التعليم العالي: إدراج 15 جامعة مصرية في تصنيف QS العالمي لعام 2025    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة    خبراء الضرائب: 4 مبادئ أساسية لمشروع قانون الضريبة على الدخل    تنفيذ 4 حالات تعد على أرض زراعية بقرية الرياينة جنوب الأقصر    وزير الصناعة: تعديل اتفاقية إنشاء المنطقة الصناعية الروسية بقناة السويس    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 7-6-2024 في الدقهلية    شحاتة يتقدم لمنظمة العمل الدولية بأوراق تصديق مصر على اتفاقية العمل البحري    سعر الدولار يرتفع في 9 بنوك مصرية خلال أسبوع    وزير الزراعة يعلن فتح أسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    لافروف: مجموعة بريكس تدرس نحو 30 طلبا للتعاون من مختلف بلدان العالم    أكسيوس: فشل اجتماع القاهرة لإعادة فتح معبر رفح    إندبندنت: بيان حزب العمال قبل انتخابات بريطانيا سيشمل خطوة للاعتراف بفلسطين    انطلاق انتخابات البرلمان الأوروبي في أيرلندا والتشيك    استبعاد كوبارسي وجارسيا ويورينتي من قائمة اسبانيا في اليورو    الاتحاد الرياضى للجامعات يعتمد خطة النشاط الصيفي ويستحدث أندية تمثلها    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    استبعاد كوبارسي.. قائمة منتخب إسبانيا النهائية لبطولة يورو 2024    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    ‬أبطال المشروع الأولمبي بجنوب سيناء يحصدون مراكز متقدمة في بطولة الجمهورية للملاكمة    مركز الفلك الدولي يحدد موعد عيد الأضحى المبارك في أمريكا وكندا    ملخص مادة التربية الدينية للثانوية العامة.. راجع المنهج واضمن الدرجة النهائية    بالرابط.. نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 للفصل الدراسي الثاني محافظة المنوفية (بعد التصحيح)    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    بعد تعهده بحسن رعايتها .. الداخلية تُعيد طفلة لوالدها بالفيوم    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    بمناسبة عيد الأضحى.. زيارة استثنائية لجميع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    هنا شيحة ترقص مع جميلة عوض فى حفل زفافها على أنغام تعالى أدلعك.. فيديو    تفاصيل موعد جنازة وعزاء المخرج المسرحي محمد لبيب    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024.. وتواريخ الإجازات الرسمية المتبقية    مفتي الجمهورية: الحج بالتقسيط جائز ولكن لماذا يكلف المسلم نفسه فوق طاقتها    أيام البركة والخير.. أفضل الاعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة 1445    أحكام الأضحية.. أقيم مع ابنتي في بيت زوجها فهل تجزئ عنا أُضْحِيَّة واحدة؟    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث مع وزيرة الصحة بالرأس الأخضر تعزيز التعاون وتبادل الخبرات    الكشف على 1282 مواطنا بالمجان فى قرى حياة كريمة غرب الإسكندرية    «أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    اليوم.. سلوى عثمان تكشف مواقف تعرضت لها مع عادل إمام في برنامج بالخط العريض    يونس: أعضاء قيد "الصحفيين" لم تحدد موعدًا لاستكمال تحت التمرين والمشتغلين    تموين الإسكندرية تشكل غرفة عمليات لمتابعة توافر السلع استعدادا لعيد الأضحى    وزيرة الثقافة وسفير اليونان يشهدان «الباليه الوطني» في الأوبرا    داعية إسلامي: أبواب الخير كثيرة في ذي الحجة ولا تقف عند الصيام فقط    مسئولة فلسطينية: الموت جوعا أصبح حالة يومية فى قطاع غزة    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الدائري بالقليوبية    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    خلاف داخل الناتو بشأن تسمية مشروع دعم جديد لأوكرانيا    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    «الدائرة الإفريقية».. شراكة من أجل المستقبل    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    تفشي سلالة من إنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن خامسة بأستراليا    افتتاح المهرجان الختامي لفرق الأقاليم ال46 بمسرح السامر بالعجوزة غدًا    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن التساؤلات الناقصة والإجابات الغائبة
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 12 - 2016

مازلت أتساءل مع كل هذه المفجعات التى تنزل ببلاد العرب، هل من سبيل للدفاع عن حقنا فى الحياة فى حرية وكرامة وأمن؟ هل من سبيل للخروج من متواليات الاستبداد والإرهاب والجهل التى تخضعنا لطغيانها الأسود؟ هل من سبيل للخلاص، والعالم من حولنا يغرق فى أزمات نظم ديمقراطية تتحلل وديكتاتوريات تصعد على إيقاع مقولات فاشية وعنصرية وخطاب كراهية ومجتمعات تتعمق بها الهوة السحيقة الفاصلة بين من يملكون ومن لا يملكون؟ هل من حلول؟
***
قبل السنوات الثلاث الماضية، حضرت إجابات واضحة وبدت متماسكة معرفيا وأخلاقيا. حكم القانون والتداول السلمى للسلطة هما شرطا «البداية الجديدة» لبلدان العرب، ونتائجهما ستتمثل فى انفتاح سياسى وعدالة اجتماعية وصون لحقوق وحريات المواطنين ومساواة بينهم دون تمييز. التنمية المستدامة التى تطلق المبادرة الفردية وقوى السوق وتفرض على المؤسسات العامة والخاصة التزام قواعد الشفافية والمساءلة، والتحول الديمقراطى المدار عبر انتخابات دورية وآليات للرقابة والتوازن بين السلطات ومنظومة للعدالة الانتقالية تصارح قبل أن تحاسب بشأن جرائم وانتهاكات وفساد الماضى، والمجتمع التعددى والمتسامح المتجاوز لحروب الطوائف وصراعات الهوية والمنفتح على الآخر الدينى والعرقى والقبلى هى معا وجهة المستقبل القريب الذى نرنو إليه.
قبل السنوات الثلاث الماضية، لم يكن الجزع يعبث بعقلى حين تحدث أنباء بلاد العرب عن تعثر لبناء حكم القانون وغياب لتداول السلطة فى ظل سطوة المستبدين أو تخبر عن التهافت الشديد لإجراءات الانفتاح السياسى والعدالة الاجتماعية المحدودة أو تثبت امتداد نيران الحروب الطائفية والصراعات الأهلية إلى خرائط إضافية. حينها، كانت مقاومة الجزع ممكنة إن بالتعويل على الانتشار الحثيث للوعى بأهمية صون حقوق الإنسان والحريات بين المحيط والخليج أو بتعميم التفاؤل بالبواكير الناجحة للانتفاضات الشعبية فى تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا أو بالتحصن بأفضلية الديمقراطية على جميع أنماط الحكم الأخرى وبتفوقها التاريخى الراسخ مقارنة بالفاشيات وبنظم الاستبداد العسكرى والاستبداد الدينى والاستبداد القبلى وبكونها تنتصر لعموم الناس ولكرامتهم فى وجه نخب رجعية وفاسدة.
فى السنوات الثلاث الماضية، تراجعت الإجابات الواضحة واهتز تماسكها المعرفى والأخلاقى ونفذ الجزع إلى العقل عبر خانات شخصية ومساحات غير شخصية عديدة. بعيدا عن تونس، لم تقض الانتفاضات الشعبية فى 2010 و2011 و2012 على المظالم وانتهاكات الحقوق والحريات. فبينما عانت مصر من جرائم العنف الرسمى والعنف الأهلى والعنف الطائفى وشهدت فى محمد محمود (1 و2) وماسبيرو ومن حولها وفى غيرها تورطا صريحا للحكم فى جرائم قتل وتعذيب واختفاء قسرى، انقلبت انتفاضات الناس فى ليبيا واليمن إلى حروب أهلية وجرائم إرهابية وحروب إقليمية بالوكالة وفى البحرين إلى تدخل خليجى لحماية الاستبداد وفى سوريا إلى حرب إبادة يشنها ديكتاتور دموى ومعه راعيه الروسيالإيرانى على شعب نشد الحرية مستغلا اختراق عصابات الإرهاب للبلاد وتمددها فى جهاتها. ثم كان أن انسحبت مصر من المحاولة الديمقراطية فى 2013 وانقلبت على أعقابها مجددة لدماء السلطوية وسط أجواء شعبية فاشية وتعميم لنهج الصوت الواحد والرأى الواحد وانتهاكات غير مسبوقة للحقوق والحريات، وكذلك جاء الانهيار الشامل للدولة الوطنية وللسلم الأهلى فى ليبيا واليمن وصارت سوريا أرض دماء ودمار وإرهاب ومأساة ملايين اللاجئين ومئات الآلاف من سكان المنافى.
إزاء مشاهد الافتتان الشعبى ببدايات السلطوية الجديدة فى مصر بات التحصن بانتصار الديمقراطية لعموم الناس كالحرث فى البحر. صار توقع حدوث نجاحات فعلية لبناء حكم القانون وتداول السلطة والتحولات الديمقراطية بعد إزاحة المستبدين مدعاة للاستهجان المعرفى والأخلاقى على وقع الكارثة الليبية واليمنية. ومن توالى فصول مأساة الشعب السورى والاستمرارية المخجلة للصمت العالمى، أضحت مواجهة حديث المستبدين المكرور «إما أنا أو الطوفان» على نحو يكتسب تأييد قطاعات شعبية مؤثرة ويقنعها بعدم الانقلاب على الفكرة الديمقراطية أشبه بالصراع الأورويلى بين «قوات حفظ النظام» المدججة بالسلاح وبين المدافعين عن الحق والحرية بالكلمة والقلم.
فى السنوات الثلاث الماضية، جىء بالحسرة الشخصية على أصدقاء وزملاء ودعاة حق وحرية أسقطتهم كضحايا جرائم سلب الحرية والقمع والتعذيب والاختفاء القسرى والتعقب من أحمد ماهر وهشام جعفر إلى حسام بهجت وجمال عيد وبالحسرة العامة على ما آل إليه حال بلاد العرب التى لم يعد لها من حقائق كبرى غير الدماء والدمار والظلم ولم يتراجع بها طغيان متواليات الاستبداد والإرهاب والجهل، جىء بالحسرتين لكى ينفذ إلى العقل المزيد من الجزع والتشكك فى سبيل الخلاص.
فقط قبل أيام، رحل صاحب كتاب «نقد الفكر الدينى» الدكتور صادق جلال العظم فى منفاه الألمانى موصيا بإلقاء رماد جسده فى «بحر بيروت عله يجد طريقا للوصول إلى سوريا» (على ما أشار الأديب إلياس خورى). فقط قبل أيام، تفقد الجنرال الإيرانى قاسم سليمانى حلب المدمرة فى مشهد يتماهى مع مشاهد تجول جنرالات النازيين فى خرائبهم الأوروبية فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. فقط قبل أيام، واصلت السلطات المصرية إغلاق «مكتبات الكرامة» لتضيف إلى السجل الأسود لانتهاكات الحقوق والحريات ومحاربة العقل والوعى جريمة جديدة. فقط قبل أيام، مات الصحفى الجزائرى محمد تامالت بعد إضرابه عن الطعام احتجاجا على سلب حريته بتهمة إهانة رئيس الجمهورية.
***
فكيف لى فى معية كل هذه المفجعات، مقدماتها وخواتيمها التى حتما سيتبعها المزيد، بإجابات واضحة على سؤال سبيل الخلاص؟ كيف لى بحديث متماسك معرفيا وأخلاقيا عن حكم القانون وتداول السلطة وصون الحقوق والحريات وجميع ذلك يهدر يوميا فى بلاد العرب؟ كيف لى بترويج مقنع للتنمية المستدامة والتحول الديمقراطى كوجهتى المستقبل القريب ومتواليات الاستبداد والإرهاب والجهل فى طور صعود عربى؟ كيف لى بدفاع عن أفضلية الديمقراطية وتفوقها التاريخى وأهل النظم الديمقراطية المستقرة يهجرونها ويضعون رهاناتهم على أصوات التطرف والفاشية والعنصرية؟
لا شىء معى سوى تساؤلات ناقصة وإجابات غائبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.