقيا المغرب والجزائر وتونس قبل حكم زين العابدين بن على تتمتع بتراث من انتشار تظاهرات الشارع. وبدأ النظام المصرى التسامح إزاء التظاهرات، وقام بتخفيف القمع الأمنى، منذ أن بدأت محطات التليفزيون المستقلة والعالمية فى تغطية ما يحدث. وتظل التظاهرات التى تندلع من وقت إلى آخر، وتغطيها وسائل الإعلام المحلية والعالمية، مؤشرا يقيس توجه النظام المصرى، ومدى استعداده لاستخدام العنف، ومن ثم فضح نفسه والتعرض للحرج أمام العالم.
وتبين هذه الخبرات الحديثة، أن وسائل الاتصال أسهمت أكثر من الأحزاب السياسية فى تنظيم الضغط من أسفل بطريقة فعالة. فقد تراجع الإحساس بالعجز، وأصبح هناك إدراك بأن التغيير فى عقول الشعوب هو الطريق الأساسى للتحول الديمقراطى، كما حدث فى العقود الثلاثة الماضية، فى جنوب أوروبا تليها أمريكا اللاتينية ثم شرق أوروبا.
أما فيما يتعلق بالوظيفة الثالثة للفضاء العام، والتى تظل الوظيفة الأكثر أهمية، وهى مستوى المشاركة، فهى لا تزال فى طور التكوين، على الرغم من أن بعض الدلائل تشير إلى إمكانية حدوث تطور على هذا الصعيد، مع مرور الوقت. فلا تزال مؤسسات الدولة الرئيسية، وأجهزة الأمن على سبيل المثال، غير مرتاحة لأنشطة الاحتجاج الشعبى الذى تنقله وسائل الإعلام المستقلة.
لكن الحكومات فى أكثر من بلد، اضطرت إلى إباحة الجدل العام، بشأن ممارسات أجهزتها الأمنية، وذلك بفضل الإعلام المستقل، ووسائل التكنولوجيا الحديثة التى استطاعت كشف انتهاك حقوق الإنسان فى أثناء معاملة المعتقلين وأفلام المخرجين الشباب فى مصر، ونشاط لجنة المساواة والمصالحة فى المغرب، التى تنشر معلومات حول السجل الطويل لانتهاكات حقوق الإنسان هناك. ولا يزال هذا الجدل مفتوحا ودائرا، وكاشفا لانتهاكات قطاع الأمن، كما أنه يجبر الحكومات على إجراء تحقيقات، حتى فى أكثر قضايا انتهاكات حقوق الإنسان إحراجا بالنسبة لها.
والأمر الأكثر طرافة هو أن هذا الوضع يخلق حالة من عدم الارتياح من جانب وحدات الأمن، التى أصبح يضيرها أنها تقف فى الصف الأمامى فى المواجهة بين الحكومة والشعب، من ثم أصبحت أكثر استياء إزاء دورها كأداة للقمع تستخدمها النظم السلطوية، وهو ما يحملها وزر الغضب الشعبى.
وفى عملية استعادة الفضاء العام تلك، لاشك أن هناك علاقة غير معلنة بين الرسائل التى تأتى من الخارج، وسلوك الحركات الاجتماعية والسياسية فى الداخل. فعندما ينتقد أحد كتاب الأعمدة فى صحيفة أمريكية كبرى، إحدى الحكومات، يبدى رئيس أو ملك هذا البلد اهتماما كبيرا بهذا النقد، لأنه قد يؤثر على الكونجرس، ومن ثم قد يمثل خطرا على تدفق المعونات الأمريكية، أو اتفاقات التجارة الحرة مع واشنطن، أو الاستثمارات الخارجية، أو الدعم الأمنى والعسكرى المقدم إلى هذا البلد.
غير أن مروجى الديمقراطية الغربيين، لم يتمكنوا من تقدير أهمية التأثير الذى تحدثه التغطية الخبرية الحية والكفء، المتاحة بواسطة قنوات التليفزيون والصحف العالمية. وإذا ما أخذنا فى الاعتبار أن معظم النظم ترغب فى أن تظهر بصورة جديدة أمام العالم، أكثر مما ترغب فى القيام بإصلاحات حقيقة، فإنه يمكن استغلال ذلك فى الضغط على النخب الحاكمة. ويعد هذا الضغط ذا طبيعة محايدة، لأنه لا يفرض توجهات أو قيما أو نماذج بعينها، فيما يتعلق ببناء الديمقراطية، ولكنه يفضح الحكومات، ويظهر سوء ممارساتها، مما يجبرها على اتخاذ مبادرات لتحسين سلوكها. وتدرك الحكومات العربية، أنه ليس بوسعها إسكات كتاب الصحف الغربيين، وأن تكلفة حظر تغطية القنوات التليفزيونية قد تكون أعلى من تكلفة السماح لها بنقل ما يحدث.
وفى النهاية، يمكن القول إن التغطية المباشرة التى تقوم بها وسائل الإعلام العالمية، تعد أكثر الوسائل نفعا فى تعزيز الديمقراطية خصوصًا إذا ما قورنت بالمساعدات التى تقدمها وكالات التنمية الدولية فى مجال الإعلام. فهى تصون وتقوى من سيادة الدول، لأنها تلعب دور الوسيط، الذى من خلاله يتم التعبير عما يحدث فى المجال السياسى والاقتصادى. لكن الأمر الأكثر أهمية، هو أن على مروجى الديمقراطية فى الغرب، الثقة فى قدرة المجتمعات المختلفة على تشكيل طريق الديمقراطية الخاص بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.