بدأت أمس فاعليات مهرجان برلين الأدبى العالمى لهذا العام وتستمر حتى 19 من هذا الشهر الجارى. ويشهد المهرجان مشاركة مصرية نشطة تأتى فى إطار اختيار مهرجان برلين العالمى فى دورته التاسعة للوطن العربى ليكون محورا لفاعلياته. أديب البوكر العربية الدكتور يوسف زيدان كان على رأس المدعوين للمشاركة فى المهرجان،وسافر إلى برلين الثلاثاء الماضى لتقديم مشاركاته الأربع خلال المهرجان الأدبى العالمى، التى ستشمل قراءات لروايتى «عزازيل» و«ظل الأفعى». وكذلك محاضرة حول «التراث فى الأدب العربى»، ومشاركته فى نقاش مفتوح حول المدن الكزموبوليتانية التى سيتحدث خلالها عن معشوقته الأولى مدينة الإسكندرية. حصلت «الشروق» على نص محاضرة «التراث فى الأدب العربى» التى سيلقيها زيدان فى برلين، واستهلها بتعريفه للفظ التراث، والحديث عن اهتمامه بهذا المفهوم على مدار تاريخه البحثى، ويقول فيها «جرى العمل التراثى فى بلادنا فى القرن العشرين وفقا لهوى الأشخاص، ولم يتصدوا لعمل فهارس حتى كتلك التى أخرجها المستشرقون الأوروبيون فى القرن التاسع عشر، كما أنهم لم يضعوا خطة بعيدة أو قريبة المدى لعمل النشرات التراثية. صحيحٌ أنه كانت هناك مشروعات للنشر مثل تلك التى تبنتها الهيئة المصرية للتأليف والترجمة والنشر. وكانت هناك (مبادرات) كأن يتبنى الدكتور عثمان يحيى نشر الفتوحات المكية، فتنشرها هيئة الكتاب. لكن كان هذا على مستوى حركة وفعل النشر. أما على مستوى الرؤية المعرفية للتراث، فإنها لم تكن موجودة، ولذا كانت الكلمة الأولى من عنوان المحاضرة، وهى «لماذا التراث» وأظن أنه من خلال هذه الرؤية يصبح السؤال «لماذا» سؤالا مشروعا، ومن أدبيات الفلسفة أن تبدأ بسؤال «لماذا» والعلم يبدأ بسؤال «كيف». إذن، أن نقول «لماذا التراث» فنحن نسأل سؤالا فلسفيا يستهدف البحث عن العلة: «هل من الضرورى أن نُعنى بالتراث؟» وقد يتعجب بعضنا هذا السؤال، ولكنه قد يتعجب أكثر أن كثيرين قد قطعوا المسألة بقول واحد هو (القطيعة مع الماضى) وهذه مقولة مضحكة جدا، فها هو شخص يكتب باللغة العربية، ليقول بقطع الصلة مع تراث هذه اللغة التى يستخدمها، ويستخدم تعبيرات صيغت من قبله بمئات السنين ليقطع الصلة مع الزمن الذى كُتبت فيه، فصار الأمر مضحكا، ومبكيا فى الآن ذاته». سبقت مشاركة زيدان فى برلين ردود أفعال غاضبة من جانب «منظمة الأقباط المتحدون» التى اعتبرت أن مشاركة زيدان فى هذا المهرجان الدولى يمثل احتفاء بروايته «عزازيل» التى أساءت للعقيدة المسيحية والكنيسة على حد تعبيرهم ،مطالبين الأقباط فى أوروبا بالاحتجاج والتظاهر ضد هذه المشاركة. من ناحية أخرى يشارك الروائى مكاوى سعيد ضمن الوفد الأدبى المصرى فى مهرجان برلين، واعتبر فى حديثه ل«الشروق» أن الاحتفاء بالأدب العربى فى هذه الدورة لهذا المهرجان العالمى أمر إيجابى، يذكّره بأجواء اختيار الوطن العربى كضيف شرف لمهرجان لندن للكتاب الذى كان فرصة كبيرة للالتقاء بنظرائهم من الأدباء الغربيين، وقراءة النصوص العربية فى الخارج. ويشارك مكاوى سعيد فى قراءة لفصل من روايته « تغريدة البجعة» تم ترجمته إلى الألمانية بحيث سيتم قراءة الفصل بالتناوب بين اللغتين العربية والألمانية ،وتدور بعد ذلك مناقشات حولها. كما يشارك الكاتب خالد الخميسى فى ندوتين خلال يومى 15 و16 سبتمبر المقبلين ،وهما مخصصتان لتقديم قراءات فى كل من كتابه الأكثر مبيعا «تاكسى المشاوير» وروايته الصادرة حديثا « سفينة نوح»، اللتين تم ترجمة فصول منهما إلى الألمانية أيضا لتدور حولهما مناقشات مفتوحة. فى مجال الشعر تشارك الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت فى فاعليات المهرجان الأدبى، من خلال ثلاث فاعليات، تخصص اثنتين منهما لقراءة قصائد حديثة لها، وذلك يومى 11 و12 سبتمبر، ومن بين هذه القصائد «تلك اللثغة»، و«ساعة حائط». و«فرح» و«عروس الجيشة» ،و«صندوق اللعب»، و«رغم أنف حبيبى»، أما المشاركة الثالثة فستكون فى ندوة مخصصة للاحتفاء بالذكرى الأولى للشاعر الكبير محمود درويش الذى يشارك بها الشاعر السورى المقيم بألمانيا عادل قرشولى الذى سبق وترجم عددا من قصائد درويش إلى الألمانية،ويشارك بالندوة أيضا الشاعر الأردنى أمجد ناصر. علقّت ناعوت على اختيار العالم العربى كمحور لفاعليات مهرجان برلين بقولها إن المهرجان يحاول السير على نهج يحاول قراءة عقول الشعوب العربية التى «أرهقت العالم الغربى» من خلال أقلام شعرائها وكتابها، لاسيما أن قراءة سياسة دولة ما وتوجهها الفكرى يكون فى المقام الأول عن طريق الأدب،الذى يعد على فانتازيته أكثر صدقا من كتب التاريخ وأقوال الساسة على حد تعبيرها. تشارك أيضا فى فاعليات مهرجان برلين الروائية منصورة عزالدين التى تُرجم فصل من روايتها الأخيرة «ما وراء الفردوس» إلى الألمانية، وتشارك فى قراءة للفصل باللغتين العربية والألمانية. يضم المهرجان نحو 300 حدث أدبى بمشاركة أكثر من مائة كاتب وناشر وشاعر وناقد من أنحاء العالم المختلفة، من بينهم عدد كبير من أدباء العالم العربى كالمغربى ياسين عدنان، واليمنى على المقرى، والكويتى طالب الرفاعى،واللبنانية جمانة حداد، والفلسطينى غسان سقطان. يذكر أن الكاتب جمال الغيطانى قد اعتذر عن المشاركة فى مهرجان برلين الأدبى احتجاجا على اغتيال الشهيدة المصرية مروة الشربينى على يد متطرف ألمانى بسبب ارتدائها للحجاب.