محافظ شمال سيناء يعلن عن طرح مدينة رفح الجديدة وقري الصيادين والتجمعات التنموية (صور)    فاتن عبد المعبود: سيناء أرض الفيروز وكنز لدينا في مصر    عزوف المواطنين عن شراء الأسماك يؤتي ثماره بالدقهلية.. انخفاض الأسعار للنصف    الصوامع والشون تواصل استقبال محصول القمح في المحافظات    بتوجيهات رئاسية.. سيناء تحظى بأولوية حكومية فى خطط التنمية الشاملة    رد عاجل من حركة حماس على طلب 17 دولة بالأفراج عن الرهائن    آلاف اليهود يؤدون الصلاة عند حائط البراق .. فيديو    "أون تايم سبورتس" تحصل على حقوق بث مباريات نصف نهائي الكؤوس الإفريقية لليد    بسبب إيقاف القيد.. أحمد حسن يفجر مفاجأة في أزمة بوطيب مع الزمالك    منافسة قوية لأبطال مصر في البطولة الأفريقية للجودو.. ورئيس الاتحاد: الدولة المصرية والشركة المتحدة لا يدخرون جهدا لدعم الرياضة    مصرع طفلين وإصابة بنت فى التجمع.. الأب: رجعت من شغلي وفوجئت بالحريق    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    بشرى للسيدات.. استحداث وثيقة تأمين على الطلاق يتحمل الزوج رسومها كاملة    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    غير مستقر.. سعر الدولار الآن بالبنوك بعد ارتفاعه المفاجئ    «الجيزة» تزيل تعديات وإشغالات الطريق العام بشوارع ربيع الجيزي والمحطة والميدان (صور)    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جدول مواعيد امتحانات الصفين الأول والثانى الثانوى أخر العام 2024 في القليوبية    نقابة الموسيقيين تنعي مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    آخرهم وائل فرج ومروة الأزلي.. نجوم انفصلوا قبل أيام من الزفاف    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تلقي الضوء على أبرز أسباب الحكم التاريخي بمصرية «تيران وصنافير»
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 01 - 2017

- الحيثيات: رئيس الوزراء وقّع على اتفاق بدا كأعجاز نخل خاوية ليس له في الحق من باقية
- لا يجوز للسلطات التحجج بأن الاتفاقية تندرج ضمن أعمال السيادة لتخفي اعتداءً وقع منها على أحكام الدستور
- التوقيع على الاتفاقية مثّل خطأ تاريخيا جسيما غير مسبوق يمس كيان تراب الوطن المملوك للشعب
- «تيران وصنافير» مصريتان بموجب المبادئ المستقرة في القانون الدولي بشأن ممارسة السيادة المشروعة على الإقليم
يُعد الحكم الصادر من دائرة فحص الطعون الاولى بالمحكمة الإدارية العليا، تأييد حكم محكمة القضاء الإداري الصادر ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي ستتنازل بموجبها مصر عن سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر للمملكة، حكماً تاريخياً، لأكثر من سبب.
ففضلاً عن أن ذلك الحكم يقر حق السيادة التاريخي لمصر على الجزيريتن، جاء الحكم في 59 صفحة كأول حكم بهذا الكم من الصفحات والحيثيات تصدره دائرة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا، التي دائماً ما تكون أحكامها مكونة من صفحة واحدة او صفحتين على الأكثر.
" الشروق" تُبرزفي هذا التقرير أهم النقاط التي ركزت عليها حيثيات الحكم الصادر الحكم برئاسة المستشار أحمد محمد صالح الشاذلى، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد أحمد عبد الوهاب خفاجى, ومحمود شعبان، حسين رمضان, ومبروك محمد على حجاج، وفي حضور مفوض الدولة المستشار محمد رسلان، وبسكرتارية محمد فرح ومحمد عبد الجليل.
القضاء هو من يحدد أعمال السيادة
وحول الدفع الذي كررته هيئة قضايا الدولة، في أكثر من موضع بشأن كون الاتفاقية عملاً من أعمال السيادة لا تختص المحاكم بنظر مشروعيته، قالت المحكمة في حيثيات حكمها إن أنجع الوسائل لرقابة أعمال السيادة هو اللجوء إلى القضاء، والقضاء هو من يحدد أعمال السيادة بحثاً عن اختصاصه للفصل فى النزاع المعروض، فإذ استوى العمل من حيث سلطة إصداره وطبيعته بأنه من أعمال السيادة قضى بعدم اختصاصه.
وشددت المحكمة على أن القاضي عندما يباشر اختصاصه بتحديد ما يعتبر من أعمال السيادة ليلحق به حصانة تعصمه من رقابة القضاء، لا يكون مطلق اليد و حر التقدير وإلا خرج على فكرة السيادة بالمعنى المشار إليه آنفاً، وإنما يحكمه التنظيم القانونى لممارسة السلطة الموصوفة بأنها عمل من أعمال السيادة ، والنزاع الذى صدر بشأنه العمل، ثم يستخلص القاضى المتروك له تحديد طبيعة العمل فى إطار اختصاصه وظروف ومستندات النزاع المعروض عليه، وهو ما يقطع - بداءةً – بعدم صحة المقارنة بين مسلك المحاكم حال تحديد طبيعة العمل وكونه من أعمال السيادة فى لأنزعة المختلفة بحسبان سلامة الحكم ترتبط بالحالة المعروضة كُل على حدة.
الدستور أقر نظام قانوني جديد
كما أكدت المحكمة على أن مصر فى هذا العقد من الزمان، بعد ثورة الشعب (25يناير / 30 يونيو)، وهى ثورة وصفتها ديباجة الدستور بأنها فريدة بين الثورات الكبرى فى تاريخ الإنسانية، بكثافة المشاركة الشعبية التى قُدّرت بعشرات الملايين، وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مُشرق، وبتجاوز الجماهير للطبقات والأيدولوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة وبحماية جيش الشعب للإرادة الشعبية.
وأشارت المحكمة إلى أن هذا الدستور استولد عنه نظام قانونى جديد ألبس الفصل بين السلطات ثوباً جديداً، وتحددت فيه حدود سلطات الدولة دون تغول من سلطة على سلطة أخرى، وأعلى من شأن حق الإنسان المصري فى المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لبناء دولته الجديدة مصطحباً تاريخ مصر الخالد وحضارتها العظيمة وموقعها الجغرافي المتميز، وقدم وعراقة شعبها واَصالته، وطبيعته وطبيعة تكوينه الفريد والمتنوع والذى يمثل سمتاً من سماته ويستعذب اَصالته كل من سرى فى شرايينه مياه النيل مسرى الدم.
وأضافت المحكمة أن المادة 151 من الدستور نصت في الفقرتين الثانية والثالثة فيها على أن وجوب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، وألا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور ، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة".
ونوهت المحكمة إلى أنه لا جدال فى أن نص المادة 151 تضمن أحكاماً بعضها له مردود سابق بالدساتير المصرية المتعاقبة ، وأحكاماً جديدة على النظام القانوني المصري تستوجب فهماً قانونياً جديداً، مضيفة :" فمن سابق الأحكام أن إبرام المعاهدات سلطة بين رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية ممثلة فى البرلمان - على اختلاف مسمياته".
وتابعت المحكمة: "أما الأحكام الدستورية الجديدة بشأن المعاهدات تجلت فى أمرين: أولهما أن معاهدات الصلح والتحالف وكل ما يتعلق بحقوق السيادة لا يتم التصديق عليها إلا بعد استفتاء الشعب، وهو أمر واجب، لا تقدير فيه لسلطة من سلطات الدولة، وهذا القيد الواجب لا يخاطب فقط السلطة التى تبرم المعاهدة (رئاسة الجمهورية أو الحكومة) أو السلطة المقرر لها الموافقة فيما يدخل فى اختصاصها الدستورى (البرلمان)، وإنما يمثل الامتناع عنه حال لزومه استدعاء سلطة القضاء ولا يدفع أمامه حال تعلق الأمر بفكرة أعمال السيادة؛ نظراً لأن القيود الدستورية والضوابط التى حددتها الفقرتين الأخيرتين من المادة (151) ترفع عن الأعمال المتصلة بها صفة كونها من أعمال السيادة ولا تقوم له أية حصانة عن رقابة القضاء".
وأضافت المحكمة أن الأمر الثاني يتمثل في الحظر الدستورى الوارد فى الفقرة الثالثة من المادة (151) بأنه لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة، وهذا الحظر لا يشمل التنازل فقط وإنما أية مخالفة لمبدأ دستورى آخر، وهو حظر لا يقف عند سلطات الدولة فحسب وإنما يمتد إلى الشعب ذاته، والذى قيدت إرادته فى التنازل عن الأراضى أو مخالفة الدستور، ويظل هذا الحظر قائماً طالما سرى الدستور ولم تعدل تلك القاعدة بالآلية الدستورية التى حددها الدستور ذاته، ومن ثم يتعين احترامها والالتزام بها ليس فقط من سلطات الدولة وإنما من الشعب.
وأكدت المحكمة على أن الأعمال التحضيرية للدستور أكدت ذات المعنى، موضحة أنها لاحظت من الإطلاع على تلك الأعمال والشكل الذي أنعكست عليه تلك الأعمال في مواد الدستور أن معان قانونية ومفاهيم كثيرة يجب أن تُسجل وتُذكر، أولها: أن الدستور المصرى رسَخ مبدأ سيادة الشعب فى أعلى صورة فحظر أى التزام دولى على الدولة فيما يتعلق بهذه الأنواع من المعاهدات إلا بعد أخذ موافقة الشعب صاحب السيادة ومصدرها ، فالتصديق وهو من سلطة رئيس الجمهورية مشروط بموافقة الشعب عبر استفتاء واجب، وفيه يحل الشعب محل السلطة التى تقوم مقامه بالتشريع والرقابة، وعلى رئيس الجمهورية أن يخاطب الشعب مباشرة طالباً رأيه الفاصل والملزم فى أية معاهدة محلها الصلح أو التحالف أو تتعلق بحقوق السيادة.
وذكرت المحكمة أن الترتيب المنطقى للأمور أن يتوجه رئيس الجمهورية إلى الشعب طالباً رأيه ، فإن أجاب طلبه بالموافقة استكملت إجراءات الاتفاق الدولى، وإن كان له رأى آخر زال أى اتفاق أو إجراء سابق تم اتخاذه.
وأضافت المحكمة أن ثاني المعاني الذي تعكسه تلك المواد والواجب ذكره يتمثل في أن التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة أو إبرام معاهدة تخالف أحكام الدستور المصرى -فرادى أو مجتمعة- تعد من الأمور المحظور إبرام أى اتفاق دولى بشأنها ولا تعرض على الشعب الذى أعلن إرادته عبر دستوره وحاصله إنه لا يُقبل التنازل عن أى جزء من الأرض أو مخالفة أى حكم من أحكام الدستور الذى يمثل الوعاء الأصيل للنظام القانونى الحاكم من ناحية والضمان الوحيد لاستقرار نظام الحكم من ناحية أخرى.
كما أكدت المحكمة على أنه لا جدال في أنه بموجب الحظر الدستورى المذكور يمتنع على كافة سلطات الدولة التنازل عن أى جزء من اقليم الدولة، كا يعد محظوراً على السلطات الإقدام على أي اجراء سابق لم يراع الحدود الدستورية السارية حال إصداره.
وأشارت المحكمة إلى أنه بناء على ذلك يكون توقيع رئيس الوزراء على الاتفاق المبدئى -حسب التعبير الجهة الادارية الطاعنة- بتعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية متلحفا برداء غير مشروع فى اتفاقية تبدو كأعجاز نخل خاوية فليس لها في الحق من باقية.
وأضافت أنه نص المادة 197 من اللائحة الداخلية للمجلس يؤكد أن تغييرا فى الاختصاص لسلطات الدولة قد ولد من رحم الدستور السارى وأضحت يد مجلس النواب هى الأخرى، بنص الدستور والقانون معا، مغلولة ومحظورة عليه مناقشة أية معاهدة تتضمن تنازلا عن جزء من إقليم الدولة ومنها الجزيرتين محل الطعن الماثل، وما يخالف ذلك من جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية هو والعدم سواء.
حكم القضاء الإداري متفق مع الدستور والقانون
وبناء على ماسبق أكدت المحكمة على حكم محكمة القضاء الإداري صدر متفقا مع أحكام القانون والدستور، موضحة أن ما استندت إليه محكمة القضاء الإدارى من أسباب في حكمها وما أوردته هذه المحكمة من أسباب وفى أطار التوازن الدستوري بين نص المادة (97) والمادة (190) من الدستور الحالي، والتى حظرت أولها، تحصين أى عمل أو قرار إدارى عن رقابة القضاء وأحكام الدستور فى عديد من المواد التى انصرفت إلى تعديل فى حدود السلطات الممنوحة لسلطات الدولة وبمقتضاها أصبحت كافة السلطات محددة النطاق ومشروطة الممارسة، فإن الحكم المطعون فيه فيما قضي به من رفض الدفع المبدى من رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء "الطاعنين" بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى -بصفتهم- فى الدعوى يكون قائماً على عُمد من الواقع والقانون، وصادرا فى إطار أحكام القانون والدستور.
وأشارت المحكمة إلى أنه بناء على ذلك أيضا لا يجوز للسلطة التنفيذية اجراء عمل أو تصرف ما محظور دستوريا ويكون لكل ذى صفة أو مصلحة اللوذ إلى القضاء لإبطال هذا العمل، ولا يكون لها التذرع بأن عملها مندرج ضمن أعمال السيادة، إذ لا يجوز لها أن تتدثر بهذا الدفع لتخفى اعتداء وقع منها على أحكام الدستور وعلى وجه يمثل إهداراً لإرادة الشعب مصدر السلطات ، وإلا غدت أعمال السيادة بابا واسعا للنيل من فكرة سيادة الشعب وثوابته الدستورية وسبيلاً منحرفاً للخروج عليها وهو أمر غير سائغ مطلقا.
مجلس النواب لا علاقة له بالطعن
وفيما يتعلق بالدفع الذي أبدته هيئة قضايا الدولة أمام المحكمة من أن الفصل في مشروعية هذه الاتفاقية يدخل في اختصاص مجلس النواب، قالت المحكمة إن الدستور المصري الساري حدد اختصاص مجلس النواب بشأن المعاهدات باعتبار أن موافقته واجبة على كل ما تبرمه الدولة من معاهدات حددتها الفقرة الأولي من المادة (151) من الدستور.
وأضافت المحكم أن الفقرة الثانية من ذات المادة قصرت دور مجلس النواب على المصادقة على ما ينتهى إليه الشعب باعتباره الوكيل عن صاحب السيادة الذى اثر الدستور أن يتولاه بنفسه دون وكيل باعتبار أن موافقته الشرط الوحيد اللازم للمصادقة على الاتفاقية بعد دعوته الواجبة كما سلف البيان.
وأوضحت المحكمة أن سلطة مجلس النواب فى مسائل السيادة سلطة تقرير لإرادة الشعب ويكون رأيه متمماً لتلك الارادة يلتحم فيها الوكيل بالموكل , ويكون دور الوكيل "مجلس النواب" محصورا فى صوغ التعبير عن هذه الإرادة رفضا أو قبولا.
وأكدت المحكمة على أنه إذا ما باشرت السلطة التنفيذية اختصاصا متصلا بهذا النوع من المعاهدات أو تلك التى نظمتها الفقرة الأخيرة من المادة 151 من الدستور، تمحور النزاع حول عمل إدارى لا يجوز أن تتدخل السلطة التشريعية طرفا فيه كمشرع.
وتابعت المحكمة: "وإذ أخرج حكم محمة القضاء الإداري رئيس مجلس النواب من الخصومة يكون قد التمس وجه الحق وأنزل صحيح حكم القانون والدستور".
وردا على ما ورد بطعن رئاسة الجمهورية والحكومة من أن الرقابة على الاتفاقية المشار إليها محجوزة فقط للبرلمان، قالت المحكمة إنه استقر في يقينها أن النزاع الماثل لم يرق إلى كونه التزاما دوليا، كما أنه يخرج عن نطاق تطبيق أحكام الفقرة الأولى من المادة (151) من الدستور والتى وسدّت لمجلس النواب دورا واجبا فى الموافقة على المعاهدات فى غير الحالتين التى أشارت إليهما الفقرتين الثانية والثالثة منها.
وأشارت المحكمة إلى أنه بالرجوع إلى أعمال لجنة الخبراء العشرة والخاصة بإعداد الدستور، فإنه قد أشار أحد أعضائها ص 73 بأن "أى شئ يتعلق بحقوق السيادة لن يكون محل معاهدات".
منازعة التنفيذ الدستورية لا تؤثر على الفصل في الطعن
وردا على منازعة التنفيذ المقامة من هيئة قضايا الدولة أمام المحكمة الدستورية العليا، وطلبها وقف الفصل في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا تعليقيا لحين فصل المحكمة الدستورية في تلك المنازعة، وأكدت المحكمة على أنه لا يجوز لرئاسة الجمهورية أو الحكومة بحال من الأحوال التستر بإقامة منازعات تحت مسمى منازعات تنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا، وهى فى حقيقتها وطبيعتها لا تخرج عن كونها استشكالا أقيم أمام محكمة غير مختصة لوقف تنفيذ حكم نهائى صادر عن جهة القضاء الإدارى.
وأشارت الحيثيات إلى المحكمة الدستورية كانت وما زالت مشيدة لبناته الأساسية وخاصة فيما يتعلق بقضائها المستقر على اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل فى منازعات التنفيذ التى تتعلق بأحكامها وهو ما استلهمه الدستور الحالى الذى وسد لجهة القضاء الإدارى دون غيره ولاية الفصل فى أى استشكال على تنفيذ أحكامه.
* أحكام الأمور المستعجلة بشأن الاتفاقية منعدمة
كما شددت المحكمة على أن الأحكام الصادرة من محكمة الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية و تأييده في محكمة المستأنف، خالفت فيها محاكم الأمور المستعجلة الاختصاص الولائى المقررة دستوراً وقانوناً لمحاكم مجلس الدولة.
وأضافت المحكمة أن الأمور المستعجلة نصبت نفسها محكمة أعلى لنقض الحكم الممشار إليه وتعديله لا قاضى تنفيذ تتحدد ولايته فى إزالة ما يعرض من عقبات تحول دون تنفيذ الحكم متغافلة أوغافلة عن القواعد والأطر الدستورية والقانونية المنظمة لاختصاصاتها مما لا بديل معه من اعتبار حكمها عدما لا طائل منه ومحض عقبة مادية تنحيها المحكمة المختصة -دائرة فحص الطعون- جانبا غير عابئة به وهى بصدد ولايتها الأصيلة بنظر الطعن المعروض.
سيادة مصر على الجزيرتين أمرا مقطوعا به
كما أكدت المحكمة على أن أوراق الطعن قد خلت من ثمة وثيقة أو معاهدة تشير إلى أن دولة أخرى غير جمهورية مصر العربية ، قد مارست سيادتها المشروعة على جزيرتي تيران وصنافير في أى وقت من الأوقات بحسبانهما ضمن الإقليم المصرى المحظور التنازل عن أى جزء منه.
وضافت المحكمة أنه لم يثبت أيضاً على الأطلاق ممارسة المملكة العربية السعودية لأدنى مظهر من مظاهر السيادة علي الجزيرتين سواء قبل إعلان المملكة عام 1932 أو بعدها، كما خلت الأوراق من أي نص فى معاهدة أو اتفاق مكتوب بين مصر والسعودية يفيد فى أى حقبة من حقب الزمان أن الأخيرة تنازلت أو سمحت لمصر بالوجود العسكرى عليهما، خاصة إبان استيلاء إسرائيل على ميناء أم الرشراش -إيلات حاليا- عام 1949.
وأشارت المحكمة إلى أن قواعد القانون الدولى لا تعتد إلا بالاتفاقيات المكتوبة والموقعة من الطرفين فى مثل هذه الحالات الهامة ، وبناء علي يكون الإجراء الإدارى الذى سمته الحكومة المصرية في تقرير طعنها اتفاقا مبدئيا بترسيم الحدود وما نتج عنه من تنازل عن الجزيرتين -أيا كانت المبررات الدافعة إليه- حال كونهما ضمن الإقليم المصرى مخالفاً للدستور والقانون لوروده على حظر دستورى مخاطباً به السلطات الثلاث ، والشعب ذاته ، ولانطوائه على خطأ تاريخى جسيم - غير مسبوق – يمس كيان تراب الوطن المملوك للشعب المصرى فى اجياله السابقة وجيله الحالى والأجيال القادمة وليس ملكاً لسلطة من سلطات الدولة.
وأضافت المحكمة أن الحفاظ على تراب الوطن والدفاع عنه فريضة مُحكمة وسُنة واجبة، فهذا التراب أرتوى على مر الزمان بدماء الشهداء التى تُعين وتُرسم حدوده، باق وثابت بحدوده شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، وسلطات الدولة متغيرة، خاصة وأن التنازل عنه -على النحو المتقدم- سيفقد مصر حقوقها التقليدية على مياهها الإقليمية التى مارستها عبر قرون.
وأكدت المحكمة على أن ذلك سيشكل تهديد دائم للأمن القومى المصرى ، وإضرار بمصالحها الاقتصادية في مياهها الداخلية الإقليمية، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى هذا القضاء وعضدته هذه المحكمة بأدلته وعظمته ورسخت بنيانه وقواعده بما وقع تحت بصرها وبصيرتها من أدلة جازمة قاطعة فإنه يكون قد أصاب وجه الحق وصادف صحيح القانون ملتمساً حكمته، ويكون الطعن عليه خلقيا بالرفض.
وأشارت المحكمة إلى أنها استبحرت فى فكر العلماء المتخصصين وما استقرت عليه محكمة العدل الدولية من مبادئ عامة فى تحديد مظاهر السيادة المشروعة، مؤكدة على أن التعرف على تاريخ الشعوب ومركز إقليمها القانونى وجزرها ومضايقها ليست بالأمر الهين، للوصول إلى نقطة البحث الشائكة بقدر ما هى شائقة، ليكون الأمر على رقعة واسعة من المعرفة العلمية القانونية السديدة ويتسع على أديمها بخطوات فتية، لا يتسع فيها حكم قضائى للم شتاتها حجما وكُلفة.
وأوضحت المحكمة أنها لم تجد مصرفا عن اجتزاء بعض مضامينها حتى تبقيها فى إطار يقينها، ولا تحرم المعرفة القانونية من تاريخ البشرية لتفاصيل تهواها بقناعة المتن بفحواها فقد حملت الجزر والمضايق والبحر أمانة الحضارات البشرية مهدا للعلم وطريقا للثراء ومعبرا للتجارة وهمزة للإخاء وشغلت ما للدول فيه من حقوق بال الأمم المتحدة منذ أن تنفست أنسام القانون، وأن المحكمة قد استجلت الحقيقة القانونية لجزيرتى تيران وصنافير وفقاً للمبادئ المستقرة فى القانون الدولى فى ممارسة السيادة المشروعة على إقليمها وبأحكام الدستور، وكان من نتاجه -المقطوع به يقينا- أن جزيرتى تيران وصنافير تحت سيادة مصر دون سواها.
وحول ما أبداه محامو الحكومة أن سلطة مصر على الجزيرتين كانت سلطة إدارية تختلف عن فكرة سيادة الدولة وأن مصر كانت تمارس السيادة علي الجزيرتين كوكيل عن دولة أخرى (السعودية)، قالت المحكمة إن ذلك الأمر يفترض لصحته اتفاقا موثقا بين الدولتين، وأن هذا التنازل المزعوم وفقا للمستقر من أحكام القانون الدولى العام يلزم لصحته شرطان أولهما: أنه يجب أن يتم بموجب اتفاق دولى أيا ما كان الشكل القانونى للاتفاق الدولى وتظهر فيه -بجلاء- انصراف إرادة الدولة المتنازلة إلى التنازل وقبول الدولة المتنازل لها لهذا التنازل وأسبابه ومبرراته.
وأضافت المحكمة ان الشرط الثاني يتمثل في لزوم ثبوت سيادة سابقة للدولة المتنازلة عن الأراضى المتنازل عنها , مؤكدة على أن هيئة قضايا الدولة لم تُقدم للمحكمة على ذلك القول ثمة دلائل أو أدلة أو براهين تؤيد توافر كلا الشرطين، خاصة وأن من يملك السيادة يملك الإدارة والعكس غير صحيح إلا بسند ، فالسند هو من تقف على أعتابه كافة التصرفات القانونية.
كما أكدت المحكمة على أنه لا يستقيم مع ما تقدم القول بأن الجزيرتين أودعتهما لدى مصر دولة لم تمارس عليهما أدنى مظهر من مظاهر السيادة، وهو ما أجدبت عنه كافة أوراق الطعن وعجزت الحكومة عن أن تقدم دليلاً واحداً على هذه الوكالة المزعومة.
وتابعت المحكمة: "والأمر لا يخرج فى عقيدة المحكمة على أنها سبيل منها للدفاع عن توقيعها للوصول إلى غاية مخالفة للدستور المصرى حاصلها الانتقاص من حقوق مصر على الجزيرتين، وأغفلت أو تغافلت الحكومة أن رد الشئ الخاضع للسيادة حتى وإن كانت سيادة مؤقتة، وهو فرض لا يقوم فى حالة الطعن الماثل، هو فى حقيقته تنازل عن السيادة يستوجب ذات الإجراءات مع اختلاف الأسباب".
وأضافت المحكمة أنه لا يقلل من ذلك ما استندت إليه السلطات من صدور خطابات بشأن هذا الموضوع للتدليل على أن يد الدولة على الجزيرتين يد عارضة، ومن ثم خروجهما من السيادة المصرية، بحسبان هذه المكاتبات لا تمثل التزاما على الدولة لافتقارها للسند الدستورى والقانونى المبرر لواقع الجزيرتين المتمثل فى مصريتهما حدودا وسيادة بلا منازع.
وأضافت المحكمة أن "أمر مصرية الجزيرتين فضلا عن أُطره القانونية يرجع إلى حقيقتين ثابتتين: أولهما: أن مصر دولة لا تمثل فقط اسما على خرائط الكون وإن حدودها خطَها على الخرائط خطاط أو باحث، وإنما هى دولة خلقت من رحم الطبيعة بعناية الله تقع بين بحرين عظيمين ربطت بينهما، خدمة للعالم القديم والحديث، بقناة السويس التى شُقت بدماء وعرق بنيها، ويجرى من جنوبها إلى شمالها مسرى الدم نيل خالد نشأت على ضفتيه أعظم حضارات الدنيا".
وأكدت المحكمة ان الأمر الثاني يتمثل في أن مصر الدولة لم تُخرج جيشها - قديماً أو حديثاً - خارج أرضها إلا لحماية أمنها أو أمن شقيقاتها العربية ، وأن التاريخ يقف طويلاً حتى يتذكر دولة أخرى غيرها تركت حكم دولة فى جنوب أرضها لأهله وكان ملك مصر يُكنى بإسمها، كما اختلط شعبها بالشعوب العربية جنوبه وشرقه وغربه نسباً وصهراً دون أن يجور بهذا النسب على حدود جيرانه.
كما أشارت المحكمة إلى أن ميزان الحق والعدل لا يعتبر بما قدمته الحكومة من خرائط حديثة صادرة عن الجمعية الجغرافية المصرية، لأنها جاءت مناقضة للثابت من أوراق الطعن من خرائط قديمة وحديثة لا يجوز تبديلها لمساسها بأرض الإقليم وعلى نحو ما قدمه المطعون ضدهم بما وقر فى يقين المحكمة مع الأسباب المتقدم ذكرها بمصرية الجزيرتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.