رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم.. صور    آخر تحديث: سعر الدولار صباح تعاملات اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في مصر    تطبيق التوقيت الصيفي في مصر 2024: خطوات تغيير الساعة وموعد البدء    تأثير حملة "خلّوها تعفن" على أسعار الأسماك واللحوم في مصر    محافظ الغربية يتابع الموقف التنفيذي لكورنيش المحلة الجديد    تراجع إنتاج السيارات في المملكة المتحدة خلال مارس الماضي    حماس تبدي استعدادها لإلقاء السلاح في حالة واحدة فقط    الدفاع المدني الفلسطيني: الاحتلال دفن 20 شخصا على الأقل بمجمع ناصر وهم أحياء    الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    مسلسل البيت بيتي 2.. تفاصيل العرض ومواعيد الحلقات على منصة شاهد VIP    الرئيس السيسي: سيناء تشهد جهودا غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة    شوشة عن إنجازات سيناء الجديدة: مَنْ سمع ليس كمَنْ رأى    البحرية البريطانية: بلاغ عن حادث بحري جنوبي غرب عدن اليمنية    الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء "الأونروا" في دعم جهود الإغاثة للفلسطينيين    مواعيد مباريات الخميس 25 إبريل - الأهلي والزمالك في بطولة إفريقيا لليد.. ومواجهة صعبة لمانشستر سيتي    صباحك أوروبي.. بقاء تشافي.. كذبة أنشيلوتي.. واعتراف رانجنيك    مفاجأة غير سارة لجماهير الأهلي قبل مواجهة مازيمبي    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    "أبو زعبل للصناعات الهندسية" تكرم المحالين للمعاش    التريلا دخلت في الميكروباص.. 10 مصابين في حادث على صحراوي البحيرة    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    اليوم.. حفل افتتاح الدورة ال 10 لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    وزير التعليم العالي: تعزيز التعاون بين منظومة المستشفيات الجامعية والتابعة للصحة لتحسين جودة الخدمات    التحقيق في سقوط سيارة من أعلى كوبرى روض الفرج    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بمحاور القاهرة والجيزة    بعثة الزمالك تغادر مطار القاهرة استعدادا للسفر إلي غانا لمواجهة دريمز    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن.. والأخطاء الدفاعية وراء خسارة العديد من المباريات    انقطاع مياه الشرب عن منشية البكري و5 مناطق رئيسية بالقاهرة غدًا    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    هل يوجد فرق بين صلاتي الاستخارة والحاجة؟ أمين دار الإفتاء يوضح    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    الصحة: 3.5 مليار جنيه لإنجاز 35 مشروعا خلال 10 سنوات في سيناء    حبس المتهم بإنهاء حياة شخص بسبب الخلاف على المخدرات بالقليوبية    لأول مرة .. أمريكا تعلن عن إرسالها صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا    احتجاجات طلابية في مدارس وجامعات أمريكا تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    مشاجرات خلال اعتقال الشرطة الأمريكية لبعض طلاب الجامعة بتكساس الرافضين عدوان الاحتلال    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تقسيط 30 عاما.. محافظ شمال سيناء يكشف مفاجأة عن أسعار الوحدات السكنية    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تخوض مغامرة تحصيل فواتير الكهرباء «الملتهبة»

- مستهلك يحلف بالطلاق على غلق محله غضبًا من ارتفاع قيمة الفاتورة: «عشان الحكومة تستريح»
- محصل يطلب على طريقة عبدالمنعم إبراهيم «الغوث والنجدة» من جزار حاول ذبحه احتجاجًا على فاتورة بلغت 12 ألف جنيه
- ربة منزل تطلب تأجيل الدفع «لحد ما يفرجها ربنا».. وعم إبراهيم شاكيًا من الفاتورة: مش بشغل غير إذاعة القرآن الكريم.. وسيدة: «هجيب منين فلوس»
- محصلون: مسئول احتجز زميلنا فى قسم شرطة بسبب ارتفاع فاتورة شقة والدته.. ورؤساء القطاعات أقنعوه بالتصالح
- 6600 محصل مكلفون بتحصيل فواتير 30 مليون مشترك شهريًا.. والمنيب والمذبح وفيصل والهرم «مناطق محرمة»
شغل ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء اهتمام وقلق الشارع المصرى فى الفترة الأخيرة، بعد تعديل أسعار وقيم الاستهلاك وتقسيمها إلى شرائح تختلف تسعيرة كل منها حساب عدد الكيلووات التى جرى استهلاكها.
«الشروق» قررت خوض تجربة تحصيل فواتير الكهرباء وتسجيل ردود فعل المواطنين بشأن مدى قبولهم أو رفضهم للأسعار الجديدة، خاصة أن المحصل هو الواجهة الأولى لتلقى آراء وتعليقات المستهلك.
من شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء فى شارع الهرم، قررنا خوض المغامرة الصحفية، بالتنسيق والترتيب مع قيادات الوزارة وقيادات الشركة، ويضم قطاع كهرباء الهرم 300 ألف مشترك موزعين على عدة مناطق بينها مناطق الهرم، وفيصل، والجيزة، والشيخ زايد، وأكتوبر.
فى الغرف المخصصة لمحصلى الكهرباء فى الشركة لم يعلم الجميع سوى أننا زملاء جدد التحقنا بالعمل معهم، وأننا موفدون من الوزارة لمتابعة ومراقبة سير عمل المحصلين، وتسجيل شكاواهم والمعوقات التى يتعرضون لها فى أثناء تحصيل الفواتير، كأحد إجراءات الرقابة والمتابعة، تمهيدا لرفع تقارير بذلك إلى قيادات الوزارة.
وقائع كثيرة مسجلة صوتيا – كشف عنها المحصلون كادت تودى بحياتهم خلال ممارستهم عملهم نتيجة تعرضهم لاعتداءات كثيرة، بدءا من السب والقذف نتيجة الغضب من ارتفاع قيمة الفاتورة، وصولا إلى محاولات القتل والذبح، كما حدث لأحد المحصلين فى ميدان الجيزة، حين تعدى عليه أحد الجزارين لغضبه من ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء المطلوبة منه، وقيمتها 12 ألف جنيه بعضها مستحقات متأخرة.
الجزار رفع سكاكينه فى وجه المحصل، محاولا إصابته وذبحه، إلا أن تدخل المارة والجيران، واستغاثة المحصل بزملائه فى الشركة، أنقذته من بين يديه، قبل أن يذهب ضحية تحصيل الفاتورة.
نائب رئيس قطاع الهرم للشئون التجارية، صلاح زكى، قال ل«الشروق» إن المتاعب والعقبات قد تواجه المحصلين فى أى وقت فى أثناء ممارسة عملهم، فيما يتشكل فريق من 3 إلى 5 موظفين للنزول إلى منطقة معينة لمتابعتها وتحصيل المتأخرات منها، والتواصل هاتفيا مع القطاع.
وفى حالة حدوث طارئ يتم تسيير سيارة للوصول إلى المحصلين ومعالجة الموقف قبل تفاقمه، خاصة أن التدخلات الأمنية إن حدثت فى قليل من الأحيان فهى متأخرة جدا، وبالتالى يقع عبء مواجهة الموقف وإنهائه على الموظف ورفاقه.
واقعة أخرى رواها المحصلون بغضب وحسرة، تتلخص فى قيام زميل لهم بمطالبة قيمة فاتورة منزل أحد المسئولين، لتندلع مشادة كلامية بين والدته الغاضبة من قيمة الفاتورة والمحصل.. الأم سارعت بإخبار ابنها المسئول بارتفاع قيمة الفاتورة، فما كان منه إلا أن استعان بقوات الأمن للقبض على المحصل، واحتجازه أكثر من 3 ساعات فى قسم الشرطة، قبل أن تتدخل قيادات شركة الكهرباء ورؤساء القطاعات، ليقتنع المسئول بالتصالح مع المحصل وإخلاء سبيله، بعد أن أتت الحلول الودية أكلها معه.
يحكى المحصلون بانفعال شديد تكاد تلمسه من الحديث عما يتعرضون له من إهانات وسباب وضرب فى بعض الأحيان بعدد من المناطق، معبرين عن غضبهم من تحملهم الصعاب نتيجة قرارات اتخذها «الجالسون فى المكاتب المكيفة»، على الرغم من كونهم مقطوعى الصلة بدوائر اتخاذ القرار من الأساس.
ويقول عدد من المحصلين إنه كان من الممكن أن تمر الزيادة فى قيمة فواتير الكهرباء دون أن يشعر بها المواطن، إذا طبق القرار بداية فى غير أشهر ذروة الاستهلاك، خلافا لما تم بتحصيل القيم الجديدة.
وكى نعلم مقدار ما ينتظر المحصلين من معاناة، نقول إن هؤلا يتحملون عبء تحصيل فواتير نحو 30 مليون مشترك فى مختلف مناطق الجمهورية وفقا للشبكة القومية للكهرباء، من خلال الذهاب إلى العقارات وجمع قيمة الإيصالات من كل شقة على حدة، فيما تلاحقهم الاتهامات بأنهم باتوا عبئا وشريكا فى ارتفاع خسائر وزارة الكهرباء فى الآونة الأخيرة بسبب تراخيهم وعدم تحصيل الفواتير، فى ظل الإلحاح المستمر من رؤساء شركات التوزيع بضرورة وصول التحصيل إلى 100% خاصة مع قرارات الوزارة الأخير بربط التحصيل أو إنتاج المحصل براتبه وحصوله على الحافز.
وبحسب ما كشفه مصدر مسئول بوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، يبلغ عدد المحصلين العاملين فى قطاع الكهرباء حوالى 6653 موظفا وفقا لآخر إحصائية أجرتها الوزارة منذ 9 أشهر.
ويكلف كل موظف بتحصيل ما بين 2500 إلى 3000 فاتورة شهرية من المنطقة التى يعمل بها، وفقا لتصريحات نائب وزير الكهرباء والطاقة، المهندس أسامة عسران، ل«الشروق»، والذى يقول إن كل محصل له كمية ثابتة من الإيصالات يجب جمعها وتحصيلها شهريا.
عسران أشار إلى أنه يتم خفض عدد الإيصالات فى بعض المناطق لظروف معينة، بينما يبلغ عدد المشتركين الفعليين الذين يتم تحصيل الفواتير منهم 25 مليون مستهلك، بسبب وجود 6 ملايين مشترك ما بين أصحاب شقق مغلقة ومهجورة، ما يعنى أن الإجمالى يزيد على 30 مليون مشترك.
وتختلف نتائج ونسب التحصيل فى القطاعات المختلفة، طبقا لتصريحات مسئوليها، فوفقا لرئيس شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء، المهندس حمدى عكاشة، تصل نسبة التحصيل إلى 100 % خاصة بعد تركيب أكثر من 200 ألف عداد مسبق الدفع، خلال الفترة الماضية.
بينما تتراوح نسبة التحصيل فى شمال الدلتا بين 75 إلى 80% وفقا لما أكدته رئيس مجلس إدارة شركة شمال الدلتا لتوزيع الكهرباء، المهندسة ابتهال الشافعى، التى يعمل بها 1100 محصل وكشاف، وهو ما يعنى وجود نقص حاد فى عدد المحصلين وفقا لتأكيداتها، فيما يرى رئيس شركة القناة لتوزيع الكهرباء، المهندس محمد السيد، أن التحصيل «معقول» وفى حدوده الآمنة، دون أن يضع نسبة تقريبية للشركة التى يعمل بها 800 محصل، مكلفون شهريا بتغطية 3.6 مليون مشترك.
ولتفادى العجز فى أعداد المحصلين لجأ السيد إلى تشكيل لجان تحصيل من العاملين فى القطاعات المختلفة لمساعدة زملائهم مقابل منحهم مبلغا ماليا إضافيا نظير عملهم، ويطلق عليها «لجان تنشيط التحصيل»، ومهمتها تحصيل المتأخرات، حيث تشكل من العاملين فى المتابعة المالية التجارية والدعم الفنى وإخصائى تحصيل وبعض الفنيين فى القرى، ويتم منحهم حافز 2% مقابل إجمالى التحصيل.
فى غرف المحصلين فى الدور الأرضى، حاول المحصلون إثناءنا عن النزول معهم فى جولات التحصيل، مستشهدين بما جرى لزملائهم، قبل أن يتراجعوا أمام إصرارنا على النزول، بتوجيهنا فى اختيارنا للجهة التى سننزل إليها لبدء التجربة.
تركزت نصائح «الزملاء المحصلين» فى البعد عن أماكن بعينها كالمنيب وضواحيها، والجيزة، والمذبح، وعدد من الشوارع المتفرعة من منطقتى فيصل والهرم، حرصا على سلامتنا، باعتبارنا زملاء جددا لا نمتلك الخبرة اللازمة للتعامل مع ما جرى لهم خلال الأيام الماضية.
بحسب روايات مسجلة صوتيا ، تعد المنيب وضواحيها من أكثر المناطق المحرم على المحصلين دخولها منذ فترة ليست بالقصيرة، فى ظل تصاعد غضب الأهالى من ارتفاع قيم فواتير الكهرباء، وتكرار الاشتباكات اليدوية والتلاسن الغاضب بين الطرفين.
ففى إحدى الوقائع، ذهب أحد الموظفين لتحصيل فاتورة كهرباء من «ترزى»، فأغلق الأخير محله وعطل الماكينات محاولا تفكيكها فى قلب الشارع، هاتفا ضد الحكومة المنحازة ضد الفقراء والغلابة، لتنجح محاولته فى إثارة المحيطين به، ويضطر بعدها المحصل للانسحاب خوفا من تزايد الغضب ضده إلى ما لا تحمد عقباه.
من أمام الشركة انطلقنا إلى ميدان الجيزة والمنطقة المحيطة به وأول شارع البحر الأعظم، والشوارع الخلفية المحيطة بمستشفى الرمد، ظهرا، طبقا لما استقر عليه الرأى بين الزملاء، حيث يتوفر عنصر الأمن والقدرة على تفادى الخلافات اللفظية أو تطورها إلى اشتباك بدنى، فضلا عن التباين فى المستويات الاقتصادية والاجتماعية للسكان، وما قد يستتبعه ذلك من اختلاف ردود الفعل بشأن أسعار الكهرباء الجديدة.
فى أحد الشوارع الجانبية المتفرعة من البحر الأعظم، اجتزنا بوابة عقار ذى 5 طوابق يوحى مدخله المنخفض على سطح الأرض بدرجتين، وسلالمه الضيقة بضيق حال سكانه، وطرقنا باب أحد شققه جاءنا سؤال من الداخل: «مين»، أجبنا: «نووووووور».
سألتنا ربة المنزل بعد أن فتحت لنا الباب «أمال فين أحمد؟» ليرد عليها المحصل الأصلى قائلا «أنا أهو يا حاجة، دول زمايلى من الوزارة جايين يتدربوا، وهيستلموا المنطقة علشان أنا هتنقل منطقة تانية».
اندهشت ربة المنزل العجوز من قيمة الفاتورة التى تجاوزت 100 جنيه صارخة «يا لهوى، 100 جنيه، طيب وهو أنا هقدر على كده كل شهر إزاى، مية وغاز وكهربا، ومصاريف البنت، هجيب منين؟».
رد فعل العجوز الغاضبة من قيمة الفاتورة، لم يمنعها من الإصرار والإلحاح بمودة حقيقية على استضافتنا وتقديم مشروب التحية ترحيبا بنا، حيث إن المحصل اعتاد المرور على العقار عدة مرات شهريا لمدة 5 سنوات، ما وطد علاقته إنسانيا ببعض سكان المنطقة، إلا أننا اعتذرنا عن عدم قبول دعوتها.
فى الدور الثانى أخبرتنا ربة المنزل المنتقبة أن علينا أن نمر عليها بعد الانتهاء من تحصيل الأدوار العلوية، ريثما تجهز مبلغ الفاتورة، وبعد عودتنا عقب تحصيل فواتير سكان العقار، خرج لنا طفل صغير بالمبلغ المطلوب وتسلم الفاتورة، قبل أن يغلق الباب.
فى الأدوار الأخرى لم تختلف ردود الفعل الاستنكارية والغاضبة من ارتفاع قيم فواتير الكهرباء، على الرغم من اختلاف قيمها واختلاف طبيعة السكان، ف«عم إبراهيم» الذى يسكن الدور الخامس وحيدا استغرب قيمة الفاتورة التى وصلت إلى 48 جنيها، قائلا: «ليه، حرام عليهم والله، أنا عايش لوحدى وما بعملش حاجة غير بشغل إذاعة القرآن الكريم، يجيبوا لى فاتورة ب48 جنيه ليه»، لنرد «أسعار الكهرباء زادت يا عم ابراهيم، خد بالك بقى من استهلاكك»، ليرد العجوز محملا بكل مرارات السنوات والأيام «أهو يا ابنى يومين هنقضيهم، لحد ما نتوكل».
وباغتنا عم إبراهيم بسؤال: «بس هو أنتم ملقيتوش شغلانة تانية تشتغلوها غير المحصل، هتقضوا حياتكم كلها تطلعوا وتنزلوا على السلالم، ورجليكم وضهركم يوجعوكم كده»، لنرد عليه قائلين «مفيش شغل يا عم إبراهيم، واللى بيلاقى حاجة بيشبط فيها»، فيقول «ربنا يجعل أيامكم أحسن من أيامنا يا ابنى».
فى المنزل المجاور، وردا على كلمة «نور» التى أطلقناها بعد ضرب الجرس، طلبت منا ساكنة الدور الوقوف أمام الشباك، لأن أبناءها خرجوا بعد أن أغلقوا عليها الباب بالمفتاح، خوفا من تسلل أو دخول غرباء، قبل أن تضرب صدرها بيدها «250 جنيه ليه، والله حرام، قال 250 قال».
«الأسعار زادت يا حاجة، وأنتى عندك تكييف، والتكييف بيسحب كهربا»، لترد علينا «لا خلاص هشيله أحسن، يا ابنى أنا والله جايباه علشان العيا، نفسى بيتكتم والله، بس كده كده هاشيله، هجيب منين أنا 250 كل شهر».
وفى الجوار بعد خروجنا متوجهين إلى شارع آخر لتحصيل الفواتير، وفى الدور الثانى لمنزل قديم يتضح من زخارفه وتصميم شرفاته الواسعة، ودورانات درجات سلمه العريضة أنه قديم البناء، صعقت ربة منزل فى أولى شقتى الدور الثانى من قيمة المطلوب منها وهو حوالى 300 جنيه، تمثل تراكما لفواتير شهرين ماضيين، لم تسددهما وطلبت تأجيل السداد، قبل أن تسدد قيمة شهرين من أصل ثلاثة شهور.
طلبت ربة المنزل تأجيل دفع قيمة استهلاك الشهر الثالث إلى حين أن «يفرجها ربنا»، مع بعض عبارات الشكوى والضجر من الارتفاعات المتوالية فى الأسعار وثبات المعاشات والرواتب، فيما يبدو ارتيابها بشأن الغرباء «المحصلين الجدد» واضحا بشدة على ملامحها.
بين شارع وشارع وعقار وآخر، لا تختلف ردود الفعل الساخطة والغاضبة على ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء، حتى مع التأكيد أن التجربة الصحفية التى خاضتها «الشروق» ليست استطلاعا علميا للرأى العام، إلا أن الشكوى من غلائها وارتفاع تكاليف المعيشة، وعدم تناسب الأسعار مع الدخول، أمر متكرر وإن بدت نسب الشكوى مختلفة، بين مكتفِ بالدعاء على الحكومة و«الحسبنة عليها»، والمتسائل عن السبب فيما يحدث، والحانق والمستنكر متوعدا الحكومة «بغضب آت».
محل تجارى فى شارع جانبى خلف مستشفى الرمد، هدد صاحبه بغلقه للأبد حتى تستريح الحكومة، ردا على قيمة فاتورة الكهرباء حين طالعها ووجدها تخطت 400 جنيه فى شهر واحد، لتنهال أسئلته علينا «ليه يعنى، هو أنا بعمل إيه فى المحل ب400 جنيه، أديكم جيتم على غفلة ولقيتونى فاصل التلاجات»، قبل أن يقسم بيمين الطلاق غلق المحل لعل الحكومة تستريح حين تغلق أبواب الرزق فى وجه الشعب»، حسب قوله.
غضب صاحب المحل من ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء لم يمنعه من دفع فاتورة أخرى لواحد من جيرانه، لا يتواجد فى المنزل إلا فى أوقات متأخرة لطبيعة عمله، قبل أن يتصاعد غضبه من قيمتها التى تقترب من ال100 جنيه، وتعلو نبرات صوته تدريجيا «الباشمهندس بييجى متأخر، وبينزل بدرى وعايش لوحده، حرام يعنى»، متسائلا «هل يسحب جارى أسلاك الكهرباء معه إلى العمل حتى تأتى فاتورته بهذه القيمة».
تركنا صاحب المحل، وهو يكرر كلمتين احتجاجا على ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء هما «طب ليه.. طب ليه».
اقرأ ايضا:
رئيس «القناة للكهرباء»: انتهينا من تركيب 170 ألف عداد مسبوق الدفع
شرائح وحساب فواتير الكهرباء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.