بروتوكول تعاون لإعادة تأهيل ورفع كفاءة مدارس التعليم المجتمعي بشمال وجنوب سيناء والإسماعيلية    هل تقتحم إسرائيل رفح الفلسطينية ولماذا استقال قادة بجيش الاحتلال.. اللواء سمير فرج يوضح    للمرة الأولى منذ 6 سنوات.. السيد البدوي يدخل حزب الوفد للمشاركة في تأبين رموز بيت الأمة    أحمد عيسى: 4% زيادة فى الحركة السياحية الوافدة لمصر خلال الربع الأول من العام الجاري    وزير الاتصالات يؤكد أهمية توافر الكفاءات الرقمية لجذب الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعى    مصدر رفيع المستوى: مصر تكثف اتصالاتها مع كافة الأطراف لوقف إطلاق النار في غزة    أردوغان ينتقد الموقف الغربي تجاه حرب غزة خلال زيارة شتاينماير    كيف تنظر بكين إلى زيارة "بلينكن" الأخيرة.. صحفية صينية تجيب    مدير إدارة المدرعات بالقوات المسلحة: الاهتمام بالحصان العربي المصري يحيي التراث    رسميا.. المنصورة إلى دوري المحترفين بعد التعادل أمام مالية كفر الزيات    تردد قناة الجزيرة 2024 الجديد.. تابع كل الأحداث العربية والعالمية    متى تنتهي الموجة شديدة الحرارة التي تضرب البلاد حاليا؟.. الأرصاد توضح    مكتبة الإسكندرية تستقبل الملك السابق أحمد فؤاد    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    متحدث «الصحة» : هؤلاء ممنوعون من الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة (فيديو)    «الزراعة» : منتجات مبادرة «خير مزارعنا لأهالينا» الغذائية داخل كاتدرائية العباسية    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    هاني شاكر يحيي حفل عيد الربيع في دار الأوبرا (تفاصيل)    منى الحسيني ل البوابة نيوز : نعمة الافوكاتو وحق عرب عشرة على عشرة وسر إلهي مبالغ فيه    حفل ختام برنامج «دوى» و«نتشارك» بمجمع إعلام الغردقة    أزمة الضمير الرياضى    سيناء من التحرير للتعمير    ارتفع صادرات الصناعات الهندسية ل1.2 مليار دولار بالربع الأول من 2024    البورصة تقرر قيد «أكت فاينانشال» تمهيداً للطرح برأسمال 765 مليون جنيه    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "شقو"    جمعة فى مؤتمر رابطة العالم الإسلامى بالرياض: نرفض أى محاولة لتهجير الشعب الفلسطينى وتصفية قضيته    عاجل.. تنبيه مهم من البنوك لملايين العملاء بشأن الخدمات المصرفية    عناوين مكاتب تطعيمات الحج والعمرة بمحافظة كفر الشيخ ومواعيد العمل    فوز مصر بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تلقينا بلاغ عن وقوع انفجار جنوب شرق جيبوتي    إجازة شم النسيم 2024.. موعدها وعدد أيامها بعد قرار مجلس الوزراء بترحيل الإجازات    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    أدعية التوفيق والتيسير في الدراسة.. الأخذ بالأسباب مفتاح النجاح    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    طلاب كولومبيا: لن ندخل في مفاوضات مع إدارة الجامعة    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    خدماتها مجانية.. تدشين عيادات تحضيرية لزراعة الكبد ب«المستشفيات التعليمية»    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل بشأن المقابر الجماعية في غزة    للقضاء على كثافة الفصول.. طلب برلماني بزيادة مخصصات "الأبنية التعليمية" في الموازنة الجديدة    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    نقابة الأسنان تجري انتخابات التجديد النصفي على مقعد النقيب الجمعة المقبل    ضبط 16965 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    بشير التابعي: أتوقع تواجد شيكابالا وزيزو في التشكيل الأساسي للزمالك أمام دريمز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوريسماكى.. الفنلندى الكبير ينوى تغيير العالم
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 02 - 2017

فيلمه «الجانب الآخر من الأمل».. يتساءل «أين ذهبت إنسانيتنا؟»
العمل يعمق من جرح هجرة السوريين غير الشرعية بلغة سينمائية بديعة
يستحق الدب الفضى لبرلين السينمائى.. ومخرجه ينوى تغيير العالم
عندما تنتصر جوائز المهرجان السينمائية الكبرى للإنسان، فهى تخلد من قيمتها وتضيف أبعادا أخرى تؤكد أهمية الفن كقوة نتنفس بها فى مواجهة عالم يضيق خناقه حولنا.
وفى مهرجان برلين السينمائى انتصرت بعض جوائز دورته ال67 للشخصيات الإنسانية الحائرة بين الماضى والحاضر، والتى تعانى من اضطهاد ولم يتوقف طرح السؤال بداخلها، «هل يمكننى أن أغفر للحياة أن تركتنى أعيش حتى ولو على أنقاض أحلام؟».. انتصرت تلك الجوائز لأداء ميلودرامى اعتمد أكثر على الهمس فى اذن ووجدان المشاهد أكثر من صراخه بحوارات ناطقة من الشاشة إلى من يجلسون فى صالة العرض، وكانت تلك الشخصيات والأفلام هى التى حظيت بنصيب الأسد.
من هذه الافلام يأتى «الجانب الآخر من الامل» انتاج المانى فنلندى، للمخرج الفنلندى الموهوب آكى كوريسماكى، الذى انتزع جائزة الدب الفضى لأفضل مخرج من المهرجان وسط ترحيب كبير وصيحات اعجاب.
كان الرهان على العبقرى الفنلندى كبيرا، فهو دائما ما ينحاز للأقليات من البشر ويقدم همومهم واحلامهم فى العيش، بشفافية ولغة سينمائية شديدة الصدق والجمال، فمن منا لم يتأثر بفيلمه «رجل بلا ماضٍ» الحائز عدة جوائز دولية، كما حصل على جائزة الأوسكار كأحسن فيلم أجنبى. غير أن كوريسماكى قاطع حفل الأوسكار فى مارس 2003، احتجاجا على الغزو الأمريكى للعراق. وكان هذا موقفه المعلن، وكذلك فيلمه التسجيلى «برزخ» الذى صوره فى الشيشان، فسينماه تتميز بالجمع بين طابع سينما المؤلف، وهى سينما «نخبوية»، والفيلم الشعبى الذى يتميز بالبساطة ووضوح الرؤية والحميمية، كما تتعامل أفلامه مع المواضيع الإنسانية القريبة من قلوب المشاهدين.
«الجانب الآخر من الأمل» يطرح قضية معاصرة، فالفيلم الذى يجسد حكاية عادية لمعاناة لاجئ سورى اسمه «خالد حسين»، يصل إلى هلسنكى خلسة، على متن سفينة شحن للفحم، ترفض السلطات الفنلندية طلب لجوئه رغم توسلاته وشرح ظروفه، فيقرر البقاء فى البلاد بصورة غير مشروعة مثل العديد من الأشخاص الآخرين الذين يشتركون فى نفس مصيره، كان يعيش فى الشوارع، ويواجه فيها كل انواع العنصرية، وهذا طبيعى، ولكنه أيضا يكون صداقات ويجد السند من نمازج من البشر ربما شعرت بنفس موقفه أقرب إلى التعاطف والفهم الإنسانى المشترك. تعامل كوارسماكى مع قضية شائكة مثل الهجرة غير الشرعية بحس إنسانى مرهف وبمسحة عالية من السخرية فى آن واحد. كان الحوار مباشرا وصادما وملهما داخل صورته المرسومة بواقعية مؤلمة، وفى احد مواقف الفيلم نسمع اللاجئ السورى يقول لأحدهم بالعربية: «أنا كتير حبيت فنلندا، بس إذا بتلاقى لى شى طريقة أقدر أهرب من هدا البلد، بكون كتير ممنون لك». فى صورة توحى قدرة مخرجنا على إثارة السخرية والضحك من خلال موضوع مأسوى كالهجرة واللجوء، فرغم هذا الجو العبثى الغريب، يتميز الفيلم بقدرة كوريسماكى الخاصة المدهشة على استخراج الضحك من قلب المأساة، وتوليد لحظات المرح من قلب اليأس، فهو مخرج ذو نزعة إنسانية، وفيلمه هذا تعبير عن ثقته فى الإنسان، فى التضامن الإنسانى، خاصة بين البسطاء. وكان لإسناده دور اللاجئ إلى السورى شيروان حاجى (31 عاما) الذى وصل إلى فنلندا فى العام 2011، بعدما تعرف إلى فتاة فنلندية فى دمشق، نوع من تأكيد لمصداقيته وقدرته على جعل المشاهد يتفاعل بعالمه السينمائى، بكادره الخانق ووجوهه الحائرة المترددة، وإجوائه الرمادية، الذى ظهرت فى بيئة الشاب السورى خالد حسين فى رحلة هروبه من مدينته حلب بعد ان فقد كل عائلته، ليلتقى بمجموعة من البشر تتساوى احوالهم فى ظروف هزلية حتى وان اتوا من بيئات مختلفة، ك«ويكستروم» تاجر القمصان الذى ترك زوجته، ويبدأ من الصفر فى مهنة اخرى، والفنلندى هيوبر الذى مل هو الآخر واقعه، ويقامر ويخاطر بمستقبله، فرغم تعنت السلطات الفنلندية مع السورى، وعنصريتهم ومعاملته بقسوة، الا انه يعثر على من يساعده، وهنا تكمن قيمة التضامن البشرى الذى يلعب عليه المخرج الحنون مع شخصياته ويجعلهم ابطالا، مبتعدا عن سينما الخطاب إلى سينما متكاملة وهو يقدم قضية الساعة فى اوروبا، ليدعو كوريسماكى إلى التقاط ضوء يتسرب من الظلام ويعزف مقطوعة حلم بعالم أفضل بحنكة شاعرية السينمائى الواعى سياسيا.
آكى كوريسماكى العائد إلى سينماه بعد ست سنوات انقطاع وتأمل، يقدم على مدى 98 دقيقة عملا هو خليط بين الواقع ومحاولة الهروب منه بأطر ومبادئ انسانية لطالما تعمقت فيها أفلامه التى تتفاعل وما يجرى حوله فى العالم الراهن متأثرا به خاصة، مثل الذى يحدث فى سوريا والعراق وغيرهما من البلدان التى تشهد اوضاعا صعبة، فكانت النتيجة المباشرة توجه العديد من المهاجرين إلى فنلندا لطلب اللجوء.
أعتقد ان المخرج الفنلندى بفيلمه لا ينتهز الفرصة لركوب الموجة «أفلام الهجرة التى تغزو اوروبا ». فهو خارج أى موضة أو صيحة، ويقدم سينماه وفق قواعد ومنطق وجماليات وقيمة سينمائية خاصة به فى رصده حكاية اللاجئ ونقل سيرته إلى الشاشة، حيث قدم تفاصيل حقيقية للاجئ باعتباره إنسانا من حقه ان يعيش ويبحث عن حياة كريمة ويحاول الانتقال إلى الجانب الآخر من الأمل.
فى برلين طرح كوريسماكى سؤاله العميق: «أين راحت إنسانيتنا؟»، ولم ينتظر الاجابة من احد، ليبادر بقوله «انوى بهذا الفيلم أن أغير المناخ المعادى للمهاجرين السائد فى أوروبا، بل وأغير العالم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.