وعد دونالد ترامب، الذي يسعى للحصول على ترشيح حزبه الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، أمس الأربعاء، بإحداث تغيير جذري في سياسة بلاده الخارجية، وأن يتبنى شعار «أمريكا أولا» ويجبر حلفاء بلاده على دفع الأموال مقابل حمايتهم. وفي كلمة لم تشتمل على تفاصيل وحيرت خبراء السياسة في واشنطن، قال «ترامب» إن "على أوروبا وآسيا أن تدافعا عن نفسيهما". ووعد بإلغاء اتفاقات التجارة وإعادة هيكلة حلف شمال الأطلسي (الناتو) بحيث يقف في وجه الهجرة و«التطرف الإسلامي»، وبأن يضع "المصالح الوطنية الأميركية، قبل كل الاعتبارات الأخرى". واعتبر «ترامب» أن "سياستنا الخارجية كارثة حقيقية"، منتقدًا جميع الرؤساء من ديموقراطيين وجمهوريين الذين تولوا منصبهم منذ الحرب الباردة. وأضاف "نحن نعيد بناء دول أخرى ونضعف بلدنا"، منددًا بمهمات بناء الدول في الشرق الأوسط والعجز التجاري الأمريكي مع الصين. وقال أيضا "حلفاؤنا لا يدفعون حصتهم العادلة"، مشيرا بأصابع الاتهام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) واليابان، وكوريا الجنوبية، حليفتي بلاده الاسيويتين المقربتين. وأضاف "على الدول التي ندافع عنها أن تدفع مقابل هذا الدفاع، وإلا فإن على الولاياتالمتحدة أن تكون مستعدة لتدع هذه الدول تدافع عن نفسها". وقال «ترامب» إن شعار «أمريكا أولا» سيكون محور سياسته الخارجية، وهو الشعار الذي تبناه دعاة الانعزالية بعد الحرب العالمية الثانية. وكان يتوقع أن تمنح هذه الكلمة «ترامب» الذي يتصدر المرشحين الجمهوريين في سباق الرئاسة، فرصة كسب مؤسسة السياسة الخارجية التي تشكك فيه. إلا أن العديد سارعوا إلى التنبيه للتناقضات في استراتيجيته لاستعادة قوة الولاياتالمتحدة، والقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، وفي الوقت ذاته التخلي عن الحلفاء. وأشار إلى "تريليونات الدولارات" التي قال إنها هدرت في تعزيز الدفاعات بعد الحرب الباردة. ورغم ذلك، سارع «ترامب» إلى مهاجمة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، متهما إياه بالتخلي عن حلفاء بلاده مثل إسرائيل، ومد يده لإيران بدلا من ذلك. وقال "لقد اخترنا أن نتشاجر مع أقدم أصدقائنا، والآن بدأوا يبحثون عن المساعدة من جهات أخرى. تذكروا ذلك. هذا ليس جيدًا". إلا أنه كان واضحا في إشارته إلى أكبر خطر يتهدد الولاياتالمتحدة، متهمًا منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون، برفض تسمية ذلك التهديد صراحة. وشدد على أن "احتواء انتشار التطرف الإسلامي يجب أن يكون أهم أهداف السياسة الخارجية في الولاياتالمتحدة بل وفي العالم". ولاحظ ديفيد بولوك، المستشار السابق في وزارة الخارجية والخبير حاليا في معهد واشنطن، أن الخطاب ترك العديد من الأسئلة أمام خبراء المعهد. وقال "الخطاب بدأ كأنه عرض لأفكار ترامب بطريقة أكثر ذكاء، إلا أنه ترك العديد من الأسئلة بدون إجابات". وأضاف أن "الاختبار الحقيقي هو نوع المستشارين الذين يمكن أن يعثر عليهم ترامب، والمستعدين للاصطفاف معه علنًا والانضمام إلى فريقه". وتعرض «ترامب» إلى سخرية واسعة بسبب عدم قدرته على الحصول على تأييد من أسماء كبيرة في السياسة الخارجية، واعتماده على شخصيات هامشية من التيار اليميني. إلا أنه دافع عن فريقه وانتقد الخبراء الحاليين في أوساط واشنطن ووصفهم بانهم ملوثون بالفوضى التي سادت في ظل رئاسة الرئيس جورج بوش، وقال "هدفي هو وضع سياسة خارجية تبقى لأجيال عدة".