بوابة شموس نيوز – خاص أهمية النحو ومكانته : النحو عِماد اللغة العالِمة والأدب والبَلاغة. بل هو عِماد الثّقافة والعلوم العربية القُحّة. فلا فِقه ولا حديث ولا علم كَلام..بدونه. فكم من فَقيه أفتى المسلمين في دينهم من كِتاب سيبوْيه. وكم من قاعدة فِقهية بُنيتْ على أساس قاعِدة نحوية. والشبه بيْنهما لا يترُك مجالا للشّك. ويعتبر العلماء أن علم النحو بمكانة أبي العلوم العربية والقنطرة التي نعبر بها عليه إلى التزود بالعلوم اللغوية والشرعية وغيرها، فهو واسطة عقدها،قال ياقوت الحموي:"وحسُبك شرف هذا العلم، أن كل علم على الإطلاق مفتقر إلى معرفته، محتاج إلى استعماله في مُحاورته. وصاحبُه فغير مفتقر إلى غيره، وغير محتاج إلى الاعتضاد والاعتماد على سواه"، ويقولُ الجاحظ:" قالُ عُمَرُ : تعلَّموا النحو كما تعلّمون السّنن والفرائض". وقال ابن خلدون في المقدمة:" الفصل الخامس والأربعون في علوم اللسان العربي، أركانه أربعة: وهي اللغة والنحو والبيان والأدب، ومعرفتها ضرورية على أهل الشريعة، إذ مأخذ الأحكام الشرعية كلها من الكتاب والسنة، وهي بلغة العرب، ونقلتها من الصحابة والتابعين عرب، وشرح مشكلاتها من لغتهم، فلابد من معرفة العلوم المتعلقة بهذا اللسان لمن أراد علم الشريعة". ويقول ابن خلدون أيضًا في مقدمته عن أهمية تعلم النحو :"إذ به يتبين أصول المقاصد بالدلالة فيعرف الفاعل من المفعول والمبتدأ من الخبر ولولاه لجهل أصل الإفادة"،"لأن الكاتب أو الشاعر إذا كان عارفًا بالمعاني، مختارًا لها, قادرًا على الألفاظ، مجيدًا فيها، ولم يكن عارفًا بعلم النحو، فإنه يفسد ما يصوغه من الكلام, ويختل عليه ما يقصده من المعاني، ويقول ثعلب:"تعلموا النحو فإنَّه أعلى المراتب". يقول ابن الأنباري:"إن الأئمة من السلف والخلف أجمعوا قاطبة على أنه شرْط فى رتبة الاجتهاد، وأن المجتهد لو جمع كل العلوم لم يبلغ رتبة الاجتهاد حتى يعلم النحو، فيعرف به المعاني التي لا سبيل لمعرفتها بغيره. فرتبة الاجتهاد متوقفة عليه، لا تتم إلا به …". وإن علم النحو من العلوم المهمة التي لا غنى عنها، وهو من أسمى العلوم قدرا وأنفعها أثرا به يتثقف أود اللسان ويسلس عنان البيان، ولقد أثر عن إسحاق بن خلف البهراني أنه قال النحو يبسط من لسان الألكن والمرء تكرمه إذا لم يلحن وإذا طلبت من العلوم أجلها فأجلها منها مقيم الألسن ويقول عبد القاهر الجرجاني:" وأما زُهُدهم في النَّحو واحتقارُهم له وإصغارُهم أمرَهُ وتهاوُنهم به فصنيعُهم في ذلك أشنعُ من صَنيعهم في الذي تقدَّم وأشبهُ بأن يكونَ صّداً عن كتابِ الله وعن معرفةِ معاينه ذاك لأنَّهم لا يجدونَ بُدّاً من أنْ يَعْترِفُوا بالحاجةِ إليه فيه إذ كان قد عُلمَ أنَّ الألفاظَ مغلقةٌ على مَعانيها حتّى يكونَ الإِعرابُ هو الذي يفتحها وأنّ الأغراضَ كامنةٌ فيها حتى يكونَ هو المستخرِجَ لها وأنه المعيارُ الذي لا يُتبيَّنُ نُقصانُ كلامٍ ورُجحانهُ حتى يُعرضَ عليه . والمقياسُ الذي لا يُعرف صحيحٌ من سقيمٍ حتّى يُرجَعَ إليه . ولا يُنكِرُ ذلك إلا مَن نَكر حِسَّه وإلا مَن غالطَ في الحقائقِ نَفْسَهُ". ويقول يوسف السرَّمري:"… لابدَّ لمن شرح الله صدره لتناول العلم من آلة يستعين بها في موارده ومصادره ، وراحلة تصلح لقطع بدوه وحاضره، وذلك معرفة الإعراب الذي يبين به الخطأ من الصواب، ويفهم به كلام الله، وأحكام سنن رسوله".إنَّ "جريان الكلام على أحكام النحو يجعله صحيحًا، وبُعده عنه يجعله فاسدًا، وليس بين هاتين واسطة، فالكلام إما صحيح لجريانه على عرف اللغة في الترتيب الخاص الذي يتبعه الإعراب، وإمَّا فاسد لعدم اتِّباعه أحكام النحو وقيمه..". يقول ابن حزم: «لما فشا جهل الناس باختلاف الحركات التي باختلافها اختلفت المعاني في اللغة العربية؛ وضع العلماء كتب النحو، فرفعوا إشكالاً عظيماً، وكان ذلك معيناً على الفهم لكلام الله عز وجل، وكلام نبيه، وكان مَن جَهِل ذلك ناقص الفهم عن ربه تعالى؛ فكان هذا من فعل العلماء حسناً وموجباً لهم أجراً» وقال ابن فضّال في "شرح عيون الإعراب":"فإنّ النّحو علم يُعرف به حقائق المعاني، ويوقف به على معرفة الأصول والمباني، ويحتاج إليه في معرفة الأحكام، ويستدلّ به على الفرق بين الحلال والحرام، ويُتوصّل بمعرفته إلى معاني الكتاب، وما فيه من الحكمة وفصل الخطاب".