إسقاط السيسى دون بدائل فشل لنا وللشعب نفسه اعتصمت من أجل «سجناء الأرض» ويجب الإفراج الفورى عنهم «تيران وصنافير» مصريتان ولا يجوز التنازل عنهما فى البرلمان نواب شرفاء وعليهم أن يتحملوا مسؤليتهم ويختارون موقعهم من هذا البلد قال المرشح الرئاسى السابق، حمدين صباحى ل«الشروق»، إن «السلطة غير منتبهة لما تعرض له الوطن من مخاطر بسبب ضيق أفقها، وضمور عقلها السياسى وتضخم عضلاتها، فهى سلطة لا تسمح بتشكيل مجتمعا ديمقراطيا متعددا، وكان هذا واضحا فى طريقة تفريطها فى جزيرتى تيران وصنافير دون الدعوة إلى حوار مجتمعى حقيقى لتلافى الأخطاء». وأضاف صباحى الذى بدأ اعتصاما بمقر حزب الكرامة من أجل الإفراج عن «سجناء الأرض» من المتظاهرين: «ما يجرى فى مصر أخطر وأعمق من أوهام النخب السياسية، فهو حصار حقيقى للسياسة ومصادرة لحرية الرأى والتعبير وتنكيل واضح بالشباب، كما أن الطبقات الشعبية تعانى حصارا لأنها مضارة اقتصاديا». وفى داخل حجرة واسعة تحيط بها الآرائك والمنضدات الخشبية بمقر حزب الكرامة بالدقى، قضى صباحى، المرشح الرئاسى السابق، مع مجموعة من قيادات وشباب أحزاب تحالف التيار الديمقراطى، الليلة الأولى من اعتصامهم؛ ضد حبس 151 متظاهرا فى أحداث 25 إبريل الماضى. وما أن أعلن صباحى دخوله فى اعتصام مفتوح، لحين الإفراج عن الشباب بتهم المشاركة فى تظاهرات رافضة لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة السعودية، حتى تحول مقر حزب الكرامة، الكائن بشارع الموسيقار على اسماعيل بالدقى، إلى خلية نحل هدأت قليلا بعد منتصف الليل، حيث تبقى نحو 15 شخصا قرروا الاعتصام فى تلك الليلة. «مجرد رسالة احتجاجية على كل ما يحدث، ولا ننتظر ردا من السلطة» عبارة متكررة يرددها المشاركون فى الاعتصام، الذى أُعلن عنه بعد ساعات من نظر الدعوى القضائية المقدمة من المحامى خالد على، أمام محكمة القضاء الإدارى ضد اتفاقية ترسيم الحدود «المصرية السعودية» والتى تأجلت إلى السابع من يونيو المقبل، لحين تقديم الحكومة صورة رسمية من الاتفاقية، والمكاتبات والخطابات والقرارات المرتبطة بها. على كرسى إسفنجى يتصدر الغرفة التى احتضنت أحاديث قيادات وشباب التيار الديمقراطى، جلس صباحى، مرتديا قميصا من نوعية «الجينز»، يتجاذب أطراف الحديث مع الشباب حول طبيعة الاعتصام «الرمزى»، دون أن يظهر ضيقا من سخرية البرامج التليفزيونية التى تناقلت خبر اعتصامه بمقر الكرامة. «هذا الاعتصام من أجل الأرض وسجناء الأرض» هكذا أوضح صباحى من مقر اعتصامه غرض الاعتصام الذى جاء بمبادرة من قيادات حملة «مصر مش للبيع»، كوسيلة للضغط على الرأى العام والسلطة للتضامن مع الشباب الذين يدفعون ثمن الدفاع عن الأرض المصرية، بحسب تعبيره. وأكد صباحى تمسكه بأحقية مصر فى جزيرتى تيران وصنافير، قائلا: «الأرض مصرية وتحت سيادتنا طوال تاريخنا، وارتوت بدماء شهدائنا، وجزء من جغرافيتنا ولا يجوز التنازل عنها». وأضاف صباحى: «سجناء الأرض يتم التنكيل بهم بتهم من اختراع جهاز أمن الدولة»، مطالبا بالإفراج الفورى عن الشباب الذين تظاهروا فى أحداث 25 إبريل الرافضة للاتفافية، وبحث إصدار عفو شامل عن سجناء الرأى الذين يقضون عقوبات لخرقهم قانون تنظيم التظاهر. وأشار صباحى، إلى أن خطوة الاعتصام تتزامن مع مسارات أخرى يسير فيها التيار الديمقراطى للضغط على السلطة، وللتراجع عن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية والإفراج عن السجناء، ومن بينها إرسال وفود و مذكرات إلى مجلسى «النواب» و«القومى لحقوق الإنسان»، ومتابعة الدعاوى القضائية التى حركها محامون لوقف تنفيذ الاتفاقية. وعقّب صباحى على موقف مجلس النواب فى اتفافية تيران وصنافير قائلا: «مجلس النواب به شرفاء، ونحاول أن نتعاون مهعم دون أن نصدر أحكاما مسبقة لن تجدى نفعا، لكنهم يتحملون مسؤليتهم ويختارون موقعهم من هذا البلد، خصوصا مع وجود نواب يحترمون حقوق الإنسان من بينهم النائب محمد أنور السادات». وعما إذا كان ينتظر نتائج محددة من اعتصامه، قائلا: «لا ضمان لنتائج إيجابية من اعتصامنا أو أى خطوة تصعيدية أخرى، لكنها وسيلة ضمن وسائل النضال السلمى للضغط على السلطة فى القضايا المثارة»، لافتا إلى أن الخيارات تتحدد حسب طبيعة الموقف السياسى. كما تطرق صباحى للحديث عن أزمة نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية، قائلا: «النقابة لم تخسر معركة لها من قبل فى مجال الحريات مع الأجهزة الأمنية، مبديا تمسكه بالاستمرار فى الضغط رغم عدم طرح حلول قريبة للأزمة». ويرى مؤسس التيار الشعبى أن البلد يعيش حالة احتقان بسبب التضييق على الحريات وملاحقة الشباب فى مناسبات مختلفة بقوانين جائرة، وهو ما يستدعى تدخل السلطة لتحقيق انفراجة فى المجال العام. ويرى المرشح الرئاسى السابق أن السلطة الحالية ظهرت عاجزة عن تحقيق العدالة الاجتماعية، وتجور على الحريات التى كانت متاحة قبلها، كما أنها تمارس نفس السياسات القديمة الفاشلة بأقل كفاءة وشخصيات أقل مهارة، بالإضافة إلى التفريط فى الأرض المصرية والحديث عن سلام دافئ «كأن الرئيس مهموم بأمن وسلامة إسرائيل»، بحسب تعبير صباحى. وقلل صباحى من الانتقادات الموجهة للنخبة من إثارة الشعب أو تحريكه، قائلا: «مصير السلطة بيد الشعب، وعندما يدرك أن السياسات الحالية على مستوى الحريات والاقتصاد والعدالة الاجتماعية لن تصب فى مصلحته الشخصية، فخبرة الشعب هى من تحكم وتقرر وليس النخب». وتابع: «الشعب يشعر بالأزمة، ولكنه لا يجد بديلا بعد ثورته على رئيسين فى فترة قصيرة بين 25 يناير و 30 يونيو، لذا فالشعب بحصافته لن يدخل معركة مجهولة لأنه يعلم متى يجب أن يثور». وأكد صباحى أنه بالرغم من رفضه لسياسات النظام الحالى؛ إلا أنه لا يستطيع أن يطالب بإسقاط رئيس الجمهورية فى الوقت الحالى قبل إيجاد بديل واضح للشعب، قائلا: «إسقاط السيسى دون بدائل فشل لنا وللشعب نفسه». وجدد صباحى إشارته إلى أن القوى السياسة مازالت مقصرة فى إيجاد البديل المدنى الواضح، لافتا إلى أن النجاح يتلخص عندما يرى الشعب أحزابا وتنظيمات قوية وتملك سياسات بديلة واضحة. واختتم صباحى حديثه ل«الشروق» بالرد على حملات الانتقاد والسخرية التى يتعرض لها من مؤيدى النظام من حين للآخر، قائلا: «من حقهم أن يسخروا منى، سواء بالدفاع عن ولائهم أو قلة وعى بعض الجماهير، لأن مهامهم التقليل منا والدفاع عن مصالحهم، لكننا نلتمس العذر للغلابة أحيانا، وإعلامنا الذى يشوه افكارنا باستمرار».