فى يوم 14 مارس الماضى زرت المهندس طارق الملا وزير البترول فى مكتبه، برفقة الزميل أحمد إسماعيل محرر قطاع البترول المتميز فى «الشروق»، وذلك لإجراء حوار صحفى مع الوزير، نشر بالفعل الأسبوع الماضى. فى اليوم التالى لإجراء الحوار نشر أحد المواقع الإخبارية خبرا يقول: «موقع........ يحصل على صورة اللقاء الأول لوزير البترول مع الرئيس التنفيذى الجديد لهيئة البترول عابد عز الرجال». أما المفاجأة فهى أن هذا الموقع نشر صورتى برفقة الوزير باعتبارى الرئيس الجديد لهيئة البترول!!!. مبدئيا كنت أتمنى أن أكون مهندس بترول، لأننى أسمع أنهم يتقاضون رواتب جيدة جدا، وبالطبع أحلم أكثر بأن أكون رئيس هيئة البترول أو حتى فى أى وظيفة بهذه الهيئة، لأحصل على راتب هذه الوظيفة، خصوصا أن حالة رواتبنا نحن معظم الإعلاميين وليس كلهم بالطبع صارت لا تسر عدوا أو حبيبا فى الشهور الأخيرة، وتتأخر بالشهور، وفقدت نصف قيمتها مع قرار تعويم الجنيه وتحرير سعره فى نوفمبر الماضى. لكن المشكلة التى لا أعرفها حتى الآن هى كيف ذهبت صورتى مع الوزير إلى هذا الموقع الإخبارى، ومن هو الموظف عديم الضمير والنظر الذى سربها، وكيف يمكن لطاقم كامل من محررى الموقع ألا يعرف صورة رئيس هيئة البترول الجديد. صحيح أن صورتى مع الوزير لا يظهر فيها وجهى كاملا، لأننى كنت أجلس أمامه، لكن كان هناك مليون طريقة للتأكد من حقيقة الصورة، خصوصا أن هناك فقرة فى نهاية الخبر تدعو للضحك كانت تقول: «إنه لم يتسن للموقع الحصول على تفاصيل أخرى»!. وكأنهم تحروا الصدق والدقة فى المعلومة الأساسية للخبر!!. لماذا أكتب كل هذا الكلام الذى قد يراه البعض شخصيا أو لا يستحق الاهتمام؟!. الموضوع ببساطة أن هذا الخبر يكشف عن جانب مهم من حالة الانهيار والبؤس التى وصل إليها جزء كبير من الإعلام المصرى. أولا: لا أعرف كيف يمارس هذا الموقع وغيره نشاطه، وهل حصل على ترخيص أم لا، وهل هناك من يراقب مثل هذه المواقع لكى يتأكد أنها تعمل فى إطار القواعد القانونية؟ ثانيا: هل قام هذا الموقع ويقوم بتدريب محرريه على الحد الأدنى من قواعد العمل المهنية أم لا، وأهمها ضرورة التأكد والتحقق من أى خبر أو صورة قبل نشرها من مصدرين على الأقل؟! ثالثا: وهذا هو الأهم كيف يمكن تنظيم الإعلام الإلكترونى، ليعمل فى إطار قواعد مهنية طبيعية؟! لا أقصد بالتنظيم التضييق والمنع والمصادرة والإغلاق، بل أن تكون هناك قواعد مهنية عادية تطبقها كل الصحف العادية فى مختلف بلدان العالم، وبالتالى فنحن لا نخترع العجلة بل أن نكون مثل بقية خلق الله!!. لا ألوم فقط أصحاب هذه المواقع، ومعظمها يعمل بمنطق «السبوبة» التى لا يهمما إلا جمع أكبر نسبة من المال، حتى لو كانت عن طريق ابتزاز المسئولين والشخصيات العامة للحصول على الإعلانات. بل ألوم أساسا الأجهزة الحكومية المختصة، التى تترك هذه المواقع المشبوهة، تبتز هذا وذاك، وتنشر معلومات وأخبارا معظمها مشبوه ومكذوب، مادامت لا تقترب من الخطوط الحمراء فى السياسة!. مثل هذه المواقع لها تأثير مدمر على مستوى الإعلام المصرى، والأخطر أنها تقوم بتخريج وتفريخ أجيال تمارس مهنة الإعلام على طريقة «الهجامة» الذين يستبيحون كل ما هو محترم وأخلاقى وقانونى. قد تستفيد الحكومة من بعض هذه المواقع نسبيا الآن، لكنها ستدفع ثمنا باهظا هى وكل المجتمع فى المستقبل!.