تنمية شاملة بعد عقود من الإهمال| مشروعات زراعية وصناعية وبنى تحتية فى كل شبر من أرض الفيروز    تحرير سيناء.. «قصة كفاح نحو البناء والتنمية» ندوة بمجمع إعلام قنا    سيناء من التحرير للتعمير    البورصة المصرية.. أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا اليوم الأربعاء 24-4-2024    بتخفيضات 30%.. الكاتدرائية المرقسية تستضيف مبادرة «خير مزارعنا لأهالينا»    عاجل.. تنبيه مهم من البنوك لملايين العملاء بشأن الخدمات المصرفية    وزير الاتصالات: مصر تطرح رؤيتها المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في المحافل الدولية    «شهادات الموت والرعب والأمل».. أهل غزة يصفون 200 يوم من الحرب | خاص    جمعة فى مؤتمر رابطة العالم الإسلامى بالرياض: نرفض أى محاولة لتهجير الشعب الفلسطينى وتصفية قضيته    السيسى يحذر من أى عمليات عسكرية فى رفح الفلسطينية    سفير الصين: العلاقات مع مصر في أفضل حالاتها.. وتجمعنا طموحات مشتركة    تعرف علي عدد الأندية المصرية الموقوف قيدها حاليًا بفرمان من «فيفا».. مستند    تشكيل البنك الأهلى لمواجهة بيراميدز    رياضة الوادى الجديد تختتم فعاليات الحوار المجتمعي «دوي» وإعلان المبادرات الفائزة ببرنامج نتشارك    تريزيجيه ينافس مبابي ووالكر في قائمة مميزة حول العالم    بالصور| السيطرة على حريق اندلع داخل مصنع للمسبوكات بالوراق    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم الناقد العراقي مهدي عباس    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "شقو"    عناوين مكاتب تطعيمات الحج والعمرة بمحافظة كفر الشيخ ومواعيد العمل    عاجل من الصحة بشأن منع هذه الفئات من الخروج في الموجة الحارة (فيديو)    فوز مصر بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    رغم توافر السيولة الدولارية.. لماذا يرفض التجار استلام بضائعهم من الموانئ؟| تفاصيل    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    زيادة وتيرة حرب أسعار السيارات الكهربائية في الصين    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    حجز قضية مصرع شاب على يد 6 أشخاص في المنصورة للنطق بالحكم (فيديو)    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    طلاب كولومبيا: لن ندخل في مفاوضات مع إدارة الجامعة    هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تلقينا بلاغ عن وقوع انفجار جنوب شرق جيبوتي    الصحفيين والمهن التمثيلية تعقدان اجتماعا مشتركا لوضع ضوابط تغطية جنازات الفنانين    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    عزف على أوتار الفقد    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    هل هناك أذكار وأدعية تقال في الحر الشديد؟.. رد واضح من الإفتاء    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    إجازة شم النسيم 2024.. موعدها وعدد أيامها بعد قرار مجلس الوزراء بترحيل الإجازات    رئيس جامعة جنوب الوادي يكرم الوفود المشاركة بالملتقى الفني 21 لشباب الجامعات    محافظ المنيا: تقديم كافة الدعم للأشقاء الفلسطينيين بالمستشفى الجامعي لحين تماثلهم للشفاء    خدماتها مجانية.. تدشين عيادات تحضيرية لزراعة الكبد ب«المستشفيات التعليمية»    حزب الحركة الوطنية يناقش خطة عمل المرحلة المقبلة والاستعداد لانتخابات المحليات    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    وكالة الفضاء المأهول الصينية تحدد يوم غد موعدا لاطلاق سفينة الفضاء المأهولة شنتشو-18    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل بشأن المقابر الجماعية في غزة    عمرو الحلواني: مانويل جوزيه أكثر مدرب مؤثر في حياتي    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    بشير التابعي: أتوقع تواجد شيكابالا وزيزو في التشكيل الأساسي للزمالك أمام دريمز    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة فضيلة مفتي لبنان في المؤتمر العالمي لدور وهيئات الافتاء
نشر في شموس يوم 17 - 10 - 2017


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على أنبياءِ ورسلِ اللهِ أجمعين ، وعلى شفيعِنا ونبيِّنا وقدوَتِنا محمد خَاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، وعلى آلهِ وأصحابِهِ أجمعين، ومنْ تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين .
صاحبَ الرِّعايةِ والفَخَامَة، السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي – رئيسُ جُمهوريةِ مِصرَ العربية .
سماحةَ الإمامِ الأكبر ، الأستاذ الدكتور أحمد الطيب ، شيخِ الأزهرِ الشريف.
سماحةَ الأستاذ الدكتور الشيخ شوقي علَّام، مفتي جمهوريةِ مِصرَ العربية،
ورئيسَ الأَمانةِ العامَّة، لِدُورِ وهيئاتِ الإفتاءِ في العالَمِ .
أصحاب المعالي والسيادة والسعادة .
الإخوة أصحابَ السَّماحَةِ العُلماءَ الأفاضل.
أيها الحضورُ الأكارم .
يَطِيبُ لي باسْمِي وباسْمِ الوفودِ المُشَاركَةِ اليومَ ، في المؤتمرِ الثالثِ للأمانةِ العامَّةِ لِدُورِ وَهَيئَاتِ الإفتاءِ في العَالم، تَحتَ عُنوان (دَورُ الفَتوَى في اسْتِقرارِ المجتمعَات) ، أنْ أَتَقَدَّمَ بِالتَّحِيَّةِ الكبيرة، والشُّكرِ الجَزِيل، لِفَخَامَةِ رئيسِ جُمهوريةِ مِصرَ العربية، السيد عبدِ الفَتَّاحِ السيسي، على رِعَايَتِهِ الكَرِيمةِ لهذا المؤتمر ، هذهِ الرِّعايةِ التي تُؤكِّدُ دَائماً دَورَ أرضِ الكِنَانَة ، مِصرَ الحبيبة ، قِيادَةً وأزهراً وإفتاءً وشعبًا ، في حَمْلِ القضَايا العَربيةِ والإسلامية ، والدِّفاعِ عَنْ حُقوقِ الأُمَّة ، والمحافَظَةِ على أَمْنِ واسْتقرارِ مِصر ، والتَّمَسُّكِ بالأمنِ القَومِيِّ والعَرَبيّ ، وَحَمْلِ أَمانَةِ القَضَايا الإِسلامِيَّةِ المحِقَّة ، في وَجْهِ ما يُحَاكُ لمجتمَعَاتِنا العَربيَّةِ والإِسلامِيَّةِ مِنْ مُؤَامَراتٍ وَفِتَن .
أيها السادة :
إنَّ الأزهَرَ الشَّريف، وَمَعَهُ دَارُ الإِفتاءِ المِصرِيَّة ، لا يَزالُ وَسَيَبقَى مَرجِعًا عَربِيًّا وإسلامِيًّا كَبِيرًا، ليسَ في مِصرَ فَحَسْب ، وإنَّما على مِسَاحَةِ الوَطَنِ العَرَبيِّ وَدُوَلِه ، وَعَلى امْتِدَادِ دُوَلِ العَالمِ بِأَسْرِهَا ، حيثُ يُشَكِّلُ المسلمون نِسبَةً كَبيرةً مِنْ سُكَّانِ العَالم ، الذينَ يَحمِلُونَ رِسَالةَ الإِسْلامِ السَّمْحَة، في الوَسَطِيَّةِ والاعْتِدَالِ وَالرَّحمَةِ وَالمحَبَّةِ وَالقِيَمِ الخُلُقِيَّةِ والتَّآلُفِ الإِنسَانيّ .
فَشُكراً لِفَضِيلةِ الإِمامِ الأَكْبَر، شَيخِ الأَزهَرِ الطَّيِّب ، الدكتور أحمد الطَّيِّب، على كُلِّ الجُهودِ الجَبَّارة، وَالإِنجَازَاتِ الكَبِيرَةِ التي يَقُومُ بِهَا الأَزهَرُ الشَّرِيفُ في مِصرَ وَالوَطَنِ العَرَبيِّ والعَالم ، مِنْ أَجْلِ إِحلالِ السَّلامِ وَالوِئَامِ والاسْتِقْرارِ في كُلِّ المجتمَعَاتِ المتَعَدِّدَةِ وَالمتَنَوِّعَة ، وَكُلُّنَا يَعْرِفُ ، وَالوَاحِدُ مِنَّا يُشَاهِدُ وَيَشْهَدُ في أيِّ بَلَدٍ مِنْ بُلدَانِ العَالم، جُهُودَ عُلمَاءِ الأَزهَر، وَجُهُودَ البَعثَةِ الأزهرية .
وأمَّا دَارُ الإِفتاءِ المِصرِيَّة ، المؤسسةُ الدِّينِيَّةُ الإِفتائيَّةُ العَرِيقَة. فقد أَثبَتَتْ عَبرَ تارِيخِها الطَّوِيل، وَبِالأَخَصّ، مَعَ مُفتِي الجُمهورِيَّةِ الحِاليّ، العَلَّامَةِ الشيخ الدكتور شَوقِي عَلَّام ، أَنَّها المؤسّسَةُ الدِّينِيَّةُ الرَّسمِيَّةُ الأَقْدَرُ في دَورِهَا الإِفتَائيِّ الصَّحِيح ، وفي تَصَدِّيها لموجَةِ الفَتَاوَى المتَفَلِّتَةِ وَالشَّاذَّة، التي تُقَوِّضُ أَركَانَ المجتَمَعَات، وَتَحُثُّ على العُنفِ وَالقَتْل، وَإِحْدَاثِ الاضْطِرَابِ وَالتَّخْرِيب، وَتُتَّخَذُ ذَرِيعَةً لِتَبرِيرِ أَعْمَالِ العُنفِ وَالإِرهَاب.
أيها السادة :
نَلتَقِي اليوم ، والعَالَمُ الإسلامِيُّ يُواجِهُ تَحَدِّياتٍ غَيرَ مَسبُوقَةٍ في تاريخِه الحديث ؛ مِنْ مَظاهِرِها ، الجرائمُ التي يَتَعَرَّضُ لها إخوانُنا مِنَ الروهينغا، على يَدِ القُوَى العَسكرِيَّةِ الفاشِيَّةِ في ميانمار ، التي بلغَتْ أقصَى دَرَجاتِ التَّطهيرِ العِرقِيِّ والدِّينِيّ . وهي أسوأُ جرائمَ ضِدُ الإنسانِيَّةِ مُنذُ جَريمَةِ الإبادةِ الجَمَاعِيَّة ، التي تَعَرَّضَ لها إخوةٌ لنا في البوسنة – الهرسك، قَبلَ عَقدَينِ مِنَ الزَّمن.
ومِنْ مَظاهِرِها أيضاً ، ما تَتَعرَّضُ له القُدسُ عامَّة ، والمَسجِدُ الأقصَى بصورةٍ خاصَّة ، مِنَ انتِهاكَاتٍ تَستهدِفُ تَهوِيدَ مُقدَّسَاتِنَا الإسلامية، وَتَصْفِيَةَ الوجودِ العَرَبِيِّ الإسلامِيِّ في المدينةِ التي أُسْرِيَ إليها برسولِ اللهِ محمدٌ صلَّى اللهُ عليه وسَلّم، ومِنها عُرِجَ به إلى السمواتِ العُلى .
ومِنْ مَظَاهِرِها كذلك ، اِرتفَاعُ مَوجَةِ العِداءِ لِلإسلامِ في العَالَم ، مِنْ خِلالِ رَبْطِهِ ظُلماً وَعُدوَاناً بالإرهاب.
إننا لا نَستَطِيعُ أنْ نَتَصَدَّى لِهذِهِ التَّحدِّياتِ الوُجُودِيَّةِ الخَطِيرة ، مَعَ اسْتِمْرارِ تَفَرُّقِنَا وَتَخَاصُمِنَا ..
وَلا نَسْتَطِيعُ أنْ نَتَصَدَّى لها ، إذا وَاصَلَ السُّفَهَاءُ مِنّا، تَشْوِيهَ سُمْعَةِ دِينِنا، الذي ارْتَضَاهُ اللهُ لنا ، وَجَعَلَهُ عِصْمَةَ أمْرِنَا ..
إنَّنَا نَستَطِيعُ أنْ نَتَصَدّى لها ، وَيَجِبُ أنْ نَتَصَدَّى لها ، إذا ما التزَمْنا دَعوَةَ اللهِ لنا ، أنْ نَعْتَصِمَ بِحَبْلِهِ المَتِين ، وَقُرآنِهِ الحَكِيم ، وَشَرْعِهَ القَوِيم ، وَطَرِيقِه المُستَقِيم .
نَسْتَطِيعُ أنْ نَتَصَدَّى لها ، باسْتِجَابَتِنَا لِنَصِيحَةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وَسَلَّم ، الذي تَرَكَ فِينَا أمرَين، لنْ نَضِلَّ مَا إنْ تَمَسَّكْنَا بِهِما، كِتابُ اللهِ وَسُنَّتُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم.
وَلكِنَّنا لا نَستطِيعُ أنْ نَفْعَلَ ذلك ، إذا تَرَكْنَا أُمُورَنَا لِلسُّفَهَاءِ مِنَّا ، الذين يُفْتُونَ بِغَيرِ عِلم ، والذين يَفْتَرُونَ على اللهِ كَذِبًا .
لا نَستَطِيعُ أنْ نَفعَلَ ذلك ، إذا اسْتَخْفَفْنَا بالأَضْرَارِ الفَادِحَة ، التي تَلْحَقُ بالإسلامِ سُمْعَةً وَصُورَةً مِنْ جَرَّاءِ الجَرائمِ التي تَرْتَكِبُها باسْمِه ، حَفْنَةٌ صَغِيرَةٌ مِنَ الضَّالِّين ، وَمِنَ الذين غَضِبَ اللهُ عليهم ، الذين خَرَجُوا عَنْ صِرَاطِ اللهِ المُستَقِيم .
أيها السادة :
نحن نَرَى بِالتَّجْرِبَة ، أنَّ فَتَاوَى الحَيَاةِ اليَومِيَّة ، مَا تَزَالُ شَدِيدَةَ الأَهَمِّيَّة. وَذَلكَ لِأنَّ العَامَّةَ تَتَوَجَّهُ بِها إلى العُلَماء ، عَبْرَ العَدِيدِ مِنَ الوَسَائل، لِمَعْرِفَةِ الحُكْمِ الشَّرعِيّ. هذه الصِّلةُ الوَثِيقَةُ وَالحَافِلَةُ بالثِّقَةِ بَينَ السَّائلِ وَالمَسؤُول ، وَالعَلاقَةُ القَوِيَّةُ مِنْ جَانِبِ الجُمهورِ الكثيف بِدُورِ الفَتوى، وَالإحْسَاسُ مِنْ جَانِبِ المُسْتَفْتِي ، أنَّهُ يَستَطِيعُ الاعْتِمَادَ على عُلَمَاءِ المُؤَسَّسَةِ في صَوْنِ دِينِه ، وَالإِعَانَةِ على اتِّبَاعِه ، أمَّا الفَتَاوَى المُتَعَلِّقَةُ بِكِبَارِ المَسَائلِ الدِّينِيَّةِ وَالوَطَنِيَّة، فَهِيَ لا تَعْتَمِدُ على الأَفْرَادِ غَالِباً، وإنَّما على المَجَامِعِ العِلمِيَّةِ وَالبَحْثِيَّة ، وَتَنْفَعُ فِيهَا قَضَايا الاجتهادِ الجَمَاعِيّ.
فَدُورُ الفَتوَى لَيسَتْ حَكَماً بَينَ الدَّولَةِ والثَّائرِين ، بَلْ هي مَعَ الدَّولةِ التي يَنْبَغِي أنْ تَبْقَى لِكُلِّ المُوَاطِنِين ، حِمَايَةً لِحَيَاتِهِم ، وَحُقُوقِهِمْ وَحُرِّيَّاتِهِم، وَمَنْعاً مِنَ الانْدِفَاعِ مَعَ الأهواءِ التي تُهَدِّدُ أمْنَ الدَّولةِ وسلامَتَها، وَسَلامَةَ مُوَاطِنِيْها.
والتَّأَهُّلُ وَالتَّأْهِيل ، هذانِ هُمَا اللَّذانِ يُشَكِّلانِ مَعاً ، (الخِطَابَ الدِّينِيّ) الذي تَحْفِلُ وَسَائلُ الإعلامِ وَكَلِمَاتُ المَسْؤُولِينَ بِالدَّعوَةِ لِإصْلاحِه. ولدينا أمرانِ أو خِيَارَان: التَّركِيزُ على الاخْتِصَاصِ والتَّخَصُّص، سَواءٌ لِجِهَةِ الفَتَاوَى العَامَّة ، أو لِجِهَةِ الإرشَادِ العَامّ . فلا يَظْهَرُ وَلا يَتَحَدَّثُ إلا المُخْتَصُّون، المُكَلَّفُونَ وَالمُدَرَّبُون.
والضَّوَابِطُ لِلفَتْوَى وَالإرشَاد ، وَهِيَ أنواعٌ عِدَّة :
الأَوَّلُ وَالأسَاس : مَعرِفَةُ ثَوَابِتِ الدِّين .
والنَّوعُ الثَّانِي مِنَ الضَّوَابِط: يَتَّصِلُ بِآدَابِ الفَتوَى ذَاتِها . وَيَدْخُلُ فيها التَّأَهُّلُ وَالتَّأْهِيل ، فَبِسَبَبِ التَّحْرِيضَاتِ في الدِّينِ والانْشِقَاقَات ، صَارَتِ الفَتَاوَى خَطِيرَة ، لِأَنَّهَا لا تَتَعَلَّقُ بِالقَضَايَا التَّفْصِيلِيَّة، بَلْ بِالخِطَابِ الدِّينِيِّ العَامّ . وَلِذَلِك، فَإنَّهُ في المَجَالِ العَامّ ، يُصْبِحُ مِنْ آدابِ الفَتوَى أنْ يَكونَ القَرَارُ مُؤَسَّسِيّاً، وَالحِكْمَةُ وَالجُرْأَةُ تَظَلَّانِ صِفَتَينِ مَطْلُوبَتَينِ في عَمَلِ أهْلِ الفَتوَى.
يُعلِّمُنا القُرآنُ الحَكِيم، أنَّ اللهَ لنْ يُغَيِّرَ مَا بِقَومٍ حتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم. وَمَا هذا اللِّقَاءُ والمؤتمرُ المُبَارَكُ بِإِذْنِ الله ، سِوَى حَرَكَةٍ إسلامِيَّةٍ جَمَاعِيَّةٍ في الاتِّجَاهِ الصَّحِيح . في اتِّجَاهِ تَغيِيرِ مَا بِأَنْفُسِنا . وَليسَ أَولَى مِنْ عُلمَاءِ الأُمَّةِ المُجْتَمِعِينَ هُنا ، وَبِدَعوَةٍ كَرِيمَةٍ مِنْ دَارِ الإفْتَاءِ المِصرِيَّة، في قِيَادَةِ حَرَكَةِ التَّغيِير ، التي تُعِيُد للإسْلامِ دَورَهُ الرُّوحَاِنيَّ والإنسَانِيَّ البنّاء ، رِسَالَةَ سَلامٍ لِلْعَالَمِين .
إنَّه يُشَرِّفُنِي وَيُسْعِدُني ، أنْ أتَحَدَّثَ باسْمِ إخْوَتِي أصحابِ السَّمَاحة، مُفتِي الدِّيَارِ الإسلامِيَّة ، لِأُعْرِبَ عَنْ عَمِيقِ الشُّكرِ وَالتَّقدِير ، لِسَمَاحَةِ مُفتِي جُمْهُورِيَّةِ مِصرَ العَرَبِيَّة، الشيخِ الدكتور شَوقِي عَلَّام، على مُبَادَرَتِهِ الكَرِيمة، بِدَعْوَتِنَا إلى هذا اللقاءِ الجَامِع ، في هذا الوَقتِ بالذَّات، الذي يُوَاجِهُ فيه دِينُنَا الحَنِيفُ انْتِهَاكَاتٍ مِنَ الدَّاخِل ، وَافْتِرَاءَاتٍ مِنَ الخَارِج .
إنَّ هذه الانْتِهَاكَاتِ وَالافْتِرَاءَات ، تُشَكِّلُ وَجْهَينِ لِعُملةٍ وَاحِدَة، هي تَشْوِيهُ صُورةِ الإسلام ، وَكُلٌّ مِنهُما تُبَرِّرُ الأُخرى وَتُغَذِّيهَا على حِسَابِ الحَقِيقَةِ وَالحَقّ .
وَلِذلِك، فإنَّ مُهِمَّتَنَا الأُولى، هي أنْ نُبَدِّدَ هذه الافْتِرَاءَات ، وَأنْ نَتَصَدَّى لِهذهِ الانْتِهَاكَات ، بِالعِلمِ وَالمَنطِق ، وَبِالحِوَارِ بِالتي هيَ أحْسَن .
إنَّ اللهَ سُبحانَهُ وَتَعَالَى، الذي أَنزَلَ الذِّكْر، قَادِرٌ على حِفْظِهِ كَمَا جاءَ في القرآنِ الكريم : ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ .. وَلِلهِ رِجالٌ إذا أَرَادُوا أَرَاد .. وَبِهَؤلاءِ الرِّجالِ الذِّينَ يُمَثِّلُونَ عُلمَاءَ الأُمَّةِ وَمَرَاجِعَهَا الدِّينِيَّة، يَحفَظُ اللهُ ذِكرَهُ الحَكِيم ودينَهُ القَويم ، لِيبقَى نُوراً سَاطِعاً لِلعَالَمِين، وأمْنَاً واسْتِقْراراً للنَّاسِ أجمعين .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.