غرامة تصل إلى 10 ملايين جنيه في قانون الملكية الفكرية.. تعرف عليها    عطل مفاجئ يتسبب في انقطاع مياه الشرب عن بعض مراكز بالفيوم    البورصات الخليجية تغلق على تباين.. والمؤشر القطري يواصل مكاسبه    رئيس هيئة الدواء يستقبل رئيس هيئة تنظيم المستحضرات الدوائية بالكونغو الديموقراطية    البنك الأهلي المصري يطلق حملة ترويجية لاستقبال الحوالات الخارجية على بطاقة ميزة المدفوعة مقدماً    جهاز تنمية المشروعات يمول تطوير البنية الأساسية بالإسكندرية ب105 ملايين جنيه    الحوثي: حاملة الطائرات آيزنهاور ستبقى هدفا لقواتنا    اليابان تهزم ميانمار بخماسية في تصفيات مونديال 2026    عاجل.. تشكيل منتخب السعودية الرسمي أمام باكستان في تصفيات كأس العالم    العثور على جثة شخص مجهولة الهوية طافية بمياه ترعة في الدقهلية    بدبلجة عربية.. طرح فيلم الأنيميشن قلباً وقالباً 2 بدور العرض المصرية 13 يونيو    ياسمين رئيس بطلة الجزء الثاني ل مسلسل صوت وصورة بدلًا من حنان مطاوع    فتاوى بشأن صيام العشر من ذي الحجة 2024    توقيع مذكرة تفاهم بين الرابطة الإيطالية لشركات الأدوية واتحاد الصناعات المصرية    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    "أوهمت ضحاياها باستثمار أموالهم".. حبس المتهمة بالنصب والاحتيال في القاهرة    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    رابط التقديم وشروط الحصول على زمالة فولبرايت في عدة مجالات أبرزها الصحافة    حركة تغييرات محدودة لرؤساء المدن بالقليوبية    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 الجزائر وفقا للحسابات الفلكية؟    جيش الاحتلال ينفي إعلان الحوثيين شن هجوم على ميناء حيفا الإسرائيلي    وزير الخارجية يلتقى منسق البيت الأبيض لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    نقابة المهن التمثيلية تنفي علاقتها بالورش.. وتؤكد: لا نعترف بها    سوسن بدر تكشف أحداث مسلسل «أم الدنيا» الحلقة 1 و 2    الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة يلتقي منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمجلس الأمن القومي الأمريكي    «الإفتاء» توضح أفضل أعمال يوم النحر لغير الحاج (فيديو)    هل يحرم على المضحي الأخذ من شعره وأظافره؟.. الإفتاء تجيب    حج 2024| 33 معلومة مهمة من الإفتاء لزوار بيت الله    وزير العمل يلتقى نظيره التركي لبحث أوجه التعاون في الملفات المشتركة    البدري يكشف.. سبب رفضه تدريب الزمالك.. علاقته بالخطيب.. وكواليس رحيله عن بيراميدز    للراغبين في الشراء.. تراجع أسعار المولدات الكهربائية في مصر 2024    الأقوى والأكثر جاذبية.. 3 أبراج تستطيع الاستحواذ على اهتمام الآخرين    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وطقوس ليلة العيد    لوكاكو: الأندية الأوروبية تعلم أن السعودية قادمة.. المزيد يرغبون في اللعب هناك    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    التحالف الوطنى للعمل الأهلى ينظم احتفالية لتكريم ذوى الهمم بالأقصر    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    تركي آل الشيخ: أتمنى جزء رابع من "ولاد رزق" ومستعدين لدعمه بشكل أكبر    والدة الأبنودي مؤلفتها.. دينا الوديدي تستعد لطرح أغنية "عرق البلح"    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    انخفاض 10 درجات مئوية.. الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    زغلول صيام يكتب: عندما نصنع من «الحبة قبة» في لقاء مصر وبوركينا فاسو!    حسام البدري: تعرضت للظلم في المنتخب.. ولاعبو الأهلي في حاجة إلى التأهيل    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    تباين أداء مؤشرات البورصة بعد مرور ساعة من بدء التداولات    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    قبل عيد الأضحى.. ضبط أطنان من الدواجن واللحوم والأسماك مجهولة المصدر بالقاهرة    بوريل يستدعي وزير خارجية إسرائيل بعد طلب دول أوروبية فرض عقوبات    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا للثانوية العامة الجزء الثاني    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. أولى صفقات الزمالك وحسام حسن ينفي خلافه مع نجم الأهلي وكونتي مدربًا ل نابولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديدُ الدَّرسِ النَّحْوي العَربي (1) و(2)
نشر في شموس يوم 20 - 04 - 2018


بوابة شموس نيوز – خاص
تجديدُ الدَّرسِ النَّحْوي العَربي (1)
لقد كانت اللغة العربية تخرجُ من فمِ الإنسان العربي القديم بسليقة فَطَرَهُ الله عليها، كما يسيلُ العسلُ من النَّحلِ، وكما يفوحُ العِطْرُ من الزَّهْرِ، فاستعان بها العربي في العصر الجاهلي ووظفها أحسن توظيف للتعبير عمَّا يريد من مشاعر وأحاسيس، وآمال وطموحات، وحاضر ومستقبل وماض، واستخدمها لتحقيق كل أغراضه الاجتماعية والنفسية والبيئية وغيرها، فاللغةُ أصواتٌ يُعبِّرُ بها كُلُّ قومٍ عن أغراضهم (كما عرفَّها ابن جني).
ونظرًا لنضج اللغة العربية وكمالها في جوانب شتى، ونظرًا لتمتعها بخصائص فريدة قلما تجدها في غيرها من اللغات؛ كالاتساع والاعتدال والقدرة على التوليد والاشتقاق وغير ذلك، وبما أنَّ الله سبحانه وتعالى هو القادر على كل شيء والخالق لكل شيء، فقد قدَّر سبحانه وتعالى أن يُكرِّمَ اللغة العربية ويكرمنا معها بأن أنزل بلسانها القرآن الكريم، دستور الله القويم الذي بين فيه ربنا الكريم طريق السعادة في الدارين للناس أجمعين، يقول تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[يوسف:2] ويقول سبحانه وتعالى (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)[الشعراء:195]
ونزل القرآن الكريم باللغة العربية تلك اللغة التي فيها من الصفات والخصائص ما يتوافق مع العقل البشري في كل مكان وزمان، ويتوافق مع أصحاب الفطرة السليمة التي خلق الله الناس عليها (ينظر: كتابي العربية لغة العقل والفطرة والعبقرية).
وجاء القرآنُ الكريمُ لِيُتمِّمَ اللُّغةَ العربيَّةَ ويُرقِّيها ويزيدها بلاغة وفصاحة وبيانًا، ويكسبها قوة على ما بها من قوة، وبفضل الله تعالى قامت اللغة العربية بدورها خير قيام، وأسهمت بدورٍ فعَّالٍ مُهمٍّ في بناء الأمة الإسلامية، خير أمة أخرجت للناس عندما أخذت بالأسباب، واستعانت برب العباد، ونفذت أوامره وابتعدت عما نهاهم عنه، واستمر هذا الحال ردحًا من الزمن، فصنعوا أعظم حضارة عرفها التاريخ الإنساني، حضارة الرحمة والإنسانية، يقول تعالى(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107]، وفي تلك الفترة كان العرب المسلمون الأوائل يتحدَّثُون اللغة العربية بسليقة وفصاحة وبيان، إلا أنَّ دوام الحال من المُحال، وسبحان مُغير الأحوال، يقول تعالى (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)[آل عمران:140]
وعندما دخل الإسلام بلادًا غير عربية: كبلاد فارس والروم والشام ومصر وشمال إفريقية والأندلس والصين وغيرها، بدأت تنتشر ظاهرة اللحن والتحدث باللغة العربية بطريقة خاطئة، فهبَّ العلماءُ العربُ وغيرهم من المسلمين لوضع قانون لغوي بشري يحافظ على اللغة العربية ويحفظ القرآن الكريم، يقول ربنا تبارك وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر:9]، ولقد قدَّر الله تعالى أن يحفظ القرآن الكريم بأنْ قيَّض له من علماء العربية ورجالاتها وأبنائها، وغيرهم من عشاقها ومحبيها، وهيأ لهم السُّبُل ويسَّر لهم الأمر؛ لصياغة علم يحفظ اللسان العربي، وهو النحو العربي وباقي علوم العربية؛ ليحفظوا اللغة العربية من الضياع والاندثار والانحراف والفساد اللغوي، فالحفاظ على اللغة العربية حفاظٌ على القرآن الكريم، والله تعالى يقول (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)[الرعد:11]
وسنرى في اللقاءات القادمة كيف بدأ التفكير في وضع علم النحو، وكيف تطور وتم تجديده إلى يومنا هذا. فمن المؤكد الذي لا يقبل الشك أو المزايدة أنَّ العلوم العربية قاطبة، الشرعية منها واللغوية بل كل العلوم الإنسانية، مرَّت – ولا تزال – بمراحل تطور وتجديد، فهي – بفضل الله تعالى – بعيدةٌ كُلّ البُعدِ عن الجمود والسكون والتخلف عن مواكبة ركب الحضارة والتطور في كل ميادين الحياة، فالله تعالى قيَّض لها من العلماء النابهين المُخلصين ممَّن يذودون عنها ويطورونها بفكر مستنير، بناء على قواعد وأصول للتجديد والتطوير، وليس عن طريق استخدام معاول الهدم والتزييف والتدليس وتغييب العقل والجهل المركب، ولا ننكر وجود أمثال هؤلاء في كل مكان وزمان إلا أنهم سرعان ما ينكشفون ويندحرون وتدحض حججهم ويذهبون إلى المكان اللائق بهم في زوايا تاريخ العلوم والعلماء؛ كما سنرى بإذن الله تعالى.
تجديدُ الدَّرسِ النَّحْوي العَربي (2)
إنَّ الله تعالى خالق كل شيء، والقادر على كل شيء؛ شرف اللغة العربية بإنزال القرآن الكريم بلسانها؛ يقول تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[يوسف:2] ويقول سبحانه وتعالى (بلسانٍ عربيٍّ مُبينٍ) [الشعراء:195]، ولقد اختارها الله سبحانه وتعالى من بين آلاف اللغات البشرية، واختصَّها بهذا الشرف العظيم؛ لأنَّ بها من الصفات والمقومات والخصائص ما يفوق غيرها، وما يجعلها قادرة – بفضل الله تعالى – على القيام بدورها خير قيام، فعبَّرت بفصاحة وبلاغة وأحسن بيان عمَّا جاء في القرآن؛ من تعاليم وأوامر ونواهٍ وفروض ربانية سامية، وكانت لسان القرآن الكريم دستور الله القويم الذي بيَّن فيه بجلاء مبين، طريق السعادة في الدارين للناس أجمعين.
واستمر هذا الحال ردحًا من الزمان، وبعد أن توسَّعت الفتوحات الإسلامية، ودخل الإسلام بلادًا غير عربية، مثل: بلاد فارس والشام ومصر والروم وغيرها، انتشرت آفة اللحن؛ وهو الخطأ في نطق بعض الكلمات أو العبارات العربية بما يخالف المتعارف عليه عند العرب القدماء الفصحاء أصحاب السليقة اللغوية التي فطروا عليها.
وبعد أن تزوج العرب بغير العرب من تلك البلدان المفتوحة نتج جيلٌ هجينٌ، أصبح بعض أفراده غير قادرين على النطق باللغة العربية بصورة صحيحة، وهنا يكمن الخطر العظيم، على كيان اللغة العربية ومستقبلها ودورها، الأمر الذي يجعلها في مهب ريح الانحراف والفساد اللغوي، ويعرضها للاندثار والزوال كما حدث لغيرها من اللغات؛ كاللغة العبرية وغيرها.
وبدأ اللحن (النطق الخاطئ) يتسرَّبُ إلى قراءة بعض كلمات القرآن الكريم، وعليه فأيُّ ضياع للغة العربية ضياع للقرآن الكريم، ومن أمثلة اللحن في قراءة القرآن الكريم في القرن الأول الهجري في عهد الفاروق عمر بن الخطاب، أنَّ أعرابيًا طلب من أحد القرَّاء أن يقرأ له بعض آيات القرآن الكريم، فقرأ له حتى وصل إلى قوله تعالى في سورة التوبة (أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)[التوبة:3] فقرأها القارئ بجر كلمة (رسوله) عطفًا على كلمة (المشركين)، فالأعرابي يفهم بسليقته أن الواو يفيد العطف والاشتراك في الحكم والمعنى، ففهم أنَّ الله تعالى قد تبرَّأ من المشركين ورسوله، فقال متعجبًا (أبرئ الله من رسوله أيضًا؟!) وفي رواية (والله إنني برئ من هذا الرسول) فبسبب خطأ في القراءة وتغيير في حركة من ضمة إلى كسرة، أفسدت المعنى وغيرته تمامًا، وكادت أن تؤدي إلى الكفر، لولا أن بين بعض الحاضرين الأمر، وصححوا له القراءة، فالقراءة معناها أن الله تعالى تبرأ من المشركين، وكذلك فعل الرسول وتبرأ من المشركين أيضًا، فبلغ ذلك سيدنا عمر بن الخطاب فحزن حزنًا شديدًا.
ومن أمثلة ذلك أيضًا قراءة أحد الناس لقوله تعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)[فاطر:28] فقرأها برفع لفظ الجلالة (الله) فصارت فاعلًا، ونصب كلمة (العلماء) فصارت مفعولا، ويفهم المعنى خطأ أن الله تعالى يخشى ويخاف من العلماء، وهذا معنى فاسد، لأن الله تعالى لا يخاف من أحد لا من العلماء ولا غيرهم، والصواب بنصب لفظ الجلالة لأنه مفعولا به مقدم، ورفع كلمة العلماء لأنها فاعل مؤخر، ويكون المعنى أن العلماء هم الذين يخشون الله تعالى ويخافونه.
وبعد هذه الأخطاء، شعر المسلمون العرب أن لغتهم ودينهم في خطر، والله تعالى قال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر:9]، ومن أوجه حفظ الله تعالى للقرآن الكريم أن قيض رجالاً وعلماء للغة العربية وللقرآن الكريم وأعانهم على أن يحفظوهما ويحافظوا عليهما، وبدأ التفكير في وضع قانون لغوي يحافظ على اللغة العربية ويحفظها ويحفظ اللسان من الخطأ… فمتى تمَّ ذلك ؟؟
هذا ما سنعرفه بإذن الله تعالى في اللقاءات القادمة بإذن الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.