البورصة تحقق مكاسب سوقية 4 مليارات جنيه قبل اجتماع البنك المركزي اليوم    محافظ القليوبية يضبط 4 سيارات نقل تلقي مخلفات بناء في أرض زراعية    «عاشور» يشارك في المنتدى العالمي للتعليم بلندن بحضور 122 من وزراء الدول    لا رادع لجرائم الإسرائيليين.. «القاهرة الإخبارية» تكشف الوضع المأساوي في غزة    حزب العدل يشيد بموقف إسبانيا والنرويج وأيرلندا حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية    هيئة البث الإسرائيلية: حكومة الحرب ستدعم مقترحا جديدا لمفاوضات غزة    السبت.. بدء أعمال تقدير درجات الشهادة الإعدادية ببني سويف    «حياة كريمة» تطلق قوافل طبية مجانية في الشرقية والمنيا    «صحة المنيا»: تقديم الخدمات العلاجية ل7 آلاف مواطن خلال شهر    تخرج الدفعة العاشرة من طلاب برنامج التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة    الداخلية تُحرّر 170 مخالفة للمحال المخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء    تمريض القناة تنظم مؤتمرا حول "القبالة والصحة النفسية للمرأة" (صور)    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع تكتيكي بجنود بالذخيرة الحية    نعش الرئيس الإيرانى يصل مدينة مشهد مسقط رأسه تمهيدا لدفنه    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    إسرائيل تقر بمواجهتها تحديات في رفح    إعلام عبري: العدل الدولية تستعد لإصدار أمر بوقف الحرب في غزة    "5 أساطير سبقوه".. هل يسير صلاح على نهجهم وينضم للمنتخب الأولمبي؟    حسن مصطفى: الفوارق واضحة بين الأهلي والترجي التونسي    الثانية للفريقين هذا الموسم.. أمين عمر حكما لمواجهة الزمالك ضد مودرن فيوتشر    صباح الكورة.. صدمة في الزمالك ودور ممدوح عباس في الأزمة الكبرى.. لبيب يكشف موقفه من ضم حجازي والشناوي يتدخل لحل أزمة نجم الأهلي وحسام حسن    تريزيجيه: أنشيلوتي خطط للتعاقد معي.. وهذا موقفي من اللعب ل الزمالك    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    في الجول يكشف تفاصيل إصابة عبد المنعم وهاني بتدريبات الأهلي قبل مواجهة الترجي    وفاة عصام ابو ريدة شقيق رئيس اتحاد الكرة السابق    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    جهود حملات قطاع الأمن الاقتصادي بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    تعرض طالبة الإغماء خلال إمتحانات الإعدادية بالفيوم    ضبط عنصر شديد الخطورة بحوزته 80 بندقية خرطوش بقصد الإتجار    اتفاق بين مصر وألمانيا لتمويل البرنامج الوطني للمخلفات الصلبة ب80 مليون يورو    "مظهر غير لائق".. يدخل أحمد الفيشاوي تريند "إكس"    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    مسلسل دواعي السفر يتصدر قائمة الأعلى مشاهدة على منصة WATCH IT    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    أسعار البقوليات اليوم الخميس 23-5-2024 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    رئيس جهاز تنمية المشروعات يستقبل وفد «الجايكا» اليابانية    "شوف جمال بلدك".. النقل تعلن تركيب قضبان الخط الأول للقطار السريع - فيديو    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    رئيس جامعة المنيا يفتتح مهرجان حصاد «نوعية» في نسخته الأولى    رئيس منطقة الشرقية الأزهرية يتابع استعدادات بدء أعمال تصحيح امتحانات الشهادتين الابتدائية والإعدادية    ضبط فني أشعة انتحل صفة طبيب وأدار مركزًا ببني سويف    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزيرة الاقتصاد والتخطيط التونسية    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    الأرصاد: انخفاض مؤقت في درجات الحرارة يومي الجمعة والسبت    توريد 211 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة حتى الآن    مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة يختتم فعالياته بحضور رئيسته الشرفية إلهام شاهين    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    أحمد العوضي ب «لوك جديد» في احدث ظهور له..ويوجه رسالة (صورة)    أمين الفتوى ينفعل على زوج يحب سيدة متزوجة: ارتكب أكثر من ذنب    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة غيرت التاريخ
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 09 - 2009

بينما طليطلة الغالية تئن تحت الحصار الصليبى الغادر وتستصرخ شهامة من حادوا عن الطريق ورضوا بالذل بعد طول عز، كان ملوك الطوائف يتنافسون فى التودد إلى ألفونسو السادس ظنا منهم أن ذلك يصرف عنهم شبح الاحتلال ويؤمن بقاءهم وذرياتهم على كراسى الحكم وجهلا منهم بحقائق التاريخ هرولوا يوقعون معاهدات مع عدوهم غلت أيديهم عن نجدة الجارة المحاصرة حتى سقطت.
لم يخرج عن إجماع الذل سوى المتوكل على الله ابن الأفطس أمير بطليوس الذى رفض التحالف مع القشتاليين أو دفع الجزية لهم بل أرسل إلى ألفونسو إنذارا شديد اللهجة يهدده بإعلان الجهاد إن فكر فى مهاجمة إمارته وحين حوصرت طليطلة بعث بولده الفضل على رأس جيش بطليوسى فى محاولة لصد الزحف القشتالى، وكان خلال ذلك يبذل ما وسعه لجمع شتات ملوك الطوائف ليتفقوا على موقف واحد ولكن ذهب سعيه أدراج الرياح.
وعلى الجانب الآخر وقف المعتمد ابن عباد ملك أشبيلية وأقوى ملوك الطوائف حينئذ موقفا مخزيا من حصار طليطلة حيث كان بوسعه أن يمد لها يد العون إلا إنه تعلل بمعاهدته مع قشتالة التى تلزمه بنودها بتقديم تسهيلات عسكرية لها فقبع مترقبا متجاهلا صيحات الاعتراض من علماء الأمة حتى سقطت عاصمة الأندلس التليدة طليطلة.
وُلد المعتمد ابن عباد فى البرتغال وكان فارسا شاعرا شجاعا وقد ورث الملك عن والده وهو فى الثلاثين بعد أن توسعت مملكة أشبيلية الجنوبية فضمت قرطبة وماردة واستجة ومرسية حتى أصبحت أقوى ممالك الأندلس حينئذ كما ازدهرت الحركة العلمية والفنية والأدبية فى عهده ازدهارا كبيرا فعدت أشبيلية بحق عاصمة العلم والأدب فى عهد ملوك الطوائف، وبدلا من أن يدرك حاكمها أن قوتها ومنعتها هما سبب ازدهارها فإنه لجأ إلى التحالف مع العدو القشتالى فتقلصت دائرة نفوذه ولم يقف ذله وتراجعه عند حد تقديم التسهيلات السياسية والمالية والعسكرية التى أدت إلى سقوط الجارة الشمالية طليطلة، وإنما بلغ هوانه على نفسه ثم على حليفه القشتالى ما أبلغ السيل الزبى كما يقولون، فبينما هو ينعم بعز لا ينال بمذلة أبدا إذ وصل إليه رسول من ألفونسو السادس يحمل رسالة عجيبة المحتوى.
تحضرنى قبل أن أنقل لكم ما جاء برسالة ألفونسو إلى المعتمد رسالة سابقة وصلت إلى الخليفة الأندلسى الأموى قبل حوالى قرن من الزمان أرسلها ملك انجلترا مع سفير من الأمراء يحمل هدايا التودد إلى أعظم ملوك أوروبا فى ذلك الوقت «عبدالرحمن الناصر» يرجوه فيها أن يوافق على إلحاق أربعة من علماء انجلترا بجامعة قرطبة ثانى أكبر أكاديميات العالم وقتها بعد جامعة بغداد لينهلوا من علوم المسلمين المتقدمة كما يرجوه فيها أن يقبل إقامة ابنتيه لفترة فى قصر الزهراء لتتأدبا بالآداب الراقية ولتتعلما فى القصر الإسلامى أصول البروتوكول الملكى، وقد خُتمت الرسالة التى ما زالت محفوظة حتى اليوم بخاتم ملك انجلترا بجوار توقيعه «خادمكم الأمين جورج الثانى ملك إنجلترا».
فلنقارن بين تلك الرسالة وهذه التى وردت من ملك قشتالة إلى المعتمد ابن عباد والتى أرسلها له مع وزيره اليهودى شليب يطالبه فيها بإعداد جامع قرطبة لكى تلد فيه زوجة ألفونسو الحامل حيث تنبأ لها الكهنة بأنها إن ولدت ولدا فى هذا الجامع فسوف يدين له المسلمون بالولاء.
كل من الرسالتين وردت من ملك أجنبى إلى ملك أندلسى، قرطبة هى هى عاصمة العلوم والآداب والفنون، أشبيلية أقوى وأغنى وأجمل ممالك أوروبا فى عصر المعتمد فلماذا كانت الرسالة الأولى مثالا للعز بينما لا تحمل الثانية غير مؤشرات الذل الذى جاوز كل الحدود؟ ما الفارق بين الناصر وابن عباد؟ كل منهما ملك مسلم وكل منهما أولى اهتماما خاصا بالازدهار المادى والحضارى لمملكته واشتهر عصر كل منهما بالاستغراق فى المباهج إلى حد بلغ الترف والتبذير.
يظهر الفارق بين الرسالتين واضحا فى ضوء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا ترك قوم الجهاد سلط الله عليهم ذلا لا ينزعه حتى يرجعوا إلى دينهم) ولقد كان الخليفة الأموى مجاهدا بينما رضى ابن عباد بالقعود، أفتراه رجع بعدما فرط وضيع؟ نعم ! ولقد أعادته لطمة حليفه إلى الوعى.
كانت الرسالة المخزية وتطاول شليب اليهودى على المعتمد سببا لاستعادته فطرته الشجاعة الأبية فقتل رسول ألفونسو ثم استدعى علماء قرطبة على رأسهم فقيهها الجليل عبدالله ابن أدهم ليستشيرهم فيما يجب فعله خاصة وقد كان رد فعل ألفونسو على قتل رسوله أن تحرك بجيوشه من طليطلة السليبة محاصرا قرطبة، فأجمع العلماء على ضرورة عقد تحالف بين ممالك الأندلس ثم إعلان الجهاد لصد العدو، وهنا يقف التاريخ ليسجل ما دار فى اجتماع قمة ملوك الطوائف الذى دعا إليه ابن عباد فى قرطبة لتدارك الموقف.. نعم يقف التاريخ حابسا أنفاسه إزاء تلك اللحظة الفاصلة بين عز لا يرضى الإسلام عنه بديلا ومذلة تهوى بصاحبها إلى درك ليس له قرار.
كان العلماء قد قاموا بدورهم فى شحذ الهمم وإيقاظ الضمائر وتنبيه الغافلين وتذكيرهم بمأساة طليطلة فبدا الرأى العام متمحورا حول قضية الجهاد رافضا التقاعس عنها أو الالتفاف حولها، غير أن ملوك الطوائف وقد أدمنوا القعود وتسربلوا بثياب الذل بدوا مترددين عدا رجلين فقط: المتوكل أمير بطليوس الشجاع والمعتمد ملك أشبيلية الجريح.
قال الملوك: ليس لنا طاقة بألفونسو وجنده فأجاب المتوكل: ما يتربصون بنا إلا إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة، قال الملوك: علينا حسن الإعداد قبل اللقاء، فأجاب المتوكل: فلنستنجد بأمير المسلمين، قال الملوك: لا يجتمع السيفان فى غمد واحد، يريدون أن يخوفوه من الاستنصار بقوة خارجية فتطيح بعروشهم وتستولى على ملكهم وهنا يخرج المعتمد ابن عباد عن صمته قائلا: فى حسم: «رعى الإبل خير من رعى الخنازير»، فماذا كان مقصده؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.