وكيل تعليم كفر الشيخ يكرم أوائل الشهادة الإعدادية    الحبس وغرامة 300 ألف جنيه عقوبة استخدام برنامج معلوماتي في محتوى مناف للآداب    الأربعاء ..الصحفيين توقع بروتوكول تعاون مع بنك ناصر الاجتماعي    وزير الاقتصاد المجري: التعاون مع القاهرة يمتد لعقود ولدينا فرص للتطورات المستقبلية    أحلى بطيخ ممكن تاكله والناس بسأل عليه بالاسم.. بطيخ بلطيم.. فيديو    قطر: حماس ما زالت تدرس المقترح الأخير لوقف إطلاق النار    الشوبكى: الهدف من بيان «شاس الإسرائيلى» مواجهة الأحزاب المتشددة    تريزيجيه يقترب من قائمة أفضل 10 هدافين في تاريخ منتخب مصر    منتخب الأردن يفوز على طاجيكستان بثلاثية نظيفة في التصفيات الأسيوية المؤهلة لكأس العالم    نور الشربينى تواصل الدفاع عن اللقب وتتأهل لنصف نهائى بريطانيا المفتوحة للاسكواش    الأرصاد تكشف حالة الطقس أيام عيد الأضحى وتؤكد: الجمعة ذروة الموجة الحارة    بعد إحالة أم وعشيقها للجنايات، ننشر أقوال مجري التحريات بواقعة مقتل الطفلة ريتاج    خالد جلال ينعى المخرج محمد لبيب مدير دار عرض مسرح الطليعة    خالد جلال ينعى المخرج محمد لبيب مدير دار عرض مسرح الطليعة    الشوبكى: الهدف من بيان «شاس الإسرائيلى» مواجهة الأحزاب المتشددة    ماذا كان يفعل النبي محمد بعد رؤية هلال شهر ذي الحجة؟ دار الإفتاء توضح    «زوجي عاوزني أشتغل وأصرف عليه؟».. وأمين الفتوى: عنده مشكلة في معرفته لذاته    «يقول الشيء وعكسه ويروي قصصًا من خياله».. ماذا قالت اللجنة الطبية عن القوى العقلية ل«سفاح التجمع»؟    تفاصيل إصابة لاعبي الكاراتية بمركز شباب مساكن إسكو    ميلان يعثر على خليفة جيرو    حزب مصر أكتوبر يجتمع بأمانة الغربية بشأن خطة عمل الفترة المقبلة    جمال شقرة يرد على اتهامات إسرائيل للإعلام: كيف سنعادى السامية ونحن ساميون أيضا؟    توقعات برج الجوزاء في الأسبوع الثاني من شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    أحمد فايق: الثانوية العامة مرحلة فى حياتنا علينا الاجتهاد والنتيجة على ربنا    وجدي زين الدين: خطاب الرئيس السيسي لتشكيل الحكومة الجديدة يحمل توجيهات لبناء الإنسان    موعد صلاة عيد الأضحى 2024.. بالقاهرة والمحافظات    جامعة أسيوط تشارك في المؤتمر ال32 للجمعية الأوروبية لجراحي الصدر بإسبانيا    هانى تمام ب"لعلهم يفقهون": لا تجوز الأضحية من مال الزكاة على الإطلاق    خبير تربوى يوجه نصائح قبل امتحانات الثانوية العامة ويحذر من السوشيال ميديا    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    رئيس جامعة الأزهر يبحث مع وزير الشئون الدينية الصيني سبل التعاون العلمي    التشيك: فتح تحقيق بعد مقتل 4 أشخاص وإصابة 27 جراء تصادم قطارين    خبير علاقات دولية: جهود مصر مستمرة في دعم القضية الفلسطينية (فيديو)    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    رئيس هيئة الدواء يستقبل وزير الصحة الناميبى    انطلاق فعاليات الملتقى السنوي لمدراء الالتزام في المصارف العربية بشرم الشيخ    على من يكون الحج فريضة كما أمرنا الدين؟    اعتماد مخططات مدينتى أجا والجمالية بالدقهلية    ياسمين رئيس بطلة الجزء الثاني ل مسلسل صوت وصورة بدلًا من حنان مطاوع    لاعب الإسماعيلي: هناك مفاوضات من سالزبورج للتعاقد معي وأحلم بالاحتراف    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    «تنمية المشروعات»: تطوير البنية الأساسية ب105 ملايين جنيه بالإسكندرية    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    المشدد من 7 إلى 10 سنوات للمتهمين بتزوير توكيل لقنصلية مصر بفرنسا    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    زغلول صيام يكتب: عندما نصنع من «الحبة قبة» في لقاء مصر وبوركينا فاسو!    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس وزراء الهند للسيسي: نتطلع للعمل معكم لتحقيق مستويات غير مسبوقة في العلاقات    «تموين القاهرة» تضبط أكثر من 11 طن دواجن ولحوم و أسماك «مجهولة المصدر»    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    توزيع درجات منهج الفيزياء للصف الثالث الثانوي 2024.. إليك أسئلة مهمة    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتابع سير العمل بمشروعات مدينة أخميم الجديدة    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتدال والعبقرية في مفردات العربية
نشر في شموس يوم 16 - 10 - 2017

من المَظاهِرِ اللافتةِ للنَّظرِ الدَّالَةِ على عبقريَّةِ اللُّغةِ العربيَّةِ ومنهجها العقلي أنَّ معظم كلماتها ثلاثية؛ أي أنَّ أصول كلماتها مبني على ثلاثةِ أحْرُف؛ يقول ابن جني:"إنَّ الأصول ثلاثة: ثلاثي ورباعي وخماسي، فأكثرها استعمالاً وأعدلها تركيبا الثلاثيُّ؛ وذلك لأنَّه حرف يُبتَدأ به، وحرف يُحشَى به، وحرف يُوقَف عليه… وتمكن الثلاثي لأنه إذا كان الثلاثي أخفَّ وأمكنَ من الثنائي -على قلة حروفه- فلا محالة أنَّهُ أخفُّ وأمكنُ من الرباعي؛ لكثرة حروفه. ثُمَّ لا شكَّ فيما بعد في ثقل الخماسي وقوة الكلفة به"، لما في ذلك من السهولة واليسر في النطق، وهذا لا يمنع وجود كلمات رباعية وخماسية؛ لكنَّها قليلةٌ جِدًّا لو قارناها بعدد الكلمات الثلاثية في بنيان اللغة العربية؛ لما في الكلمات الرباعية والخماسية من عسر وصعوبة في النطق، بيد أنها تأتي لتدل على معانٍ لا يمكننا التعبير عنها بالبنية الثلاثية.
ومن خصائص اللغة العربية ثبات الحروف الأصلية الثلاثة في كل مادة مهما يطرأ على الكلمة من تبدُّل في اشتقاقها وصيغتها كحروف (ع ل م) فإنَّ جميع الألفاظ التي اشتقت أو يمكن أن تشتق من هذه المادة ؛ كالعلم والعلوم والعلماء والاستعلام والمعلومات والمعالم والتعليم والإعلام، وغيرها من الألفاظ المشتقة من هذا الأصل تشتمل على جميع الحروف الثلاثة، ويقابل ثبات الحروف الثلاثة ثبات المعنى الأصلي والمفهوم المشترك بين الألفاظ، وهكذا تبدو خاصية ثبات الأصول في صورتها اللفظية ودلالتها المعنوية. وهذه الخاصية هي التي يتطلبها الإسلام لإمكان تثبيت المفاهيم التي يريد تثبيتها في مبادئه وأحكامه مع بقائها واستمرارها في اللغة الشائعة المستعملة عند أبنائها دون أن تحدث فجوة واسعة بين الأصل اللغوي المستعمل وما انتهى إليه في صورته ومعناه، وهكذا يبقى أبناء العربية على صلة وثيقة وفهم صحيح للنص القديم مهما يطل العهد به، أمَّا اللغات الأخرى فإنَّ الألفاظ فيها يعتريها التبديل والتحويل في صورتها حتى تتغير حروفها وأصواتها فلا تكاد تعرف أصلها ولا دلالتها المعنوية كذلك. ونلاحظ أنَّ الكلمات القصيرة في العربية ذوات الحرفين أو الثلاثة أو الأربعة تقابلها كلمات طويلة في اللغات الأوربية قد تصل إلى عشرة أحرف أو تزيد، ومن المعروف أنَّ أقصى ما تصل إليه الكلمات العربية بالزيادة سبعة أحرف في الأسماء كما في استخراج، واستعمار، وستة في الأفعال كما في استخرج واستعمر، في حين أنَّ الكلمات في اللغات الأوربية قد تصل إلى خمسة عشر حرفًا أو أكثر كما في internationalism بمعنى الدولية وincomprehensible بمعنى غامض في الإنجليزية، و enstschuldigung بمعنى معذرة في الألمانية.
إنَّ بناء الكلمة العربية أشبه بهيكل البناء المبني أو بالمعدن المصوغ بعد إذابته أو المصبوب في قالبٍ خاصٍّ. وتُسمَّى هذه التراكيب الصوتية للألفاظ في اللغة العربية أبنية وصيغًا وأوزانًا. ذلك أنَّها من جهة (بناء) لكونها تركيبًا خاصًّا للحروف، وهي (صيغة) باعتبار توزيع الحروف الأصلية والحركات والحروف الزائدة توزيعًا خاصًا يشبه إذابة المعدن وصياغته في قالبٍ مُعيَّنٍ أو صيغةٍ، وهي أخيرًا (وزن) لأنَّ جميع الكلمات التي تكون من صيغة واحدة لها وزن موسيقي واحد من الواجهة الصوتية، فالكلمات التي على صيغة فاعل مثل (صاحب وكاتب وشارك وعاتب وسافر) على وزن موسيقي واحد، وكذلك الكلمات التي على صيغة فعلان أو فعلول أو فاعول أو يفعل أو فعلت.. الخ، فلكل كلمة عربية مادة وصورة ومعنى، فالصورة هي التي تتجلَّى في شكلها والتي يمكننا أن نسميها كما سماها القدماء بنية أو بناء وصيغة أو وزنًا. ولذلك اتَّخذ علماء الصَّرْف لهم ميزانًا صرفيًّا مكونًا مِن ثلاثة أحرُف (فعل) لبيان الأحوال المختلِفة للكلمة المراد وزْنها، ولما كانتْ هناك كلمات رباعيَّة الأصول وخماسيتها؛ فقدْ زادوا على (فعل) لامًا ثانية، فأصبح (فعلل) للرُّباعي المجرَّد، ولامًا ثالثة، فأصبح الوزن (فَعْلَلَّ) أو(فَعْلِلل) للخُماسي المجرَّد، نحو: "جحمرش" للمرأة العَجوز.
إنَّ المعاجمَ العربيَّةَ تُقدِّمُ لنا مفرداتِ اللُّغةِ في مجموعاتٍ، تشتركُ أفرادُ كُلِّ مجموعة منها في حروف ثلاثة؛ تُعتبرُ المادة الأصلية لتلك المفردات، وفي معنى عامٍّ مُشتركٍ بينها، ثُمَّ تنفردُ كُلُّ واحدةٍ من مُفرداتِ المجموعة بصيغةٍ تُصاغُ فيها؛ تُكسبها معنى خاصًّا ضمن إطار المعنى المشترك، ويكون من بعد هذا لكُلِّ منها حياةٌ وتاريخٌ خاصٌّ يُكسبها شخصيتها وذاتيتها ومعناها المحدد الدقيق؛ مع ما يُحيطُ بها من هالاتٍ وظلالٍ، وما تبعثه في النفس من شعور خاص هو نتيجة ملابساتها وظروفها التاريخية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.