- باحثة ب«الأزمات الدولية»: الوضع مرشح لمزيد من التدهور إذا استمرت الانقسامات اعتبرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن إحراز القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطنى الليبية تتقدم نحو معاقل تنظيم «داعش» فى مدينة سرت ليس هو المحك فى الأزمة التى تواجه البلاد، لأن المهمة الأصعب الآن بالنسبة للسلطات الضعيفة فى ليبيا تتمثل فى الحد من التناحر السياسى وعدم الاستقرار منذ الإطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافى عام 2011. وأوضحت الصحيفة فى تقرير لها الجمعة، أنه حتى مع سعى القوات الليبية لتحرير المدينة من قبضة الإرهابيين، إلا أن القتال من أجل تحريرها بات مسيسا بعمق فى ظل وجود حكومات متنافسة ومجموعة واسعة من الميليشيات المدججة بالسلاح والقبائل القوية ذات الطموحات المتنافسة. وأشارت الصحيفة إلى أن الصدامات بين الفرقاء الليبيين ظهرت على السطح، مع إحراز القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطنى المدعومة من الأممالمتحدة تقدما فى سرت. ونقلت «فاينانشيال تايمز» عن كلوديا جازينى، الباحثة المتخصصة فى الشأن الليبى بالمجموعة الدولية للأزمات، قولها إن «الانتصار فى سرت لن يساعد (فى حل) الانقسامات السياسية والعسكرية فى البلاد»، مضيفة أنه «إذا تركت تلك الانقسامات قائمة، فالوضع مرشح لمزيد من التدهور». وأكدت الصحيفة أن معركة سرت سلطت الضوء على الأخطاء العميقة والتوترات من قبل جميع الأطراف، منوهة إلى أن مساعى حكومة الوفاق المدعومة من الأممالمتحدة لفرض نفوذها فى جميع أنحاء البلاد، قوبل بالرفض من الفصائل القوية بما فى ذلك الفريق أول خليفة حفتر، قائد الجيش الوطنى الليبى فى شرق البلاد. وأشارت الصحيفة إلى أن القوات التى تخوض المعركة ضد «داعش» هى جزء من الميليشيات القوية فى مدينة مصراتة، لافتة إلى أن تلك المليشيات تتوقع الحصول على حصة أكبر من السلطة، مقابل الإبقاء على دعمهم لحكومة الوفاق. «جازينى»، عادت وقالت إن القوات الموالية لحفتر تنظر للحرب التى تقودها مصراتة لاستعادة سرت من قبضة «داعش» على أنها حيلة من قبل ميليشياتها من أجل السلطة، كما أنها تحمل تلك المليشيات مسئولية السماح للتنظيم بدخول المدينة. من جانبه، أوضح ماتيا توالدو، الخبير فى الشأن الليبى بالمجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية، إن «الاقتتال الداخلى بين الفصائل المختلفة يحدث بالفعل بين ميليشيات فى طرابلس الداعمة لحكومة (الوفاق)، إلى جانب القوات التابعة لحفتر، التى تهاجم حقول النفط»، مشيرا إلى أن «سؤال المليون دولار هو: من يسيطر على حقول النفط؟». وكانت قوات الفريق أول حفتر قد أعلنت اعتزامها دخول موانئ زويتينة والسدرة ورأس لانوف النفطية، التى يسيطر عليها حرس المنشآت النفطية الذى وقع اتفاقا مع حكومة الوفاق، نهاية الشهر الماضى، لتمكينها من استئناف الإنتاج فى خطوة كبرى نحو بسط سيطرتها فى أنحاء البلاد. ويرى محللون أن الهدف الاستراتيجى من تلك الخطوة يتمثل فى إعاقة الاستراتيجية الاقتصادية لحكومة الوفاق لإحياء صادرات النفط المصدر الرئيسى للدخل فى البلاد. وأوضح توالدو أن الصادرات تتراوح حاليا ما بين صفر و300 ألف برميل يوميا، مقارنة ب90 ألف برميل قبل تمزق البلاد على يد الحكومات المتنافسة فى عام 2014. وقال الباحث فى الشأن الليبى: «لست متأكدا من إمكانية سيطرة حفتر على تلك الحقول، ولكن يحتاج فقط لقصف الموانئ مرة واحدة لإخطار شركات التأمين والشحن بالبقاء بعيدا عنها»، مضيفا أن «الشركات ستبدأ فى التساؤل، هل يستحق الأمر كل هذا العناء؟».