بقلم/ سميحة المناسترلى – مصر الإنترنت بين الإعلام الحقيقي .. والإعلام الإليكتروني الموجه . إستكمالاً لمقالنا التمهيدى والذى تعرفنا من خلاله على نشأة الإنترنت وتعميمه بعد ذلك في الفترة ما بين الستينات حتى الثمانينات ، وذلك من خلال وزارة الدفاع الأمريكية و بعض الجامعات الكبرى بالولايات المتحدةالأمريكية بهدف حماية تبادل الأسرار والمعلومات العسكرية ، والأبحاث العلمية والإبتكارات عن طريق شبكة اتصالات مغلقة بتقنية جديدة، ثم التوسع فيها، وإنشاء العديد من المواقع ،و من ثم اكتساح هذه التكنولوجيا الجديدة لجميع دول العالم، فتصل إلى جميع الشعوب بمنتهى اليسر و السهولة .. بالطبع و(حتى لا ننسى ) أن كل هذه الشبكات بما يمر عليها من معلومات و استخدامات تصب لدى الجهة الأصلية للتقنية ، لنا أن نتخيل الكم الهائل الذى يتم حفظه لإسترجاع البيانات المطلوبة أوالمعلومة بمنتهي البساطة بالتاربخ والساعة والمصدر .. أي ان هناك قاعدة بيانات، وفرصة عظيمة لعمل رسم بياني لحالات الشعوب والدول المراد السيطرة عليها .. و من هنا كانت فكرة استخدام الإنترنت واكتساحه للعالم كتقنية حديثة هامة وخطيرة فعلياً، فكما أنه تقنية رائعة لخدمة البشر في نقل المعلومات و الأخبار والأحداث الساخنة لحظة بلحظة ، وكما أنها تنقل الآراء الحرة الشجاعة والبَنَاءة بلمسة واحدة من المستخدم و كل جديد في عالم الإبتكار و التقدم العلمي و الطبي، وهي أداة عظيمة للحفاظ على الثقافات و التراجم و التواصل الحضاري بين الشعوب إذا أحسن استخدامها .. فهي أيضاً سلاح ذو حدين كإعلام يمتلك القدرة على نقل الحقائق المجردة تحقيقاً لخدمة الإنسانية وتحت مبدأ الإرتقاء بالوجدان والفكر الإيجابي للستخدم ،والعكس صحيح . ففي نفس اللحظة هناك الحد الآخر من السلاح ،وهو التسيب والفوضى لإستخدام هذه التقنية كإعلام سلبي موجه ، فالإنترنت يحتوي على مساحات إعلامية مفتوحة غير محكومة (فقط من يطلقه هو من يملك القدرة على التحكم فيه بصورة مباشرة، نعم هناك مجاولات هنا كمحاولات و طرق حديثه وأفكار مختلفة من الدول المستخدمة له لعمل جدار حماية و تنقية للمواد الخطرة و السلبية التي تبث من خلاله ، خاصة و أن لكل شعب تقاليده و محاذيره و التي قد لا تتوافق مع الآخر) و لكنها ليست بقوة المصدر فهى مجرد محاولات .. فكما أن لكل شيء في العالم قواعد ومنهج يجب الإلتزام به، بالتالي فإن للإعلام السليم قواعد أساسية لا يجب أن نحيد عنها ، فالإعلام موجود في حياتنا منذ آلاف السنين ، و إن اختلفت صوره ،وعصره ، و أسلوب التعامل به و أدواته .. لكنه يظل هو لسان حال الشعوب و الأمم ، وهو مرآة تعكس حقيقة المرحلة والعصر ، لذا أجمع خبراء الإعلام على مختلف العصور على مبادئ أساسية للإعلام الوطنى وعلى رأسها :أن يكون إعلام صادق ونزيه، يعمل علي المكاشفة الحقيقية بصورة إيجابية ، حتى يتم العمل على حل القضايا الهامة ،والعمل على الإرتقاء بفكر الفرد ونشر الوعي بين أفراد المجتمع للنهوض بالأمم ، نعلم جميعاً أن تقدم الدول يرتبط بوعى المواطن ، فكلما زادت ثقافة ووعي المجتمع ،تأكد الفرد أن لاسبيل للتقدم إلا بالعمل والإنتاج و الإنتماء الحقيقي لوطنه ، يُتَرجم في زيادة الإنتاج والتكاتف الفعلى للبناء، و الناتج يكون تحسن مستوى إقتصاد الدولة،و معيشة الفرد، ودخله هو شخصياً،يقاس على ذلك العديد من الجوانب الحياتية الأخرى .. من هنا يكون دور الإعلام الناجح الوطنى .. الصدق في نقل المعلومة و مواجهة القضايا المختلفة وطرح حلول ، متبعاً منهجاً أيجابياً تفعيلاً لرسالة وطنيه نزيهة. دائماً ما وجدت نقاط ضعف ، و خروج عن المنهج و الأسس الإعلامية الصحيحة بجميع المراحل .. في المقابل ووجدت ايضاً الأقلام النزيهة، التي تصدت لكل من يحيد عن سرب الإعلام الصادق، صاحب الرسالة الوطنية و الإنسانية ،الذين دافعوا عن مبادئ الإعلام الصحيح لتعديل المسار، فظهرت العديد من الإصدارات التي ساهمت في ذلك ومنها على سبيل المثال لا الحصر : كتاب (النظام العالمي الجديد) للدكتور/ مصطفي المصمودي الذى صدر بالثمانينات قبل الإنتشار الفعلي بمنطقتنا للإنترنت و شبكات التواصل الاجتماعي ، حذر فيه من استغلال الإعلامي للمعلومة الخاطئة مستغلاً موقعه قائلاً: يخون الصحافي رسالته إذا اعطي معلومة زائفة أو مغرضة ، تمليها عليه اهتماماته ،و معاييره و اختياراته الخاصة . مضيفاً أن علي الدولة أن تقوم ببلاغ لتصحيح المعلومة ، مطاالباً بتفعيل الإتفاقيات الدولية لكي تكفل حماية أجهزة الدولة والأمة ،في كل ما يتعلق بالمهابة .. والثقافة .. والقيم . بعام 2000 م كان هناك الكتاب الرائد في الدراسات الإعلامية العربية ل د/ عبد العزيز شرف (المدخل إلى وسائل الإعلام) و الذى يعد مدخلاً رئيسياً لدراسة الإعلام ،و الذى سنتتعرض لبعض ما ذكر به في حينه ،حيث استخدمت جميع المحاذير التي تعرض لها الكاتب بسلبيات الإعلام الإليكتروني مما أدى إلى حدوث كوارث حقيقية أدت إلى سقوط دول بالمنطقة العربية لاحقاً . للأسف أننا لم ننتبه كفاية لأهمية مثل هذه التحذيرات .. ولكي أكون صادقة فإننا لم نعطي لتقنية الإنترنت ، و الإعلام الإلكتروني حقه و ما سيواجهنا به من مخاطر كارثية مستقبلية منذ بداياته ، لقد نظرنا له بصورة سلبية إلا فئة قليلة جداً و لكننا ككيانات دولة لم تقم بنشر التوعية اللازمة للمستخدم المقبل على انفتاح مفاجئ على العالم بلا خلفية واعية لماهية هذه التقنية في حينها .. فاندفع نحوها مبهوراً مصدقاً كل ما يُلقى إليه من خلالها و كانت هذه هي الطامة الكبرى .. و في هذا المسألة كتب أيضاَ دكتور/ خاطر الشافعي كتابه (الإعلام الإليكتروني وأزمة القيم ) عام 2016 وكأنه يترجم ما قد جاء من تحذير بكتاب د. المصمودي ، ود. عبد العزيز شرف و غيرهم من أصحاب الأقلام و الفكر الداع بإلإلتزام بالمواثيق الإعلامية الشريفة و بعد حوالي عشرون عاماً .. وبعد أن أفرز التهاون و اتباع المنهج السلبي المحرض لإعلام خطر موجه إلأى قيام الثورات العربية المفتعلة، عن طريق إختراق عقليات شعوبنا من خلال حرب الإعلام الإليكتروني المغرض ، و الذى أوضح خطورة العالم الإفتراضى في السيطرة على مقدرات الأمم، والهدف من خلقه، والسُبُل المتاحة للسيطرة عليه .. و إلى لقاء قادم في الجزء الثالث من ( مخاطر الإنترنت والإعلام الإليكتروني .. على أمننا القومي) . هذه المقالات تضامناً مع شباب (جمعية صوت طلاب مصر) في حملتهم ضد مخاطر الإنترنت .. و حماية أمننا القومي